شرح المقاصد في علم الكلام
شرح المقاصد في علم الكلام
ناشر
دار المعارف النعمانية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
1401هـ - 1981م
پبلشر کا مقام
باكستان
اصناف
وثانيهما أن يسد كل منهما مسد الآخر وينوب منابه فمن ههنا يقال المثلان موجودان يشتركان فيما تجب ويجوز ويمتنع أو موجودان يسد كل منهما مسد الآخر والمتماثلان وإن اشتركا في الصفات النفسية لكن لا بد من اختلافهما بجهة أخرى ليتحقق التعدد والتميز فيصح التماثل ونسب إلى الشيخ أنه يشترط في التماثل التساوي من كل وجه واعترض بأنه لا تعدد حينئذ فلا تماثل وبأن أهل اللغة مطبقون على صحة قولنا زيد مثل عمرو وفي الفقه إذا كان يساويه فيه ويسد مسده وإن اختلفا في كثير من الأوصاف ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم الحنطة بالحنطة مثل بمثل وأراد به الاستواء في الكيل دون الوزن وعدد الحبات وأوصافها والجواب أن المراد التساوي في الجهة التي بها التماثل حتى أن زيدا وعمرا لو اشتركا في الفقه وكان بينهما مساواة في ذلك بحيث ينوب أحدهما مناب الآخر صح القول بأنهما مثلان في الفقه وإلا فلا ( قال وأما اشتراط التغاير فمختلف فيه ) قال الآمدي وأما الصفات فقد اختلفت أصحابنا فيها فمنهم من قال ليست متماثلة ولا متخالفة لأن التماثل والاختلاف بين الشيئين يستدعي مغايرة بينهما وصفات الله تعالى غير متغايرة وقال القاضي أبو بكر بالاختلاف نظرا إلى ما اختص به كل صفة من الصفات النفسية من غير التفات إلى وصف الغيرية وهذا ظاهر في أن القاضي لا يشترط في التخالف الغيرية ففي التماثل أولى وقد يتوهم من ظاهر عبارة المواقف أن التغاير شرط في التماثل والاختلاف البتة فمن يصف الصفات به يصفها بهما ومن لا فلا قال ويمتنع اجتماع المثلين يعني أن المثلين إذا كانا من قبيل الأعراض يمتنع اجتماعهما في محل واحد خلافا للمعتزلة لنا أن العرضين إذا اشتركا في الماهية والصفات النفسية لم يعقل بينهما تمايز إلا بحسب المحل لأن قيامهما به ووجودهما تبع لوجوده فإذا اتحدت الماهية وما يتبعه الهوية ارتفعت الإثنينية ورد بالمنع لجواز أن يختص كل بعوارض مستندة إلى أسباب مفارقة وبهذا يمنع ما ذكر في المحصل من أن نسبة العوارض إلى كل منهما على السوية فلا تعرض لأحدهما خاصة بل لكل منهما وحينئذ لا يبقى الامتياز البتة ويلزم الاتحاد وأما الاعتراض بأن عدم الامتياز لا يدل على الاتحاد بل غايته عدم العلم بالإثنينية فليس بشيء لأن ما ذكر على تقدير تمامه يفيد عدم الامتياز في نفس الأمر لا عند العقل فقط وقد يستدل بأنه لو جاز اجتماع المثلين لجاز لمن له علم نظري بشيء أن ينظر لتحصيل العلم به إذ لا مانع سوى امتناع اجتماع المثلين وبأنه لو جاز لما حصل القطع باتحاد شيء من الأعراض لجواز أن يكون أمثالا مجتمعة واللازم باطل للقطع بذلك في كثير من الأعراض وبأنه لو جاز اجتماعهما لجاز افتراقهما بزوال أحد المثلين ضرورة أنه ليس بواجب وزواله ليس إلا بطريان ضده الذي هو ضد للمثل الآخر الباقي فيلزم اجتماع الضدين ورد الأولان بمنع الملازمة لجواز مانع آخر فانتفاء شرط النظر وهو عدم العلم بالمطلوب ولجواز القطع بانتفاء الممكن ضرورة أو استدلالا والثالث بمنع المقدمات تمسكت المعتزلة بالوقوع فإن الجسم يعرض له سواد ثم آخر وآخر إلى أن يبلغ غاية السواد وأجيب بأنا لا نسلم ذلك بل السوادات المتفاوتة بالشدة والضعف أنواع من اللون متخالفة بالحقيقة متشاركة في عارض مقول عليها بالتشكيك هو مطلق السواد يعرض للجسم الذي يشتد سواده على التدريج في كل آن نوع آخر ( قال ومنها ) أي من خواص الكثرة التضاد وهو كون المعنيين بحيث يستحيل لذاتيهما اجتماعهما في محل واحد من جهة واحدة والمراد بالمعنى ما يقابل العين أي مالا يكون قيامه بنفسه وذكر الاجتماع مغن عن وحدة الزمان والتقييد بالمعنيين يخرج العينين والعين مع المعنى والعدمين والعدم مع الوجود ولهذا قالوا بعدم التضاد في الأحكام وسائر الإضافات لكونها اعتبارية لا تحقق لها في الأعيان ولا يخرج القديم والحادث إذا كانا معنيين كعلم الله تعالى وعلم زيد بل ظاهر التعريف متناول له إذ لا إشعار فيه باشتراط التوارد على محل واحد وقد يقال أن معنى امتناع الاجتماع أنهما يتواردان على محل ولا يكونان معا ليخرج مثل ذلك لأن محل القديم قديم فلا يتصف بالحادث وبالعكس ولأن القديم لا يزول عن المحل حتى يرد عليه المقابل واحترز بقيد استحالة الاجتماع عن مثل السواد والحلاوة مما يمكن اجتماعهما في محل واحد وبقيد لذاتيهما عن مثل العلم بحركة الشيء وسكونه معا أي العلم بأن هذا الشيء متحرك والعلم بأن هذا ساكن في آن واحد فإنهما لا يجتمعان لكن لا لذاتيهما بل لامتناع اجتماع الحركة والسكون وأما تصور حركة الشيء وسكونه معا فممكن ولذا يصح الحكم باستحالتهما وبقيد من جهة واحدة عن مثل الصغر والكبر والقرب والبعد على الإطلاق فإنهما لا يتضادان وإن امتنع اجتماعهما في الجملة وإنما يتضادان إذا اعتبر إضافتهما إلى معين ككون الشيء صغيرا وكبيرا بالنسبة إلى زيد ولا خفاء في أنه لا حاجة إلى هذا القيد حينئذ لأن مطلق الصغر والكبر لا يمتنع اجتماعهما وعند اتحاد الجهة يمتنع فالأقرب أن القيد احتراز عن خروج مثل ذلك وربما يعترض على تعريف المتضادين بالمتماثلين في سوادين عند من يقول بامتناع اجتماعهما ويجاب بأن اتحاد المحل شرط في التضاد ولا تماثل إلا عند اختلاف المحل ( قال وعند الفلاسفة ) ما سبق من أقسام الكثرة وأحكامها على رأي المتكلمين وأما على رأي الفلاسفة فالكثرة تستلزم التغاير بمعنى أن كل اثنين فهما غيران فإن كانت الإثنينية بالحقيقة فبالحقيقة أو بالعارض فبالعارض أو بالاعتبار فبالاعتبار ثم الغيران إما أن يشتركا في تمام الماهية كزيد وعمرو في الإنسانية أو لا فالأول المثلان والثاني المتخالفان سواء اشتركا في ذاتي أو عرضي أو لم يشتركا أصلا ثم المتخالفان قد يكونان متقابلين كالسواد والبياض وقد لا يتقابلان كالسواد والحلاوة والمتقابلان هما المتخالفان اللذان يمتنع اجتماعهما في محل واحد في زمان واحد من جهة واحدة فخرج بقيد المتخالف المثلان وإن امتنع اجتماعهما وبقيد امتناع الاجتماع في محل مثل السواد والحلاوة مما يمكن اجتماعهما وربما يفهم من امتناع الاجتماع في محل تواردهما على المحل فيخرج مثل الإنسان والفرس ومثل الإنسان والسواد وفيه بحث سيجيء وأما قيد وحدة الزمان فمستدرك على ما مر وكذا قيد وحدة الجهة إذا قصد به الاحتراز عن مثل الصغر مع الكبر والأبوة مع البنوة على الإطلاق والحق أنه احتراز عن خروج مثل ذلك فإنهما متقابلان ولا يمتنع اجتماعهما إلا عند اعتبار وحدة الجهة وأما التقييد بوحدة المحل فلأن المتقابلين قد يجتمعان في الوجود وفي الجسم على الإطلاق كبياض الرومي وسواد الحبشي قال فإن كانا وجوديين يريد حصر أقسام التقابل في الأربعة ومبناه على أن المتقابلين يكونان وجوديين أو وجوديا وعدميا فإن كانا وجوديين فإن كان تعقل كل منهما بالقياس إلى تعقل الآخر فمتضايفان كالابوة والبنوة وإلا فمتضادان كالسواد والبياض وإن كان أحدهما عدميا والآخر وجوديا فإن اعتبر في العدمي كون الموضوع قابلا للوجودي بحسب شخصه كعدم اللحية عن الأمرد أو نوعه كعدم اللحية عن المرأة أو جنسه القريب كعدم اللحية عن الفرس أو جنسه البعيد كعدم اللحية عن الشجر فهما متقابلان تقابل الملكة والعدم وإن لم يعتبر ذلك كالسواد واللاسواد فتقابل الإيجاب والسلب إلا أنه لا دليل على امتناع أن يكون المتقابلان عدميين كيف وقد أطبق المتأخرون على أن نقيض العدمي قد يكون عدميا كالامتناع واللاامتناع والعمى واللاعمى بمعنى رفع العمى وسلبه أعم من أن يكون باعتبار الاتصاف بالبصر أو باعتبار عدم القابلية له فما يقال أن اللاعمى إما عبارة عن البصر فيكون وجوديا وإما عن عدم قابلية المحل للبصر فيكون سلبا لأمر وجودي ليس بشيء وإذا جاز أن يكونا عدميين فالأولى أن يبين الحصر بوجه يشملهما كما يقال المتقابلان إن كان أحدهما سلبا للآخر فإن اعتبر في السلب استعداد المحل في الجملة لما أضيف إليه السلب فتقابلهما تقابل الملكة والعدم وإلا فتقابل الإيجاب والسلب وإن لم يكن أحدهما سلبا للآخر فإن كان تعقل كل منهما بالقياس إلى الآخر فتقابلهما التضايف وإلا فالتضاد وقد يستدل على لزوم كون أحد المتقابلين وجوديا بأنه لا تقابل بين العدم المطلق والمضاف ضرورة صدق المطلق على المقيد ولا بين العدمين المضافين لوجهين
أحدهما أنهما يجتمعان في غير ما وقع الإضافة إليه إما بطريق الصدق فلأنه يصدق على الأحمر أنه لا أسود ولا أبيض وإما بطريق الوجود فلأنه قد وجد فيه الحمرة التي هي لا سواد ولا بياض
وثانيهما أن من شرط المتقابلين أن يكونا متواردين على موضوع واحد كما أشرنا إليه وقد صرح به بعض المتأخرين وموضوع العدمين المضافين كاللاسواد واللابياض متعدد ضرورة أنهما لو أضيفا إلى واحد لم يكونا عدمين وبهذا يخرج التفصي عن إشكالين
صفحہ 146