حرفين فصاعدا ، أو ما له نظام من الحروف المخصوصة ، لما انكشف به معنى الكلام ، وأنبأ عن فائدته ، كذلك في مسألتنا.
** السكون يقصد منه المعنى الحقيقي إذا كان مطلقا :
وبعد فإن السكون إنما يكون حقيقة فيما يضاد الحركة ويعاقبها إذا كان مطلقا ، فأما إذا قيد بالنفس ، فإنه لا يحتمل إلا ما ذكرناه. وكما إذا قيد بالغضب ، فيقال : سكن غضبه لم يحتمل إلا زواله وارتفاعه ؛ فصار هذا كالنظر ، فإنه يحتمل بإطلاقه ما لا يحتمله إذا قيد بالعين والقلب ، وكالإدراك ، فإنه يحتمل مطلقا ما لا يحتمله مقيدا.
على أن المقصود من هذا كله أن نقف على الغرض المقصود بهذه العبارة إذا وقعت عليه ، فلا مشاقة فيها إن شئت عبرت عنه بسكون النفس ، أو ثلج الصدر ، أو طمأنينة القلب ، أو انشراح الصدر.
** معنى الضرورة والمشاهدة :
ثم إنه رحمه الله سأل نفسه فقال : إذا قلتم : إن النظر في طريق معرفة الله تعالى أول الواجبات ، لأنه تعالى لا يعرف ضرورة ولا بالمشاهدة ، فما معنى الضرورة والمشاهدة؟
** الضرورة معناها في أصل اللغة : الإلجاء :
وأجاب عنه : بأن الضرورة في أصل اللغة هي الإلجاء ، قال الله تعالى : ( إلا ما اضطررتم إليه ) [الأنعام : 119] أي ما ألجئتم إليه ، وفي العرف ، إنما يستعمل فيما يحصل فينا لا من قبلنا ، بشرط أن يكون جنسه داخلا تحت مقدورنا ، ولذلك يقال : حركة ضرورية لما دخل جنسها تحت مقدورنا ، ولم يقل لون ضروري لما لم يدخل جنسه تحت مقدورنا ، هذا إذا كان مطلقا.
** إذا قيدت الضرورة فقيل : العلم الضروري.
وإذا أضيف إليه العلم فقيل : علم ضروري ، فالمراد على ما ذكره في الكتاب : العلم الذي يحصل فينا لا من قبلنا ، ولا يمكننا نفيه عن النفس بوجه من الوجوه. وهذا إن أورده على طريق التحديد ، ففيه تكرار مستغنى عنه ، لأن العلم الذي يحصل فينا لا من قبلنا ، هو العلم الذي لا يمكن نفيه عن النفس بوجه من الوجوه ، والعلم الذي لا يمكن نفيه عن النفس بوجه من الوجوه ، هو الذي يحصل فينا لا من قبلنا ، فيجب أن
صفحہ 22