253

شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه

شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه

اصناف

تجب فيما إذا قتل مستأمنا عمدا فإن الشبهة قائمة قلنا الشبهة في محل الفعل فاعتبرت في القود فإنه مقابل بالمحل من وجه لقوله تعالى: {أن النفس بالنفس}

"قلنا الشبهة في محل الفعل فاعتبرت في القود فإنه مقابل بالمحل من وجه لقوله تعالى: {أن النفس بالنفس} [المائدة:45] فأما الفعل فعمد خالص والكفارة جزاء الفعل، وفي المثقل الشبهة في الفعل فأوجبت الكفارة وأسقطت القصاص فإنه جزاء الفعل أيضا من وجه" يعني شبهة الخطأ في قتل المستأمن إنما هي في محل الفعل لا في الفعل فإن قتل المستأمن من حيث الفعل عمد محض فاعتبرت الشبهة فيما هو جزاء المحل، والقصاص جزاء المحل من وجه فاعتبرت الشبهة فيه حتى لا يجب القصاص بقتل المستأمن، ولم تعتبر هذه الشبهة فيما هو جزاء الفعل من كل الوجوه، وهو الكفارة فلم تجب الكفارة في قتل المستأمن أما القتل بالمثقل فإن شبهة الخطأ فيه من حيث الفعل فاعتبرت فيما هو جزاء الفعل من كل الوجوه، وهو الكفارة حتى وجبت الكفارة فيه، وكذا اعتبرت فيما هو جزاء الفعل من وجه وهو القصاص حتى لم يجب القصاص فيه، وينبغي أن يعلم أن الشبهة مما تثبت الكفارة وتسقط القصاص، وإنما قلنا: إن القصاص من وجه جزاء المحل، ومن وجه آخر جزاء الفعل أما الأول فلقوله تعالى: {أن النفس بالنفس}، وكونه حقا لأولياء المقتول يدل

...................................................................... ..........................

قوله: "فيجب أن يكون سببها" أي سبب الكفارة دائرا بين الحظر والإباحة لتضاف العقوبة إلى الحظر، والعبادة إلى الإباحة فيقع الأثر على وفق المؤثر ففي القتل الخطأ معنى الإباحة من جهة الرمي إلى صيد أو كافر، ومعنى الحظر من جهة ترك التشبث، وإصابة الإنسان المعصوم، وفي اليمين المعقودة معنى الإباحة من جهة أنها عقد مشروع لفصل الخصومات، وفيها تعظيم اسم الله تعالى، ومعنى الحظر من جهة الحنث والكذب، والدائر بين الحظر والإباحة يكون صغيرة فتمحوها العبادة التي هي الكفارة لقوله تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات} [هود:114] بخلاف العمد، والغموس فإن كلا منهما كبيرة محضة فلا تمحوها العبادة لقوله عليه السلام: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" 1 فإن المراد لما بينهن هو الصغائر بقرينة إذا اجتنبت الكبائر فإن قيل: الكتاب عام فلا يجوز تخصيصه بخبر الواحد. قلنا: قد خص منه البعض كالشرك بالله بدليل قطعي هو الكتاب، والإجماع فيجوز تخصيصه بخبر الواحد فإن قيل: فينبغي أن لا تجب الكفارة بالزنا وشرب الخمر في نهار رمضان قلنا إنما، وجبت بالإفطار والجناية على الصوم، وفيه جهة الإباحة من حيث إنه تناول شيء يقضي به الشهوة.

قوله: "فإن قيل:" حاصل السؤال الأول أن القتل بالمثقل حرام محض فكيف وجبت به الكفارة عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وحاصل جوابه أن فيه شبهة الخطأ من جهة أن المثقل ليس آلة للقتل خلقة بل للتأديب، وفي التأديب جهة من الإباحة، والشبهة تكفي لإثبات العبادات كما تكفي لدرء العقوبات، وحاصل السؤال الثاني المطالبة بالفرق بين قتل المعصوم بالمثقل، وقتل المستأمن

1 رواه أحمد في مسنده "2/414،484.

صفحہ 254