بَكَرْتُ عَلَيْهِ غُدْوَةً فَوَجَدْتُه ... قعُودًا لَدَيْهِ بالصَّرِيمِ عَوَاذِلُهْ
ويجوز أن يكون قوله: (وقوفا) منصوبا على المصدر من (قفا) والتقدير: قفا وقوفا مثل وقوف صحبي، كما تقول: زيد يشرب شرب الإبل، تريد يشرب شربا مثل شرب الإبل، ويجوز أن يكون مصدرا وقع موقع الوقت لاستيقافه، كما تقول: البث على قعود القاضي، أي ما قعد، أي في قعوده، ويكون التقدير: وقت وقوف صحبي، ثم يحذف، ويكون بمنزلة قولك: رأيته قدوم الحاج، أي وقت قدوم الحاج، قالوا: ولا يجوز مثل هذا إلا فيما يعرف، نحو قولك: قدوم الحاج، وخفوق النجم، ولو قلت: لا أكلمك قيام زيد، تريد وقت قيام زيد، لم يجز؛ لأنه لا يعرف، وموضع (صحبي) رفع بوقوف، وعلىَّ: يتعلق بوقوف، وواحد الصحب صاحب مثل تجر وتاجر. وواحد المطي مطية، والمطية: الناقة، سميت مطية لأنها يركب مطاها، أي ظهرها، وقيل: سميت مطية لأنها يمطي بها في السير أي يجد بها في السير، ووزن مطية من الفعل فعيلة أصلها مطيوة، فلما اجتمعت الواو والياء في
كلمة وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، وقوله (لا تهلك أسى وتجمل) الأسى: الحزن، يقال: أسيت على الشيء آسى أسى شديدا، إذا حزنت عليه، ونصب أسىً على المصدر؛ لأن قوله لا تهلك أسىً في معنى لا تأس، فكأنه قال: لا تأس أسىً، هذا قول الكوفيين، وقال البصريون: نصب أسىً لأنه مصدر وضع في موضع الحال، والتقدير عندهم: لا تهلك آسيا، أي جزينا، والمعنى لا تظهر الجزع، ولكن تجمَّل وتصبَّر وأظهر للناس خلاف ما في قلبك من الحزن
1 / 8