إلى الذي شيء، لأنها في مثل هذا حرف.
قلت: حاصل كلام أبي على أن الذي على ثلاثة أقسام: موصولة، وموصوفة مستغنية بالصفة عن الصلة، ومصدرية محكوم بحرفيتها. وهذا المذهب أيضا هو مذهب الفراء ﵀، وهو الصحيح، وبه أقول.
وأجاز الفراء في قوله تعالى (تمامًا على الذي أحسن) أن يكون الذي مصدرية والتقدير: تمامًا على إحسانه، أي على إحسان موسى ﵇. وأجاز أن تكون موصوفة بأحسن على أن أحسن أفعل تفضيل، قال: لأن العرب تقول: مررت بالذي خير منك، ولا تقول: مررت بالذي قائم، لأن خيرًا منك كالمعرفة إذ لم تدخل فيه الألف واللام. وكذا يقولون: مررت بالذي أخيك، وبالذي مثلك، إذا جعلوا صفة الذي معرفة أو نكرة لا تدخله الألف واللام، جعلوها تابعة للذي، أنشد الكسائي:
إنّ الزُّبَيْرِيّ الذي مثلَ الجَلَم ... مشى بأسلافك في أهل الحرم
قلت: وهذا الذي أنشد الكسائي مثل الذي أنشد الأصمعي:
حتى إذا كانا ... البيت
وحكى الفراء عن بعض العرب: أبوك بالجارية الذي يكفل، وبالجارية ما يكفل، والمعنى: أبوك بالجارية كفالته، وهذا صريح في ورود الذي مصدرية. ومنه قول عبد الله بن رواحة:
فثبَّتَ الله ما أتاك من حسن ... في المُرْسَلين ونَصْرًا كالذي نُصِرُوا
أي ونصرا كنصرهم، ومثله قول جرير: