Sharh Sunan Abi Dawood by Al-'Abbad
شرح سنن أبي داود للعباد
اصناف
جمعه لأحاديث الأحكام واستقصائها حسب علمه
قال ﵀: [فإن ذكر لك عن النبي ﷺ سنة ليس مما خرجته فاعلم أنه حديث واهن إلا أن يكون في كتابي من طريق آخر].
هذا استدراك يعني به: أن هذا الذي جاء وليس عنده يكون عنده من طريق آخر، ومعناه: أنه جاء من طريقين أو من ثلاثة فهو أورده من طريق وغيره أورده من طريق آخر.
قال ﵀: [فإني لم أخرج الطرق لأنه يكبر على المتعلم].
قوله: (لم أخرج الطرق) أي: ما استوعبت طرق الأحاديث لا من حيث الصحابة ولا من دون الصحابة؛ فإن الحديث -كما هو معلوم- قد يبلغ إلى حد التواتر وهو يورده من طريق واحد أو من طريقين؛ لأنه ما أراد الاستيعاب، مثل حديث: (نضر الله امرأ سمع مقالتي) رواه أبو داود من بعض الطرق عن بعض الصحابة، وجاء عن عدد كبير من الصحابة ليسوا عند أبي داود، لأنه ما أراد استيعاب وجمع الطرق؛ لأنه يكبر بذلك حجم الكتاب.
قال ﵀: [ولا أعرف أحدًا جمع على الاستقصاء غيري].
في هذا -كما قلت- بيان لارتياحه واطمئنانه إلى الجد والاجتهاد الذي بذله والنتيجة التي توصل إليها بسبب ذلك، وقصده من ذلك النصح والحث والترغيب والتشويق إلى الاستفادة من كتابه لا التبجح ولا غيره من القصود السيئة التي قد تحصل من بعض الناس فيما يكتبون ويقولون.
قال ﵀: [وكان الحسن بن علي الخلال قد جمع منه قدر تسعمائة حديث، وذكر أن ابن المبارك قال: السنن عن النبي ﷺ نحو تسعمائة حديث، فقيل له: إن أبا يوسف قال: هي ألف ومائة، قال ابن المبارك: أبو يوسف يأخذ بتلك الهنات من هنا وهنا نحو الأحاديث الضعيفة].
هذا فيه إيضاح استقصائه واستيعابه، وقد قال كما سيأتي: إن في كتابه أربعة آلاف وثمانمائة حديث، وهنا ذكر أن بعض العلماء قال: إن السنن تسعمائة حديث، فقيل له: فلان عنده ألف ومائة، فقال: هذا عنده شيء من الهنات، يعني: أنه يتوسع ويكتب أشياء فيها ضعف.
2 / 15