Sharh Umdat al-Ahkam by Ibn Jibreen
شرح عمدة الأحكام لابن جبرين
اصناف
شرح حديث: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث)
قال المصنف ﵀: [باب دخول الخلاء والاستطابة: عن أنس بن مالك ﵁: (أن النبي ﷺ كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث)، وعن أبي أيوب الأنصاري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا، قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فننحرف عنها ونستغفر الله ﷿] .
هذا الباب من تمام الطهارة، يعقده العلماء في مؤلفاتهم لمسيس الحاجة إليه، ولو كان شيئًا طبيعيًا عاديًا، ولو كان شيئًا مما يستحيا من ذكره، ولكن لا حياء في الدين، والله ﷿ لا يستحي من الحق، وهذا الباب يتعلق به أحكام وأدعية لابد من معرفتها؛ فلأجل ذلك بينه الرسول ﷺ لأصحابه وعلمهم كيفية ذلك.
وثبت في صحيح مسلم: أن اليهود قالوا لـ سلمان الفارسي: (علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة -يعني: حتى ما تفعلونه عند التخلي- فقال: نعم، والله لقد نهانا أن نستقبل القبلة ببول أو غائط، ونهانا أن نستنجي باليمين، وأن نستجمر بها، وأن نمس عوراتنا باليمين، وأن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار)، فبين لهم صحة ما قالوا وأن في ذلك علمًا وفائدة.
فالأحكام التي بينها النبي ﷺ في هذا الباب كلها ذات أهمية، وكذلك الأدعية التي يدعى بها.
كذلك أيضًا نقول: إن الله علم نبيه ﷺ ونبيه علم أمته، وهذه التعاليم تعاليم لها أهميتها.
فمنها ما يتعلق بالأدعية التي فيها حفظ الإنسان من الشرور.
ومنها ما يتعلق بالآداب التي فيها حفظ للإنسان من النجاسة.
ومنها ما يتعلق بالأحكام التي فيها الامتثال وتعظيم حرمات الله ﷿.
فهذا الحديث الأول يتعلق بالأدعية.
وقد ثبت في الحديث أن النبي ﷺ قال: (إن هذه الحشوش محتضرة)، (محتضرة) يعني: تحضرها الشياطين، فأمر بأن يتحصن الإنسان من الشياطين بذكر الله، ومعلوم أن الشياطين تألف الأماكن المستقذرة، وتألف الأماكن النجسة، فإذا لم يتحفظ الإنسان من الشياطين عبثت به، وورد أيضًا في بعض الأحاديث أن الشياطين تلعب بمقاعد بني آدم، فإذا لم يتحفظ منها ولم يتحصن منها عبثت به فأوقعته في نجاسة أو في خبث حسي أو معنوي، والحسي يتمثل بأن يتقذر بالنجاسة ولا يبالي، وأما معنوي فبأن يوسوس ويتوهم ويقع في وساوس شيطانية تدوم معه، فلأجل ذلك أمر بالاستعاذة وبذكر اسم الله تعالى.
2 / 2