شرح طلعة الشمس على الألفية
شرح طلعة الشمس على الألفية
اصناف
وقد مضى تخصيصه بسببه ... في بابه فليكتف الطالب به
أي تخصيص العام بسببه الخاص قد مضى ذكره في باب العام عند الكلام على العام الجاري على سبب خاص، هل يكون خاصا لخصوص السبب، أم يبقى على عمومه، وقد تقدم ما هو المختار فيه عند المصنف بأنه إذا كان العام مستقلا بنفسه عن سببه فلا عبرة بخصوص السبب وهو معنى قولهم لا عبرة بخصوص السبب مع عموم اللفظ، وإن كان العموم غير مستقل بنفسه عن سببه فإنه يكون جاريا مجرى سببه عموما، وخصوصا، فليكتف الطالب بذكره هنالك عن إعادته هاهنا والله أعلم. ثم أخذ في بيان التخصيص بالعقل فقال:
وغير ما مر هو العقلي ... تخصيصه للشرع أولي
كخالق لكل شيء فخرج ... بالعقل ذاته وغيرها اندرج
أي غير ما مر ذكره من المخصصات المتصلة والمنفصلة هو المخصص العقلي، والمراد أن العقل مخصص للكتاب والسنة تخصيصا أوليا؛ بمعنى أن تخصيصه منسوب إلى الأول، والمراد أن فهم التخصيص للشرع بالعقل يدرك من أول وهلة؛ أي لا يحتاج إلى طلب، وشدة بحث كما يحتاج إليه في المخصصات السمعية، وذلك نحو قوله تعالى: { خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل } (الزمر: 62)، { ولله على الناس حج البيت } (آل عمران: 97)، { وأقيموا الصلاة }، فإن العقل يمنع من دخول ذاته تعالى تحت قوله: { خالق كل شيء }، ويحيل أن تتعلق القدرة بذاته عز وجل، ويخرج الصبي، والمجنون عن الدخول تحت التكليف بالحج، والصلاة لأن الصبي، والمجنون، لا قدرة لهم على فهم الخطاب، وطلب الفهم ممن لا يمكنه الفهم محال عقلا، وقال قوم منهم الشافعي: بمنع تخصيص العقل مطلقا؛ أي للكتاب والسنة، وقيل: للكتاب فقط، واحتجوا على ذلك بأمرين:
- أحدهما: أن العقل متقدم، والشرع متأخر، ولا يصح تخصيص المتأخر بالمتقدم.
صفحہ 165