شرح السير الکبیر

Shams al-A'imma al-Sarakhsi d. 483 AH
99

شرح السير الکبیر

شرح السير الكبير

ناشر

الشركة الشرقية للإعلانات

اصناف

وَأَمَّا فِي حَقِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَدْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لَهُ، فَإِنَّ عِزَّتَهُ وَمَنَعَتَهُ لَمْ تَكُنْ بِالْمُسْلِمِينَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَاَللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ﴾ [المائدة: ٦٧] . وَمَا كَانَ فِي حَقِّهِ تَوَهُّمُ الرُّكُونِ بِقَلْبِهِ إذَا قَبِلَ هَدَايَاهُمْ، فَلِهَذَا قَبِلَهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ. وَاخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ ﵃ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي جَوَازِ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنْ أُمَرَاءِ الْجَوْرِ، فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ ﵃ يَقْبَلَانِ هَدِيَّةَ الْمُخْتَارِ، وَهَكَذَا نُقِلَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ ﵄ لَا يُجَوِّزَانِ ذَلِكَ. حَتَّى رُوِيَ أَنَّ أَمِيرًا أَهْدَى إلَى أَبِي ذَرٍّ ﵁ مِائَةَ دِينَارٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ: هَلْ أَهْدَى إلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مِثْلَ هَذَا؟ فَقِيلَ: لَا، فَرَدَّهَا وَقَالَ: ﴿كَلا إِنَّهَا لَظَى﴾ [المعارج: ١٥] ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ [المعارج: ١٦] . وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵁ قَالَ: لِلسُّلْطَانِ نَصِيبٌ مِنْ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، فَإِذَا أَعْطَاك شَيْئًا فَخُذْهُ، فَإِنَّ مَا يُعْطِيهِ حَلَالٌ لَك. وَحَاصِلُ الْمَذْهَبِ فِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَكْثَرُ مَالِهِ مِنْ الرِّشْوَةِ وَالْحَرَامِ لَمْ يَحِلَّ قَبُولُ الْجَائِزَةِ مِنْهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ مِنْ وَجْهٍ حَلَالٍ. وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ تِجَارَةٍ أَوْ زَرْعٍ أَكْثَرُ مَالِهِ مِنْ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِقَبُولِ الْجَائِزَةِ مِنْهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ مِنْ وَجْهٍ حَرَامٍ، وَفِي قَبُولِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْهَدِيَّةَ مِنْ بَعْضِ الْمُشْرِكِينَ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. . [بَابُ الْمُبَارَزَةِ] ١٤ -

1 / 99