. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خِلَافِ الْمُشَاهَدَاتِ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَالظُّهُورِ وَالْبُطُونِ، فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي اخْتِفَائِهِ، بَاطِنٌ فِي ظُهُورِهِ، قَرِيبٌ فِي بُعْدِهِ، بَعِيدٌ فِي قُرْبِهِ ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الْحَدِيدِ: ٣] .
وَأَيْضًا كَمَا لَا يُقَالُ: إِنَّ بَعْضَ الْمَخْلُوقَاتِ أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنْ بَعْضٍ، لَا يُقَالُ: بَعْضُهَا أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ بَعْضٍ خُصُوصًا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَنْفِي الْجِهَةَ، أَوْ يَقُولُ: إِنَّهُ بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، فَلَا يُتَصَوَّرُ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ ﷾، أَمَّا مَنْ يُثْبِتُ الْجِهَةَ، فَقَدْ يُمْكِنُ تَوْجِيهُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِ، وَيَجُوزُ تَخْرِيجُ الْكَلَامِ عَلَى الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ بِالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ. فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: مُفِيضَ الْخَيْرِ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ إِلَيْكَ، أَيْ: إِلَى رَحْمَتِكَ بِالطَّاعَةِ، وَكُلِّ بَعِيدٍ عَنْكَ بِالْمَعْصِيَةِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ اللَّهَ ﷾ أَسْبَغَ إِنْعَامَهُ عَلَى الْمُطِيعِ وَالْعَاصِي، وَالْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَالْبَرِّ وَالْفَاجِرِ.
1 / 60