236

شرح السير الکبیر

شرح السير الكبير

ناشر

الشركة الشرقية للإعلانات

اشاعت کا سال

1390 ہجری

اصناف

فقہ حنفی
وَكُنَّا كَنَدْمَانَيْ جَذِيمَةَ حِقْبَةً ... مِنْ الدَّهْرِ حَتَّى قِيلَ لَنْ يَتَصَدَّعَا
فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا ... لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبِتْ لَيْلَةً مَعًا
أَنَا وَاَللَّهِ لَوْ شَهِدْتُك مَا زُرْتُك، وَلَوْ شَهِدْتُك مَا دَفَنْتُك إلَّا فِي مَكَانِك الَّذِي مِتَّ فِيهِ. وَإِنَّمَا قَالَتْ ذَلِكَ لِإِظْهَارِ التَّأَسُّفِ عَلَيْهِ حِينَ مَاتَ فِي الْغُرْبَةِ، وَلِإِظْهَارِ عُذْرِهَا فِي زِيَارَتِهِ. فَإِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ ﵇: «لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ» يَمْنَعُ النِّسَاءَ مِنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ. وَالْحَدِيث وَإِنْ كَانَ مُؤَوَّلًا فَلِحِكْمَةٍ ظَاهِرَةٍ قَالَتْ مَا قَالَتْ. وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُدْفَنَ الْقَتِيلُ وَالْمَيِّتُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فِي مَقَابِرِ أُولَئِكَ الْقَوْمِ. أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا مَاتَ فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ ﵂ دُفِنَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ؟
- قَالَ: وَلَوْ نُقِلَ مِيلًا أَوْ مِيلَيْنِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَفِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّ النَّقْلَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدِ مَكْرُوهٌ، لِأَنَّهُ قَدْرُ الْمَسَافَةِ الَّتِي لَا يُكْرَهُ النَّقْلُ فِيهَا بِمِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ. وَهَذَا لِأَنَّهُ اشْتِغَالٌ بِمَا لَا يُفِيدُ (٦٢ ب) فَالْأَرْضُ كُلُّهَا كِفَاتٌ لِلْمَيِّتِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٥] ﴿أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٦] . إلَّا أَنَّ الْحَيَّ يَنْتَقِلُ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ لِغَرَضٍ لَهُ فِي ذَلِكَ،

1 / 236