شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
اصناف
ولجهل أكثر الفرق بمعنى العدل والحكمة خبطوا خبط العشواء، وركبوا الأهواء، وسموا العدل جورا، والجور عدلا، لفقد معرفتهم بالحقائق، فنسأل الله التوفيق.
قوله: (وهو حكيم ذو الجلال عدل): أراد بيان مذهبه في هذه المسألة.
فمذهنبا أن الله -تعالى- عدل، حكيم، ليس في أفعاله ظلم، ولا عبث، ولا سفه، ولا شيء من القبيح.
وخالفت المجبرة في ذلك على طبقاتها.
ودلالة هذا المذهب تنبني على أصلين، أحدهما: أن الظلم قبيح،
والثاني: أن الله -تعالى- لا يفعل القبيح.
[الدليل على أن الظلم قبيح]
أما كون الظلم قبيحا فذلك معلوم لكل عاقل ضرورة؛ ولهذا يشترك في العلم بقبحه المختلفون.
والمجبرة لا تخالفنا في قبحه، لكنهم يقولون إذا وقع من الباريء وقع على وجه يخرجه عن كونه ظلما، وذلك باطل؛ لأن العلة الموجبة لكونه ظلما من الواحد منا هي قائمة في الباريء -تعالى- على أبلغ الوجوه.
ألا ترى أن الظلم عند جميع العقلاء: هو الضرر العاري عن نفع يوفي عليه، أو دفع ضرر أعظم منه، أو استحقاق لجنسه؛ لأن الظلم، وإن كان عند غيرنا من المجبرة، وضع الشيء في غير موضعه كما يقوله بعضهم ، والتصرف في ملك الغير بغير إذنه ، كما يقوله بعض آخر، إلى نحو ذلك، فلا ينكرون أن كل فعل وقع على الوجه الذي ذكرنا فإنه يكون ظلما لا محالة له، ولا سبيل لهم إلى دفعه، لأنه من علوم العقل الأولة.
صفحہ 142