============================================================
يستدل على الزهد في الدنيا بالزهد في الرئاسة، ويستدل على الزهد في الرئاسة بالزهد في الاجتماع بأهلها. ولا شك أن شيخنا وبركتنا سيدي محمد السنوسي- قدس الله روحه، وأسكنه من الجنان فسيحه - قد زهد في الرئاسة، وزهد في الاجتماع مع أهلها، ولا شيء أبغض إليه من الدنيا وأهلها؛ ولقد
بعث إليه السلطان أبو عبد الله - حفظه الله تعالى - يوما رسولا، وطلب من الشيخ أن يأخذ شيئا من غلات مدرسة سيدي الحسن أبركان رحمه الله تعالى، فامتنع الشيخ من ذلك، فبعث إليه ثانيا، فأبى أن يقبل شيئا، فلما ألخ الرسول
على الشيخ، كتب الشيخ كتابا إلى السلطان - حفظه الله تعالى- نصه: "الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله؛ من عبد الله تعالى الفقير إليه محمد بن يوسف السنوسي لطف الله تعالى به - إلى أمير المؤمنين - حفظه الله تعالى وأمده بتوفيقه وتسديده وجعله بفضله في الدنيا والآخرة من خيار عبيده ولطف به وختم له بالحسنى عند موته ومفارقة دنياه وقريبه وبعيده-، بعد السلام عليكم ورحمة الله والبركة، فقد وقف علينا الفقيه الحسيب الأمين النصيح في خدمتكم الكيس اللبيب السيد أبو عبد الله محمد العبادي- جعله الله وزير صذق ومعين حق، وخلص الجميع من شباك الدنيا وسراب غرورها المار مر السحاب خلاصا جميلاب فذكر لنا أنكم اهتممتم بنا فيما يرجع إلى هذا العيش الدنيوي القريب وأنكم عرضتم علينا الإعانة بشيء من غلات المدرسة الجديدية، فجزاكم الله تعالى على ما اهتممتم به أفضل الجزاء، ولقاكم به خيرا وسرورا يوم الموت واللقاء، ونحن تعلمكم يا أمير المؤمنين أن الله تعالى بفضله كفانا الضروريات في هذا المعاش، ورزقنا عند الاحتياج من حيث لا نحتسب، وأنعم علينا بطؤله أن خلق لنا الراحة من ذلك في قلوينا وأبداننا، ونحن نتقلب في أنعم مولانا جل وعز ظاهرا وباطنا مع عدم الأهلية- والله- لشيء من ذلك، بل الذي نتحققه ونقطع به وجود الاهلية منا للمعالجة بغضبه وعقابه، لكن بحلمه وكرمه عامل من ليس من المتقين معاملة المتقين، فلله الحمد تبارك وتعالى ظاهرا وباطنا أولا وآخرا، فليرجع أمير المؤمنين - سدده الله تعالى- خاطره من قبلنا ولا يتشو إلى
صفحہ 32