============================================================
زمانه، فمن ورعه ورغه عن الاجتماع مع أبناء الدنيا وأقارب السلطان من
الوزراء والقواد ونحوهم، ولا شيء ايغض إليه من الاجتماع بهم والنظر اليهم".
ثم ذكر الملالي جملة من الأحداث التي وقعت بينه ويين السلطان وخواصه وأقاربه، إلى أن قال: "وكان ه لما شرع في التفسير بعث له السلطان رسولا وطلب منه أن يطلع عليه ويقرأ التفسير بحضرته كما يطلع غيره من المدرسين، فامتنع لبه من الطلوع إلى السلطان، فلما طولب في ذلك ثانيا وثالثا ورأى أنهم قد ألخوا عليه، كتب يبه كتابا إلى السلطان أو إلى وزيره لا أدري إلى أيهما كتب واعتذر له بأنه يغلبه الحياء بذلك كثيرا بذلك الموضع فلا يقدر أن يتكلم بشيء فيه كما يتكلم في مجلسه المعتاد، فحينئذ آيس السلطان منه وعلم أنه لا حاجة للشيخ به ولا بالاجتماع به، وأنه ليس كغيره من الفقهاء والمدرسين الذين يحبون الدنيا والاجتماع بأهلها والميل إلى زينتها".
الفصل التاني عشر: في هواعظه.
قال الملالي: لاوأما مواعظه، فلا شك ولا خفاء أنه كان يقرع الأسماع مواعظه، وتقشعر منها الجلود، وتلين لها القلوب، كل من حضر مجلسه الشريف يقول: معي هو يتكلم، واياي هو يخاطب.
وكان شأنه في الوعظ كشأن العلماء العارفين الأخيار في مواعظهم، تجده يسرق الخلق إلى الله - تعالى- بعبارات لطيفة سهلة، من غير عنف ولا قهر ولا إظهار صلابة في العبارة، عارفا بما يصلح ويفسد، فانتفع الناس بكلامه انتفاعا عظيما، فتجده يسوق الناس إلى الله - تعالى- بسياسة ولطافة ولين، ويعبر بعبارة سهلة لا تكلف فيها، يفهمها الخاص والعام".
ثم ساق الملالي طرفا من مواعظه الجليلة، إلى أن قال: اوسمعته ظله يقول ما معناه: جاء ولي من أولياء الله - تعالى - إلى بعض الأمراء، فقال الأمير وقد رأى عليه لباس الزهد: ما لكم تزهدون في الدنيا؟! فقال الولي للأمير: أنتم أزهد منا. فقال له الأمير : ومن أين ذلك؟ قال له: لأن زهدنا انما هو في الدنيا، وزهدكم أنتم إنما هو في الآخرة. قال: فلما افترقا تأمل
صفحہ 35