237

شرح السنة

شرح السنة

ایڈیٹر

شعيب الأرنؤوط-محمد زهير الشاويش

ناشر

المكتب الإسلامي - دمشق

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

١٤٠٣هـ - ١٩٨٣م

پبلشر کا مقام

بيروت

قَوْلُهُ: «لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ» بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَكَسْرِ الْغَيْنِ مِنَ الْغِلِّ، وَهُوَ الضِّغْنُ وَالْحِقْدُ، يُرِيدُ: لَا يَدْخُلُهُ حِقْدٌ يُزِيلُهُ عَنِ الْحَقِّ، وَيُرْوَى بِضَمِّ الْيَاءِ مِنَ الإِغْلالِ، وَهُوَ الْخِيَانَةُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّهُ كَتَبَ فِي كِتَابِ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ: «لَا إِغْلالَ وَلا إِسْلالَ».
فَالإِغْلالُ: الْخِيَانَةُ، وَالإِسْلالُ: السَّرِقَةُ، يُقَالُ: فُلانٌ مُغِلٌّ مُسِلٌّ، أَيْ: خَائِنٌ سَارِقٌ، وَالسِّلَّةُ: السَّرِقَةُ.
فَأَمَّا الْغُلُولُ فِي الْغَنِيمَةِ، وَهُوَ الْخِيَانَةُ فِيهَا فَلَيْسَ مِنْ هَذَا، سُمِّيَ غُلُولا، لأَنَّ الأَيْدِي مَغْلُولَةٌ عَنْهَا، أَيْ: مَمْنُوعَةٌ، يُقَالُ مِنَ الْغُلُولِ فِي الْغَنِيمَةِ: غَلَّ يَغُلُّ، بِضَمِّ الْغَيْنِ، قَالَ اللَّهُ ﷾: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ﴾ [آل عمرَان: ١٦١] وَيُقَالُ مِنَ الْخِيَانَةِ فِي غَيْرِهَا: أَغَلَّ يُغِلُّ، وَيُقَالُ مِنَ الْحِقْدِ: غَلَّ يَغِلُّ، بِكَسْرِ الْغَيْنِ.
وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تِكْرَارِ الْحَدِيثِ لِلْحِفْظِ، قَالَ النَّخَعِيُّ: إِنِّي لأَسْمَعُ الْحَدِيثَ، فَأُحَدِّثُ بِهِ الْخَادِمَ أَدُسُّهُ بِهِ فِي نَفْسِي، أَيْ: أُثْبِتُهُ، يُرِيدُ أُحَدِّثُ بِهِ خَادِمِي أَسْتَذْكِرُ بِذَلِكَ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهِيَةِ اخْتِصَارِ الْحَدِيثِ لِمَنْ لَيْسَ بِالْمُتَنَاهِي فِي الْفِقْهِ، لأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَدْ قَطَعَ طَرِيقَ الاسْتِنْبَاطِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ مِمَّنْ هُوَ أَفْقَهُ، وَفِي ضِمْنِهِ وُجُوبُ التَّفَقُّهِ، وَالْحَثُّ عَلَى اسْتِنْبَاطِ مَعْنَى الْحَدِيثِ، وَاسْتِخْرَاجُ الْمَكْنُونَ مِنْ سِرِّهِ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي نَقْلِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى، فَرَخَّصَ فِيهِ جَمَاعَةٌ، قَالَ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ: إِذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِالْحَدِيثِ عَلَى مَعْنَاهُ، فَحَسْبُكُمْ، وَإِلَيْهِ

1 / 237