Sharh Manzumat Al-Qawa'id Al-Fiqhiyyah by Sa’di - Hamad Al-Hamad
شرح منظومة القواعد الفقهية للسعدي - حمد الحمد
اصناف
قاعدة المشقة تجلب التيسير
قال المصنف ﵀: [والشرع من أصوله التيسير في كل أمر نابه تعسير] هذه قاعدة (المشقة تجلب التيسير)، ومعناها أن الشريعة الإسلامية جاءت بنفي الحرج، قال جل وعلا: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج:٧٨].
وقال ﵊ كما في البخاري: (إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه).
وجاء في البخاري: (ما خير النبي ﵊ بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا).
وعلى ذلك فنقول: (إن المشقة تجلب التيسير)، فحيث وجد سبب التعسير نأخذ بالتيسير، ولذا قال الشيخ هنا: [في كل أمر نابه تعسير] ومن قواعد شرعنا: التيسير في كل أمر نابه تعسير، إذًا: المشقة تجلب التيسير.
لا شك أن الأحكام قد تشتمل على مشاق، ولذا قال الله جل وعلا: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ﴾ [البقرة:٢١٦] يعني: وهو شاق عليكم.
وأيضًا قال الله جل وعلا: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ [البقرة:٤٥] يعني: وإنها لشاقة ثقيلة، لكن هذه المشقة تحتمل فهي مشقة يسيرة، وهي توجد في العبادة، وهذا النوع من المشاق -وهي المشقة التي تحتمل- لا تمنع التكليف.
فهذه المشاق موجودة في العبادة، لكن إذا كانت المشقة شديدة بحيث إن المكلف يلحقه حرج فنقول: هذه المشقة تجلب التيسير؛ لكن الوضوء مثلًا في اليوم البارد والماء فيه برودة فيه نوع مشقة، كذلك إذا كان الماء حارًا فهذا فيه نوع مشقة، ولذا فهي مكاره كما جاء في الشرع.
كذلك الخروج إلى المسجد قد يكون فيه مشقة لكن هذه المشقة ليست شديدة، وهذه المشقة تلازم العبادات غالبًا، وإنما المراد بالمشقة المشقة الشديدة التي يلحق المكلف فيها الحرج.
والمشقة لا يكاد الناس ينضبطون فيها، فهذا الرجل قد يرى الشيء الشاق سهلًا، والآخر قد يرى الشيء اليسير شاقًا، ولذا فإنا لا نعلق الأمر بنفس المشقة، وإنما نعلقه بالوصف الذي توجد معه المشقة غالبًا.
فهناك أوصاف توجد فيها المشقة في الغالب، فهي مظنة المشقة، هذه هي طريقة الشرع، وذلك كالسفر، فإنه وصف توجد فيه المشقة في الغالب، فشرع للمسافر القصر، وشرع له الجمع بين الصلاتين، وكذلك له أن يمسح على خفيه ثلاثة أيام بلياليهن.
كذلك الخوف وصف شرعت فيه صلاة الخائف، وشرع له أيضًا ترك الجماعة إن كان يخاف على نفسه أو أهله أو ماله.
فالخوف هنا وصف توجد فيه المشقة في الغالب، إذًا: يعلق الأمر بوصف توجد فيه هذه المشقة في الغالب كالسفر والخوف ونحو ذلك.
2 / 10