وفي هذا البيت يصف الناظم رحمه الله جهنم، وحال من أهلكه عمله، وفارقته رحمة الله - عز وجل -، فجهنم في يوم نصب الموازين ومحاسبة العباد المؤمن والكافر، والفاسق والفاجر، تكون معترضة بين المحشر والجنة، منصوب عليها الصراط، أدق من الشعرة، وأحد من السيف، كما ورد من قول أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - (إن ناسا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم، قال: هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة، صحوا ليس معها سحاب؟ ، وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر، صحوا ليس فيها سحاب؟ ، قالوا: لا، يا رسول الله، قال: ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما، إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن: ليتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر، وغير أهل الكتاب، فيدعى اليهود فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ ، قالوا: كنا نعبد عزير بن الله، فيقال: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تبغون؟ ، قالوا: عطشنا، يا ربنا فاسقنا، فيشار إليهم: ألا تردون؟ ، فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضا، فيتساقطون في النار، # ثم يدعى النصارى، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ ، قالوا: كنا نعبد المسيح بن الله، فيقال لهم: كذبتم.
ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم: ماذا تبغون؟ ، فيقولون: عطشنا، يا ربنا فاسقنا، قال فيشار إليهم: ألا تردون؟ ، فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر، أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها، قال: فما تنتظرون؟ ، تتبع كل أمة ما كانت تعبد، قالوا: يا ربنا! فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك، لا نشرك بالله شيئا "مرتين أو ثلاثا" حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ ، فيقولون: نعم. فيكشف عن ساق، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة، كلما أراد أن يسجد خر على قفاه، ثم يرفعون رؤوسهم، وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة، فقال: أنا ربكم.
صفحہ 85