أقول: لم يتعرض النحاة لأبنية الحروف لندور تصرفها، وكذا الأسماء (١) العريقة البناء كَمَنْ ومَا
_________
أكثر من الكسر فلا يدل أيضا على أن أصله منذ، لجواز أن يكون للاتباع، وضم ذال مذ - سواء كان بعده ساكن أو لا - لغة غنوية، فعلى يجوز أن يكون أصله الضم فخفف فلما احتيج الى التحريك للساكنين رد إلى أصله كما ف ى " لهم اليوم " والكلمة الثالثة ذا الاشارية، على رأى من يقول: إن المحذوف منها العين، وإن أصلها ذوى، لكثرة باب طويت، وورود الامالة في ألفها ولا سب لها هنا الا انقلابها عن ياء، وهذا ما اختاره الشارح في باب التصغير والاعلال، ولكن اختار في شرح الكافية أن أصله ذيى، وأن المحذوف منه اللام، لان حذف اللام اعتباطا أكثر من حذف العين، والحمل على الاكثر عند خفاء الاصل أولى، ومثال ما كان على حرف واحد في الاسم " م الله " على رأى من يقول: إن أصله " أيمن الله " وأما على رأى من يقول: إنه موضوع للقسم هكذا ابتداء وليس مختصرا من ايمن، فهو حرف قسم كالباء والواو، وأما الفعل فقد يكون على حرفين، والمحذوف منه العين كقل وبع وسل، وقد يكون كذلك والمحذوف منه الفاء كضع ودع وذر،
وقد يكون على حرف واحد والمحذوف منه الفاء واللام المعتلان نحو " ع كلامي " و" ق نفسك " (١) قول الشارح " وكذا الاسماء العريقة البناء " يريد المتأصلة في البناء، وهو مستعار من قولهم: أعرق الرجل، إذا صار عريقا، أي: أصيلا، وهو الذى له عروق في الكرم أو اللؤم، هذا، ولم يتعرض الشارح للسر في أن أقل الابنية ثلاثة، ولا للسر في أن الاسم لا يكون سداسيا، ونحن نذكر لك ما قيل في ذلك: قال أبو حيان: إنما كان أقل الاصول ثلاثة لانه لابد من حرف يبتدأ به، وحرف يسكت عليه، وحرف يحشى به الكلمة لان بعض الكلم يحتاج إليه في بعض الاحكام، ألا ترى أن التصغير لا يتصور في اسم على حرفين لان ياءه إنما تقع ثالثة وحرف الاعراب بعدها، وفيه أن هذا إنما يتم في الاسم لا الفعل، وقال الجار بردى: " الاصل في كل كلمة أن تكون على ثلاثة أحرف: حرف يبتدأ به، وحرف يوقف عليه، وحرف يكون واسطة بين المبتدأ به والموقوف عليه، إذ (*)
1 / 8