Sharh Umdat al-Ahkam by Ibn Jibreen
شرح عمدة الأحكام لابن جبرين
اصناف
دعاء الاستفتاح وما اشتمل عليه من معان
هذه الأحاديث في صفة الصلاة، فالحديث الأول يتعلق بالاستفتاح، وهو: الدعاء بين التكبير والقراءة، وهو من سنن الصلاة؛ لأنه ﷺ لم يلزم به أمته، ولم يعلمهم دعاءً محددًا، بل دعا بجملة كثيرة من الأدعية، فدل على أن الأمر فيه سعة، فإن أتى به فهو سنة وفضيلة، وإن لم يأت به وابتدأ بالقراءة فإن صلاته مجزئة إن شاء الله.
أول ما يكبر يأتي بالاستفتاح، وأصح الاستفتاحات ما في هذا الحديث أن يقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
إذا قلت هذا فكأنك تعترف بالخطايا، وتطلب من ربك إزالتها وإزالة أثرها، فأنت تطلب أمورًا: الأول: الإبعاد، أن تبعد عنك حتى لا يضرك أثرها، فإذا كان بينك وبينها بعد المشرقين دل على أنها لا تضرك.
الثاني: الغسل منها بأنواع ما يغسل به: الماء والثلج والبرد.
ويقول بعض العلماء: اختيار الثلج والبرد مع أنه شديد البرودة؛ ليطفئ حرارة الذنوب، فكأن الذنوب لها حرارة على البدن وعلى القلب، فإذا استعمل الثلج خففت تلك الحرارة وأزال أثرها.
والثالث: التنقية، كأنه يقول: إن الذنوب تدنس صاحبها وتوسخه، فهي تكسب صاحبها قذرًا ووسخًا ودنسًا كثيرًا، فهو بحاجة إلى ما يزيل ذلك الدنس، مع طلبه من ربه أن ينظفه منها ويطهره كتطهير الثوب الأبيض شديد البياض من الدنس، يعني: إذا طهر زال عنه أي دنس وأي وسخ وأي قذر، فهكذا طلب من ربه إزالة آثارها.
هذا الاستفتاح متفق عليه يعني: رواه البخاري ومسلم، فهو حديث صحيح.
13 / 3