149

وأما ما قالوه من أن النظر إذا علق بالوجوه وعدي بإلى لم يحتمل إلا الرؤية فسنتكلم عليه إن شاء الله تعالى.

فإن قيل : النظر المذكور في الآية إذا لم يفد الرؤية فما تأويل الآية؟

قيل له : قد قيل إن النظر المذكور هاهنا بمعنى الانتظار ، فكأنه تعالى قال : وجوه يومئذ ناضرة لثواب ربها منتظرة ، والنظر بمعنى الانتظار قد ورد قال تعالى : ( فنظرة إلى ميسرة ) [البقرة : 28] أي فانتظار ، وقال جل وعز فيما حكى عن بلقيس ( فناظرة بم يرجع المرسلون ) [النمل : 35] أي منتظرة.

وقال الشاعر :

فإن بك صدر هذا اليوم ولى

فإن غدا لناظره قريب

أي لمنتظر.

وقال آخر :

وإن امرأ يرجو السبيل إلى الغنى

بغيرك عن حد الغنى حد جابر

وقال آخر :

وجوه يوم بدر ناظرات

إلى الرحمن يأتي بالخلاص

وقال الخليل : إنما يقال انظر إلى الله تعالى وإلى فلان من بين الخلائق ، أي انتظر خبره ثم خبر فلان.

فإن قيل : النظر إذا عدي بإلى كيف يجوز أن يكون بمعنى الانتظار؟ قلنا : كما قال الله تعالى : ( فنظرة إلى ميسرة ) [البقرة : 280] ، ذكر النظر وعداه بإلى وأراد به الانتظار ، كما يقول العرب على ما قاله الخليل :

إني إليك لما وعدت لناظر

نظر الفقير إلى الغني الموسر

فإن قيل : النظر إذا علق بالوجه وعدي بإلى فكيف يراد به الانتظار؟ قلنا : إن ذلك غير ممتنع وعلى هذا قول الشاعر :

وجوه يوم بدر ناظرات

إلى الرحمن يأتي بالخلاص

على أن إلى في الآية على ما قيل ، هو حرف الجر ولا حرف البعدية ، وإنما هو

صفحہ 164