شرح سنن ابن ماجة - الراجحي
شرح سنن ابن ماجة - الراجحي
اصناف
شرح حديث: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا يحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة، فقام إليه رجل أعرابي فقال: يا رسول الله! أرأيت البعير يكون به الجرب فيجرب الإبل كلها؟ قال: ذلكم القدر، فمن أجرب الأول؟)].
وهذا الحديث فيه أبو جناب الكلبي وهو ضعيف مدلس، وبعضهم شدد فيه، لكن قوله في الحديث: (لا عدوى ولا طيرة)، ثابت من غير هذه الطريق، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي ﷺ قال: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، قيل: يا رسول الله! البعير الأجرب يأتي إلى الإبل فتجرب كلها؟ قال: فمن أعدى الأول؟).
وقوله ﵊: (لا عدوى ولا طيرة) أي: لا عدوى على الوجه الذي يعتقده أهل الجاهلية من أن العدوى تنتقل بنفسها وبذاتها وبطبعها من دون قدر الله وإرادته، وهذا باطل، ولكن العدوى تنتقل إذا أراد الله، ولهذا قال النبي ﷺ في الحديث الآخر: (فر من المجذوم فرارك من الأسد)، وقال: (لا يورد ممرض على مصح)، وقال: (إذا سمعتم الطاعون في أرض فلا تدخلوها، وإذا كان في أرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها)، وهذا كله من باب اجتناب أسباب الهلاك وأسباب الشر، فالإنسان مأمور باجتناب الشر، وقد يجعل الله تعالى مخالطة المريض للصحيح سببًا للعدوى؛ فينتقل إذا أراد الله، وإذا لم يرد الله فلا تنتقل، وأما قوله ﷺ: (لا عدوى)، فإن المعنى كما تقدم: لا عدوى على الوجه الذي يعتقده أهل الجاهلية من أن العدوى تنتقل بنفسها وبذاتها وبطبعها، لكنها تنتقل إذا أراد الله.
5 / 20