شرح المعالم في أصول الفقه

تلمسانی بری d. 645 AH
134

شرح المعالم في أصول الفقه

شرح المعالم في أصول الفقه

تحقیق کنندہ

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض

ناشر

عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م

پبلشر کا مقام

بيروت - لبنان

اصناف

الاسْتِفْهَامَ؛ لأَنَّهُ عَلَى الله تَعَالى مُحَالٌ، بَلِ الذَّمَّ؛ فَإِنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فِي التَّرْكِ بَعْدَ وُرُودِ الأَمْرِ؛ هذَا هُوَ الْمَفهُومُ مِنْ قَوْلِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ: "مَا مَنَعَكَ مِنْ دُخُولِ الدَّارِ؛ إِذ أَمَرْتُكَ؟ ! " إِذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَفْهِمًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، لَمَا ذَمَّهُ اللهُ تَعَالى عَلَى التَّرْكِ، وَلَكَانَ لإِبْلِيسَ أَنْ يَقُولَ: "إِنَّكَ أَمَرْتَنِي بِالسُّجُودِ، وَمَا أَوْجَبْتَهُ عَلَيَّ؛ فَكَيفَ تَلُومُنِي؟ ! ". === وهؤلاءِ اختلفوا على ما ذكر: فمنهم مَنْ قَال: هي حَقِيقَةٌ فيهما، ولا تعين لأَحدهما إلا بقرينة. ومنهم مَنْ قال: إِنَّها حقيقة فِي أحدهما، مجازٌ فِي الآخر، إلا أنا لا ندري أيهما الحقيقة. ومنهم مَنْ قال: تُفِيدُ أَصْل الترجيح، أما أنَّه مانع من النقيض، أو غير مانع، فلا يعرف إلا بقرينة. قوله: "وهذا الوجْهُ أَحْسَنُ الوجوه" يعني: لِخُلوِّه عن الاشْتِرَاكِ، والمجاز. ومنهم بَنْ قال: تُفِيد النَّدْبَ؛ لأَنَّهُ المتيقن، ولحوق الذم بالترك مشكوكٌ فيه. ومذهب الفقهاء: أنها حقيقةٌ فِي الوجُوب، مجازٌ فِيمَا عداه. ثم اختلف هَؤلَاءِ: فمنهم مَنْ قال: تفِيدُ الوُجُوبَ وضعًا، ومنهم من قال: تفيده شرعًا، والحجج تأتي على المذهبين، إِنْ شاء اللهُ تعالى. قوله: ﴿إِذ أَمَرْتُكَ﴾ وليس المراد منه الاسْتفهامَ" يعني: أنَّ الاستفهامَ يلزم منه الاستبهام، وهو جهل، وهو على الله تعالى محالٌ، فَتَعَيَّنَ حمله على مجازه، وهو إما التقرير؛ كقوله تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [الشرح: ١]. أو التوبيخ؛ كقوله تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيطَانَ﴾ [يس: ٦٠]. وهذا التوبيخ والذم على الترك مِنْ خاصية الوجوب، فدلَّ على أَن الأمر فِي الآية للوجوب. قوله: "فإِنْ قالوا: لعل الأمر فِي تلك اللغة كان مفيدًا للوجوب": تقريره: بأَنَّ النزاع لم يقع فِي أن الأمر يذم تاركه، وإنما النزاع فِي أن "افعل" بمجردها للوجوب، أو لا؟ فَإِنْ قُلْتُمْ: إِن أمر الملائكة الَّذي يشمل إبليس كان بصيغة "افعل"، ولعلَّه كان بصيغة ناصة من لغةٍ أخرى، فلا تفيد ذلك المطلوب. قوله فِي الجواب: "قلنا: الظاهر يقتضي تَرْتِيبَ الذمِّ على مخالفة الأمر بأيّ لغَةٍ كان". يقال له: هذا لا يدفع السؤال؛ فإنَّ تلك اللغة جاز أَنْ تكون ناصَّةً؛ فلا تفيد المطلوب. وقد أُجِيب عنه بجوابٍ آخرَ: وهو أن المطلق يُحْمَل على المقيَّد إذا اتحدت الواقعةُ؛ وقد قال الله تعالى فِي آية أخرَى ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا﴾ [البقرة ٣٤]، وقال تعالى: ﴿فَإذَا سَوَّيتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدينَ﴾ [الحجر ٢٩].

1 / 244