والذي غَرّ الزمخشريَّ وغيرَه من المتأخرين قولُ سيبويه في باب نفي الفعل (وإذا قال: هو يفعل أي هو في حال فعل فإن نفيه ما يفعل. وإذا قال: هو يفعل، ولم يكن الفعل واقعًا فإن نفيه: لا يفعل) فاستعمل (ما) في نفي الحال و(لا) في نفي المستقبل، وهذا لا خلاف في جوازه، وليس في عبارته ما يمنع من إيقاع غثر (ما) موقع (ما) ولا من إيقاع غير (لا) موقع (لا) وقد بيَّن في موضع آخر أن (إنْ) النافية مساوية لما، فيلزم من ذلك أن تستعمل لنفي الحال كما تستعمل (ما) وبَين أيضًا أن (لن) لنفي سيفعل، فيلزم من ذلك موافقتها للا، ولم يتعرض لذلك في باب نفي الفعل، فلا يوجب ذلك عدم جوازه فكذا لا يجب من تخصيص ما يقع على الحال امتناع نفيه بغير (ما)، ولكنه قصد في باب نفي الفعل التنبيه على الأولى في رأيه، والأكثر في الاستعمال، وذلك أن استعمال (ما) في النفي أكثر من استعمال (إنْ)، ونفي الحال بها أكثر من نفيه بلا، وكذلك "لا" في المثال المذكور راجحة على "لن" من قبل مشاركة اللفظ، لأن الفعل المتقدم مرفوع، فإذا نفي الثاني بلا قوبل مرفوع بمرفوع، فيكون الفاعلان متشاكلينن وإذا نفي بلن قوبل مرفوع بمنصوب فتفوت المشاكلة وهي مهمة في كلامهم، حتى حملهم الاهتمام بها على إخراج الشي عن أصله نحو قولهم: أخذه ما قَدُم وما حَدُث، فضموا "دال" حدث لتشاكل "دال" قدم، ولو أفرد حدث تعين فتح داله، وقد قال سيبويه في باب عدة ما يكون عليه الكلم: "وتكون (لا) ضدًا لنعم، وهذا إشعار بعدم تقيدها في النفي بزمان دون زمان، كما لا يتقيد نعم، لأن نعم تصديق لما قبلها ماضيا كان أو حاضرًا أو مستقبلا نحو: أقام زيد؟ وأتظنه قائمًا؟ وأتسافر غدًا؟ فنعم بعد الثلاثة الأفعال مقتضية لثبوت القيام الماضي، والظن الحاضر، والسفر المستقبل، ولا بعدهن مقتضية لنفيهن، على أن كلام سيبويه لو كان صريحًا في أن
1 / 20