168

والأزلية مما لا يجتمعان لأنهما نقيضان إذ الحدوث هو المسبوقية بالغير والأزل هو اللامسبوقية.

وكيف ينشئ الأشياء من لا يمتنع الإنشاء

أي من إنشاء الغير إياه. وذلك [1] لأن الحركة بالمعنى الأعم- أي باصطلاح الإلهيات هي الخروج من القوة إلى الفعل سواء كان من العدم إلى الوجود أو من نقص إلى كمال- إنما يكون بإنشاء الغير، لامتناع اتحاد مبدأ الحركة وموضوعها؛ فالإنشاء أيضا أعم من الإنشاء الابتدائي والإنشاء الثانوي كما في قوله تعالى: ثم أنشأناه خلقا آخر [2] . والذي يجري عليه الحركة، لا يأبى عن الإنشاء مطلقا فكيف هو ينشئ الأشياء؟! وذلك لأنه إنما نشأ تذوته وقوامه ووجوده من غيره فكل ما يفعل فانما يفعل إما بذاته أو بصفة فيه، وكله من غيره، فكيف هو ينشئ شيئا؟! وبالجملة، فالمعلول إنما هو كله من علته على ما هو الحق في معنى العلية، فلو فعل شيئا أو اقتضى أمرا فانما ذلك من مذوته وعلته التي هي محيطة به وقيوم ذاته؛ وهذا هو معنى «توحيد الأفعال».

اذا، لقامت فيه آية المصنوع ولتحول دليلا بعد ما كان مدلولا عليه

أي لو كان لا يمتنع من إنشاء الغير إياه ولو بوجه، لقامت فيه علامة المصنوعية [3] ، فيصير دليلا على صانع؛ وقد فرض أنه مدلول عليه بكل دليل لتناهي العلل إليه وانتهاء الأسباب إلى ما لديه.

ليس في مجال [4] القول حجة

صفحہ 183