47

شرح السير الکبیر

شرح السير الكبير

ناشر

الشركة الشرقية للإعلانات

اشاعت کا سال

1390 ہجری

اصناف

فقہ حنفی
قَالَ: فَمَرَّ عَلَى أَوَّلِهِمْ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهِمْ، يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اقْبِضْهُمْ بِمَا قَبَضْت بِهِ بَنِي إسْرَائِيل (٢٤ ب) بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ. انْطَلَقُوا مَوْعِدُكُمْ اللَّهُ. [وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ هَذَا أَنَّهُ حَثَّهُمْ عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا لَا عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ، فَإِنَّ تَسْلِيمَ النَّفْسِ لِابْتِغَاءِ مَرْضَاةِ اللَّهِ بِهِ يَتِمُّ، وَدَعَا لَهُمْ بِالشَّهَادَةِ فِي قَوْلِهِ: " اللَّهُمَّ اقْبِضْهُمْ بِمَا قَبَضْت بِهِ بَنِي إسْرَائِيلَ "] .
[وَقِيلَ] مُرَادُهُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﵇: «فَنَاءُ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ» . وَقَدْ كَانَ يَكْثُرُ ذَلِكَ بِالشَّامِ. فَسَأَلَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ لَهُمْ دَرَجَةَ الشَّهَادَةِ إنْ اُبْتُلُوا بِذَلِكَ. فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ لِغَيْرِهِ بِالشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ دُعَاءً بِالْمَوْتِ صُورَةً فَهُوَ دُعَاءٌ بِالْحَيَاةِ مَعْنًى. وَبَيَّنَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ هَذَا آخِرُ الْعَهْدِ بِلِقَائِهِمْ. فَأَمَّا إنْ كَانَ مُرَادُهُ الْإِخْبَارَ بِقُرْبِ أَجَلِهِ أَوْ الْإِخْبَارَ بِأَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْقَاهُمْ قَبْلَ الْقِيَامَةِ.
قَالَ: فَانْطَلَقُوا حَتَّى نَزَلُوا بِالشَّامِ. وَجَمَعَتْ لَهُمْ الرُّومُ جُمُوعًا عَظِيمَةً مِنْ مَدَائِنِ الشَّامِ. فَحُدِّثَ بِذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ ﵁. فَأَرْسَلَ إلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَهُوَ بِالْعِرَاقِ، أَنْ انْصَرِفْ بِثَلَاثَةِ آلَافِ فَارِسٍ فَأَمِدَّ بِهِمْ إخْوَانَك بِالشَّامِ. ثُمَّ قَالَ: الْعَجَلَ الْعَجَلَ. فَوَاَللَّهِ لَقَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الشَّامِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ رُسْتَاقٍ عَظِيمٍ مِنْ الْعِرَاقِ.

1 / 47