Sharh Lum'at al-I'tiqad by Khalid Al-Mosleh
شرح لمعة الاعتقاد لخالد المصلح
اصناف
معنى قول أحمد: (بلا حد ولا غاية)
قال ﵀: (بلا حد ولا غاية) أي: أننا لا نحد لذلك حدًا من قبل أنفسنا، وقوله: (ولا غاية) أي: ولا نحدد نهاية من قبل أنفسنا، ولا يعني هذا الكلام أن صفات الله جل وعلا ليس لها حد، فإن أول من قال: إنه لا حد للصفات ولا غاية ولا نهاية جهم بن صفوان، يقول أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي ﵀ في كتاب (الرد على الجهمية): لم يعلم عن أحدٍ من العالمين أنه تكلم بهذا الكلام قبل جهم بن صفوان، ومراد جهم بن صفوان بقوله في الصفات: إنه لا حد لها ولا غايه؛ مراده تعطيل الله عن صفاته، ولذلك قيل: (من قال: لا حد ولا غاية، فقد قال بأنه لا إله، وأن الله لا شيء؛ لأنه ما من شيء إلا له حد وغاية.
وقد سئل الإمام أحمد ﵀ عن بعض صفات الله ﷿ فقيل له: بحد أو لا؟ قال: بحد، واستدل لذلك بقول الله تعالى: ﴿وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ [الزمر:٧٥] قال: حافين من حول العرش، أي: محدقين، وهذا حد، وأهل السنة والجماعة متفقون على أن الله فوق سماواته، على خلقه، بائنٌ من خلقه ﷾؛ ولا شك أن هذا حد.
ولذلك اتفق سلف الأمة على إثبات أن للصفات حدًا وغاية؛ لكنهم نفوا أن يكون لهذه الصفات حد يعلمه الإنسان؛ ولذلك قالوا: له حدٌ لا يعلمه غيره، كما ذكر ذلك أبو سعيد ﵀؛ فقال: ولا يجوز لأحدٍ أن يتوهم لحده غاية، ولكن نؤمن بالحد، ونكل علمه إلى الله تعالى.
فافهم معنى قول الإمام أحمد ﵀: (بلا حد ولاغاية) كما اتفق على ذلك سلف الأمة، ونقل ذلك شيخ الإسلام ﵀، وأيضًا نقله قبله أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي ﵀، ونقل عن ابن المبارك والإمام أحمد وعن جماعة من أهل العلم.
قال ﵀: (﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ الشورى:١١])، ونقول كما قال)، أي: كما قال الله تعالى وكما قال رسوله.
(ونصفه بما وصف به نفسه لا نتعدى ذلك) أي: لا نتجاوز الكتاب والسنة، (ولا يبلغه وصف الواصفين) أي: لا يدرك حقيقة صفاته وما له من بديع الصفات وصف الواصفين، بل هو العليم الخبير لا يحيط الخلق به سبحانه وبحمده.
قال ﵀: (نؤمن بالقرآن كله: محكمه ومتشابهه) المؤلف ﵀ قسم القرآن إلى قسمين: المحكم والمتشابه، فالمحكم: هو الذي لا يحتمل إلا معنىً واحدًا، والمتشابه مثل: (عبد الرحمن) فإنه يحتمل أكثر من معنى.
2 / 12