شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
اصناف
وقد يجاب بأن الباقي ليس نفس الموضوع له إلا أن اللفظ إنما يكون مجازا فيه إذا كانت إرادته باستعمال ثان، وليس كذلك، بل بالاستعمال الأول، وإنما طرأ عليه عدم إرادة البعض، وهو لا يوجب التغيير في الاستعمال فكما أن تناول العبيد لغير سالم ليس بطريق المجاز عند عدم إخراجه فكذا عند إخراجه وعلى هذا يكون المقصور على البعض بغير المستقل أيضا حقيقة في الكل بحسب التناول، وإن أخرج البعض عن الدخول في الحكم على ما اختاره في فصل الاستثناء، فإن وأما المخصوص بالكلام فعند الكرخي لا يبقى حجة أصلا معلوما كان المخصوص كالمستأمن" حيث خص من قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين} [التوبة:5] بقوله: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره} [التوبة:6]. "أو مجهولا كالربا" حيث خص من قوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا} [البقرة:275] "لأنه إن كان مجهولا صار الباقي مجهولا؛ لأن التخصيص كالاستثناء إذ هو يبين أنه لم يدخل" أي: التخصيص يبين أن المخصوص لم يدخل تحت العام كالاستثناء فإنه يبين أن المستثنى لم يدخل في صدر الكلام، والاستثناء إن كان مجهولا يكون الباقي في صدر الكلام مجهولا ولا يثبت به الحكم. "وإن كان معلوما فالظاهر أن يكون معللا؛ لأنه كلام مستقل" والأصل في النصوص التعليل. "ولا يدرى كم يخرج بالتعليل فيبقى الباقي مجهولا، وعند البعض إن كان معلوما بقي العام فيما وراء المخصوص كما كان؛ لأنه كالاستثناء" في أنه يبين أنه لم يدخل "فلا يقبل التعليل" إذ الاستثناء لا يقبل التعليل؛ لأنه غير مستقل بنفسه، وفي صورة الاستثناء العام حجة في الباقي كما كان فكذا التخصيص. "وإن كان مجهولا لا يبقى العام حجة لما قلنا" إن التخصيص كالاستثناء
...................................................................... ..........................
قيل: فما وجه فرق المصنف هاهنا بين المستقل وغيره قلنا لما كان بغير المستقل صيغ مخصوصة مضبوطة أمكن أن يقال إن اللفظ موضوع للباقي عند انضمامه إلى إحدى تلك الصيغ بخلاف المستقل فإنه غير محصور، فلا ينضبط باعتبار الوضع، وفيه نظر لانتقاضه بالصفة، والمنقول عن إمام الحرمين في تحقيق كونه حقيقة في التناول أن العام بمنزلة تكرير الآحاد المتعددة على ما نقل عن أهل العربية أن معنى الرجال فلان فلان فلان إلى أن يستوعب إنما وضع الرجال اختصارا لذلك لا شك أن في تكرير الآحاد إذا بطل إرادة البعض لم يصر الباقي مجازا فكذا هاهنا وأجيب بأنا لا نسلم أنه كتكرير الآحاد، بل هو موضوع للكل فبإخراج البعض يصير مستعملا في غير ما وضع له فيكون مجازا بخلاف المتكرر فإن كل واحد موضوع لمعناه فبإخراج البعض لا يصير الباقي مستعملا في غير معناه، ومقصود أهل العربية بيان الحكمة في وضعه لا أنه مثل المتكرر بعينه، وذكر شمس الأئمة أن حقيقة صيغة العموم للكل ومع ذلك فهي حقيقة فيما وراء المخصوص؛ لأنها إنما تتناوله من حيث إنه كل لا بعض كالاستثناء يصير الكلام عبارة عما وراء المستثنى بطريق أنه كل لا بعض حتى لو كان الباقي دون الثلث فهو كل أيضا، وإن كان أيضا بصيغة العموم نظرا إلى احتمال أن يكون أكثر فلو قال: مماليكي أحرار إلا فلانا وفلانا ولا مملوك له سواهما كان الاستثناء صحيحا لاحتمال أن يكون المستثنى بعضا إذا كان سواهما بخلاف ما لو قال: مماليكي أحرار إلا مماليكي.
قوله: "أي: لفظ العام مجاز" كان الأحسن أن يقول أي: لفظ العام بالوصف دون الإضافة، إذ الكلام في صيغ العموم لا في لفظ العام على ما يشعر به كلام من قال إن هذا الاختلاف مبني على الاختلاف في اشتراط الاستغراق، فإن اشترط كان إطلاق لفظ العام على ما أخرج منه البعض مجازا باعتبار أنه عام لولا الإخراج، وإن اكتفى بانتظام جمع من المسميات فهو حقيقة حتى ينتهي التخصيص إلى ما دون الثلاث.
صفحہ 78