شرح المقاصد في علم الكلام
شرح المقاصد في علم الكلام
ناشر
دار المعارف النعمانية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
1401هـ - 1981م
پبلشر کا مقام
باكستان
اصناف
أولا فلأن الظرف إن تعلق بوجود العلة فلا نسلم على تقدير الامتناع لزوم الانقلاب وإن تعلق بالامتناع والإمكان فلا نسلم على تقدير الامتناع لزوم الترجح بلا مرجح وقد سبق مثل ذلك في دفع ما توهم من امتناع الحادث في الأزل ثم إمكانه
وأما ثانيا فلأن ما ذكر مشترك الإلزام لجريانه في العلة التامة المشتملة على الواجب وكذا في العلة التامة التي هي تكون نفس الواجب لكن بالنظر إلى وجود الحادث قال المبحث الثاني قد سبقت الدلالة على وجود الصانع بالبراهين وههنا نشير إلى وجوه إقناعية وإلى كونه من المشهورات التي لم يخالف فيها أحد ممن يعتد به بذلا للمجهود في إثبات ما هو معظم المطالب العالية بيان ذلك أنه لا يشك أحد في وجود عالم الأجسام من الأفلاك والكواكب والعناصر والمركبات المعدنية والنباتية والحيوانية وفي اختلاف صفات لها وأحوال وقد صح الاستدلال بذواتها وصفاتها لإمكانها وحدوثها على وجود صانع قديم قادر حكيم فيأتي أربعة طرق هي الشائعة فيما بين الجمهور وأشير إليها في أكثر من ثمانين موضعا من كتاب الله تعالى كقوله تعالى
﴿إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون﴾
وكقوله تعالى
﴿ومن آياته الليل والنهار والشمس﴾
وكقوله تعالى
﴿وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره﴾
وكقوله تعالى
﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم﴾
وكقوله تعالى
﴿ألم نخلقكم من ماء مهين﴾
وكقوله تعالى
﴿ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم﴾
إلى غير ذلك من مواضع الإرشاد إلى الاستدلال بالعالم الأعلى من الأفلاك والكواكب وحركاتها وأوضاعها والأحوال المتعلقة بها وبالعالم الأسفل من طبقات العناصر ومراتب امتزاجاتها والآثار العلوية والسفلية وأحوال المعادن والنباتات والحيوانات سيما الإنسان وما أودع بدنه مما يشهد به علم التشريح وروحه مما ذكر في علم النفس ومبنى الكل على أن افتقار الممكن إلى الموجد والحادث إلى المحدث ضروري يشهد به الفطرة وأن فاعل العجائب والغرائب على الوجه الأوفق الأصلح لا يكون إلا قادرا حكيما فإن قيل سلمنا ذلك لكن لم لا يجوز أن يكون ذلك الصانع جوهرا روحانيا من جملة الممكنات دون الواجب تعالى وتقدس فالجواب من وجوه
الأول أنه يعلم بالحدس والتخمين أن الصانع لمثل هذا لا يكون إلا غنيا مطلقا يفتقر إليه كل شيء ولا يفتقر هو إلى شيء بل يكون وجوده لذاته فيكون الدليل من الإقناعيات والاستكثار منها كثيرا ما يقوي الظن بحيث يفضي إلى اليقين
صفحہ 59