علة ولنعتبر بالهيئة الاجتماعية فإنها علة لحصول المركب وليست علة لحصول شيء من أجزائه وأما عن الثالث فبأنا لا نسلم أن التعريف بالخارج يتوقف على العلم باختصاصه بل على الاختصاص نفسه فإن الذهن ينتقل من تصور الملزوم إلى تصور لازمه الذهني وإن لم يتقدم العلم باللزوم ولو سلم فيكفي في ذلك تصور الشيء بوجه ما وتصور ما عداه إجمالا كما في اختصاص الجسم بهذا الحيز وإن كان مبنيا على امتناع كونه في حيزين واشتغال حيز بمتحيزين وإلى هذا التسليم نظر من قال الوصف الصالح لتعريف الشيء يجب أن يكون لازما بين الثبوت لأفراده بين الانتفاء عن جميع ما عداه وينبغي أن يعلم أنه وإن كان لازما بحسب الصدق لكن لا بد أن يكون ملزوما بحسب التصور وأجاب بعض المحققين عن الأول بمنع كون جميع أجزاء الماهية نفسها بل جزم بأنه باطل تمسكا بأن الأشياء التي كل واحد منها متقدم على الشيء يمتنع أن يكون نفس المتأخر ثم قال ويجوز أن يصير عند الاجتماع ماهية هي المتأخرة فتحصل معرفتها بها كما أن العلم بالجنس والفصل وبالتركيب التقييدي متقدم على العلم بالجنس المقيد بالفصل وهي أجزاؤه وبها يحصل العلم به ورد المنع تارة بدعوى الضرورة وتارة بالاستدلال بأن جميع أجزاء الشيء إن لم تكن نفسه فإما أن تكون خارجة عنه وهو ظاهر البطلان أو داخلة فيه فتركب الشيء منها ومن غيرها فلا تكون هي جميع الأجزاء بل بعضها وأيضا لو كان الشيء غير جميع الأجزاء فتمام حقيقته أما ذلك الغير وحده فلا يكون المفروض أجزاء أو مع الأجزاء فلا يكون جميعا وأما التمسك فضعيف لأن تقدم كل جزء على الشيء لا يستلزم تقدم الكل عليه ليمتنع كونه نفس المتأخر ولو كان هذا لازما لكان الكل متقدما على نفسه ضرورة تقدم كل جزء عليه والذي يلوح من كلامه أنه يريد بجميع أجزاء الشيء جميع الأمور الداخلة فيه من غير اعتبار التأليف والاجتماع وبالمركب تلك الأمور مع الاجتماع على ما قال الكشي أن مجرد جميع أجزاء الشيء ليس نفسه وإنما نفسه تلك الأجزاء مع هيئة مخصوصة اجتماعية وحدانية بها هي هي لكن لا يخفى أن هذا رجع إلى ما ذكره البعض من أن الحد التام تعريف بجميع الأجزاء المادية إذ بحصولها في الذهن يحصل صورة مطابقة لما في الأعيان وقد رده هذا المحقق بأنه كما يعتبر في الحد التام الأجزاء المادية أعني الجنس والفصل يعتبر الجزء الصوري أعني الترتيب لأن التعريف بالجنس والفصل لا على الترتيب لا يكون حدا تاما ثم أصر على أن جميع الأجزاء المادية والصورية ليست نفس المركب لأنها علل وهو معلول لها ومن المعلوم بالبديهة أن محصل الاثنين بتحصيل واحد وبتحصيل واحد آخر وبضم أحدهما إلى الآخر ألا يكون محصلا للإثنين بنفسه بل يكون محصلا له بجميع أجزائه المادية والصورية قال المبحث الثالث أقول لما كانت العلوم النظرية تنتهي إلى الضروريات جعلوا إثباتها والرد على منكريها من مبادئ الكلام ليعلم أن ما يجعل
صفحہ 24