"وعن أبي هريرة ﵁ أنه قال: قال رسول الله ﷺ: احتج آدم وموسى"؛ أي: جرى بينهما الخصومة ومطالبة الحجة، قيل: هذه المحاجة كانت روحانية، يؤيده قوله: "عند ربهما"، ويجوز أن تكون جسمانية بأنْ أحياهما واجتمعا، كما ثبت في حديث الإسراء أنه ﵊ اجتمع مع الأنبياء وصلى بهم.
"فحج آدم موسى"؛ أي: غلب عليه بالحجة بأنَّ كلَّ ما صدر عنه كان بتقدير الله تعالى.
"قال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده"؛ أي: بقدرته بلا واسطة أبٍ وأم.
"ونفخ فيك من روحه" فصرت به حيًا، أضاف الروح إليه تعالى تشريفًا وتخصيصًا، كما قال الله تعالى: ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾ [الحجر: ٢٩]).
"وأسجد لكَ ملائكته"؛ أي: أمرهم بأنَّ يسجدوا لك تعظيمًا.
قال ابن عباس ﵄: كان سجودهم له انحناءً لا خرورًا على الذقن.
وقال ابن مسعود ﵁: أمروا بأنَّ يأتموا به، فسجد وسجدوا لله.
وقال أبي بن كعب: خضعوا له وأقروا بفضله.
"وأسكنك في جنته ثم أهبطت الناس"؛ أي: أسقطتهم وأنزلتهم، فإنهم وإن لم يكونوا موجودين لكنهم كانوا على شرف الوجود، فكانوا مهبطين منها "بخطيئتك"؛ أي: بسبب عصيانك الله تعالى في أكل الشجرة.
"إلى الأرض" متعلق بـ (أهبطت).
يعني: إن الله تعالى أنعم عليك هذه النعم، فأنت عصيته بأكلها حتَّى أُخرجت من الجنة بسببها، وبقي أولادك في دار المشقة والابتلاء من المرض والفقر وغير ذلك.