بسم الله الرحمن الرحيم. وإياك نستعين في الأمور يا كريم. نحمدك يا من بيده تدبير الأمور وتصريف الفصول والدهور. يا كافي المعلولات والعلل وشافي الأمراض والعلل، صل على من اصطفيته من عبادك الموقنين وأنزلت عليه من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين.
وبعد فيقول الأستاذ العلامة قدوة الحكماء المحققين، وأسوة العلماء المدققين، عماد الله والملة والدين، مولانا عبد الرحيم الطبيب سقى الله تربته صوب الرضوان وأسكنه بحبوحة الجنان،
هذه حواش كتبناها على وسائل الوصول إلى مسائل الفصول من مؤلفات المولى المعظم، عز الملة والدين إبراهيم الكيشي تغمده الله بغفرانه،
قال بعد ذكر الخطبة:
* المقالة (1) 1
1
[aphorism]
قال أبقراط: العمر قصير والصناعة طويلة والوقت ضيق والتجربة خطر والقضاء عسر
[commentary]
أقول: معنى أبقراط في لغة اليونانيين زاد الصحة. ووسم به لكثرة معالجاته المنجحة وكان أبرقليدس جده الثاني عشر. واليونانيون يعتقدون أنه يوحى إليه بالطب * وكانوا (2) يستشفون المرضى عند ضريحه بدعاء وكل ليلة يوقدون عند قبره ألف قنديل وصوروه على فوق قبره وفي يده شجرة الخطمي كأن في هذه الشجرة خاصية أو سرا لم نقف عليه إلى الآن. والعمر لغة البقاء وفي العرف عبارة عن ظهور آثار النفس الناطقة في بدن الجنين وهو الزمان الذي ينفصل بعض الأعضاء عن البعض انفصالا ما، ويرشح إليه قسط وافر من الدم الحيواني والطمثي إلى وقت مفارقتها عنه وهو متناه لضرورة الموت وهو انقطاع علاقة النفس من الجسد لفناء الرطوبة الغريزية أو لغيره. ولا شك في أن العمر قصير إذ الغالب بين ستين وسبعين سنة وهذه العشرة سميت بالقطاعة والعرب سموها دقاقة PageVW2P003A الرقاب. PageVW0P002A والصناعة ملكة نفسية يقتدر بها الإنسان على استعمال موضوعات ما نحو غرض من الأغراض على سبيل الإرادة صادر عن بصيرة بحسب الممكن. والألف واللام للعهد أي صناعة الطب طويلة لأنها تتغير بتغيرات أبداننا وهي متجددة ساعة فساعة ضرورة استمرار التحلل. والوقت الزمان القصير والمراد به الزمان الذي يمكن بقاء البدن على حاله أي لا يزيد ولا ينقص وهذا لا يكون إلا في زمان الوقوف ولا شك أن هذا الوقت ضيق بالنسبة إلى جميع عمره بل وغير موجود عند المحققين. والتجربة يقال على معنيين أحدهما امتحان فعل ما يرد على بدن الإنسان من غير قياس يؤدي إليه ولا قانون وأصل. ولا شك أن فيها خطرا. وثانيهما اعتبار ما علم من القوانين الكلية في المشاهدات الجزئية وهذه التجربة خالية عن الخطر بل هي مؤدية إلى المطلوب. والقضاء المراد به الحكم على المريض بما يؤول إليه من صحة أو هلاك والدليل على عسره بقاء الاختلاف فيه على مرور الأيام. وقيل المراد به القياس وهو عسر لأن صناعة القياس في نفسها عسرة والقياس عبارة عن الاستدلال بما يظهر على ما يخفى، وعبر عنه بالقضاء للزومه إياه وسبب تصدير الكتاب بهذا الفصل الاعتذار عن طرف الطبيب إذا أخطأ أو الترغيب في تحصيله وصرف العمر في طلبه أو امتحان همة الطبيب على ماقيل.
2
[aphorism]
قال: قال أبقراط: يجب على المريض طاعة الطبيب وأن لا يخبر بما يزيد في مرضه بل بما ينقصه.
[commentary]
أقول: يجب على المريض طاعة الطبيب بشرب الدواء وتناول الغذاء وسائر المعالجات ويجب أن لا يخبر المريض بشيء يزيد في مرضه من أمر خارج مفسد لمزاج PageVW0P002B العليل نحو الأشياء التي تحزنه PageVW2P003B أو تهيج غضبه إلى غير ذلك بل يخبر المريض بشيء ينقص مرضه كقول الطبيب أن هذا المرض سهل ولا خوف فيه والقوة قوية، وهذا اليوم بالنسبة إلى الأيام الماضية * جيد (3) إلى غير ذلك لا كما تقوله أطباء هذا الزمان.
3
[aphorism]
قال: قال أبقراط: السمن المفرط لذوي الرياضة خطر لحاجتهم إلى الغذاء المضر بهم ضرورة فيجب أن يبادر إلى استفراغهم بحسب الاحتمال وأن لا يبالغ في كل استفراغ وتغذية.
[commentary]
* أقول (4) : السمن ازدياد حجم اللحم أو الشحم أو هما معا في الأقطار الثلاثة ويقابله الهزال والفرق بينه وبين النمو أنه ازدياد الأعضاء كلها في الأقطار الثلاثة بحسب مقتضى الطبيعة ويقابله الذبول. والمراد بذوي الرياضة مثل الحمالين والمصارعين. والرياضة حركة إرادية تضطر إلى التنفس العظيم المتواتر ولا شك أنها شديدة التسخين سيما رياضة هؤلاء وهي موجبة لانبساط الرطوبات وزيادة حجمها بسبب التسخين وفي ذلك خطر لأنها تضطر إلى انشقاق عرق أو حدوث ضيق نفس أو انصباب الدم إلى بعض الأفضية سيما فضاء القلب إذ ليس في البدن تجويف تفضي إليه العروق التي يسبح فيها الدم إلا تجويف القلب. قوله "لحاجتهم" أي لكثرة حاجة ذوي الرياضة إلى الغذاء الكثير بسبب كثرة التحليل، والغذاء الكثير مضر بهم ولا ينفذ في عروقهم لضيقها وفرط امتلائها فيفسد ويفسد الأخلاط فحينئذ يجب أن يبادر إلى استفراغ هؤلاء لغرضين أحدهما الأمن عما ذكر، وثانيهما تمكن البدن من استعمال * الأوردة (5) فلا يعرض إفساد، وأن لا يبالغ في استفراغ هؤلاء إلى حد الإفراط لئلا يلزم خروج كثير من الأرواح، وأن لا يبالغ في التغذية بعد الاستفراغ لئلا تخور القوة مع ضعفها بالاستفراغ إذا حمل عليها أكثر مما تحتمله PageVW2P004A ويمكن أن يكون PageVW0P003A معناه عاما ليشمل هؤلاء وغيرهم من الأصحاء والمرضى ويشمل أنواع الاستفراغات.
4
[aphorism]
قال: قال أبقراط: التدبير البالغ في اللطافة مذموم في الأمراض المزمنة وكذا البالغ فيها إلى القصوى في الحادة إذا لم يحتمله المريض.
[commentary]
أقول: الأمراض جمع المرض. وهو هيئة غير طبيعية تصدر عنها بالذات آفة في الفعل وجوبا أوليا. وهو ينقسم إلى حاد ومزمن، فالحاد ما اشتمل على خطر مع قلة زمانه وقيل هو الذي يكون مع سرعة انقضائه عظيم الخطر ولذلك لا تكون الحمى اليومية مرضا حادا. والمزمن ما يكون زمانه طويلا أعم من أن يكون مع خطر أو لا. والمرض الحاد له امتداد وينمى بين الإفراط والتفريط فالحاد في الإفراط حاد في الدرجة الأولى وفي التفريط حاد في الدرجة الرابعة وإلى الإفراط حاد في الدرجة الثانية وإلى التفريط حاد في الدرجة الثالثة. والحاد في الأول ينقضي في الدور الأول من الرابوعات أي ينقضي إلى اليوم الرابع من المرض والحاد في الثانية ينقضي في الدور الأول من السابوعات أي تكون غايته سبعة أيام، والحاد في الثالثة ينقضي في البحران الثاني من السابوعات أي غايته أربعة عشر يوما، والحاد في الرابعة ينقضي في الثالث منها أي غايته عشرون يوما. وأما الأمراض التي تنقضي فيما بين عشرين وأربعين فهي من المتوسطات بين الحاد والمزمن، ومآل الجميع إما إلى البرء أو العطب. وقد علم بذلك أن المرض المزمن هو الذي يكون ابتداؤه من الأربعين أعم من أن يكون انقضاؤه إلى البرء أو العطب. والتدبير في اللغة PageVW2P004B التصرف والأطباء يطلقونه على معنيين أحدهما التصرف في الأسباب الضرورية لأنها أولى بأن يتصرف فيها، وثانيهما التصرف في الغذاء PageVW0P003B من جهة ما يقلل ويكثر ويلطف ويغلظ لأنه أولى بأن تتصرف فيه من باقي الضروريات وهذا مراد أبقراط ههنا. والغذاء أربعة: اللطيف البالغ في اللطافة كالفراريج ومرقة اللحم للأصحاء والسويق وماء الشعير المتوسط للمرضى، واللطيف البالغ في اللطافة إلى الغاية القصوى كأمراق الدجاج وأطراف الفراريج للأصحاء والجلاب وماء الشعير الرقيق للمرضى، واللطيف جدا كالدجاج وأطراف الأجدية للأصحاء وأمراق الفراريج وثخين ماء الشعير للمرضى، واللطيف مطلقا كلحم الجداء وأطراف الضأن للأصحاء وأطراف الفراريج للمرضى. إذا ثبت هذا فنقول الغذاء البالغ في اللطافة مذموم في جميع الأمراض المزمنة لأن موادها غليظة عسرة الانفعال محتاجة إلى تعب الطبيعة فلا تتمكن من دفعها إلا إذا كانت القوة قوية جدا وهذا لا يمكن إلا في مدة طويلة والقوة لا تفي بها إلى المنتهى مع التدبير البالغ في اللطافة فلا جرم صار فيها رديئا. قوله "وكذا البالغ" إلى آخره أي كذلك التدبير البالغ في اللطافة إلى القصوى في الأمراض الحادة أيضا رديء إذا لم يحتمله المريض أي إذا لم يحتمل أن يبقى به عند المنتهى وافية تدفع المرض ومتى احتمل المريض فالأولى به التدبير المذكور بخلاف التدبير في حال الصحة فإنه أكثر ضررا لأن قوى الصحيح متوفرة، وإنما لم يشرط هذا الشرط في الأمراض المزمنة لأنه لا يوجد فيها ما تحتمل فيه القوة التدبير البالغ في اللطافة.
5
[aphorism]
قال: قال أبقراط: التدبير اللطيف أكثر ضررا مطلقا في PageVW2P005A أكثر الحالات مما هو أغلظ منه قليلا.
[commentary]
* أقول (6) : التدبير اللطيف ضرره أكثر مطلقا أي في الأصحاء والمرضى في أكثر الأحوال مما هو فيه قليل غليظ كالباقين، وإنما قال قليلا لأنه إذا كان كثيرا لا يجوز في أكثر الحالات، وقيد بقوله في أكثر الحالات PageVW0P004A لأن بعضهم واقع في الأمراض المزمنة وبعضهم في الحادة وبعضهم في المتوسطة بينهما. ولا تحتمل القوة فيه هذا التدبير اللطيف ولا شك أن التدبير اللطيف مضر للجميع سيما في الأصحاء فإن قلت قد علم من الفصل المتقدم أن التدبير اللطيف والبالغ في اللطافة مذموم وعلم هذا الحكم من هذا الفصل أيضا، وأحد الفصلين مغن عن الآخر ففيه تكرار، قلت التكرار مندفع لوجهين أحدهما أن التدبير ههنا بمعنى التصرف في الستة الضرورية وثم مختص بالغذاء وثانيهما أن هذا الفصل مختص بالتدبير اللطيف وذلك بالتدبير البالغ في اللطافة وأحدهما غير الآخر.
6
[aphorism]
قال: قال أبقراط: أجود ما في القصوى من المرض التدبير المقابل له.
[commentary]
أقول: أجود التدبير في المرض * الحاد (7) الذي في الغاية القصوى من اللطافة وذلك لأن المرض إنما يكون كذلك إذا كان ينقضي في الرابع وإذا كان كذلك لا تخاف فيها من انحلال القوة لقرب المنتهى.
7
[aphorism]
قال: قال أبقراط: في المرض الحاد جدا تظهر علامات قوة المرض في الأول وبحسب لينه يغلظ التدبير وفي المنتهى يترك الغذاء.
[commentary]
أقول: العلامات والأعراض والدلائل بمعنى واحد عرفوها بأنها هي التي تكون تابعة للمرض وفي عرف الأطباء عبارة عن ضرر الفعل لكن يختلف باعتبارات فإنه يسمى دليلا بالنسبة إلى الطبيب وعرضا بالنسبة PageVW2P005B إلى المرض وعلامة بالنسبة إليهما. والحق أن العلامة أعم من العرض لأن العلامة تكون للصحة والمرض بخلاف العرض فإنه لا يكون إلا للمرض. وإن العلامة عند المحققين أعم من الدليل أيضا، وعند الأطباء لا فرق بينهما. والأول يقال على معنيين أحدهما المبدأ الذي لا جزء له وهو أول الإحساس بظهور المرض، وثانيهما الأيام الثلاثة من ظهور المرض والمراد ههنا الثاني دون الأول. والغذاء اللطيف ما من شأنه عند فعل حرارتنا فيه أن يحصل منه دم رقيق في البدن والغليظ ما يقابله أي يحصل منه دم متين. ومعنى الفصل أن في المرض الحاد إذا ظهر من ابتداءه العلامات التي تدل على النضج وتنذر بالبحران يجب تلطيف الغذاء في الغاية القصوى لتشتغل الطبيعة بمقاومة المرض ولا تشتغل بالغذاء. وبحسب لين المرض يغلظ التدبير، أي وإن لم يكن المرض في الغاية القصوى PageVW0P004B لكن دونها فيجب أن تغلظ بحسب ذاك وفي المنتهى ترك الغذاء لتشتغل الطبيعة بالمقاومة.
8
[aphorism]
قال: قال أبقراط: لينظر أقوة المريض تبقى إلى المنتهى أم لا.
[commentary]
أقول: يجب على الطبيب أن ينظر أن قوة المريض توافي إلى أن ينتهي المرض أو لا فإن كان الأول يدبر بالغذاء اللطيف، وإن كان الثاني غلظ التدبير. لأن إعطاء الغذاء لبقاء القوة لا لدفع المرض فمتى علم أنها تبقى إلى المنتهى ينبغي أن يمنع الغذاء أو يقلل لئلا يكون وبالا على الطبيعة. وقد شبه قوة المريض بالحمال وقوة المرض بالحمل الذي يحمله ومدة المرض بالمسافة التي يسلكها حاملا للثقل. ومن البين أن القوة متى كانت متوفرة بحيث تشتغل بالحمل PageVW2P006A طول المسافة بلغ المقصد وإلا فلا.
9
[aphorism]
قال: قال أبقراط: في الحمى الدائرة يترك الغذاء في النوبة لإضراره فيها إلا عند الضرورة. وعند مغص أو غثي يستفرغ.
[commentary]
أقول: الحمى حرارة غريبة تنبعث من أوعية الروح إلى جميع البدن وهي إما دائمة أو دائرة وتسمى ذات النوبة. وسبب دوامها حصول المادة في داخل العروق وكثافة محل المادة وسريان العفونة إلى ما يجاورها وشدة اتصالها بالقلب وسبب دورها مقابلات ذلك. والحمى الدائرة لا تكون إلا عفنية، والحمى الدموية تكون دائمة * أبدا، والصفراوية والبلغمية والسوداوية قد تكون دائمة (8) ودائرة، والمغص وجع في الأمعاء والغثي حالة للمعدة يتقاضى بها التحريك إلى الدفع والمعنى أن ترك الغذاء في الحمى العفنية واجب في وقت النوبة لأن الحرارة الغريزية تنغمر في وقت النوبة بسبب الحرارة العفنية ورطوبة الخلط والغذاء يزيدها الانغمار * ويزيد (9) في مادة العفونة فيزيد في السبب إذ الطبيعة تشتغل بالغذاء عن دفع مادة المرض وإنما قال في النوبة لأن في غير النوبة حكمه ما ذكر في الفصل المتقدم. قوله "إلا عند الضرورة" أي إلا أن يكون المريض ضعيفا أو غير صابر أو غير معتاد للجوع فحينئذ يرخص بالغذاء اللطيف في وقت النوبة وإذا كان به مغص أو غثي يستفرغ بالمسهل اللين أو بالقيء.
10
[aphorism]
قال: قال أبقراط: الغذاء الرطب ينفع المحموم سيما رطب المزاج والمعتاد له.
[commentary]
أقول: الغذاء الرطب هو الذي إذا ورد على البدن وانفعل عن الحار الغريزي الذي فيه جعل البدن أرطب مما ينبغي. وإنما PageVW0P005A ينفع المحموم لأنه يضاد الحمى لأنها حرارة غريبة نارية PageVW2P006B يابسة فينفع. ولأن الأغذية الرطبة سريعة الاستحالة إلى الخلط الذي يرطب البدن بالتغذية سيما رطب المزاج أي ينفع من تكون أمزجتهم رطبة بالطبع أو بالاكتساب مثل من تعود أن يغتذي بالأغذية الرطبة وإنما ينفعهم بالمشاكلة لأن حفظ هذه الأمزجة بالمشاكلة والمشابهة.
11
[aphorism]
قال: قال أبقراط: ليغذ بعض المرضى مرة، وبعضهم مرتين قليلا أو كثيرا وبحسب الوقت الحاضر والعادة والسن
[commentary]
أقول: أشار في هذا الفصل إلى كمية الأغذية واعلم أن مراعاة مرات الغذاء في الأصحاء والمرضى واجبة وهي تنقسم إلى تسعة أقسام لأن حال القوة الهاضمة لا يخلو إما أن تكون قوية أو متوسطة أو ناقصة وحال مادة البدن زائدة أو متوسطة أو ناقصة فيكون تسعة أقسام:
١- هو أن تكون القوة الهاضمة قوية والبدن ممتلئا يدبر بالغذاء الكثير المقدار القليل التغذية والعدد. أما كثرة مقداره فلتشتغل المعدة وتسكن الشهوة وأما قلة تغذيته فلئلا يفرط الامتلاء وأما قلة عدده فلقوة القوة الدافعة بالمرة الواحدة.
٢- أن تكون الهاضمة ضعيفة والبدن ممتلئا فتقلل مقدار الغذاء والتغذية ومراته لضعف القوة.
٣- أن تكون الهاضمة متوسطة والبدن ممتلئا، يقلل التغذية بشرط أن تكون متوسطة في المقدار والعدد وذلك ظاهر.
٤- أن تكون القوة الهاضمة قوية والبدن * خاليا (10) من الغذاء، يكثر المقدار والتغذية والعدد لأجل الحاجة مع التمكن من الهضم.
٥- أن تكون الهاضمة ضعيفة والبدن * خاليا (11) من الغذاء، يقلل مقدار الغذاء لضعف القوة ويجب PageVW2P007A أن يكون كثر التغذية لأجل الخلاء وكثير العدد لتتمكن القوة من استعمال الواجب في مرات كثيرة.
٦ - أن تكون الهاضمة متوسطة والبدن * خاليا (12) من الغذاء، يجب أن يعطى الغذاء الكثير التغذية وأن يكون معتدلا في المقدار والعدد، أما تكثيره فلقدرة القوة على الهضم وأما اعتدال مقداره وعدده فظاهر.
٧- أن تكون الهاضمة متوسطة والبدن خاليا من الامتلاء، يعدل المقدار ويكثر التغذية والمرات.
٨- أن تكون الهاضمة ضعيفة والبدن متوسطا في الامتلاء، يقلل المقدار ويعدل التغذية والمرات.
٩- أن تكون الهاضمة متوسطة والبدن متوسطا في الامتلاء، تعدل التغذية والمقدار والمرات.
وقوله "وبحسب الوقت الحاضر" * أي كذلك يختلف مقدار الغذاء أو مراته بحسب الوقت الحاضر (13) من أوقات السنة، أي يختلف باختلاف الفصول وبحسب العادات وبحسب الأسنان PageVW0P005B وما أشبه ذلك. أما الربيع فيكثر فيه الغذاء لانبساط المواد والهضم فيه قوي لاعتدال المزاج واعتدال الهواء فيه فيغذى بالغذاء الكثير المقدار والقليل العدد والتغذية. أما الصيف فيضعف الهضم فيه لقلة الحار الغريزي في الباطن وكثرة التحليل فيه وكثرة حرارة الهواء فيجب أن تقلل مقدار الأغذية فيه ويزاد في تغذيتها وعددها. وأما في الشتاء فبعكس الصيف فينبغي أن تكثر مقدار الغذاء بشرط أن يكون قليل التغذية والمرات. وأما الخريف فيضعف فيه الهضم لاختلاف هوائه ولتقدم تحليل الصيف والمواد متوسطة التحليل فتقلل مقدار الغذاء و يتوسط في تغذيته ومراته وكذا بحسب الأسنان يختلف مقدار الغذاء ومراته PageVW2P007B أما الصبيان مع قوة هضمهم ورطوبتهم الأصلية يحتاجون إلى النمو فينبغي أن يكون بحسب المقدار والمرات والتغذية كثيرة. وأما الشبان مع قوة نبضهم واعتدال رطوبتهم فيحتاجون إلى كثرة المقدار ويعدل في التغذية والمرات. وأما الكهول مع أنهم متوسطون في الهضم وفي الامتلاء فيعدل فيهم مقدار الغذاء والتغذية والمرات. وأما المشايخ مع ضعف هضمهم فيعطون الغذاء القليل المقدار كثير التغذية والمرات. وكذا حكم البلاد حكم الفصول فإن البلاد الشمالية حكمها حكم الفصول الباردة والجنوبية حكمها حكم الحارة، وعلى هذا قس حكم العادات كمن يعتاد أن يأكل في يوم وجبة أو وجبتين أو وجبات.
12
[aphorism]
قال: قال أبقراط: يدل على نوائب المرض ومرتبته نفسه والفصول وتزيد الأدوار وما يظهر بعد كسرعة النفث الدال على القصر في ذات الجنب
[commentary]
أقول: الأشياء التي يستدل بها على مراتب الأمراض من الحدة والزمانة والتوسط بينهما أربعة اشياء: أحدها نفس المرض، وثانيها فصول السنة، وثالثها تزيد أدوار المرض أي من اشتداد نوائبها، ورابعها مما يظهر بعد أي من الأشياء التي تظهر من بعد أي يستدل من حالة واقعة في وسط زمان المرض. فإن هذه الأربعة من لوازم المرض الخلطي ولا شك أنه يلزم من وجود الملزوم وجود اللوازم ومن انتفائه انتفاؤها. وأما الاستدلال من نفس المرض فمثل الغب يدل على أنها صفراوية خارج العروق تنوب يوما وتفتر يوما، والمحرقة تدل على أن مادتها صفراوية داخل العروق هي من الحميات الحادة وانتهاؤها قريب وتشتد غبا، والمواظبة PageVW2P008A من البلغمية النائبة تنوب كل يوم وتشتد في بعض أوقات اليوم، والربع PageVW0P006A تنوب يوما وتفتر يومين وانتهاؤها بعيد، والمركبة من البلغمية والصفراوية تدل على أن انتهاءها متوسط ويختلف ذلك بحسب نظام المرض فيكثر الغذاء إذا كان وقت النوبة بعيدا، و يقلل أو يمنع في وقت النوبة. وأما الاستدلال من الفصول فإن العلل الربيعية والصيفية على الأكثر سريعة الانقضاء، والشتوية بالضد والخريفية كالمتوسطة. وأما الاستدلال من تزيد الأدوار فإن اشتداد النوائب يدل على حدة نوبة المرض ومرتبته لأن زيادة تفاوت النوبة تدل على سرعة انقضاء المرض وحدته، وقلة ذلك تدل على بلادة حركة المرض فيظهر أن اشتداد النوائب يدل على مرتبته سواء كانت النوائب في كل يوم كما في الحمى النائبة أو تدور في يوم وتفتر في يوم كالغب، أو تفتر يومين وتنوب في يوم كما في الربع، أو أكثر كما في الخمس والسدس. وفتور النوبة يدل على زمانة وكلما كان مادته أغلظ كان زمانه أكثر. وأما من الأشياء التي تظهر من بعد سميت بذلك لأنها لا تظهر من أول المرض فمثل علامة النضج الدالة على سرعة الانقضاء ومنها ما يدل على نضج مادة مختصة لعضو مخصوص كدلالة سرعة النفث في ذات الجنب على قصر المرض لأنه إنما تكون لقوة القوة وسهولة انتقال المادة فيكون اندفاعها لا محالة سريعا وإن تأخر النفث كان المرض طويلا بضد ذلك.
13
[aphorism]
قال: قال أبقراط: أحمل الناس للجوع الشيخ لقلة حاره الغريزي وانطفائه بالكثير من الطعام ولهذا لا تكون حماه حادة، ثم الكهل ثم الفتى ثم الصبي لكثرة حاره الغريزي سيما قوي الشهوة PageVW2P008B
[commentary]
أقول: قيل المراد بالجوع الإمساك عن الطعام مدة طويلة PageVW0P006B وبهذا المعنى لا يصدق على الشيخ أنه أحمل الناس للجوع لأنه لا يحتمل تأخر الغذاء لضعف قوته، وكأنه يراد بالجوع الاكتفاء بالغذاء اليسير والشيخ أحمل لذلك لقلة ما يتحلل من بدنه وضعف حرارته. قوله "ولهذا لا تكون حماه حادة" لأن الرطوبة الفضلية في بدنهم كثيرة تقاوم حرارة الحمى والحرارة الغريزية فيهم قليلة بخلاف أبدان غيرهم. ولا شك أن الغريزية القوية والحرارة الغريبة تزيد في حماهم. واعلم أن الأسنان أربعة لأن البدن لا * يخلو (14) إما أن يكون يتزايد في الأقطار الثلاثة والقوة أزيد من المتحلل أي تكون الرطوبة الغريزية وافية بحفظ الحرارة الغريزية وبالزيادة وهو في الإنسان بحسب غالب أفراده قريب من ثلاثين سنة ويسمى سن النمو، أو متناقصا أي القوة أنقص من المتحلل فلا * يخلو (15) إما أن يكون نقصانه غير بين أي غير محسوس أو بينا محسوسا: والأول سن الكهولة وهو من أربعين إلى ستين سنة والباقي سن الشيخوخة ويسمى سن الذبول أيضا لأن البدن يذبل فيه وهو من ستين سنة إلى أن يتلاشى، أو لا يكون متناقصا ولا متزايدا وهو من ثلاثين سنة إلى خمس وثلاثين أو إلى أربعين سنة ويسمى سن الوقوف. وسن النمو على خمس مراتب: سن الطفولة وهي من ابتداء السقوط إلى استعداد النهوض، وسن الصبى وهي من النهوض وقبل الشدة، والترعرع وهي من الشدة إلى الرهاق، والغلامية وهي من الرهاق إلى أن يبقل الوجه إن كان ممكنا. وسن الفتى وهي من الغلامية إلى آخر سن النمو. وسن الصبى يطلق على معنيين أحدهما ما ذكر والثاني PageVW2P009A من ابتداء السقوط إلى أول سن الفتى وهو مراد المصنف ههنا. واعلم أن المشايخ مع عدم نموهم أقل تحليلا PageVW0P007A من غيرهم لقلة حارهم الغريزي، ولا يضر بهم الجوع بل ينفعهم أحيانا لكثرة رطوبتهم الفضلية والجوع يحللها لكن الإمساك عن الغذاء مضر بهم كما ذكرنا بل يحتاجون إلى الغذاء اليسير متتابعا كالسراج الذي قارب الانطفاء فإنه يمدد باليسير من الدهن متتابعا لئلا ينطفئ. قوله "سيما قوي الشهوة" أي من الصبيان فإن الجوع مطلقا يضرهم فكيف مع وجود الشهوة فإنه يؤدي إلى الذبول. والحق أن الجوع المفرط مضر في جميع الأبدان. فإن قلت ما الفرق بين الحرارة الغريزية والحار الغريزي قلت أن الغريزي جوهر والغريزية عرض، ويطلق كل منهما على الآخر مجازا. والحرارة جنس تحته أربعة أنواع أحدها الحرارة النارية، وثانيها الحرارة المستفادة من تأثير الكواكب، وثالثها الحرارة التي توجبها الحركة، ورابعها الحرارة الموجودة في الحيوان وهذه الحرارة توجد في الروح الحيواني وهي الغريزية لأن هذه الحرارة تفاض على البدن عند تعلق النفس لتكون آلة لها وينسب إليها كدخدائية البدن وسماها أفلاطن بالنار الإلهية واختلفت الآراء فيها. قيل هي مزاج البدن كله وقيل هي مزاج الروح وقيل أنها الحرارة النارية العنصرية المستفادة من المزاج، ورأى العظيم أرسطو أن هذه الحرارة مغايرة بالنوع والحقيقة لباقي الأقسام وأنها يستفيدها المركب بالفيضان عليه كما تفاض النفس. والله تعالى أعلم بحقائق الأمور.
14
[aphorism]
قال: قال أبقراط: الجوف في الشتاء والربيع أسخن، والنوم أطول لكثرة الحار الغريزي فيهما. فليغذ أكثر كما في الصريع. والصيف PageVW2P009B والخريف يخالفهما.
[commentary]
أقول: الجوف لغة التقعير وفي اصطلاح الأطباء يطلق على معنيين أحدهما الجوف الأعلى وهو الفضاء الذي يحده من فوق الترقوة PageVW0P007B ومن أسفل الحجاب الحاجز ومن قدام القس ومن خلف فقرات الصدر وهو حاو لآلات النفس ويسمى التنور الأعلى والصندوق الأعلى والبطن الأعلى أيضا. وثانيهما الجوف الأسفل ويحده من فوق الحجاب الحاجز ومن خلف فقرات القطن والعجز ومن قدام الصفاق والمراق والثرب ويسمى البطن الأسفل والصندوق الأسفل والتنور الأسفل وهو حاو لآلات الغذاء. والربيع بحسب آراء الأطباء هو من ابتداء نشوء النبات كله إلى اشتداد الحر وربما يتقدم على الربيع النجومي وربما يتأخر عنه بقليل والخريف من ابتداء تغير الورق أجمع إلى اشتداد البرد وما بينهما صيف وشتاء. وكأن المراد بالربيع ههنا أوائله لكونها باردة شبيهة بالشتاء لا * أواخره (16) فإنها حارة شبيهة بالصيف، فإن أوائل كل فصل شبيهة بأواخر الفصل الذي قبله. وإنما كان الجوف في الشتاء أسخن لأن البرد الخارجي يكثف الجلد ويمنع الحرارة الغريزية من التحليل الكثير ويمنع تحلل البخارات الحارة التي تتحلل من المسام والنوم أطول لطول الليل الجالب للنوم بظلمته ومنعه من التصرفات البصرية وكثرة الرطوبة الهوائية والبدنية وزيادة الدم وكثرة الهضم والغذاء في هذين الوقتين. قوله "فليغذ أكثر" لأن الحاجة إلى الغذاء إنما هي بمقدار الحرارة الغريزية ولا شك أن الحرارة الغريزية إذا كانت أكثر كان الهضم أقوى والاحتياج إلى الغذاء أوفر وتقليل الغذاء يوجب التحليل الكثير بحسب كثرة PageVW2P010A الحرارة والصريع من صيغ المبالغة بمعنى المصارع. هذا استشهاد على أن الحاجة إلى الغذاء إنما هي بمقدار الحار الغريزي والصريعون لكثرة رياضتهم وتكاثف جلودهم حارهم الغريزي أكثر فهم إلى كثرة الغذاء أحوج من غيرهم والصيف PageVW0P008A والخريف تخالف الشتاء والربيع بضد ما ذكرناه فيهما.
15
[aphorism]
قال: قال أبقراط: المستفرغ إن كان مما ينقى منه البدن سهل احتماله وإلا فلا. وكذا إخلاء العروق.
[commentary]
* أقول (17) : الاستفراغ حركة مادة من المواد البدنية إلى الخارج. مهما استفرغ من البدن شيء وكان من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن فينتفع بخروجه سواء كان بالطبع أي من تلقاء نفسه أو بالصناعة، سهل احتماله سواء كان من مخرج طبيعي محسوس كما في الاستطلاق أو غير محسوس كما في العرق أو غير طبيعي وهو منفذ طبيعي كما عند القيء أو ليس كذلك كما عند الفصد إذ لو كان غير ذلك النوع عسر احتماله. قوله "وكذا خلاء العروق" فيه نوع تكرار لأن كل واحد من المستفرغات يلزمه خلاء العروق اللهم إلا أن يراد بالخلاء الاستفراغ الصناعي وبالمستفرغ الطوعي أو بالعكس.
16
[aphorism]
قال: قال أبقراط:ليراع في الاستفراغ دون كثرة الخلط قوة المريض وحيث يجب فإلى الغشى.
[commentary]
أقول: يجب أن يراعى في الاستفراغات قوة المريض مطلقا لا كثرة الخلط سواء كان الامتلاء بحسب الأوعية أو بحسب القوة أو بهما لأن المقصود بالذات من المعالجة رعاية حفظ القوة ومتى وجب الاستفراغ فينبغي أن يستفرغ إلى وقت حد الغشي ويريد به الغشي العارض عن كثرة الاستفراغ متى كان المريض محتملا له. وأما إذا لم يكن كذلك كمن يعسر عود قوته بعد الغشي فلا ينبغي أن تفعل معه ذلك خصوصا وكان ضعيف القلب.
17
[aphorism]
قال: PageVW2P010B قال أبقراط:يعالج لا في النهوة إلا في نادر مرض مهياج بعد تعديم تدبير.
[commentary]
أقول: أراد بالعلاج هنا الاستفراغ. والنهوة الفجاجة أي لا تستفرغ PageVW0P008B مواد الأمراض المادية في زمان الفجاجة بل تستفرغ بعد النضج والنضج ههنا هو إحالة الحار الغريزي الجسم ذا الرطوبة إلى موافقة الغاية المطلوبة وهي أن يصير بحيث يصلح أن يندفع وذلك بأن يعتدل قوامها أي لا يكون رقيقا ولا غليظا. قوله "إلا في مرض مهياج"، المرض المهياج هو الذي مواده شديدة الحركة من عضو إلى آخر. وإذا كانت المواد رقيقة وجب المبادرة إلى الاستفراغ لأن الرقيق أسرع انفعالا وأسهل حركة خصوصا إذا كان مع ذلك في تجاويف العروق فيكون جريانها بالأدوية أسهل. والمراد بتقديم التدبير ترك الغذاء فإنه في الجملة تدبير. واعلم أن مواد الأمراض المزمنة يجب أن تستفرغ بعد النضج وأما الأمراض الحادة فالأكثرون على أن انتظار النضج أيضا فيها أولى خصوصا إذا كانت المادة في تجاويف المفاصل أو داخلة في الأعضاء أو بعيدة كما إذا كانت بقرب الجلد أو عقب اللحم.
18
[aphorism]
قال: قال أبقراط:ليستفرغ الخلط مما هو إليه أميل بالعضو الصالح له.
[commentary]
أقول: هذا الفصل مشتمل على قانونين:
الأول
وجوب استفراغ المواد من الجانب الذي هي إليه مائلة، كما إذا كانت المواد في محدب الكبد فبإدرار البول وإن كانت في مقعرها فبالإسهال وتستفرغ مادة الغثيان بالقيء ورمل الكلية والمثانة بالإدرار والمغص بالإسهال لأن استفراغ المواد من الجهة التي هي ميلها إليها أسهل وأقل مشقة على الطبيعة لحركة المواد بالطبع إلى تلك الجهة لكن تجب PageVW2P011A مراعاة شرائط:
1. أن PageVW0P009A لا يتضرر عضو رئيس بمرور المادة عليه كما لو مالت الصفراء في الحميات الصفراوية إلى الدماغ، منعت بالإسهال لا بالتعطيس لئلا يتضرر الدماغ.
2. أن لا يتضرر عضو شريف كما لو مالت نزلة الدماغ إلى الصدر جذبناها إلى الأنف ولا نستفرغها بالنفث خوفا من تضرر الرئة.
3. أن لا يتضرر عضو ذكي الحس كما لو مالت مواد الرأس إلى العين جذبناها إلى نقرة القفا بالمحاجم ولا نستفرغها بالدمع.
القانون الثاني
هو قوله "بالعضو الصالح له" أي ينبغي أن تستفرغ المواد من العضو الذي يصلح * لاستفراغها (18) لأن ما لا يصلح لذلك لا يكون خروج المادة منه سهلا والصلاحية تتم بأمور أحدها مشاركة العضو للمستفرغ منه، وثانيها قرب المشاركة للاستفراغ كما تستفرغ مواد الكبد من الباسليق الأيمن لا من القيفال، وثالثها أن يكون العضو المخرج منه أخس وأصبر على مرورها وخاليا عن مرض يخشى ازدياده، ورابعها أن لا يكون خروج المادة من هناك مباينا للأمر الطبيعي فلا تستفرغ مادة الحصاة إلى فوق ومواد الأمعاء من المثانة مع أنهما متقاربان في المكان. ولو قال بدل قوله "ليستفرغ الخلط" "لتستفرغ المادة" ليكون شاملا للمواد الستة الموجبة لسوء المزاجات والأورام لكان أولى.
19
[aphorism]
قال: قال أبقراط:من أتاه أو يأتيه البحران كاملا لا تحرك بمسهل وغيره.
[commentary]
أقول: كل مرض ذي بحران إن وقع فيه البحران الكامل لا تحرك مادة المرض بمسهل وغيره من المستفرغات لأن البدن قد نقي نقاء ما على أحسن الوجوه وأوفقها ولأن البحران إن كان جيدا فلا حاجة إلى تحريكها أصلا خصوصا بالاستفراغ لأن استفراغها إن كان موافقا لاستفراغ الطبيعة أفرط وأضعف PageVW2P011B المريض وإن كان PageVW0P009B مخالفا له شوش فعل الطبيعة وإن كان البحران رديئا * كانت (19) البلية مضاعفة بالاستفراغ واعلم أن البحران في لغة اليونانيين الفصل في الخطاب والمحاربة والاضطراب ورسموه بأنه تغير بدني يتبع المخاصمة بين الطبيعة ومادة المرض أولا وهو إنما يكون في الأمراض المادية ولا * يخلو (20) إما أن يكون سريعا أو بطيئا أو متوسطا بينهما وكل منها مآله إلى البرء أو العطب فتكون ستة:
١. البحران الجيد السريع إلى البرء وهو الكامل الجيد ويكون في منتهى المرض الحاد بعد النضج التام إذا كانت القوة قوية والمادة رقيقة طائعة والبدن * متحللا (21) .
٢. البحران السريع إلى العطب وهو الكامل الرديء ويكون أيضا في المرض الحاد ومآله بالضد من ذلك.
٣. البحران * الجيد البطيء (22) إلى البرء ويكون في الأمراض المزمنة بأن تستولي الطبيعة على المادة استيلاء ما ويدفعها على سبيل التدريج ويسمى بالتحلل.
٤. البحران البطيء إلى العطب وهو أيضا في الأمراض المزمنة بأن يستولي المرض على الطبيعة ويسمى بالذبول.
٥. المركب من السرعة والبطء يؤول إلى البرء ويسمى البحران المركب الجيد وهذا إنما يكون في الأمراض المتوسطة بين الحاد والإزمان.
٦. البحران المركب الرديء مآله إلى العطب.
والبحران إذا دفع المواد إلى غير محلها وأحدث مرضا آخر سمي بحرانا انتقاليا. وأحمد الانتقالات ما بعد عن الرؤساء والأعضاء الشريفة ومال إلى أسفل البدن أو إلى ظاهره وأرداها بالعكس.
المقالة ٢
1
[aphorism]
قال قال أبقراط: نوم المريض إن أضر دل على الموت. وإن نفع أو سكن اختلاط الذهن فحسن.
[commentary]
أقول: النوم ترك النفس استعمال PageVW2P012A الحواس طلبا للراحة. والطبيعي منه إنما يكون PageVW0P010A من رطوبة الدماغ المعتدلة بسبب وصول بخارات رطبة صافية حيدة من البدن إلى الدماغ فتستر في جوهر الأعصاب ويتكاثف مسالكها وتغلظ الأرواح النفسانية لما يخالطها من تلك الأبخرة فتمنع من النفوذ فيها لغلظها وضيق المنافذ ويتبع ذلك سكون الحواس والحركات أجمع. والنفس أيضا ترك استعمالها طلبا للراحة عما نالها من التعب باستعمال هذه الآلات. وفيه فائدة بأن قلة التحليل تسبب عدم الإحساس وإيراد بدل ما يتحلل. ومن هذا قيل النوم تعم المقوي للقوى الطبيعية كلها. إذا تقرر هذا فنقول: النوم إن أحدث في المرض ضررا أي وجعا أو ازدياد علة يكون ذلك من علامات الموت لأن الحاد الغريزي يجتمع بأسره في وقت النوم إلى الباطن. وإذا كان عند اجتماعه لا يقدر على قهر سبب المرض وتسكينه. فإنه يدل على العطب فكيف إذا أحدث وجعا أو مرضا آخر. وإن نفع النوم اختلاط الذهن فليس ذلك من علامات الموت ليس معناه أنه يدل على السلامة بل أنه لا يدل على الشر. ولهذا قال فحسن.
2
[aphorism]
قال قال أبقراط: أي نوم * ذي (1) وق جاوز الطبيعي فرديء، وكذا الجوع والعطش.
[commentary]
* أقول (2) : الأرق والسهر مترادفان وهو إفراط في اليقظة وخروج عن الأمر الطبيعي. وكل واحد من النوم واليقظة والجوع والعطش إذا جاوز المقدار الطبيعي أي المعتدل فهو رديء. أما الأرق فلأنه يحلل الروح جدا ويعجز عن الوفاء بحفظ القلب فتضعف القوة الحيوانية والطبيعية وتتفرق الحرارة الغريزية وتصعد الأبخرة الحادة إليه ويشوش PageVW2P012B PageVW0P010B . وأما النوم المفرط فلأنه يرخي القوة النفسانية ويكدر الأرواح ويبرد ظاهر البدن. وأما الجوع المفراط فلفرط إحراق المعدة الغذاء أو لبرد المعدة بسبب غلبة السوداء أو بسبب كثرة حرارة الكبد. وأما العطش هو عبارة عن افتقار الطبيعة إلى الأشياء الباردة الرطوبية. وقيل هو امتناع عن الماء لأنه محرق للأخلاط ومانع عن ترقيق الغذاء وتبد رقة أو اغتسال الأعضاء من انتعاش الحرارة الغريزية. ولا شك أن هذه كلها رديئة منافية للاعتدال المستلزم للصحة.
3
[aphorism]
قال قال أبقراط: الإعياء بلا ظهور سبب بمرض.
[commentary]
اقول: الإعياء كلال يعرض للقوة المحركة للأعضاء المتحركة بالإرادة بعجز من رفعها الثقيل إلى فوق وحطها الخفيف إلى أسفل وهو في بالأكثر يكون في العضلات والمفاصل. وسببه انجذاب الفضول إليها بسبب الحركة. وهو أنواع قروحي ورياضي وتمددي وورمي والذي لا يعرف سببه وهو أردأ أصنافه، وهو منذر بمرض سيحدث لأن ألم الإعياء يدل على خلط رديء.
4
[aphorism]
قال قال أبقراط: من لا يحس بوجعه في الأكثر فعقله مختلط.
[commentary]
اقول: أقول: الوجع هو الإحساس بالمنافي من حيث هو مناف. وإنما قلنا من حيث هو مناف لأن الشيء المنافي قد يكون له أحوال ملائمة من جهة ما. فإذا أحسن من تلك الجهة التذ به كمن يلتذ بشرب الماء البارد في المرض الذي يضر فيه الماء وكمن يأكل الفواكه الضارة وتسببه سوء مزاج مختلف أو تفرق اتصال غير طبيعي. العقل والذهن كلما قالت الأطباء أرادوا به القوة المفكرة. ومعنى الفصل أن من له شيء من شأنه أن يوجع في ظن الطبيب كجراحة أو PageVW2P013A سوء مزاج مختلف أو ورم حار ونحوها PageVW0P011A ولم يحس المريض بوجعه فعقله مختلط لأن الوجع إذا حدث في البدن ولم يعرفه العقل ولم يدركه الحس فإنه يدل على أنهما قد بطلا. وإنما قال في الأكثر لأن المريض في بعض الأوقات يشتغل بأمر مفرح أو يشتغل عنه بأمر آخر أو كان له وجعان أحدهما أقوى فإنه يحس بالأقوى دون الأضعف.
5
[aphorism]
قال قال أبقراط: من هزل في زمان طويل يسمن بتمهل وبالعكس.
[commentary]
أقول: الهزال عبارة عن نقصان لحم البدن أو شحمه أو هما في الأقطار الثلاثة. والسمن مقابله. معناه أن الذين يهزلون في زمان طويل تذوب رطوباتهم وأعضائهم الأصلية وآلات غذائهم وتحلل قوتهم على سبيل التدريج وجب أن يسمنوا على التدريج أيضا لأن الهزال إنما يكون إذا كان الغاذي أقل من المتحلل. ودوام ذلك مما يصفر القوى سيما الهاضمة. فهذا يتهيأ فعلها في توليد الدم وتوزيعه على الأعضاء إلا في مدة طويلة فوجب أن يعطوا الغذاء قليلا قليلا ولا يعطوا مقدار الحاجة دفعة لأن هاضمتهم ضعيفة فلا تقدر على الهضم دفعة. قوله وبالعكس أي الجماعة التي هزل في زمان يسير يسمن في زمان يسير فإن إعادتها له أي للسمن تكون بسرعة لأن الشيء المتحلل منهم غالبا هو الرطوبة الغريبة والأعضاء الأصلية على حالها لا جرم تسمن بسرعة.
6
[aphorism]
قال قال أبقراط: من نقه ونال من الغذاء فلم يقو فقد حمل عليه ما لا يحتمله وإن لم ينل فلخلط.
[commentary]
أقول: الناقه هو الذي زال مرضه وبقي ضعفه ولم تعد قوته. معناه أن الناقهين إذا ناولوا من الغذاء ولا تقوى به أبدانهم ولا يعودوا غلى حال الصحة التي كانوا PageVW2P013B عليها فذلك يدل على تناول الغذاء أكثر من الاحتياج. فحينئذ يلطف التدبير PageVW0P011B . وإن لم يكن ذلك لكثرة الغذاء فيدل على أن في بندهم خلطا رديئا يحتاج إلى الاستفراغ.
7
[aphorism]
قال قال أبقراط: من تقيئه فهيئ ما تخرجه.
[commentary]
أقول: إن أردت التنقية فهيئ ما يخرجها أي يجب عليك أن تعدل قوامها ليسهل جريانها ويهون على القوة دفعها. وذلك يكون بترقيق الغلظ وتغليظ الرقيق وتقطيع اللزج وتفتيح السدة وتوسيع المسام وترطيب البدن الاستراحة والاستحمام بالماء العذب ثم يشغل بالدواء المستفرغ فحينئذ يكون الاستفراغ سهلا وينتفع به المريض وأمن من الأعراض الرديئة مثل المغص والكرب والفثيان والغشي ويحوها.
8
[aphorism]
قال قال أبقراط: غير النقي يزيده الغذاء شرا.
[commentary]
أقول: البدن الذي ليس بنقي أي يكون فيه أخلاط رديئة كلما غذوته يزيده الغذاء شرا لأن المادة الرديئة تحيل الوارد من الغذاء إلى طبيعتها فيزداد. ولا شك أنه يوجب زيادة الشر ويمنع من تقوية البدن.
9
[aphorism]
قال * قال أبقراط (3) : الامتلاء الشرابي أسهل من الطعامي.
[commentary]
أقول: إنما كان الامتلاء من الشراب أسهل من الطعام لأنها قد اجتمع فيها لطافة الجوهر وحرارة المزاج ورطوبة ورقة القوام. وهذه كلها تعين على الهضم وجودة النفوذ وتكثير الدم وتوزيعه على الأعضاء. ولا شك أن فيها غذائية. وكلما كان الغذاء أفطف كان انفعاله وتحلله وهضمه أسرع وأسهل. وإن كان كثيرا فكان تضرر البدن به أقل.
10
[aphorism]
قال * قال أبقراط (4) : بقية المرض بعد البحران تعيده.
[commentary]
أقول: بقية مادة المرض بعد البحران الناقص تعيد المرض أو تحدث PageVW2P014A مرضا آخر لأن تلك البقية لا تصلح للغذاء فبالضرورة يتعفن ويولد الحمى وخصوصا إذا أضيف إليها غذاء ويتولد منه أخلاط ردئية بسبب المخالطة والمجاورة. وإنما يكون بعد PageVW0P012A البحران الناقص لعجز الطبيعة عن دفع مادة المرض فيه بالكلية بخلاف البحران التام فإن مآله إما غلى الصحة أو العطب كما عرفت.
11
[aphorism]
قال قال أبقراط:المرض في ليلة تسبق البحران صعب ومما بعد سهل.
[commentary]
أقول: صعوبة المرض في هذا الوقت قوية لأن هذا الوقت قريب بوقت المجاهدة من الطبيعة والمرض ووقت الدفع والاضطراب مع أن الصعوبة في الليل يكون أكثر. وإن وقع في النهار أيضا لأن الليل قد جرت العادة فيه بالاستحالة والنوم وقلة التحليل وتوجه الحرارة الغريزية فيه إل داخل البدن بالهضم واشتغال الطبيعة بالدفع لأن الحواس فيه مجتمعة. وهذا لا يختص ببحران دون بحران بل يكون في جميع البحرانات سواء كانت تامة أو ناقصة محمودة أو مذمومة. وسهولته لأجل أعراض الطبيعة عن المجاهدة والمجاورة. أما في البحارين الجيدة فلانتصارها. وأما المذمومة فليأسها من المقاومة.
12
[aphorism]
قال قال أبقراط: اختلاف الألوان فيه حسن والأرديئة.
[commentary]
أقول: اختلاف الألوان البراز في الإسهال أعم من أن يكون بحرانيا أو غير بحرانياحسن لأنه يدل على تنقية البدن الطبيعة من الأخلاط الرديئة المحتاج إلى استفراغها. الأردأ اللون من البراز مثل أن يكون زنجاريا أو صديدا أو خراطيا PageVW2P014B أو ذوبانيا أو شحميا أو دمويا أو من جنس العفونات الاحتراقية كالمرة السوداء. فإن كلها رديئة لأنه يدل على نكاية عظيمة.
13
[aphorism]
قال قال أبقراط: صحي ما يبرز كالجراج والبثور وغيرهما مما يغذى صاحبه، والمراري يداوي.
[commentary]
أقول: الخراج عبارة عن جميع المرة من الأورام الحارة الكبيرة الحجم. وعند الرئيس إذا جمع الورم الحار سمي خراجا PageVW0P012B . والبثور أورام صغار. معناه إذا كان البدن على حال الصحة ودفعت الطبيعة الفضل إلى الأعضاء ويكون داخل البدن نقيا والبول والبراز على حالها * الأصليين (5) وجب أن يغذى صاحبه ولا يغير غذاؤه عن حال الصحة ولا يتعرض للاستفراغ لأن الطبيعة قد نهضت بدفع الفضول إلى خارج البدن. وإن كان الخلط مراريا والبدن غير نقي عولج بالدواء ويغذى صاحبه بالغذاء القليل المضادة لذلك الخلط لتكسر عادته ثم يستفرغ.
14
[aphorism]
قال قال أبقراط: لا تتبع الجائع.
[commentary]
اقول: أراد بالجوع ما يحدث عن عدم الغذاء ومن تقليله. معناه أنه يجب أن لا يتعب الجائع من الأمور المتعبة كالحركة العنيفة والاستفراغات وكلها تتحلل تحليلا كثيرا لأن رطوبات البدن قد تحللت بسبب الجوع. ولا شك أن التعب يجفف البدن ويزيده في الضعف وينقص الرطوبات الغريزية وينطفئ الحار الغريزي.
15
[aphorism]
قال قال أبقراط: ورود خارج عن الطبيعة كثير ممرض ويعرفه برؤه.
[commentary]
أقول: كل شيء ورد على البدن وكان خارجا عن الطبيعة في الكمية والكيفية أو فيهما معا كان ممرضا وكذ الخارج من الطبيعة من الستة PageVW2P015A الضرورية ممرض كالغذاء الكثير والماء الكثير والأهوية الباردة المفرطة إذ الكثرة مطلقا توقع في المرض سيما الكثيرة مع الرداءة في الكيف لأن الزيادة في الكيف والكم ممرض فكيف غذا اجتمعتا. قوله ويعرفه يبؤه أي يعرف المرض برؤ المرض، يعني إن انتفع المرض بالاستفراغ دل على أنه امتلائي وإن انتفع بالأشياء الحارة علم أن سببها برودة وبالعكس إلى غير ذلك لأن العلاج بالضد.
16
[aphorism]
قال قال أبقراط: ما يسرع غذاؤه يسرع خروجه.
[commentary]
اقول: الأشياء التي تغذوا سريعا يسرع خروج فضله ثفله كأمراق اللحم ومخ البيض النيمرشت والشراب PageVW0P013A ونحوها. وهذه إنما يغذو سريعا لسهولة قبولها للانفعال وقبولها للتحليل والخروج بسهولة ودفع الفضل بسرعة فحينئذ ينجذب العضو من الغذاء ما يجانسه ويحتاج إليه. وكذا كل شيء أبطأ غذاؤه أبطأ خروجه. ولذلك كان الغذاء البطيء الهضم يبطئ التحليل.
17
[aphorism]
قال قال أبقراط: لا ثقة على الفضاء بالرؤ أو بالموت في المرض الحاد.
[commentary]
أقول: تعدم المعرفة في الأمراض الحادة غير موثوق بها لا بالبرؤ ولا بالعطب لأن موادها سريعة التغير ومتحركة من موضع إلى آخر. فربما يتوجه إلى الأعضاء الخسيسة فيدل على السلامة وربما يتوجه إلى الأعضاء الرئيسة فيدل على الموت ولأن القوة فيها لا تضعف جدا لقصر الزمان. فتارة يبرأ المريض وتارة يهلك. وإذا كان كذلك فلا يعتمد على العلامات جيدة كانت أو رديئة. وإلى هذا المعنى أشار جالينوس أن العلامات الدالة على السلامة والتلف PageVW2P015B ليست يدل دائما دلالة واحدة بخلاف الأمراض المزمنة. فإن التمييز بينها ممكن وعلاماتها تدرك بالحقيقة لسكون موادها وغلظها.
18
[aphorism]
قال قال أبقراط: من لان بطنه في شبابه جف إذا شاخ وبالعكس.
[commentary]
أقول: السبب الأكثري للين البطن في سن الشباب كثرة المتناولات وسرعة انحدار أطعمتهم قبل نشف الحرارة رطوباتهم أو لأن الصفراء في هذا السن كثيرة تنصب من المرارة إلى معائهم وتكسح رطوباتهم وتخرج بسرعة لقوة دافعتهم أو لقوة ماسكة أمعائهم وضعف معدتهم لأجل كثرة الحرارة والرطوبة. ولا شك أنهم إذا بالغوا في سن الشيخوخة نقص تلك الأسباب فيبس بطنهم وبرازهم وسبب يبس البطن في PageVW0P013B الشباب إما حرارة منشفة للرطوبات وإما قلة ورود الغذاء إلى معدتهم لغلبة الصفراء عليها. فإن المعد الصفراوية الحارة توجب زيادة شهوة الماء لا الغذاء. فإذا بلغوا إلى سن الشيخوخة نقصت تلك الأسباب ولان بطنهم. وقد يكون لين بطن المشايخ لبرد المعدة فيضعف نفوذ الغذاء إلى الكبد لغلظه فيكون سببا للين البراز. واعلم أن سبب رطوبة البطن أمور خمسة ١ قوة شهوة المعدة ٢ ضعف جاذبة الكبد ٣ كثرة المرة الصفراء ٤ ضعف القوة الماسكة ٥ شدة القوة الدافعة في الأمعاء. وإن سبب يبوسته أضداد ذلك الأسنان.
19
[aphorism]
قال قال أبقراط: الشراب يشفي الجوع.
[commentary]
أقول: زعم بعض الأطباء أن المراد بالجوع ههنا الجوع البقري المسمى ببوليموس وهو شبع المعدة مع افتقار الأعضاء إلى الغذاء وأخطأهم جالينوس قائلا بأن بوليموس PageVW2P016A ليس جوعا بل هو غشي يعرض من سقوط القوة بسبب البرد العارض. وقيل المراد به الجوع مطلقا وهذا أيضا ليس بصحيح لأن الجوع الذي يكون عن صوم دائم أو عن استطلاق أو انفجار دم أو استفراغ آخر. فإنه إذا استعمل أحدث الشراب تشنجا واختلاطا. والحق أن المراد به الجوع الكلبي وهو زيادة زيادة الشهوة واشتدادها والحرص على المأكولات والمشروبات والمكالبة عليها كما هو من طبع الكلاب. وإنما يشفي الشراب هذا المرض لحدوثه في الأكثر عن خلط حامض أو عن برد ويبس مكثفان لفم المعدة وهو يسخن المزاج البارد وينفع الخلط الحامض ويحدره ويزلق السوداء المحدثة لذلك المرض. ويجب أن يشفي بعد أطعمة الأغذية الدسمة الحلوة الدهنة.
20
[aphorism]
قال قال أبقراط: علاج كل مرض بضده.
[commentary]
أقول: قال جالينوس الاستفراغ يشفي من مرض سيحدثه الامتلاء وكذا الامتلاء يؤمن من مرض سيحدث الاستفراغ. وهذا التدبير يسمى بالحفظ. وهذه قاعدة كلية استقرائية علاج كل مرض بضده. فإن قلت علاج كل امتلاء PageVW0P014A ليس بالاستفراغ بل بالإمساك عن الطعام. وأيضا القولنج مرض باردة يعالج بالمخدرات وهي باردة أيضا. وكذا بعض التشنجات برأ بصب الماء البارد وكذا بعض الأمراض الحادة يداوى بالسقمونيا وهو حارة وكذا يعالج كل إسهال بإسهال وكل قيء بقيء. فلا يكون هذه القاعدة كلية. قلت إن الإمساك يتبع تحليل كثير وهو بالحقيقة استفراغ PageVW2P016B . ومعالجة القولنج بالمنحدر إنما هو لدفع الوجع لا للسدة. وبرؤ التشنج بالماء البارد لتقوية الحار الغريزي وهو علاج بالضد وعلاج الأمراض الحادة بالسقمونيا علاج بالضد لأنه يخرج الصفراء وعلاج القيء بالقيء والإسهال بالإسهال علاج بالضد لأنهما يخرجان المادة الفاعلة لهما.
21
[aphorism]
قال قال أبقراط: بحران المرض الحاد يأتي في أربعة عشر يوما.
[commentary]
أقول: كل مرض مدة في مثلها يمكن إيراد الغذاء الذي به الشفاء ولو لا ذلك لأمكن برؤ الأمراض كلها في ساعة واحدة. والمرض الحاد مأخذته متصلة من أوله إلى انقضائه. ولا شك أن الطبيعة تكون مشمرة لمقاومته على الاتصال منها ما يأتي بحرانه في أربعة عشر يوما أي لا يتأخر بحرانه عن الرابع عشر وما تحته أي من السابوعين أو أربعة أرابيع من الأيام الحقيقية أي تكون بحارينها تامة كالرابع والسابع والحادي عشر والرابع عشر. وهذه الأيام تكون * بحارينها (6) متوسطة ناقصة تكون في بعضهما جودة ما مثل التاسع والخامس والثالث وفي بعضها رداءة مث السادس والثامن والعاشر. قال جالينوس: السادس في الرداءة ضد السابع الذي في الدرجة الأولى من الشرف والفضيلة. قال كأنه ملك عادل والسادس متفلب جائر. قال بعض المحققين: لا يجب أن يمسك بأن بحران السابع يكون جيدا بل إذا كان اليوم المنذر به جيدا كان البحران جيدا وكذا الحكم في سائر الأيام الجيدة. والدليل على صحة ذلك قولهم إن اليوم الجيد من PageVW0P014B أيام البحارين PageVW2P017A إذا ظهر فيه علامات جيدة كان جيدا وبالعكس. وإن اتفق انافاع المريض ببحران السادس لم يخل عن أعراض هائلة ويكون في استعقابه نكس، وكان تمامه إما بالخراج الرديء أو اليرقان وقد يتأخر البحران عن أيامه المستحقة غلى ما قبلها أو ما بعدها لأسباب.مزعجة لأيام التي يقع فيها. * هذا (7) الانحراف هي الواقعة في الوسط وهي الثالث والخامس والسادس والتاسع والثالث عشر وأقواها التاسع ثم الخامس ثم الثالث وهو لا ينتقص عن الرابع الذي هو الأصل قصورا بينا ، والثالث عشر يوم ضعيف قلما يقع فيه البحران.
22
[aphorism]
قال قال أبقراط: الرابع منذر بالسابع الثامن من أول الأسبوع الثاني والحادي عشر منذر لأنه الرابع من الرابع عشر.
[commentary]
أقول: اعلم أن أيام المرض إما أن يقع فيها البحران وتسمى الأيام الباحورية وإما أن يقع فيها آثاره ومبادئه وتسمى الأيام المنذرة، كاليوم الذي يتوجه فيه العدو الباغي على المدينة فيكون منذرا بالقتال وتظهر فيها علامات دالة على بحران سيأتي، وإما أن يقع فيها الانحراف لمزعج وتسمى الواقعة في الوسط. والأيام المنذرة أيضا إما جيدة وهي التي بالبحارين الجيدة ومنذرة بالبحارين المتوسطة والمراد بيوم البحران اليوم بليلته أي يكون من ابتدائه إلى انتهائه أربعة * وعشرين (8) ساعة. والبحارين في الحقيقة دائرة على الأسابيع ولما كانت الأرابيع منها أيضا صارت منذرة بها واستدل بها على أن الرابع منذر PageVW2P017B بالسابع، ولا شك أن بينهما رابوعا. واختلفوا في أول المرض الذي يحسب منه ابتداء البحران. قال بعضهم إن أول المرض هو الوقت الذي حس المريض فيه بأثر المرض والإحساس بالتغير عن الجري الطبيعي كالكسل والتثاؤب والتمطى. وقيل هو الوقت الذي يضطجع فيه ويظهر فيه ضرر الفعل. وهذا الخلاف واقع في الحميات التي ينفذ منها تكشير وصداع وغيرهما دون PageVW0P015A التي تعرض بغتة فإن مثلها لا يخفى فيه أول الوقت. قوله والثامن، اعلم أن الأدوار البحرانية ثلاثة أنواع: دور الأرابيع مثل ما يأتي البحران في الرابع والسابع. ودور الأسابيع مثل ما يأتي في السابع والرابع عشر ودور العشرينات مثل ما يأتي في العشرين والأربعين. وهذه الأدوار تحسب تارة موصولة وأخرى مفصولة لجبر الكسر وضبط نظام دور القمر. ولذلك تقع أدوار الرابوعات في مدة أربعين يوما اثنا عشر رابوعا حقيقيا وأدوار السابوعات ستة والعشرينات اثنان. أما الأرابيع فالدور الأول والثاني منهما موصولان لذلك صار الرابع فيه اليوم السابع والثاني والثالث مفصولان ولذلك ابتداؤه من الثامن فصار الرابع الحادي عشر والدور الثالث والرابع موصولان فيكون الحادي عشر مشتركا لأنه الرابع من الرابع عشر الذي هو الأسبوع الثاني وكان في مدة أربعة عشر يوما أربعة أدوار من الأرابيع ودوران من الأسابيع. قوله: والحادي عشر، في هذا الكلام تساهل وقلب فإن الرابع عشر رابع من الحادي عشر لا العكس وإنما سمي رابوعا لاستتمامه في الرابع لأنه PageVW2P018A رابوع تام وكذلك السابوع لأنه لو كان رابوعا تاما لكان أربعة أدوار في مدة ستة عشر يوما لا في أربعة عشر يوما وكذلك لو كان السابوع سابوعا تاما لكان في مدة أحد وعشرين يوما ثلاثة أسابيع لا في مدة عشرين يوما. وأما بحرانات الأمراض التي الأزمان فينسبونها إلى الشمس وإلى زحل.
23
[aphorism]
الربع الصيفية في الأكثر قصيرة والخريفية لا سيما آخرها طويلة.
[commentary]
أقول: الربع حمى سوداوية تحدث عن عفونة السوداء وهي إما أن تكون داخل العروق وتسمى بالربع الدائمة PageVW0P015B واللازمة وهي قليلة الوقوع، وإما أن تكون خاجها وتسمى بالربع الدائرة. وإنما سميت بالربع لأنها تنوب اليوم ورابعه وإنما كانت في الصيف قصيرة لأنها من الأمراض المزمنة ومادتها غليظة وحرارة الصيف تذبها وتدفعها وتنشرها في جميع البدن والمسام ومنفتحة فيكون التحلل فيه أسهل. والخريفية أطول من الصيفية لضعف القوى في الخريف واختلاف هوائه وكلما حركت الطبيعة مادة الحمى لتحللها في وقت الظهائر عارض البرد المكثف في غدواته ولياله فلذلك تكون الأمراض في الخريف كثيرة والموت كثيرا. قوله لا سيما أخرها لأن أواخره متصلة بالشتاء وازدياد طول هذا المرض لزيادة تكثيف برده المسامات فلا يتحلل سريعا بل يتحلل لطفها ويبقى كثفها.
24
[aphorism]
قال قال أبقراط: الحمى بعد التشنج خير من العكس.
[commentary]
أقول: التشنج علة عصبية بتحرك لها العضل إلى مبادئها فتعصى في الانبساط PageVW2P018B .وهو إما امتلائي يحدث من خلط غليظ بلغمي لزج نفذ في فرج الأعصاب ومدودتها عرضا فينقص من طولها ويسمى بالتشنج الرطب. وأما الاستفراغي يحدث بعقيب الاتسفراغات والتحليلات الكثيرة وعقيب الحميات المحرقة المجففة للأعصاب فينقص طولها كما يعرض للجلود والأوتار في الشمس ويسمى بالتشنج اليابس. والمراد لتشنج ههنا التشنج الرطب. وإنما كانت الحمى بعد التشنج الرطب خيرا لأن الطبيعة أو الحمى أذابت مادته ولطفته وحللته دون العكس لأن حرارة الحمى تسيل مادة التشنج وملأت الأعصاب بها. وإذا كانت حرارة الحمى لا تقوى على تحليل هذه المادة فغيرها لا تقدر بالطريق الأولى فيطول مدته ويعسر علاجه.
25
[aphorism]
قال * قال أبقراط (9) : خفة وقلق المريض بلا قياس لا يلبث في الأكثر.
[commentary]
أقول: أي يجب PageVW0P016A أن لا يعتمد الطبيب ولا يأمن على خفة المريض بخلاف القياس الطبي. مثلا إذا أهدأت سورة المرض من غير نضج ظاهر من غير استفراغ ولا صناعي لا يلبث في أكثر الأمر لأنها قد يدل على خور القوة وضعفها غن أن تحرك شيئا من مادة المرض وربما عرض خفة وكلمات موجهة وانتعاش ما عند قرب الموت للمريض الذي دل الدليل على قرب موته. وربما عرض عند قرب بحران المرض الذي دل الدليل الطبي على السلامة قلق واضطراب وضيق نفس واختلاط عقل وحدوث خيالات ومغص وأعراض هائلة فينبغي أن لا يعتمد الطبيب على امثال هذه فإنها لا يلبث في الأكثر.
26
[aphorism]
قال قال أبقراط: البقاء على حالة PageVW2P019A والضمور أكثر مما يجب في حمى غير ضعيفة جدا رديء.
[commentary]
أقول: بقاء المحموم وبقاء أمر من الأمور على حالة واحدة كان من قبل في حمى غير ضعيفة أي في حمى عفنية قوية الحرارة رديء، مثل أن لا يهزل هزالا ما ولا ينخرط وجهه انخراطا ما لأنه يدل على كثافة الجلد وغلظ الكيموسات وبقاء سبب المرض وضعف الطبيعة عن الدفع وشدة برد المزاج وشدة الامتلاء المنافع من التحلل فهذه كلها رديئة لأنها تدل على طول المرض وهو رديء لأنه يوجب سقوط القوة. قوله والضمور أي ضمور البدن وهزاله وانخراط الوجه أكثر مما ينبغي أي أكثر مما تقتضيه الحمى أو من غير طول المرض أو من الاستفراغ المحسوس أو من نوم أو سهر كثير طويل أو إمساك من الطعام أو حركة عنيفة أو كثيرة أو إفراط حرارة الهواء؛ أو لا يكون المرض خبيثا لأنه لا يتحلل بدنه سريعا كان فذلك رديئا لأنه يدل على رقة الأخلاط وتخلخل البدن PageVW0P016B الموجبين للتحلل الكثير الموجب لضعف القوى. وإنما قال في حمى غير ضعيفة احتراز من الحمى الضعيفة وشدة برد المزاج أو المرض الامتلائي فإن صاحب هذه لا يهزل سريعا ولا يدل على الرداءة.
27
[aphorism]
قال قال أبقراط: ليسكن المريض في المنتهى.
[commentary]
أقول: منتهى المرض وقوفه. معناه أنه يجب على الطبيب أن لا يتحرك مادة المرض في زمان الوقوف. وهذا الزمان يكون بعد كمال الاشتداد وقبل الشروع في الانحطاط فيجب أن لا يتعرض للاستفراغ في هذا الوقت أصلا بمثل الفصد والإسهال والإدرار PageVW2P019B أو التحريك من غير الاستفراغ مثل وضع المحاجم على الثديين والقفاء والساقين غير شرط بل ينبغي أن يسكن المريض ولا يحرك الطبيعة البتة لئلا يجتمع على البدن شدة حركات المرض مع تحريط الثفل مع أن الأعراض في هذا الوقت قوية والمادة نضجته فكان التحريك مضعفا للقوة. هذا إذا كانت العلامات جيدة والمرض سليما. أما إذا كا الأعراض هائلة والمرض غير سليم فيجب أن لا يحرك البدن لا في الابتداء ولا في الانتهاء لئلا يحمل المكروه الواقع على تدبير الطبيب بل بخبر بما سيقع.
28
[aphorism]
قال قال أبقراط: مقوم المرض أضعف أولا وأخيرا وأقوى انتهاء.
[commentary]
أقول: المقوم في اصطلاح المنطقيين يطلق على الأجزاء الداخلة أي على الجنس والفصل والمراد بالمقوم ههنا الأعراض اللازمة للمرض والعلامات الدالة على نوع المرض وعلى البحران والنضج. وقيل المراد بمقوم المرض السبب الفاعل. معناه أن الأعراض والعلامات في ابتداء المرض أضعف PageVW0P017A لأنها لم يكمل بعد وكذا في الانحطاط لأنها أحدث في الاضمحلال. وقد خفت بشدة استيلاء الطبيعة على المرض وفي زمان الانتهاء أقوى من الابتداء والانحطاط لأنه قد كمل كمال الاشتداد فأما جوهر المرض فإنه في الابتداء والتزيد أقوى وفي الانتهاء والانحطاط أضعف لقبوله النضج. هذا في الأمراض السليمة. وأما في الغير السليمة فلا يكون لها الانحطاط لأنها تقبل قبل الانحطاط.
29
[aphorism]
قال قال أبقراط: من نقه ولم يشته أولا ثم يشتهي أجود من العكس.
[commentary]
أقول: الناقه هو الذي PageVW2P020A صح عقيب علة أي حال من نقه ولم يشته أولا ثم اشتهى أجود لأنها يدل على نهوض القوة وتصرفها في البدن وإقبال الطبيعة بنضج الأخلاط الباقي الرديئة ودفع الفضول غلى خارج وإصلاح شيء مما يصلح للتغذية. والبدل من العكس أي من حال من نقه واشتهى أولا ثم عرض له عدام الشهوة لأن الناقه الذي كان له هذه الحالة كان جميع بدنه رديئا سيما الأعضاء التي تتم بها الشهوة.
30
[aphorism]
* قال قال أبقراط (10) : صحة الذهن واشتهاء الطعام جيدة وضدهما رديء.
[commentary]
أقول: صحة الذهن واشتهاء الطعام في الأمراض جيدة لأنهما يدلان على صحة القوة النفسانية ولاطبيعية كما أن جودة النبض في الابتداء والقوة تدل على جودة القوة الحيوانية. والحق أن صحة الذهن وجودة الطعام يدلان على صحة القوة الحيوانية أيضا لأن القلب مبدأ جميع القوى على مذهب العظيم أرسطو. وإذا كانت القوة الطبيعية والنفسانية صحيحتين كانت القوة الحيوانية صحيحة من غير عكس لجواز صحة القوة PageVW0P017B الحيوانية مع ضعفها بسبب المانع فيهما. وإنما خصص بهما لأن الدلائل المأخوذة من الأعضاء الرئيسة والشريفة أقوى الدلائل وضدهما رديء لأنه يدل على خطر عظيم في الرئيس سيما في الدماغ الذي هو الرئيس الأعظم عند الفاضل أبقراط وأتباعه.
31
[aphorism]
قال قال أبقراط: المرض الملائم لطبيعة المريض وسنه وسخنته والوقت الحاضر أسلم من المخالف لها.
[commentary]
أقول: الطبيعة تطلق على معان مختلفة. تقال تارة الطبيعة ويراد به القوة المصورة وقد يراد فيه القوة المدبرة وقد براد بها المزاج وقد يراد بها الخلقة وقد يراد بها البراز. وكان المراد ههنا المزاج الأصلي أي إذا كان المرض ملائما للمزاج الأصلي واللمزاج الحادث بسبب السن وملائما للسخنة والوقت الحاضر من أوقات السنة كان أقل خطرا لأن الخروج عنه يكون يسيرا؛ أو لا يكون غريبا عن المألوف بالطبع مثلا إذا كان المزاج حارا أو المرض حارا كان خطره أقل منه إذا كان مضادا لها لأن مضادته لهذه الأشياء تدل على قوة السبب الفاعل للمرض. أو نقول المرض الملائم يكون عن سبب ضعيف المضاد لا يحصل إلا عن سبب قوي. ولذلك لا يعرض الفالج في صميم الحر للشباب الحار المزاج لا بسبب قوي. قال بضعهم إن المرض الملائم أشد خطرا لأنه طبيعة المريض تكون مقوية للمرض والأشياء الشبيهة للأعراض تقويها PageVW2P020B والمنافي يبطلها. والشفاء بالضد واجب بأن الأشياء الشبيه وإن كانت أكثر تهيجا لكنها لا يدل على قوة السبب فيكون أقل خطرا. ومنهم من قال إن مراد أبقراط ههنا بالملائم المضاد لأن المضاد ملائم للمرض من حيث PageVW0P018A هو شفاء.
32
[aphorism]
قال قال أبقراط: سمن ما يلي السرة والثنة في كل مرض جيد وعكسه رديء. والإسهال معه خطر.
[commentary]
أقول: الثنة ما بين السرة والفرج. سمن هذه المواضع في الأمراض محمود لأنه يدل على أن جوهر السرة وآلات الجوف على حالة طبيعية ويدل أيضا على أن ما يصل إليها من الغذاء يكون مع جودة إذ المعدة والكبد ينتفعان بسمن هذه المواضع لأنه يعين على هضمهما بحفظه آلات الغذاء عن البرد الخارجي وبدفعه الأثفال وبحفظه حرارتها عن التحلل. وعكسه أي هزال ما يلي السرة والثنة ورقتها رديء يدل على سوء الاستمراء وقلة الدم وكثرة الحرارة الغريبة المذيبة للشحم لأن هذه آلات تعين على دفع الفضول. فإذا ضعف كانت قاصرة عن الدفع فأحدث الأمراض. والإسهال معه أي مع كل واحد من هزال ما يلي الثنة وما يلي السرة خطر لأنه يقلل الرطوبات فيزداد قحل هذه المواضع فلا يؤمن من هتك شيء منها.
33
[aphorism]
قال قال أبقراط: النقي إن يستفرغ عشي عليه أو عسر وكذلك المغتذى برديء.
[commentary]
أقول: الغشي هو تعطل جل القوى المحركة والحساسة لضعف القلب واجتماع الروح كله إليه أو استفراغه وتحلله حتى لا يفضل على الموجود في المعدن؛ يعني إذا كان البدن نقيا من الفضول واستفرغ حصل له الغشي أو عسر عليه الاستفراغ لأن PageVW2P021A الدواء إذا لم تجد فضلة يستفرغها فيجذب ما يحتاج إليه البدن من الأخلاط الجيدة بعسر ومشقة وما يخرج بالاستفراغ من الأخلاط المحمودة تصحبه الأرواح والقوى وذلك موجب للغشي وكذا المغتذى بغذاء رديء إذا استفرغ غشي عليه أو عسر عليه لأن الأخلاط المتولدة من الغذاء الرديء كانت رديئة والدم والروح والحرارة الغريزية تكون قليلة في PageVW0P018B بدنه لكنها إذا كانت مألوفة للأعضاء قل انفعالها عنها فيضعف الحار الغريزي فيه. فإذا استفرغ أسرع إليه انحلال القوة والدواء وتثور الكيموسات الرديئة المألوفة إلى فم المعدة فيحصل الغشي المشاركة.
34
[aphorism]
قال قال أبقراط: المتناول الأخس قليلا الأذ فضل على الأفضل الأكره.
[commentary]
أقول: المتناول إذا كان فيه خسة ورداءة ما كان مع قلة ورداءة ألذ أو مألوفا للطبيعة كان بالنسبة إلى المتناول الذي كان فاضلا والطبيعة كارهة له أو غير مألوفة لها أفضل لأن الطبيعة تتلقى الألذ وتقلبه قبولا أحسن وتمسكه المعدة فيجيد الهضم ويصلح رداءته وتميز فضلاته ويدعها وتقدر على هضم المألوف. بخلاف الأفضل الأكره ليكون الطبيعة عائقة له لا تقبل عليه ولا تحتوي المعدة احتواء جيدا ولا تمسكه ولا يهضمه هضما جيدا بل يحدث تهوعا ونفخا وقراقر.
35
[aphorism]
قال قال أبقراط: مرض الكهل في الأكثر أقل من الشباب ويموت بمزمنة.
[commentary]
أقول: إنما كان مرض الكهل أقل من الشباب لأن أكثر الأمراض الواقعة إما حميات أو معها الحمى فيكون أكثرها حارة والكهول PageVW2P021B أقل حرارة من الشبان فيكون استعدادهم لها أقل مع أن قواهم لم تضعف ضعفا يستعد للأمراض وتسكن موادهم وقلة الدم فيهم وهدوء أخلاطهم عن الاضطراب والانصباب أو لأن الشبان أكثر أخلاطا ولا يرسون نفوسهم بخلاف الكهول. ويموت بمزمنة أي يموت الكهول في الأكثر بأمراض مزمنة مثل الصرع والرعشة والفالج وغيرها. وذلك لنقصان الحار الغريزي فيهم. وأمثال هذه الأمراض تحتاج إلى توفيره أو لأنه موادها في الأكثر باردة وقوتهم لا تفي بالنضج.
36
[aphorism]
قال قال أبقراط: بحوحة ونزلة الهم لا ينضج.
[commentary]
اقول: البحوحة هي حالة وخشونة تعرض في الحلق والصوت والهم الرجل المسن PageVW0P019A وامرأة همة أي مسنة. وسبب البحوحة رطوبات تنصب من الرأس إلى الحلق وقصبة الرئة والصدر. وكلما تعرض للمشايخ بحوحة وسعال وتنحنح لا ينضج لأن حرارتهم وقواهم عاجزة عن إنضاج الفضلات الباردة. وهذا السن مختصة ببحوحة والنزلة بل وجميع الأمراض التي تحتاحج فيها إلى النضج مثل القولنج والسعال ووجع المفاصل البارد كذلك لأن الطبعية إذا عجزت عن نضج أيسرها وهو البحوحة والنزلة فبالحري أن تعجز عن الأعسر.
37
[aphorism]
قال قال أبقراط: من غشي عليه كثيرا بلا سبب ظاهر يموت فجأة.
[commentary]
أقول: من غشي عليه مرارا كثيرة في زمان الصحة من غير سبب ظاهر أي من غير مرض أو كول مكث في الحمام أو من كثرة طعام يكون مستعدا للموت فجأة وإن اتفق الموت بغيرها لأن سببه خفي لا يعرف والسبب الخفي للغشي إما انسداد الشريان الوريدي PageVW2P022A وهو الذي يسلك فيه الهواء من الرئة إلى القلب والأبخرة الدخانية من القلب إلى الرئة وهو أردأ أنواعه. وانسداد مسلك الأبهر الذي يسلك فيه الروح من القلب إلى جميع البدن على سبيل ما ينسد أوائل النخاع في علة الصرع. وإنما يفيق المصروع على الأكثر ولا يفيق المغشي عليه لأنه القلب أصل الحار الغريزي فيتسارع عليه الانطفاء مع عدم التروح ولأنه أشرف من الدماغ فلا يحتمل من من الأذى ما يحتمله.
38
[aphorism]
قال قال أبقراط: السكتة القوية تهلك والضعيفة صعبة البرؤ.
[commentary]
أقول: السكتة سدة تامة في بطون الدماغ ومجاري روحه فتعطل الأعضاء عن الحس والحركة الإرادية بغتة ما خلا حركة التنفس * لضرورة (11) الاستنشاق. وهي قد تكون قوية جدا وهي بطلان الأفعال النفسانية كلها PageVW0P019B أعني الحسية والحركة والسياسة ويبطل معها النفس. وقد يكون متوسطة وهي التي دونها في القوة وإن يظهر النفس إلا أنه يكون باستكراه واختلاف اليظام فيه. وقد يكون ضعيفة ويكون النفس فيها سليما وفيه نظام ما. وإنما تهلك السكتة القوية لإضراره بالقلب والأرواح لفساد حال النفس إما لبطلانه أو لنقصانه أو لقلة احتمال الدماغ العلة العظيمة وإما لأن المرض الشديد لا يهلك كثيرا. وإنما كانت الضعيفة صعبة البرؤ لصعوبة زوال سببها وهو انسداد مجاري الروح ولمائل فيها من آفة الدماغ.
39
[aphorism]
* قال قال أبقراط (12) :المخنوق بعد الغشي إن أزبد لم يفق.
[commentary]
أقول: الخناق هو امتناع نفوذ النفس أي الرئة والقلب. وسببه إما ورم اللوزين أو العضلات التي تطفئ بهما. ويقال له الخناق PageVW2P022B المطلق. وأما زوال فقار الرقبة. ويقال له الخناق الكلبي والزبد هو مخالطة الأجزاء الرطبة بالأجزاء الريحية أو الهوائية على وجه لا يقوى كل واحد منهما على الانفصال من الآخر وتشتبك بأجزاء صغار واستدارت الرطوبات حول الريح فتصير عببا. معناه المخنوق إذا حمل خناقه بعد أن يكون قد غشي فإنه إن أزبد لم يفق أنذر بالموت. وإن لم يزبد وحي أفاقته. أما الأول فلأن الأبخرة الدخانية التي تلفظها الحرارة ويقذفها القلب إلى الرئة إذا لم يلتحق بالهواء الخارج بسبب الخناق ترددت مقبلة تارة مدبرة أخرى فيفسخ ما كان أقرب عهدا من جوهر الرئة بالانعقاد بكثرة الاضطراب ويذبه بحرارتها والرئة مجيبة لجميع ذلك للينها وتخلخلها ولطافتها. فإذا حل الخناق اندفعت تلك الأبخرة مع تلك الرطوبة إلى خارج اندفاعا مستكرها PageVW0P020A . وبالحري أن لا يعيش من يظهر في فمه هذه الرغوة على الأغلب لاختناق الحار الغريزي وغليان الحار الناري ولفساد جوهر الرئة. وأما الثاني فلأن من كان ينجو منهم ينجو لأن هذه الآفات بعد ما عظمت فيه.
40
[aphorism]
قال قال أبقراط: الموت إلى الغليظ طبعا أسرع.
[commentary]
أقول: الغليظ بالطبع هو الذي سمنه غريزي مفرط. الموت إليه أسرع لدقة عروقه وقلة ما يحتمل من الدم والروح فيها. وغلظ اللحم وقلة الحار الغريزي بسبب بدر المزاج وكثرة الشحم فإذا طعنوا هؤلاء في السن * نقصت (13) حرارتهم الغريزي وتطفئ من أدنى سبب ويكون به الغشي الكثير بلا سبب ظاهر فيموت PageVW2P023A في الأكثر فجأة لمدة انسداد مجاري أرواحه. وأما من كان سمنه لا بالطبع بل مكتبسا بسبب الرفاهية والتدبير فلا يسرع إليه الموت لأضداد هذه الأسباب. والمراد بالموت الذي يكون من قبل نفس الهيئة لا من شيء آخر لأن الآفات العارضة من خارج إلى القضيف أسبق منها إلى السمين.
41
[aphorism]
قال قال أبقراط: الحدث المصروع برؤه خاصة بانتقاله في السن والبلد والدم.
[commentary]
أقول: الصرع علة تمنع الأعضاء النفسية عن أفعالها كلها منعا غير تاما. والمراد بالصرع ههنا الصرع البلغمي لا غيره. معناه أن الحدث المصروع * يبرأ (14) من الصرع بالانتقال إلى أحد من هذه الأمور الثلاثة أو إلى اثنين منها أو إليها جميعا إما بانتقاله في السن فمثل ما ينتقل من الطفولة إلى الصبى * ومنها (15) إلى الترعرع ومنه إلى الرهاق ومنه إلى الفلامية وهمنها إلى آخر النمو لأن الصرع البلغمي يحتاج في علاجه إلى الحر واليبس وقلة الرطوبات الفضلية وفي هذه الأسنان تقوى الحرارة الغريزية ساعة فساعة وتقل الرطوبات PageVW0P020B الفضلية. فلذلك يبرأ صرعه. وأما غير الحدث فلا برأ من الصرع البلغمي بالانتقال في السن لأن ما ينتقل إليه من السن يكون الحرارة الغريزية فيه أضعف والرطوبات الفضلية أكثر. وأما بانتقال في البلد أي من انتقاله من البلد البارد الرطب إلى الحار اليابس. وأما بانتقال التدبير أي التصرف في الستة الضرورية.
42
[aphorism]
قال قال أبقراط: أقوى الوجعين في محلين نخفي الآخر.
[commentary]
أقول: الوجع PageVW2P023B أثر من المحسوس المنافي في الحاس اللمسي أي إذا كان الوجعان في محلين مختلفين أي لا يكون في موضع واحد لئلا يلزم بوجه قوة الطبيعة إلى أحدهما توجهها إلى الآخر فلا شك أن أضعف الوجعين لا تتبين في جنب القوى لاشتغال القوى الحساسة بالأشد والأهم ولأن القوة بأسرها متوجهة إلى حيث الألم أقوى.
43
[aphorism]
قال قال أبقراط: الحمى والوجع وقت توليد المرة أكثر.
[commentary]
أقول: إنما كان الحمى والوجع في وقت توليد المرة أكثر لأن الدم وبعض جوهر العضو إذا استحالا إلى المرة بسبب حرارة طابخة لها عرض لها غليان ما كالحطب إذا احترق ولزيادة حجم المواد بالغليان وتلتهب الحمى لأن الحرارة تبلغ إلى القلب وتغمر بعد الاستحالة كما تغمر النارية من الخشب إذا احترق وتزيد فصار الحمى والوجع أكثر. أو نقول إنما كان الوجع أكثر في هذا الوقت بسبب التمديد والاستحالة والجهاد الذي يجري من طبيعة العضو والمرض وازدياد حجم المواد بالغليان. وتلك موجبة لزيادة التفرق. ولا شك أنها موجعة.
44
[aphorism]
قال قال أبقراط: قطع الحركة أول الإعياء يمنعه.
[commentary]
أقول: المراد بالحركة ههنا الرياضة أطلق اللازم وأريد الملزوم. معناه أن المرتاض إذا أحس بأول الإعياء وجب أن ترك الرياضة لأن القوة إذا PageVW0P021A ابتدأت بالكلال وجب قطع استعمالها وكان أواخر الرياضة أوائل الإعياء وإن لم ترك دخل في حكم التبع. والفرق بينهما أن الرياضة تنهض الحار الغريزي وتجود أفعال القوى والتعب يحللها ويؤدي إلى كلال القوة PageVW2P024A النفسانية ويسخن المفاصل وفتجلب إليها الفضول.
45
[aphorism]
قال قال أبقراط: المعتاد لتعب ما وإن شيخا ضعيفا أحمل من غيره وأن شابا قويا.
[commentary]
أقول: أي الشيخ الضعيف المعتاد للتعب أحمل من غير الشيخ وإن كان ذلك الغير شابا قويا لأن العضو المرتاض يصير أقوى منه إذا لم يرتض وأحمل للأعمال وقواها أنهض لأن الآلات التي تستعمل في تلك الحركة المتعبة مثل الأعصاب والرياضات والعضلات تعصير مؤاتية على تلك الحركة تتحمل فضلاتها وتقوى وتقدر على التعب.
46
[aphorism]
قال قال أبقراط: استعمال الكثير دفعة أي نوع كان خطرا.
[commentary]
أقول: أي استعمال الكثير من الامتلاء والاستفراغ والمسخنات والمبردات والحركات البدنية والنفسانية خطر لأن كل شيء جاوز الاعتدال فهو مغير للبدن ومقاوم له ومفسد لجوهر البدن ومحلل للروح سيما إذا وقع دفعة كان غريبا ولم تؤلف الطبيعة به فتتحير وتحرك عن مقاومته والانتقال من حال إلى مقابلها فجأة خطر فمن هذه ما هو خانق للحار الغريزي مثل الغذاء الكثير وما هو مذيب للأعضاء مثل الحركات الكثيرة واستعمال المسخنات القوية ومنها ما هو مجمد مثل استعمال المبردات الكثيرة. فأما إذا كان على سبيل التدريج فلا يكون فيه خطر لأنه يصير مألوفا ومعتادا وذلك لأن أبداننا مركبة من العناصر على سبيل المزاج والقوى تتبعه. فإذا انتقل المزاج فجأة خيف على PageVW0P021B القوة الانحلال.
47
[aphorism]
قال قال أبقراط: فعل كل ما وجب فلم يكن ما طلب فلا ينتقل إلى غيره إن دام السبب.
[commentary]
أقول PageVW2P024B : إن فعل الطبيب من العلاج في تداوي المرض المعلوم وجب عليه ولم يجمع العلاج المطلوب وجب عليه أن لا ينتقل إلى غيره من العلاجات بشرط أن يكون السبب موجودا لأن المادة في بعض الأمراض نعسر نضجها لغلظها ولزوجها أو برد مزاجها فلا يجوز مفارقة طريق الصواب إن لم تظهر للمريض منفعة بينة. وعنى بقوله له لا تنتقل أي لا ينتقل الغير في النوع وإلا * فللطبيب (16) أن ينتقل من دواء غلى آخر من نوعه لكن الدواء الواحد إذا أديم استعماله فربما ألفته معدته فصارت تهضمه. وعند ذلك يجب استعمال دواء آخر من نوعه.
48
[aphorism]
قال قال أبقراط: لين البطن في الشباب أصح.
[commentary]
أقول: لين البطن في سن الشباب أحسن من يبسه فيه لأن البدن ينقى من الفضلات لكثرة اندعالها في البراز بخلاف من كان بطنه يابسا فلا يندفع فضلاته ويؤول أمره عند الشيخوخة إلى خفاق الأحشاء على الأكثر.
49
[aphorism]
قال قال أبقراط: عظم البدن في الشباب * يحمد (17) وفي الشيخوخة يعسر لا كالأنقص منه.
[commentary]
أقول: العظم يطلق بالاشتراك اللفظي على معان؛ ١ العظم الحقيقي وهو أن يكون البدن عظيما في الأقطار الثلاثة؛ و٢ على الغلط وهو الازدياد في العرض والعمق فقط؛ ٣ على الزائد في الطول وحده. وهذه الثلاثة المذكورة كلها من سن الشباب محمودة لدلالته على كثرة المادة وقوة تصرف القوى ويرى الإنسان فيه كامل القامة جيد الصورة وفي سن الشيخوخة مذموم عسر لعسر استعماله على النفس فيثقل الأعلى من البدن على الأسفل ويعسر التصرفات PageVW2P025A به على النفس بخلاف من PageVW0P022A كان بدنه أنقص وأقصر فإنه لا يلحقه ذلك في سن الشيخوخة.
PARATEXT|
- * قال (1)
المقالة ٣
1
[aphorism]
* قال أبقراط (2) : تغير أوقات السنة عن طبائعها مولد للأمراض وكذا الوقت الواحد إذا اشتد حره أو برده وسائر حالات على هذا القياس.
[commentary]
أقول: التغير هو الخروج عن الأمر الطبيعي. والمراد بأوقات السنة الفصول الأربعة أي إذا خرجت السنة عن المجرى الطبيعي كان مولدا للأمراض لأن ملاقاة الهواء لأبداننا أشد من سائر الأشياء فإن ملاقاته دائمة من داخل وخارج. أما مقلاقاته من خارج فظاهر. وأما ملاقاته من داخل فلضرورة الاستنشاق والتنفس وحركة الشرايين المنفذة هواء إلى القلب والأرواح. وإذا كان كذلك كان مولدا للأمراض. وكذا الوقت الواحد إذا اشتد حره أو برده أعم من أن يكون فصلا واحدا أو فصولا أو يوما أو بعض يوم، فهو محدث للأخراض بمثل ما قلناه. والسنة الطبيعية هي التي يكون كل فصل من فصولها على واجبه فإن خرج كل منها أو بعضها عن واجبه فهي المنحرفة.
2
[aphorism]
قال قال أبقراط: من الأمزجة ما حاله في الصيف أجود وفي الشتاء أردأ. ومنها ما هو بالعكس.
[commentary]
أقول: الفصل الواحد موافق لبعض الأصناف والأشخاص ومخالف لبعضهم. فإن من الأمزجة ما حاله في الصيف أجود وفي الشتاء أردأ. ومنها ما حاله في الصيف أردأ وفي الشتاء أجود. فإن صاحب المزاج الحار الرطب حرارته تنتفع بالشتاء ولرطوبته بالصيف. وصاحب المزاج البارد الرطب يكون في PageVW2P025B الصيف على أفضل حالاته لتعديله إياه برده ورطوبته، وفي الشتاء على أردأ حال لأنه لاستيلاء الشتاء عليه خرج عن الاعتدال. وصاحب المزاج المعتدل قيل إنه يكون جيد الحال في جميع أوقات السنة سيما في الربيع وقيل إنه لا ينتفع PageVW0P022B من الفصول إلا بالفصل المعتدل لأنه يحفظ على اعتداله. وصاحب المزاج البارد اليابس ينتفع بالصيف لحرارته وبالشتاء ليبوسته اللهم إلا أن يكون الصيف مفرطا في الحرارة فيزداد في يبسه وهو أردأ الأمزجة إلا أن أمراضه تكون قليلة بالنسبة إلى الأمزجة الرطبة. فإن قلت إن الصحة إذا كانت تحفظ بالميل كان الموافق لمزاج الحار اليابس الصيف وللبارد الرطب الشتاء. قلت: إن الهواء ليس يستحيل إلى جوهر البدن حتى يحتاج إلى أن يكون مشاكلا، بل شأنه أن يعدل مزاجه وهو بمثابة الدواء بمثابة الغذاء وإنما الأغذية الحارة اليابسة تحفظ من مزاجه بارد رطب لأنها إذا صارت غذاء بالفعل انخلعت عما لها من الحرارة واليبوسة وصارت باردة رطبة مشاكلة لجوهر البدن فيكون حفظ الصحة بالمشاكل. وإن يوهم بالحقيقة أنه بالضد ولو كانت بالأغذية باردة رطبة لزادت في المزاج البارد الرطب برودة ورطوبة. والمعتبر في المشاكلة وغيرها بالفعل دون القوة.
3
[aphorism]
قال قال أبقراط: كل من الأمراض والأسنان أحسن حالا وأردأ عند وقت ما وبلد وتدبير.
[commentary]
أقول: كل مرض من الأمراض وسن من الأسنان يكون في بعض الفصول وفي بعض البلاد في بعض التدابير حالها أحسن وفي PageVW2P026A بعضها أردأ. هكذا قاله جالينوس في تفسير كلام أبقراط. وقال بعض: يمكن أن يكون معناه أن كل واحد من الأمراض فحاله عند شيء من الأوقات والأسنان والبلدان والتدابير أحسن وعند شيء من أضدادها أردأ لاختلاف حال الأمراض في هذه الأشياء واختلاف حال الأبدان فيها. واعلم أن الأمراض وقت حدوثها عند أوقات الفصول المشابهة لها حالها أحسن ووقت زوالها PageVW0P023A عند الفصول المضادة لها أحسن. والأمراض التي حالها بالعكس من ذلك أردأ.
4
[aphorism]
قال قال أبقراط: تغيير الهواء ولو في يوم واحد يحدث المرض * الخريفي (3) .
[commentary]
أقول: كل يوم وجد على طبيعة فصل بمقتضاه توليد ما يولده مثلا إذا كان في فصل من الفصول يوم واحد * حار (4) في وقت * بارد (5) في وقت فيوقع الأمراض الخريفية لأن العلة في إحداث الخريف لأمراض هي حر الظهائر وبرد الغدوات وهنا حاصله فيحدث ما أحدثه.
5
[aphorism]
قال قال أبقراط: الجنوب يحدث في البدن كسلا واسترخاء وفي السمع والرأس ثقلا وي البصر غشاوة وخاصة للمرضى. والشمال يحدث سعالا وبطونا نابسة وعسر البول والاقشعرار ووجعا في الصدر والأضلاع وخاصة للمرضى.
[commentary]
أقول: إذا توجه الرجل الشرق فالريح الهابة من قدامه الصبا ومن خلفه الدبور ومن يمينه الجنوب ومن شماله الشمال وهي أفضل الرياح إذا عرفت هذا. فنقول: الجنوب حارة رطبة غليظة لمرارها على المواضع الحارة والبحار وكثرة مخالطتها الأبخرة PageVW2P026B فتحدث لا محالة كسلا واسترخاء لكثرة ترطيبها * الأعصاب (6) وتسخينا فيعجز عن الحركة القوية. وفي الرأس ثقلا لأجل الحرارة المبخرة والرطبة المرخية فيمتلئ الرأس وآلات الحس كلها ويرطب الغشاء والطبلى فيثقل إدراك السمع وفي العين غشاوة. معنى الغشاوة اللغوية أي السبل والظلمة والكدورة أو المصطلح التي هي عبارة PageVW0P023B عن غشاوة تعرض من انتفاخ عروق الملتحمة والقرنية وذلك كله لكثرة الأبخرة وغلظها المكدرة لروح الباصرة. قوله وخاصة للمرضى أي هذه الأمراض تعم أهل الجنوب الصحيح والمريض وإذا عرضت للأصحاء مع توفر قوتهم فللمرضى * بطريق (7) الأولى لضعف قوتهم. وعروض هذه تكون للمرضى أعراضا وللأصحاء علامات منذرة بالمرضى. والشمال باردة يابسة لمرورها على الأراضين والجبال فلا جرم يحدث سعالا يابسا لأن البرد واليبس يكثفان الجلد فتعصر المواد من الرأس إلى الحلق وتتضرر الحنجرة وقصبة الرئة وآلات التنفس بسبب كثرة النزلات فأحدثت السعال وبطونا يابسة أي يجعل البراز * يابسا (8) لتوجه الحرارة الغريزية إلى الداخل بسبب تكاثف المسام ونشف الرطوبات وتكثيف جرم الأمعاء المعسر لخروج الثفل وقلة المرة الصفراء المندفعة إلى الأمعاء للتنبيه على خروج ما يخرج وعسر البول لتضرر المثانة لكونها عصبية قليلة الدم بالبرد واليبس ولتوجه المواد إلى المثانة بسبب كثافة عضل المعدة فيندفع رقيقها بسهولة ويبقى غلظها. وذلك موجب للعسر والاقشعرار لاحتقان PageVW2P027A الفضول في الجلد وحواليه وانهضام الحرارة الغريزية إلى الداخل بوساطة البرد الخارجي. ووجعا في الصدر والأضلاع لأن مزاج هذه الأعضاء باردة يابسة لكونها عظيمة عصبية قليلة الدم. وهذه الريح تزداد بردها ويبسها فأحدث الوجع. وقوله خاصة للمراضى تفسيره على قياس ما قلناه في الجنوب وإنما لم يذكر حكم الصبا والدبور لأنه يكون على طبيعة البلد إذ تأثير الشمس في مدادها لا يختلف ولأن ممرها ومهبها إنما هو في مواضع متشابهة للبلد فلذلك لا يكون * مخالفا (9) لهواء البلد مخالفة كثيرة.
6
[aphorism]
قال PageVW0P024A قال أبقراط: الصيف الربيعي يكثر العرق في الحميات.
[commentary]
أقول: إذا كان طبع الصيف شبيها لمزاج البيع أي تكون حرارته ويبوسته قليلتين فيكثر العرق في الحميات لكثرة الرطوبات المحفوظة برد الشتاء التي لا تتحلل بجملتها في الربيع الباقية إلى الصيف أو لتضاعف الرطوبات وتزايدها في هذا الوقت لكثرة تناول الفواكه الرطبة المجذبة بحرارة الصيف إلى سطوح البدن ولم يتحلل بسبب رطوبته الهواء فكثر العرق لا سيما في أوقات البحران.
7
[aphorism]
قال قال أبقراط: احتباس المطر في السنة تحدث الأمراض الحادة.
[commentary]
أقول: غذا احتبس المطر فيجب الهواء أو تنشف الرطوبات المائية من البدن فيصير ما فيه غليظ القوام، ويحصل كيموسات مرية محتدة حدثت حميات حادة وأمراض يابسة لأجل حدة الأخلاط. وغلبة اليبس عليها لتوفر التحلل وقلة العفونات ولقلة النوم في هذا الوقت. فيكون أكثر الأمراض صفراويا PageVW2P027B احتراقيا سريعة الانقضاء. ويمكن أن يحتمل قوله الحادة على حدة المادة ولذع الملمس لا على الحدة المقابلة للزمانة. وإنما قال أمراض حادة دون حميات حادة كما وقع في عبارة الفصول ليكون أعم ويتناول جميع الأمراض الحادة. وإنما قال في السنة لأن الاحتباس في فصل أو فصلين لا يوجب شدة اليبس لعدم دوام السبب زمانا طويلا.
8
[aphorism]
قال قال أبقراط: إذا كان الفصول طبيعية كانت أمراضها قصيرة الزمان غير مختلط حسنة البحران وغيرها بالعكس.
[commentary]
أقول: الفصول الطبيعية وهي التي يكون كل فصل على واجبه أي يكون الهواء في الشتاء باردا غير مفرطة وفي الربيع معتدلا لا في الحر والبرد والأمطار جازية على PageVW0P024B العادة في الصيف حارا ولم يخل عن مطر وفي الخريف معتدلا في البرد واليبس ويكون مطيرا يوجب أن تكون الأمراض قصيرة وغير مختلطة أي غير ممتزج بعضها ببعض كما امتزج غب وربع ونائبة بربع أو دق مع إحدى هذه. وأمثال ذلك قوله حسنة البحران أي يكون بحراناته خالية عن الأمراض الرديئة لجودة القوى. قوله وغيرها بالعكس اي الفصول الغير الطبيعية وهي التي تجري على ضد الطبيعة تكون أمراضها طويلة الزمان مختلطة بعضها ببعض ويكون بحراناتها رديئة لضعف قوى المدبرة للبدن بسبب سوء حالها من قبيل الهواء المحيط بالبدن.
9
[aphorism]
قال قال أبقراط: المرض الخريفي أحد وأقتل والربيعي أسلم.
[commentary]
أقول: يحتمل أن يراد بالحدة الرداءة وحدة المرض المقالبة للزمانة وعلى الأول PageVW2P028A يكون المعنى أن الأمراض في الخريف أردأ وأقتل لكون الخريف تلوا للصيف وقد احترقت الأخلاط فيه وضعفت القوى واندفعت الفضول التي كانت تتحلل من ناحية الجلد إلى قعر البدن فاحتقنت فيه وما تحللت سيما إذا حصلت كيموسات رديئة بسبب تناول الفواكه فيزيد في الرداءة ولاختلاف مزاجه من برد الغذوات والليالي وحر الظهائر فاحتدب المواد وعلى الثاني يكون معناه المرض الخريفي أحد لقلة المواد بالتوفر التحلل في الصيف سخونتها وضعف القوى. فإن قويت على دفع المرض بسرعة فزاك وإلا خارت بسرعة. قوله وأقتل المصادفة المواد الرديئة لقوى ضعيفة بسبب قلة الدم والأرواح. قوله والربيعي أسلم لأضداد * ما (10) قلناه في الخريف بسبب اعتادال هوائه وجودة الدم PageVW0P025A وكثرة الأوراح فيه وليس لقائل أن يقول هذا يناقض قول ط الربع الصيفية أقصر والخريفية أطول لأن الاعتبار ههنا بحسب النسبة إلى الربيع دون الصيف.
10
[aphorism]
قال قال أبقراط: الخريف لذي السل رديء.
[commentary]
أقول: السل قرحة في الرئة وقد يقال على الحمى الدقية ودق الشيخوخة وهو تسمية الشيء باسم لازمه. وإنما كان الخريف رديئا للجميع لأجل برده ويبسه تفيض الصدر المانع من التنفس وتتضرر آلات النفس وخشن الحلوق وتصلب فتزيد في السعال والتعرق وهو لا يحتاجون إلى الترطيب العظيم.
11
[aphorism]
قال قال أبقراط: كون الشتاء قليل المطر شماليا والربيع مطيرا جنوبيا يحدث بالصيف حمى حادة ورمد واختلاف الدم سيما لمن PageVW2P028B طبيعه رطب.
[commentary]
أقول: إذا كان الشتاء باردا يابسا والربيع حارا رطبا حدث في الصيف حمى حادة لاجتماع سببها ومادتها فيه لأن هيولاها الرطوبة وفاعلها الحرارة لا سيما في أبدان كثيرة الرطوبة مثل النساء والصبيان لشدة استعداد هؤلاء للأمراض الرطبة. ورمد أي وجع العين أو المصطلح أو هو ورم في الملتحمة لامتلاء الرأس ودفعه إلى العين سيما إذا كانتا صغيرتين. وفي الأكثر يكون الرمد يابسا لمرارة الأخلاط حينئد بسبب ورود الصيف على ربيع حار. واختلاف دم أي إسهال دم لميل الرطوبة العفنية المرارية لأخلاط وحينئد المسحجة إلى الأمعاء بسبب كثرة النزلات. فإن قلت ينبغي أن يعتدل برطوبة وحرارة الربيع فلا يحدث الأمراض المذكورة. قلت على تقدير دوام الربيع على الرطوبة.
12
[aphorism]
قال قال أبقراط: كون الفصلين على العكس مسقط للأجنة أو ممرضها طول العمر ويعرض لغيرها اختلاف الدم والرمد اليابس وللكهل نزلة سريعة الزوال.
[commentary]
أقول: إذا كان الشتاء والربيع على عكس ما قلناه في الفصل المتقدم أي يكون الشتاء حارا رطبا والربيع قليل المطر شماليا سقطت الحوامل اللأجنة لتخلخل أبدانهن في الشتاء الحار الرطب وهجوم برد الربيع عليهن ووصوله إلى أعماق أبدانهن أو لانحصار الرطوبات الكثيرة المجتمعة بسبب احتباس الطمث مدة الحمل PageVW0P025B وحركتها إلى أسفل فيزداد ابتلائها وثقلها وخصوصا اللواتي قد قاربن الولادة. وإن لم تسقط وولدت تكون الجنين مستماما لكثرة عروض الأمراض العفونية وضعيف الحركة لكثرة الرطوبات PageVW2P029A المرخية لأعضائه فإن كانت قوية ضعيفة مات سريعا، وإلا بقي منهوكا طول العمر. قوله ويعرض لغيرها أي لغير الأجنة من سائر اليابس اختلاف الدم لأن الدماغ امتلأ من البلاغم المالحة في مثل ذلك الشتاء. فإذا عصره برد الربيع تنزل تلك البلاغم إلى المعدة والأمعاء وحرقتها بملوحها * وسحجتها (11) . والرمد اليابس لكثرة ما ينزل من دماغهم إلى أعينهم سيما إذا كانتا ضعيفتين ولأن البرد الربيعي يكثر السطح الخارج من العين فيمتنع التحلل والسيلان. قوله وللكهل نزلة سريعة الزوال يحمل أن تزداد النزلة كل ما ينزل من الرأس إلى أسفل من الأعضاء مطلقا. وإن يراد بها ما ينحدر إلى الرئة وقصبتها فقط. وقيل المراد بها هنا السكتة والفالج. والمراد بسرعة الزوال القتل سريعا أي إذا حدث للكهول هذه الأمراض تقتلهم سريعا. وذلك لأجل نفوذها في مجاري أرواحهم بسبب كثرتها. وخصت الكهول دون المشايخ لضعف أعصابهم بواسطة برد مزاجهم بسبب رطوباتهم فلا يمكن من النفوذ للغلظ في تلك المجاري فيحتمل أن يكون المراد بالسرعة انقضاءها لأن مثل هذه النزلات يعقبها الضعف بخلاف النزلات الخريفية ويحتمل أن يكون معناها أن بحران هذه النزلات تكون سريعا وإن كان شأن سائر النزلات أن تطول. وكلام المصنف المختصر دل على هذا المعنى لأنه قال سريعة الزوال ولم يقل يهلك أو ينقضي.
13
[aphorism]
قال قال أبقراط: كون الصيف قليل المطر شماليا والخيرف مطيرا جنوبيا يحدث في الشتاء صداعا صعبا وسعالا وبحوحة وزكاما وسلا.
[commentary]
أقول: إذا كان الصيف قليل الحرارة PageVW2P029B كثير اليبوسة والخريف حارا رطبا امتلأت الرأس فضولا وبسبب هجوم الشتاء احتبست الفضول وأحدث صداعا شديدا لكثرة المادة ولا يخلو عن حدة لإحداث الخريف الرطوبة احتدادها بيبوسة الصيف. وإذا سالت إلى أسفل فما انحدر PageVW0P026A إلى الأنف أوجب الزكام وهو يجلب فضول رطبة من البطنين المقدمتين من الدماغ إلى الأنف. وما انحدر إلى الحلق أحدث بححوحة أي تغير الصوت. وما انحدر إلى قصبة الرئة أحدث السعال وهو حركة تندفع الطبيعة بها أذى عن الرئة والأعضاء التي تتصل بها. وذلك لشيء في الرئة يحتاج إلى أن يخرج. ويحدث سلا إذا انصبت إلى الرئة وتقرحت في المستعدين لذلك، وهم الذين دماءهم دقيقة ضعيفة. وإنما لم يحدث الإسهال الدموي لكثر برد الشتاء وحدة المواد فلو نزلت إلى الأمعاء لم تكن لها قوة الإسحاج.
14
[aphorism]
قال قال أبقراط: كون الخريف شماليا يوفق من طبعه رطب ويعرض لغيرهم رمد يابس وحميات حادة وزكام مزمن ووسواس سوداوي.
[commentary]
أقول: إذا كان الخريف شماليا يابسا سيما إذا كان الصيف المتقدم عليه قليل المطر شماليا ينتفع به المرطبون مثل النساء والصبيان ويوفق أمزجتهم وصاحب الأمراض الرطوبية مثل الاستسقاء وغيره لأن رطوبة أبدانهم تعتدل. ويعرض لغير المرطوبين رمد يابس لتضرر أعينهم بيبوسة الهواء وبرده وحميات حادة لاحتداد موادهم وزكام مزمن لغلظ المواد العسرة النضج ومنع التحلل بسبب برودة الهواء ويبسه. ووسواس سوداوي لاستيلاء اليبس على أمزجتهم PageVW2P030A فيصير اللطيف من المواد صفاء ويحترق الغليظ ويصير سواء غير طبيعية ويشوش.
15
[aphorism]
قال قال أبقراط: قلة المطر أصح.
[commentary]
أقول: الهواء اليابس المتدل أصلح للصحة من الهواء الرطب لأن الرطوبة تحدث العفن في الأبدان لما تجتمع فيها والأخلاط واليبوسة تفني ذلك وتخففها. ولأن اليبس المعتدل يشد الأعضاء ويقويها والرطوبة ترخي الأبدان وتبلد وتكثر الفضول ولأن تحلل الفضول في أوقات قلة المطر أكثر لأن للغذاء فضلين في الهضم الثالث مائي ودخاني وهما جميعا يحلان في الهواء اليابس أكثر، فكان المرض أقل والبدن أصح. ومتى كان كذلك كان الموت أقل. وإنما قال قلة المطر أصح ولم يقل عدم المطر PageVW0P026B لأنه في غاية الرداءة لكونه مجففا جدا.
16
[aphorism]
قال قال أبقراط: عند كثرة المطر تحدث حميات طويلة وإسهال وعفن وصرع وسكات وذبحة. وعند قلته سل ورمد ووجع المفاصل وتقطير البول واختلاف دم.
[commentary]
أقول: إذا كثر المطر كثرت الرطوبات فكانت الأبدان مستعدة للتعفن فتحدث حميات طويلة لاحتياج نضجها إلى طول الزمان؛ وإسهالا لانحدارها إلى البطن وعفنا لكثرة الرطوبات أيضا؛ وصرعا وسكتة بلغميين بسبب اجتماع البلاغم في الدماغ. فإن كانت كثيرة أحدث السكات. وإلا فالصرع. وذبحة وهي ورم حار في العضلات من خانق الحلقوم التي بها يكون البلغم وفي العضلة الموضوعة على فم المري والحلقوم وفي بطانه المري. وقيل هي ورم الغلصمة ويظهر قدام الحلق من الأبدان إلى أذن كالطوق. ولذلك تقال له الذبحة لكثرة ما نزل من PageVW2P030B الدماغ إلى الحلق وبلوغه إلى حد يزاحم مجرى النفس. قوله وعند قلته أي يحدث عند قلة المطر سل لكون الفضول يابسة مرية لذاعة. فإذا سالت إلى الرئة قرحتها. ورمد بسبب حدة المادة من يبوسة الهواء. ووجع المفاصل لحدة الرطوبات وكراهتها على الطبيعة. وإن قلت فتندفع إلى الأطراف والرباطات. وتقطير البول لشدة إيلام آلاته لما يخالطه من المواد الحادة المحرقة للمجرى. واختلاف الدم لانصباب المواد المتحجة المقرحة إلى الأمعاء. والفاضل جالينوس استبعد جميع ذلك قائلا إن السل يعرض لبرد يصعد بعض عروق الرئة أو بسبب السخونة والرطوبة اللتين تملآن الرأس وتنحدر * نزلة (12) منه إليها، اللهم إلا أن يراد باسل الهزال المفرط أو الدق. أقول: ويحتمل أن يراد بالسل سل العين وهو نقصان الرطوبات وتمدد الرطوبات وفناء الرطوبة البيضية أو قلتها جدا حيث يكاد أن ينضم عليها أجفانها وربما ذهب البصر. وعلى هذا اندفع استبعاد الفاضل جالينوس. وأن سبب وجع المفاصل تجلب الفضول إلى المفاصل. ولا شك في قلته عند يبس الهواء اللهم إلا إن يفهم من وجع المفاصل عسر حركاتها PageVW0P027A التابع لليبس لكن إطلاق وجع المفاصل عليه ينافي في العرف. وأن تقطير البول إنما يحدث من حدة البول وضعف القوة الماسكة التابع للرطوبة. وأن اختلاف الدم بسبب رطوبة الهواء واليبس يولد الإمساك.
17
[aphorism]
قال قال أبقراط: الشمال يقوي البدن ويجود الحركة يحسن اللون ويصفي السمع ويجفف البطن ويلذع العين ويزيد في وجع نواحي الصدر. والجنوب PageVW2P031A تحل القوة ويرخي البدن ويثقل الرأس والسمع ويحدث سدر العين وعسر الحركة ولين البطن.
[commentary]
أقول: إذا كان * الهواء (13) في يوم أو أكثر باردا يابسا يقوي البدن لتحلل الرطوبات المرخية بسببه وجمع البدن ببرودة * ولمنع (14) الحرارة الغريزية عن التحلل الكثيرة وتجود الحركة أي حركة الأعضاء وأفعالها وقوتها لكثيفة المسام وحصر الحار الغريزي في الداخل وحسن اللون لجودة اشتخال القوى الطبيعية على الغذاء وهضمها وحصول الكيموس اللطيف توجهه إلى الجلد ويصفي السمع لعدم صعود الأبخرة المكدرة بسبب جوده الهذم وتجفيف الرطوبات المرخية البالة هو يجفف البطن لأن جودة الهضم موجب لكثرة الغذاء وقلة الفضلات. وكان المندفع قليلا ويلذع العين لشدة تخلخلها ولطافتها وقوة حسها فيعرض فيها برد الشمال ويلذع ويزيد في وجع نواحي الصدر لأن الصدر ونواحيه كثير العظام والأعضاء. فإذا نفذ الهواء البارد اليابس فيها وقد كان فيها وجع متقدم هيجته وقبضتها ببرده ويبسه. ويمنع تحلل المادة الموجعة بتكثيفه المسام فيبرد في الوجع. قوله والجنوب أي إذا كان الهواء في يوم أو أكثر حار رطبا تحل القوة لإرخائه وتحليله لأن فعله ضد لفعل الشمال ويثقل الرأس والسمع لكثرة الأبخرة المتصاعدة وقبول الدماغ لها بسبب ضعفه واسترخائه. وسدر العين أي ظلمة بسبب كثرة صعود الأبخرة الرديئة وثوران الموادة وضعف القوى بالحرارة والرطوبة المرطبتين. ويحتمل أن يراد بالسدر المصطلح وهي علة تنفي الإنسان PageVW0P027B بحدوثه باهتا PageVW2P031B ويجد في رأسه ثقلا عظيما وفي عينه كدورة. وربما وجد طنينا في الأذنين وربما زال معها عقله. لكن عبارة المصنف مشعر بالمعنى الأول وعسر الحركة لابتلال الأعصاب والرباطات استرخائها بالرطوبة الفضلية. ولين البطن لضعف الهضم وضد ما قلناه في الشمال.
18
[aphorism]
قال قال أبقراط: المراهقون والفتيان في الربيع وأول الصيف أفضل حالا والمشايخ في باقيه وطرف الخريف والمتوسطون في باقيه والشتاء.
[commentary]
أقول: عنى * بالمراهقين (15) جميع أصحاب النمو، وإنما كان حلهم وحال الفتيان أفضل في الربيع لأنه أعدل الفصول طبعا. وكذلك أوائل الصيف المشاكل له. وهم أعدل الناس مزاجا فبالاعتدال يحفظ الاعتدال دون الفصول الأخرى لأن المزاج الأصلي لهؤلاء رطب فيتضررون بجميع الكيفيات المفرطة. قوله والمشايخ في باقيه إلى آخره أي حال المشايخ في باقي الصيف وطرف الخريف أي أوائله لأنه في حكم أواخر الصيف أفضل لاعتدال مزاجهم لحرارة الصيفية ونشف الحرارة اليبوسة رطوباتهم الفضلية. قوله والمتوسطون إلى آخره أي حال المتوسطين وهم الذين في سن الوقوف والذين هم في أوائل سن الكهول أفضل في باقي الخريف والشتاء لأنهم محرورون فيحسن حالهم وينتفعون ببردهما. أما أصحاب الوقوف فلاعتدال حرارتهم الكائنة للمرة الصفراء. وأما الكهول فلقوة هضمهم.
19
[aphorism]
قال قال أبقراط: بعض الأمراض مع عمومها الأوقات أولى بالحدوث من بعضها.
[commentary]
أقول: إن الأمراض كلها ممكنة الوقوع في جميع الفصول الأربعة لاختلاف الأبدان في الاستعدادات PageVW2P032A وسائر التدابير إلا أن بعضها أولى لحدوث في بعض الفصول وهي الأمراض المناسبة لكيفية الفصل مثلا المرض الحار الرطب في الربيع أكثر والحار اليابس في الصيف أكثر والبارد اليابس في الخريف أكثر والبارد الرطب في الشتاء أكثر.
20
[aphorism]
قال قال أبقراط: في الربيع يحدث الجنون والوسواس السوداوي والصرع وانبعاث PageVW0P028A الدم والذبحة والزكام والبحوحة والسعال والعلة القشرة للجلد والقوابي والبهق والبثور الكثيرة المتقرحة والخراجات وأوجاع المفاصل.
[commentary]
أقول: اعلم أن الربيع من حيث هو الربيع ليس مولدا للأمراض من قبل طبيعته لأنه أصح الفصول، لكن لاعتدال هوائه يسيل المواد في الشتاء فيولد كل مادة المرض اللائق بها فيحدث الجنون وهو تغير الظنون والفكر عن المجرى الطبيعي إلى الفساد وإلى الخوف لمزاج سوداوي يوحش روح الدماغ ويفزعه بظلمته. وأنواعه تسعة المراقي والقطرب والمانيا وداء الكلب والصبارا واختلاط العقل والهذيان والرعونة والحمق والعشق إذا كانت المادة * سوداوية (16) حادة محرقة يحصل في الدماغ فأحدث الجنون ويحدث الوسواس إذا لم تكن بتلك الحدة ويحدث الصرع بجمود الأخلاط فيه وسد طريق الغذاء ولأرواح بسبب برد الغدوات والعشيات وتوجه المواد من أسفل إلى فوق وترققها فيه بسبب حر الظهائر. ويحدث انبعاث الدم من المواضع السهلة الانصداع لكثرة الدم وحدته. والذبحة لسيلان الرطوبات. فإذا سالت من مقدم PageVW2P032B الدماغ إلى المنخرين حدث الزكام. وإذا سالت إلى الصدر حدث السعال والبحوحة والاندفاع المادة إلى الجلد بحدث القوابي إذا كانت محرقة وهي خشونة تعرض في ظاهر الجلد مائلة لونها إلى السواد مرة وإلى الحمرة أخرى. وإذا لم تكن شديدة الإحراق يحدث البهق وهو تغير لون الجلد إلى السواد. ويحدث البثور الكثيرة والخراجات بكثرة المواد. ويحدث أوجاع المفاصل لسيلان المواد إلى الأطراف وقبول المفاصل لها لما فيها من الخلل.
21
[aphorism]
قال قال أبقراط: وفي الصيف بعض المرض الربيعي وحميات دائمة ومحرقة وغب وقيء وذرب ورمد ووجع الأذن وقروح الفم وعفنه وحصف.
[commentary]
أقول: يعرض في أوائل الصيف يعون الأمراض الربيعية لأن أوائله مشابهة لطبيعة أواخر الربيع فإن PageVW0P028B أول كل فصل شبيه بآخر المتقدم لئلا ينتقل الأبدان من هواء إلى مباين له دفعة ولكنه يكون أقل وأسرع انفصالا لقوة الحرارة المحللة. وحميات دائمة كالغب اللازمة وغب دائرة ومحرقة لكثرة الفاكهة الموجبة لعفونة الخلط فالعفونة إن كانت خارج العروق فالحمى عب دائرة وإن كانت داخل العروق بقرب القلب والكبد فالحمى محرقة وإلا غب لازمة دائمة وتحدث الدائمة من الدم أيضا إذا عفن لغليانها لأجل مائيتها المكتسبة من الفواكه لأجل الحرارة وخاصة في آخره. وقيء لميل المرة إلى المعدة وطفوئها فيها. وذرب لانحدارها إلى الأمعاء ورمد لما يتصعد إلى العينين من المرار. ووجع الأذن PageVW2P033A لكثرة ما يندفع إليها من المرار فإن مرار الدماغ يندفع بالطبع إلى الأذن ولذلك وسخها مر. وقروح الفم لما يتصعد من المعدة الأبخرة الصفراوية وعفنه أي عفن القروح إذا كان الصيف جنوبيا أو مائلا إلى الرطوبة قليلا قليلا لأجل الحرارة. وحصف هو بثور صغار شوكية كززة تنقشر في ظاهر الجلد يحصل من العرق المراري اللذاع المحرق للجلد بحدته.
22
[aphorism]
قال قال أبقراط: وفي الخريف أكثر المرض الصيفي وربع ومختلط وطحال واستسقاء وسل وتقطير البول وخلفة الدم وزلق ووجع الورك والربو وإيلاوس والصرع والجنون والوسواس السوداوي.
[commentary]
أقول: أي ويعرض في الخريف لقلة التحلل أكثر المرض الصيفي أعنى الحادثة عن مواده وخصوصا في أوله لمشابهته له. وأما الصيف فإنه وإن عرض فيه بعض أمراض الربيع فإنه تكون قليلة لأنها من الرطوبات وهواء الصيف قوي التحليل. وإذا حدث في الخريف مرض الصيفي دام يعسر تحلل مادته. وربع لميل الأخلاط إلى السوداوية. وحميات مختلطة أي مركبة من * الصفراء (17) والسوداء والبلغم. أما الفصراء فلما تولد في الصيف واحتبس فيه. وأما السوداء فلأنها من مقتضاياتها. وأما البلغم فلضعف الهضم لأجل اختلاف PageVW0P029A الهواء وضعف الحار الغريزي بتحليل الصيف. وطحال بضم * الطاء (18) ورم الطحال ونفخه وإنما يكون لكثرة السوداء وانحصارها في الباطن مع ضعف الأحشاء وضعف الهضم المكثر للرياح وخاصة. والربع يلزمها في الأكثر ضعف الطحال. واستسقاء لضعف الأحشاء وسوء الهضم وإضعاف ورم الطحال للكبد PageVW2P033B . وسل لكثرة النزلات الحادة إلى الرئة الموجبة للتفرق الموجب للقرحة فيها. وتقطير البول لبرد المثانة وضعفها بسبب البرد الحادث لكثرة أخلاط الرديئة اللذاعة التي تحتقن بالبرد فإنها تزعج البول للخروج منقطعا. وخلفة الدم أي الإسهال الدموي لكثرة النوازل الحادة المنصبة إلى الأمعاء المحجة لها فتنفخ أفواه العروق التي في الأمعاء ويسيل الدم منها. وزلق المعدة وهو عبارة عن خروج الغذاء على حاله من غير أن يتغير لونه لضعف القوة الماسكة بتغير مزاج المعدة بسبب تغير الهواء واختلافه. ووجع الورك وهو الذي يسمى عرق * النسا (19) لغلظ المواد وإضرار الهواء المختلف بالأعضاء الباردة. والربو وهو ضيق في النفس يشبه نفس المتعب لكثرة النزلات وإضرار الهواء المختلف بآلات التنفس. وإيلاوس وهو مغص عن سدة في الأمعاء الدقاق وهو نوع من القولنج لتخفيف يبوسة الهواء فضلات الغذاء قبل إتيانها إلى الأمعاء الغلاظ. والصرع لفساد الأخلاط وضعف الأدمغة بالهواء المختلف. والجنون والوسواس * السوداوي (20) لكثرة السوداء.
23
[aphorism]
قال قال أبقراط: وفي الشتاء ذات الجنب والرئة والزكام والبحوحة والسعال وأوجاع الجنبين والقطن والصداع والسدر والسكات.
[commentary]
أقول: اعلم أن الشتاء لا يعرض فيه مرض خريفي لقوة الهضم وكثرة الأخلاط المحمودة فيه، لكن لقوة البرد وإضراره بالأعضاء الباردة ووصول الهواء إليها وعصرة المواد وتحركها إلى أسفل تعرض فيه الأمراض المناسبة فتحدث فيه ذات الجنب أي سوء مزاجه PageVW2P034A أعم من أن يكون ورما أو غيره. وبالحقيقة هي ورم في الغشاء المستبطن للأضلاع والحجاب الحاجز لنزول المادة إليه واحتباسه فلا يتحلل. والرئة PageVW0P029B أي وتحدث فيه ذات الرئة وهي ورم حار في الرئة من مادة دموية أو صفراوية أو منهما. وذلك بسبب كثرة النزلات وعدم التحلل بسبب البرد الشتوي. ويحدث في الزكام والبحوحة والسعال وأوجاع الجنبين بسبب احتباس المواد في الدماغ أو تراقي الأبخرة إليه واستحالته إلى المائية وتكاثف المسام وعدم التحلل. فإذا انصب إلى الأنف أحدث الزكام، وإذا انصب إلى الحلق أحدث البحوحة وإن انصب إلى قصبة الرئة حدث السعال وإن انصب إلى الجنبين يحدث أوجاعهما. ويحدث فيه وجع القطن لأن طبعه بارد فإذا استولت عليه البرودة وخصوصا إذا اجتمعت في حواليه فضلات بلغمية ساء مزاجه ويحدث في الصداع لاحتباس المواد في الدماغ وعدم نزوله إلى أسفل ويحدث فيه السدر إذا كانت المواد منشورة مغشية للبصر ويحدث فيه السكات لامتلاء الدماغ من البلاغم وسد مجاري الروح.
24
[aphorism]
قال قال أبقراط: الطفل حين يولد يعرض له القلاع والقيء والسعال والتفزع وورم السرة ورطوبة المنخرين.
[commentary]
أقول: أقول: إنما يعرض للطفل القلاع وهي قرحة جلدة الفم واللسان مع انتشار واتساع بسبب جلاء بورقية اللبن ولبن فمه لأن غذاء الجنين كان من طريق السرة فإذا أخذ يغتذى بالفم عرض له القلاع لعدم اعتياده بالمص. ويحدث له القيء لعدم اعتياد معدته بالهضم مع طفوء اللبن وحرص المراضع على زيادة الإرضاع PageVW2P034B فيدفعه بأقرب الطرق. ويحدث السعال لضرر آلة نفسه بالهواء البارد الغير المعتاد وكثرة النوازل. ويحدث له السهر وهو إفراط في اليقظة وخروج عن الأمر المعتاد بسبب قلة احتمال بدنه القمط والربط والتأذية بقطع السرة. ويحدث له التفزع لضعف قواه وتاقي البخار الرديء. وفي بعض النسخ مكان التفزع الصرع وله وجه. ويحدث له ورم السرة لضعفها بسبب القطع فيوجب انصباب المادة المورمة إليها. وتحدث له رطوبة المنخرين لفرط رطوبة دماغه فينصب بعض الرطوبات إلى المنخرين. وفي بعض النسخ بدل رطوبة المنخرين رطوبة الأذنين، وله وجه لأن أكثر نومه PageVW0P030A بل الجميع على الظهر فكان الاندفاع من الأذنين أكثر من المنخرين.
25
[aphorism]
قال قال أبقراط: وقت نبات السن يعرض للطفل مضض اللثة وحمى وتشنج وخلفة وخاصة وقت نبات الناب وللعبل ومعتقل البطن.
[commentary]
أقول: إنما يحدث له المضض وهو وجع في اللثة مع حكة بسبب الاتصال وبروز الشن الصلب من اللين وهي عصبانية فيحس بوجعه وتعرض له الحمى أي اليومية الوجعية أو الورمية أيضا لتفرق المذكورة. ويحدث التشنج أي التواء أعصاب اللثة العارض من كثرة اضطرابه، وذلك للتفرق والصعف. وتعرض الخلفة وهو الإسهال الغير المتتابع، وذلك لسيلان الفضول المرية إلى لطنه بسبب الحرارة الهائجة المذيبة للفضول أو لانصراف فعل الطبيعة إلى تكوين الفضو فيضعف الهضم فيعرض له الإسهال. وقيل ذلك لامتصاص قيح اللثة وهو PageVW2P035A ضعيف فإن هذا التفرق لا يلزمه تقيح. قوله وخاصة وقت نبات الناب أي هذه الأعراض تكون عند نبات الناب أشد لحدة رأسها فيكون تفرقها للاتصال أوجع. قوله وللعبل ومعتقل البطن أي يكون الإسهال للطفل السمين ولمن كان بطنه معتقلا من قبل أكثر. أم للأول فلزيادة رطوبته وأما للثاني فلقلة اندفاع الرطوبة للاحتباس وكثرة امتلائها.
26
[aphorism]
قال قال أبقراط: وقبيل الأنبات ورم الحلق ودخول خرزة القفا والربو والحصى * الحيات (21) والدود والثاليل والخنازير والخراجات.
[commentary]
أقول: يعرض قبل نبات قبل شعر العانة بزمان قليل ورم الحلق لاشتداد الحرارة في هذا السن وتسيلها رطوبات الدماغ إلى الحلق مع دخول خرزة القفا الجذب الورم فينحدب معه الفقرة. ويحدث الربو لكثرة ما نزل من دماغه إلى رئته فتضيق أوعية رئته عندما تمتلئ من الفضول. ويحدث الحصى أي في المثانة لكثرة البلغم والرطوبة الفجة في مثانته مع الحرارة PageVW0P030B العاقدة فتحلل لطيفها وتصلب غليظها ويتحجر. وتحدث الحيات أي الديدان الكبار والدود أي الصغار لكثرة البلغم وقبوله الحيات لقلة أرضية المرة. والثاليل لانعقاد البلغم الغليظ واندفاعه من جهة ظاهر البدن. والخنازير المراد بها البلغمية منها وسببها كثرة نزول المواد من رؤوسهم. والخراجات لأن قواهم تقوى على دفع فضولهم الكثيرة إلى الظاهر.
27
[aphorism]
قال قال أبقراط: وللمراهق أكثر ما مر وحميات أزيد طولا ورعاف.
[commentary]
أقول: يعرض للمراهق وهو الذي بلغ الحلم أي الاحتلام وهو وقت نبات شعر العانة أكثر الأمراض المذكورة PageVW2P035B في الفصل المتقدم للمشابهة في المزاج وحميات طويلة لتوفر حرارة ورطوبة أبدانهم فتتوفر العفونات ولسرعة تغيرها. فإن لسرعة تغير البدن تأثيرا في اختلاف طبيعة الحميات. والحميات المختلفة الطبائع من شأنها أن يطول. ورعاف لأن الدم مع كثرة تولده يتصرف إلى النشوء أقل مما كان يتصرف إليه قبله. فإذا مال بحرارته ولطافته إلى أعالي البدن استفرغه الطبيعة بفتح عروق في الدماغ .
28
[aphorism]
قال قال أبقراط: أمراض الصبيان بحرانها أربعون يوما أو سبعة أشهر أو سبع سنين ووقت الإنبات ويطول ما لم نزل فيه وفي وقت الطمث.
[commentary]
أقول: اعلم أن أبقراط إذا أطلق لفظة الأمراض أراد المزمنة. ولا شك أن الأمر ههنا كذلك وأول بحارين الأمراض المزمنة هو اليوم الأربعون. وإذا كان المرض شديد الأزمان جعلوا الشهر فيه بمنزلة اليوم من الأمراض الحادة بل ربما جعلوا السنة بمنزلة اليوم. فلذلك يأتي في بعضها البحران في سبعة أشهر وفي بعضها في سبع سنين وفي بعضها وقت الإنبات أي في أربعة عشرة سنة وهو ند نبات الشعر في العانة. وذلك نظير اليوم السابع واليوم الرابع عشر ويحدث للبدن عند الرابع عشر انتقال عظيم إلى الكمال والصلاح. فتنهض الطبيعة لدفع الأمراض المزمنة. فمتى لم يقو عليها فمن شأنها أن تطول. وأيضا PageVW0P031A فليس ببعيد أن تستفرغ مواد الأمراض المزمنة عند البلوغ في الذكور بالمني وفي الإناث بالطمث. فتمى PageVW2P036A لم تستفرغ بهما فمن شأنها أن تطول لأن الحرارة الغريزية إذا لم تقو في هذا الوقت على الدفع لم تقو في غيره في مدة يسيرة.
29
[aphorism]
قال قال أبقراط: أكثر ما يعرض للشباب نفث الدم والسل وحمى حادة والصرع.
[commentary]
أقول: كأنه أراد بالشباب الفتى لأن الشباب مختص بسن الوقوف اصطلاحا، وإنما يعرض له نفث الدم لكثرة الدم المراري فيه وقلة انصرافه إلى النشوء فلا يؤمن من انصداع وعروض السل لأنه تابع لنفث الدم أو لحدة نوازله. وجالينوس يزعم أن حدوث هذين المرضين ليس لأجل السن بل لسوء التدبير في الحركات كالوثبة والصيحة والنوم على الأرض بغير وطأ وكثرة الأكل والشرب. والحمى الحادة عروضها له لغلبة الصفراء والدم، وحدوث الصرع في هذا السن. وزعم أن أبقراط في فصل أخر أن الصرع يحدث كثيرا للصبيان فإذا انتقلوا إلى سن أقوى اندفع. والجواب أن المراد بالصرع هنا الصرع السوداوي وثمة الصرع البلغمي فلا منافاة.
30
[aphorism]
قال قال أبقراط: وللكهول الربو وذات الجنب والرئة وحمى سهر به ومختلطة للعقل ومحرقة وهيضة وطول الخلفة وسحج وزلق ونزف عروق السفل.
[commentary]
أقول: إنما يعرض للكهول الربو وذات الجنب وذات الرئة لكثرة النزلات مع قصور الحرارة عن الإنضاج والدفع، ولأنهم يعملون أعمال الشبان ويتدبرون تدبيراتهم وقواهم تضعف عن ذلك لقلة الحار الغريزي فتكثر الفضلات ولا تتحلل وتحدث PageVW2P036B له الحمى السهرية لغلبة اليبوسة على مزاجه. ومختلطة العقل لأجل السهر مع ضعف الدماغ. وقيل على باختلاط العقل السبات فتكون مرضا آخر برأسه ولا يكون تابعا للحمى. وإنما يعرض ذلك لهم لكثرة البلغم في أدمغتهم. وحدوث المحرقة له لاحتراق الخلط في داخل عروقه وكون المادة تقرب القلب. وعروض الحيضة وهو حركة من المواد الفاسدة الغير PageVW0P031B المنهضمة إلى الانفصال بالقيء والإسهال راجعة على البدن على شدة وعنف من الدافعة لسوء الهضم. وطول الخلفة إنما يعرض لنقصان ذهاب الغذاء في بدنه لبطلان النمو ونقصان الهضم. ويحدث فيه السحج لحدة المرار المسحج الجارد وتعين على ذلك كثرة النازل الحادة. وحدوث الزلق لضعف القوة الماسكة ولكثرة البلغم على سطح الأمعاء فتزلق سريعا. وإنما يعرض نزف عروق السفل أي انفتاح عروق البواسير أو الشقاق لأن دمه سوداوي وميله إلى السفل فيكون موجبا لذلك.
31
[aphorism]
قال قال أبقراط: واللشيخ الربو والنزل وتقطير البول وعسره ووجع المفاصل والكلى والدوار والسكات والحكة والقرح الرديء والسهر ولين البطن ورطوبة العينين وظلمة البصر والرزقة وثقل السمع.
[commentary]
أقول: إنما يعرض للشيخ الربو والنزل كثيرا لضعف دماغه مع كثرة الفضول وقلة الحار الغريزي وكثرة النزلات إلى قصبة الرئة. ويحدث تقطير البول لضعف مثانته ولغلظ بوله بكثرة الفضول الفجة فلا يخرج خروجا سهلا. ويحدث عسر البول لضعف دافعته بسبب قلة الحرارة الغريزية وغلبة البرد PageVW2P037A على مثانته. ويعرض له وجع المفاصل لكثرة سيلانه بسبب قلة الحركات. ووجع الكلى إنما يحدث له لكثرة الفضول الغليظة وعجز القوة عن المقاومة فتحدث السدة، وربما ولدت الحصاة بسبب حرارة غريبة. ويعرض الدوار وهو أن يتخيل دماغه وبدنه يدوران فلا يملك أن يثبت لكثرة الأبخرة المتصاعدة لضعف الهضم أو لكثرة الفضول في الدماغ فيتولد منها الريح ويتحرك فيه بحركة مضطربة. وعروض السكات لكثرة الفضلات المجتمعة فلا تتحلل بسبب برودة دماغه أو لتراقي الأبخرة إلى دماغه أو استحالته بالكون والفساد إلى البلغم لعدم التحلل وسدة مجاري الأرواح. وحدوث الحكة والقرح الرديء لبورقية رطوبته الغليظة المالحة وتكاثف جلده فيعسر تحللها. وإنما يعرض له السهر ليبس دماغه PageVW0P032A بالطبع وكثرة همومه وأفكاره وأكثر نومه يطون نعاسا لامتلاء دماغه من الفضول الرطبة. ويحدث له لين البطن بسبب انحدار الفضلات إلى الأمعاء أو لنقصان الاستمراء وقصول الهضم. وإنما تعتريه رطوبة العينين لما يسيل من دماغه مما لم يتم هضمه أو لكثرة الأبخرة المرتفعة إلى رأسه وبكونه بماء تقاطره من الماق الكبرى. وعروض ظلمة البصر لضعف القوة الحاسة وقلة الحرارة الغريزية وكثرة الأبخرة الغليظة. قوله والزرقة هو إفراط يبس الجلدة لفقدان الرطوبة الأصلية. وإنما يعرض اليبوسة أعضاء العين فيقل سواد العينية كما تقل خضرة الزرع إذا أخذ في اليبس أو لغلبة الرطوبة الفضلية PageVW2P037B كما يصفر الزرع إذا أفرط في سقيه. وفي الجملة أن اجفاف موجب لبياض ما وكثرة الرطوبة لصفرة ما. وإذا خلط البياض أو الصفرة بالسوداء حدثت الزرقة. وإنما يعرض له ثقل السمع لضعف القوة الحاسة وقلة الحرارة الغريزية وكثرة الفضول المنصبة من الدماغ إلى الغشاء الطبلي وآلات السمع وبسبب كثرة بخار الرديء المتولد في الأذنين والدماغ بسوء الهضم. * والله (22) أعلم.
PARATEXT|
قال رحمه الله
المقالة ٤
1
[aphorism]
قال أبقراط: ليستفرغ الحامل عند الحاجة في الشهر الخامس إلى السابع فقط. وليستفرغ التقدم قليلا.
[commentary]
أقول: إذا احتاجت الحامل إلى الاستفراغ يستفرغ في الشهر الخامس إلى السابع. ويجوز في أواخر شهر الرابع وأوائل السابع. وذلك لأن الجنين في الأشهر الثلاثة الأول ضعيف لم يكمل ولم يستحكم وفي الأشهر الأخيرة قد كمل وقد احتاج الطبيعة إلى الإمساك ففي هذين الوقتين لا يجوز الإسهال بخلاف ما بين ذينك الوقتين لقوة التعلق حينئذ. فيكون الإسقاط نادرا. وشبهوا الجنين بثمرة الشجرة فكما أنها في أول التكون ضعيفة تسقط بأدنى سبب وعند الإدراك تسقط بنفسها وفي الأوساط قوية التمسك بالشجرة، فكذلك الجنين حذو النعل بالنعل. هذا إذا كان ضررا لإسقاط أكثر من ضرر الاستفراغ. وأما في العكس كما إذا كان PageVW0P032B قولنج صعب ونحوه فالاستفراغ واجب لا محالة في جميع الأوقات.
2
[aphorism]
قال قال أبقراط: ليستفرغ في الصيف بالقيء أكثر وفي الشتاء بالإسهال.
[commentary]
أقول: إن حرارة الصيف تحدث في المواد غليانا وطفوءا ترقي إلى الأعالي PageVW2P038A لكثرة مرارتها فينبغي أن يستفرغ بالمقيات لأنها أوفق لضعف المعدة في الصيف وسخونتها بالحرارة الغريبة واستعمال المسهل يزيدها ضعفا وسخونة وأسهل بحركة المواد إلى أعالى المعدة وأقل خطرا لأن استرخاء آلات الصدر في الصيف تحتمل المتدد اللازم للقيء. قوله وفي الشتاء بالإسهال لأن المواد فيه غليظة وتكون في قعر المعدة وتطلب الأسفل فيكون الاستفراغ بالإسهال أسهل لما ذكرنا وأقل خطرا لقوة المعدة وعدم الحرارة الغريبة فلا تتوفر عليها حرارة الأدوية وإضعافها وأوفق لأمن آلات الصدر والأحشاء من الانصداع. هذا إذا كان الاستفراغ بالمقيئ والمسهل القويين. وأما إذا كان بمثل مزلق أو ماء فاتر أو حقنة لينة أو قبيله فلا تراعى فيه ذلك.
3
[aphorism]
قال قال أبقراط: يعسر الاستفراغ وقت طلوع الشعرى العبور وبقربه.
[commentary]
أقول: الشعرى العبور هو الشعرى اليمانية ويقال لها نجم الكلب وكلب الجبار. وطلوعها في الصيف بعد مضى العشر من آب والخرشيد قبل طلوعها بعشرين يوما أولها أوائل البواحير وهي سبعة أيام أولها اليوم الثامن من عشر من تموز. وإنما يعسر الاستفراغ وقت طلوعها وبقربه أي قبل طلوعها رزمان يسير وبعده بزمان يسير لاستيلاء الحر على الأبدان والتحليل الكثير فلا تحتمل الأدوية المسهلة أو تخلخل البدن في هذا الوقت وجذب الحرارة المواد إلى ظاهر البدن والمستفرغ يجذب الأخلاط إلى الباطن فيتنازعان أو لأن البدن قد حم في ذلك الزمان والدواء يزيده سخونة.
4
[aphorism]
قال قال أبقراط: الفصيف إذا سهل عليه القيء فقيئه لا في الشتاء.
[commentary]
أقول: النحفاء العضاف الأبدان إذا كان عادتهم القيء ولا يضر بصدورهم PageVW2P038B فأمره بالقيء لأن الخلط الغالب عليهم الصفراء فيكون مائلة إلى فوق لكن في الشتاء للعلة المذكورة في الفصل المتقدم.
5
[aphorism]
قال قال أبقراط: معتدل اللحم أعطى PageVW0P033A المسهل لا في الصيف.
[commentary]
أقول: قول المتوسط اللحم وأن سهل عليه القيء فإنه يستفرغ بالإسهال خصوصا في الشتاء لأن الأخلاط غليظة بالنسبة إلى القضيف لا في الصيف لأنه يؤدي إلى التجاذب بين هواء الصيف والدواء فيعسر ويضر.
6
[aphorism]
قال قال أبقراط: لا يستفرغ المسلول بالقيء.
[commentary]
أقول: المسلول يتضرر بالقيء لأن القيء تمدد آلات الصدر فيكون موجبا لزيادة التفرق والقرحة في الرئة لأنه مفتقر إلى زيادة الرطيب ومنع التحلل فلا يتعرض بالمستفرغ خصوصا القيء.
7
[aphorism]
قال قال أبقراط:السوداوي يستفرغ بالمسهل الأقوى.
[commentary]
أقول: صاحب المرض السوداوي يجب أن يكون مسهله أقوى وأغلظ قواما وبدفعات لغلظ المادة وعصيانه وأرضيتها. وذلك لتحصيل النقاء التام. ولا ينحدر بسعرة ولا يكون فيه خطر.
8
[aphorism]
قال قال أبقراط: من به وجع حول السرة وفي القطن يقع في الاستسقاء الطبلى.
[commentary]
أقول: من عرض له مغص أي وجع في الأمعاء وحول السرة والقطن ولم ينتفع بالمسهل والكماد والحقنة يؤول حاله إلى الاستسقاء الطبلى لأن المغص إن كان من لذع المرة الأمعاء فينتفع بالمسهل وإن كان من ريح فبالكماد. وإن كان من خلط خام فبالحقنة. فإذا لم ينتفع بهذه المذكورات دل على أن في لفائف الأمعاء ة وفي الصفاق مادة باردة رطبة عملت فيها حرارة قليلة فأحدثت الرياح. وذلك موجب للاستسقاء الطبلى. وعند حنين ابن اسحاق إن مثل هذا المغص يكون * من (1) PageVW2P039A بلغم خام يجتمع في طبقات الأمعاء ويسد مجاري الكبد ويضعفها ويبردها فيحدث الاستسقاء. فعلى هذا لا يختص الاستسقاء بالطبلى بل وحدوث الزقي أولى.
9
[aphorism]
قال قال أبقراط:من به زلق الأمعاء تعذر تقيئه في الشتاء.
[commentary]
أقول: الزلق هو أن لا يلبث الطعام في المعدة والأمعاء بل ينزل سريعا والمادة الموجبة له لا يخلو إما أن يكون غليظة فاستفراغها رديء لا يسما في الشتاء لميلها إلى أسفل أو خلطا حادا دمويا فيزيدها الدواء المقيئ لذعا وسوء مزاج وإن كان من ضعف قوة الماسكة المعدة والأمعاء فيحتاج في التقوية إلى أدوية قابضة والأدوية المقيئة يجب أن تكون مرخية لذاعة فبينها تضاد. وإن كان من بلغم يلتقص على سطح المعدة والأمعاء فالدواء المقيئ لا تقدر على جذبه PageVW0P033B لأن جذب الغليظ من المعدة بالقيء يعسر فكيف إذا كان في الأمعاء. واعلم أن مادة هذا المرض إذا كانت صفراء حادة وفي المعدة فقط وكان الزمان صيفا يجوز استفراغها بالقيء.
10
[aphorism]
قال قال أبقراط: شارب الخربق المتعسر عليه القيء يرطب بالغذاء والراحة.
[commentary]
أقول: معناه أن من أراد أن يشرب الخربق الأبيض لنقاء بسهولة وجب أن يرطب البدن بالغذاء أولا وبالراحة أي بالسكون وقلة الحركة والاستحمام وترك الفكر لأنها ترطب البدن بالعرض لحفظها على البدن رطوباته ويمرخ ظاهر البدن خصوصا المعدة وحواليه بالأدهان ويعد الأعضاء لقبول الامتداد اللازم للقيء لتقاوم الجفاف اللازم من شرب الخربق. وهذا لا يختص بشرب الخربق بل عام لجميع الأدوية PageVW2P039B القوية وكان ذكر الخربق دون غيره لكثرة استعمالهم إياه في الزمان القديم.
11
[aphorism]
قال قال أبقراط:ليحرك شارب الخربق لتثويره الخلط ويدل عليه رطوب السفن ولا ينوم لمنعه من الاستفراغ.
[commentary]
أقول: معناه أنه إذا أسقي الخربق لاستفراغ الخلط الغليظ من فوق وأريد إخراج المواد الكثيرة فينبغي أن يحرك شاربه حركة معتدلة لأنها تسخن الأخلاط وتثورها وتقينها القوة الدافعة وتحركها إلى فوق فتندفع باقيء بسهولة. والدليل على ذلك الركوب في السفينة فإنه يحرك المواد. قوله لا ينوم أي شارب الخربق لأن في النوم تتوجه الحرارة الغريزية إلى الداخل ويقاوم الدواء فيبطل فعله. وعلم من مفهومه أنا إذا أردنا تسكين الأخلاط وحبس الإسهال، نأمر بالنوم.
12
[aphorism]
قال قال أبقراط: شرب الخربق يشنج الصحيح.
[commentary]
أقول: معناه أن البدن الصحيح إذا كان نقيا من المواد الفاسدة فإخراج المادة منه رديء بأي دواء كان، فكيف بالخربق لأنه يخرج الرطوبات المحتاجة إليها ويحدث التشنج اليابس وربما يحدث التشنج الرطب لتحريكه المواد الساكنة وتسييلها إلى الأعضاء.
13
[aphorism]
قال قال أبقراط:تقيئ من به عدم الشهوة ونخس الفؤاد وسدر ومرارة فم غير محمود.
[commentary]
أقول: يريد بنخس الفؤاد وجع فم المعدة مجازا، وقيل المراد به الخفقان فلا مجاز. والسدر ظلمة البصر. PageVW0P034A معناه من كان به عدم شهوة ووجع فم المعدة وسدر ومرارة فم وكان غير محمود فعلاجه أن يؤمر بالقيء لأن مثل هذا المرض PageVW2P040A صفراوي والصفراء بالطبع مائلة غلى فوق، فالدفع بالجهة الأقرب أولى.
14
[aphorism]
قال قال أبقراط: ما في فم المعدة يستفرغ بالقيء وما في أسفله بالإسهال.
[commentary]
أقول: هذا الفصل ظاهر غني عن الشرح إلا أنه إنما قال ما في فم المعدة لا كما قاله في الفصول الأوجاع التي فوق الحجاب لأنه محل نظر. فإن القيء لا يجوز في ذات الجنب وذات الرئة وذات الصدر مع أن الوجع فيها فوق الحجاب والإسهال لا يجوز في وجع الكلى الحصوي مع أن الوجع تحت الحجاب.
15
[aphorism]
قال قال أبقراط: شارب الدواء لا يقطع إسهال ما لم يعطش.
[commentary]
أقول: معناه أنه إذا استفرغ بالدواء ولم يعطش شاربه العطش الذي بسببه شرب الدواء المستفرغ لا غيره لا يقطع غنه الاستفراغ حتى يعطش فيقطع حينئذ والعطش بعد عمل الدواء دليل على أن الرطوبات الفضلية قد استفرغت على التمام وأخذ الدواء يعمل في الرطوبات المحتاجة إليها فالقطع واجب.
16
[aphorism]
قال قال أبقراط:غير المحمود إذا أصابه مغص وثقل ووجع في الركبتين والقطن يستفرغ بالمسهل.
[commentary]
أقول: معنى حصول هذه الأعراض المذكورة توجب الاستفراغ من أسفل لأن سببها خلط بارد فج غير عفن وغير مراري في الأحشاء وأسافل الدبن فاستفراغه بالمسهل أولى لما مر غير مرة إن كان المريض غير محمود لأن الحمى نفسها أيضا يوجب الإسهال من أسفل خوفا على الرأس من تضرره بالمواد لو استفرغ بالقيء.
17
[aphorism]
قال قال أبقراط:البراز الأسود من غير مسهل مع حمى وغيرها رديء وأكثره أردأ ومع المسهل PageVW2P040B بالعكس.
[commentary]
أقول: البراز الأسود الذي يخرج من تلقاء نفسه بل كل ما يخرج ولم يكن على لون طبيعي رديء لأنه إن كان مع الحمى يدل على احتراق شديد ومع غير الحمى على الجمود وقلة الحرارة الغريزية. وفي الجملة يدل على أن الطبيعة عاجزة عن إصلاحها وجذبها لفسادها ويدفعها لإضرارها بها. والكل رديء. PageVW0P034B قوله ومع المسهل بالعكس أي البراز الأسود متى خرج بالدواء المسهل يكون محمودا لأنه يدل على جودة فعل الدواء إذ أخرج الفاسد الضار.
18
[aphorism]
قال قال أبقراط:خروج السوداء من أسفل أو فوق أول المرض يدل على الموت.
[commentary]
أقول: خروج السوداء الصرفة أول المرض من أسفل بالإسهال أو البول أو من فوق بالقيء من غير دواء يدل على الموت لأنها لا يخرج في المبدأ قبل النضج إلا بحالة رديئة أو لأن الاحتراق والجمود في الابتداء إذا كان بهذه الحد ففي زمان التزيد وجب أن يفرط ويقبل أو لأنه يدل على استحالة الأخلاط كلها إلى السوداء وإلا تدفع الطبيعة الأخلاط الغليظة أولا لأن شأن الطبيعة أن تخرج الرقيق أولا هذا. فأما إذا كانت تخرج في أواخر المرض بعد النضج فذلك دليل محمود.
19
[aphorism]
قال * قال أبقراط (2) : ضعيف القوة إذا خرج منه السوداء أو ما يشبه الدم الأسود ما غد يومه.
[commentary]
أقول: يعني من ضعف قوته من المرض الحاد أو المرمن وخرج منه السوداء أو ما يشبه الدم الأسود بالقيء أو البراز أو البول ما غد يومه لأنه هذا يدل على زيادة الأخلاط واستحالتها إلى طبيعة الخلط الرديء والقوة الضعيفة لا تفي بدفعها والفرق بين البراز الأسود والدم الأسود وجمود الدم PageVW2P041A كما انحدر وبقاء البراز ذايبا وبين البراز الأسود والمرة السوداء بالتلذع وغليان الأرض في المرة.
20
[aphorism]
قال قال أبقراط:ابتداء الخلفة بالسوداء دليل الموت.
[commentary]
أقول: المراد بالخلفة الإسهال الدموي الغير المتتابع. معناه أنه إذا تغير لون الدم في الخلفة إلى السواد دل على الموت لدلالته على أن القرحة سرطانية وهي مكروهة في ظاهر البدن فكيف في الباطن.
21
[aphorism]
قال قال أبقراط: خروج الدم من فوق مطلقا رديء ومن أسفل مع سواد أجود.
[commentary]
أقول: المراد بخروج الدم من فوق ههنا خروجه بالقيء أو النفث وبخروجه من أسفل انفتاح أفواه عروق المعدة لأن ما سواها PageVW0P035A كالرعاف واللثة الدامية والإسهال مما لها أسماء تخصها فالعبارة عنها بأسمائها أولى. وإنما كان خروجه من فوق رديئا لأنه لا يكون إلا لانفجار عروق في الصدر أو الرئة أو المعدة أو لانصباب الدم من بعض الأعضاء إليها مثل الكبد والرأس وجموده فيها. والكل رديء. قوله من أسفل أي خروجه من أسفل جيد سواء كان أحمر أو أسود والمختلط مع السواد أجود لأنه برئ من الوقوع في الوسواس السوداوي ومن أوجاع الورك والكلى والأمراض السوداوية المزمنة.
22
[aphorism]
قال قال أبقراط: خروج ما يشبه قطع اللحم من اختلاف والدم دليل الموت.
[commentary]
أقول: يعني متى خرج بالإسهال الدموي شيء شبيه بقطع اللحم كان دليل الموت لأنه يدل على أن جرم الكبد يجيئ بالإسهال بسبب مقطع لها حاد جدا أو على أن القرحة نفذت في جرم الأمعاء وانجردت منها أجزاء تخالط بالدم كأنه قطع لحم PageVW2P041B . ودليل على عسر اندمالها ويبات اللحم منها.
23
[aphorism]
قال قال أبقراط: لمحموم المنفجر منه الدم كثيرا مطلقا يلين بطنه إذا نقه واغتذى.
[commentary]
أقول: خروج الدم الكثير من المحموم مطلقا أي سواء كانت من الأعالي أو من الأسافل يدل على لين بطنه في زمان النقاهة والاغتذاء لأن الحار الغريزي يضعف لخروج الدم الكثير وتضعف القوى كلها خصوصا القوى الطبيعية المتصرفة في الغذاء. فإذا ورد الغذاء في زمان النقاهة لم يقو على إجادة الهضم فيلين البطن لا محالة.
24
[aphorism]
الصمم يقطع خلفة المرار وبالعكس.
[commentary]
أقول: الصمم في الاصطلاح فقدان تجويف الدماغ والمراد ههنا بطلان أو ثقل عظيم في السمع. وخلفة المرار الإسهال الصفراوي وإنما يقطع الصمم الإسهال الاصفراوي وبالعكس لأن الصمم حدوثه بسبب تصاعد المرار واستيلائه على مجاري السمع والإسهال بسببه توجه المادة إلى أسفل فلا شك أن في قطع أحدهما الآخر. واعلم أنه ليس يختص بالصمم بل الرمد وغيره من أمراض الأعالي حكمها كذلك.
25
[aphorism]
قال قال أبقراط: المحموم في السادس إذا ناله نافض فبحرانه نكد.
[commentary]
أقول: النافض هو حركة ارتعادية مع إحساس برد وهو أقوى من القشعريرة. والمراد به ههنا ما هو من جملة الأعراض PageVW0P035B المنذرة بالبحران. وحدوثه في اليوم السادس للمحموم يدل على أن بحرانه نكد أي عسر شديد لرداءة المادة واحتياج الطبيعة غلى دفعها قبل يوم البحران الحقيقي وكان الطبيعة تحيرت فغلطت يوم البحران.
26
[aphorism]
قال قال أبقراط : من لحماه نوائب واتحد وقت تركها وأخذها يوما أخر عسر انقاؤها.
[commentary]
أقول: أي من كان حماه ذات نوبة دائرة مادتها PageVW2P042A خارج العروق واتحد وقت أخذ الحمى ووقت تركها في يوم آخر كان بعده مثلا إذا ابتدأ في النوبة الأولى أول الظهر وانقضى وقت الغروب والنوبة الثانية تكون هكذا عسر انقضاء تلك الحمى لأنه يدل على غلظ المادة وعجز الطبعية عن التأثير فيه وعلى أن السبب الحافظ للدور شديد التمكن.
27
[aphorism]
قال قال أبقراط: من أعيا في حماه حدث الخراج في مفاصله ولحييه.
[commentary]
أقول: إذا أحس المحموم بالإعياء حدث الخراج في مفاصله ولحييه لأن الإعياء دليل توجه المادة إلى العضل والمفاصل أشد استعدادا بقبولها لسعتها وكثرة حركتها. هذا إذا كانت المادة مندفعة إلى الأطراف. فأما إذا توجهت إلى فوق حدث الخراج في اللحيين وخلف الأذنين لأنهما مفضا الدماغ فيكون جانبهما أولى بقبولها.
28
[aphorism]
قال قال أبقراط: المنتشل من مرض أن كل موضع منه حدث فيه الخراج وكذا العضو التعب.
[commentary]
أقول: الانتشال الخفة يقال انتشل من المرض إذا خفت أعراضه قارب أن يفارق منه. معناه أن الناقه ومن لم ينق بدنه من مادة المرض أن كل موضع منه أي كل عضو من أعضائه أي حصل له كلال حدث له الخراج في ذلك العضو لبقية المادة الغليظة وميلها إليه. قوله وكذلك العضو التعب له معنيان ١ أن كل عضو يتعب في حالة المرض مالت بقية المادة إليه ويحدث فيه خراج ٢ الثاني أن تعب عضو قبل حدوث المرض ثم عرض له البحران في مرضه إن كان له استعداد الخراج حدث الخراج في العضو الذي أتعبه.
29
[aphorism]
قال قال أبقراط: المحموم إذا لم يكن في حلقه انتفاخ فخنق بغتة حان موته واعوجاج الرقبة حينئذ PageVW2P042B وعسر البلع أدل عليه.
[commentary]
أقول: معناه أن من به حمى ولم يكن في حلقه ورم قبل الحمى وعرض له خناق بغتة ولم يتبين في الحلق ولا في ظاهر الرقبة انتفاخ حان موت المحموم لأنه يدل على دفع الطبيعة المادة بالبحران دفعة إلى الحنجرة فيضيق ظريق الهواء ويمتنع الترويح وخصوصا في المحموم لشدة احتياجه إليه فيفسد مزاج القلب وتخمد الحرارة الغريزية. * وإنما قلنا (3) ولم يكن في حلقه ورم قبل الحمى لأنه لو كان لجاز أن PageVW0P036A يكون الاختناق حينئذ بزيادة حجم الورم عند كمال نضجه فيمكن أن ينفجر ويبرأ * العليل (4) . قوله واعوجاج الرقبة وعسر البلع أدل عليه أي على الموت أو على الانفتاخ أو على الخناق ولكل وجه لأن الاعوجاج قد يكون ليبس شديد مشنج للعصب أو لزوال فقرة إلى داخل الرطوبة مزلقة أو لورم في داخل المري. والكل رديء.
30
[aphorism]
قال قال أبقراط: المحموم يحمد عرقه إن ظهير في الثالث أو الخامس أو السابع أو التاسع أو احادي عشر أو الرابع عشر أو العشرين أو الرابع والعشرين أو السابع والعشرين أو الثلاثين أو الرابع واثلاثين أو السابع والثلاثين لا غير.
[commentary]
أقول: إنما يحمد العرق في الأيام المذكورة لأنها كلها هي المخصوصة بالبحارين الحقيقية دون غيرها لأنها لو وقع عرق في غير الأيام المذكورة دل على أن الطبيعة انتهض للمقاومة في غير وقتها وقبل الإنضاج وإنما لم يذكر الأربعين لأنه أول الأمراض المزمنة وآخر الحادة ولا يبحرن فيه بعرق ولا استفراغ آخر محسوس. وترك الحادي والثلاثين كأنه سهو من الناسخ. قيل وإنما لم يذكر التاسع عشر والواحد والعشرين لأنه لا يعق فيها بحران PageVW2P043A لأن ما ينوب من الأمراض الحادة ففي الغالب لا يتأخر إلى هذه المدة. وفيه نظر ظاهر.
31
[aphorism]
قال قال أبقراط: بارد العرق مع حمى حادة دليل الموت ومع الهادئة دليل طول المرض.
[commentary]
أقول: الحمى الحادة تحلل القوة قبل نضج الرطوبات الباردة بحيث لا يقوى الحار الغريزي على تسخينها. وإذا كان كذلك كانت القوى ضعيفة جدا. فإذا عرض العرق البارد فيها كان لغلبة الرطوبات الغريبة على البدن وسيلانها من ذاتها. وهذه لم تبق على بدرها إلا والحرارة الغريبة العفونية في غير موضعها. وذلك إنما يكون إذا كانت الحرارة الغريبة تقرب القلب فتكون دليل الموت. قوله ومعا الهادئة دليل طول المرض لأنها لا يمتنع أن يكون مادتها باردة بالطبع وفي الأكثر إنما يكون المندفع PageVW0P036B بالعرق من المادة التي منها المرض والمادة الباردة عسرة الانفعال والاندفاع فيكون دالا على طول المرض.
32
[aphorism]
قال قال أبقراط: حيث كان العرق فالمرض فيه.
[commentary]
أقول: معناه أي عضو من الأعضاء عرق لأن الرطوبات في الأمر الأغلب تكون عن مادة المرض فيكون المرض فيه أشد وأقوى ولا معنى لقولهم أن المرض في ذلك الموضع إلا هذا. واعلم أنه حيث أطلق العرق أريد به العرق الحار اصطلاحا فيخرج بذلك القيد العرق البارد على الجبين وما يشبهه الذي يكون لسقوط القوة، فاعرفه.
33
[aphorism]
قال قال أبقراط: أي موضع لم يعتدل ففيه المرض.
[commentary]
أقول: إذا كان البدن معتدلا فأي عضو يكون أحر أو أبرد أو PageVW2P043B أيبس أو أرطب كان سبب الفاعل للمرض في ذلك العضو لأن اختصاص العضو بالخروج عن المجرى الطبيعي مع كون نسبة أجزاء البدن إلى الأشياء الخارجة واحدة دليل على اختصاص ذلك العضو بالمرض.
34
[aphorism]
قال قال أبقراط: من تغير من حال إلى حال فمرضه يطول.
[commentary]
أقول: من يتبرد بدنه تارة وتسخن أخرى وتغير لونه من حمرة إلى صفرة وبالعكس فهذه الحالات تدل على أن في بدنه اختلاطا مختلفة وأحوالا غير طبيعية. والطبيعية لا تقدر على إنضاجها إلا في مدة طويلة فلا محالة يطول مرضه ويعسر برؤه.
35
[aphorism]
قال قال أبقراط: من عرق كثيرا بعد النوم بلا سبب بين فمتناوله أكثر مما يجب وهو بلا نيل الخلط.
[commentary]
أقول: أي من عرق عرقا كثيرا من غير سبب ظاهر كحرارة هواء أو تعب أو فضل دثار فمتناوله أكثر أي يدل على أن صاحبه يتناول من الغذاء أكثر مما يحتمله بدنه. قوله وهو بلا نيل الخلط والعرق بغير غذاء يدل على زيادة خلط لأن السبب المادي له كثرة الرطوبات.
36
[aphorism]
قال قال أبقراط: دائم العرق الجم باردة لمرض عظيم وحارة لأخف.
[commentary]
أقول: العرق الكثير الدائم في المرض دون وقت البحران دليل على كثرة الفضول والمواد الكثيرة. أما باردة فتدل على طول المرض لعصيانها على النضج. وأما حارة فعلى المرض أخف وأقصر لأن المادة الحارة PageVW0P037A أقبل للنضج والتحلل.
37
[aphorism]
قال قال أبقراط: الحمى اللازمة المشتدة غبا أخطر والمفارقة أسلم.
[commentary]
اقول: اعلم أن الحميات اللازمة منها ما لا يشتد غبا وليس لها نوائب كحمى الدق. ومنها ما لها اشتداد في بعض الأوقات على سبيل النوبة وهي قد يشتد غبا وهي أعظم PageVW2P044A من المفارقة لأن المفارقة يستريح فيها البدن ويتدع الطبيعة في زمان الفترة وثقل تضرر القلب والقوى من أذى العفونة لفقدان دوام المؤذي ولا كذلك اللازمة المفارقة خصوصا إذا كانت عن عفونة خبيثة وما كان من الحميات المفارقة أقصر فترة يكون أشد خطرا. فعلى هذا كانت المواظبة أخطر بالنسبة إلى الغب والغب الغير الحاصلة أخطر بانسبة إلى الربيع وشطر الغب أخطر بالنسبة إلى الجميع.
38
[aphorism]
قال قال أبقراط: يعرض لمن طالت حماه خراج وكلال المفصل.
[commentary]
أقول: أنما يعرض الخراج والكلال في الحميات المزمنة الطويلة لكثرة المادة الغليظة وعجز الطبيعة عن دفعها بسرعة فندفعها بالتراخي إلى ظاهر البدن والمواضع الرخوة فحدث الخراج إن كانت المادة كثيرة وكلال المفاصل إن كانت قليلة.
39
[aphorism]
قال قال أبقراط: الخراج وكلال المفصل بعد الحمى لغذاء أكثر.
[commentary]
أقول: إذا عرض للناقه بعد مفارقة الحمى ونقاء البدن خراج وكلال يكون بسبب كثرة الغذاء لقصور الهضم حينئذ ولا يبعد أن تندفع تلك المواد إلى الظاهر والمفاصل فيوجب الخراج والكلال.
40
[aphorism]
قال قال أبقراط: النافض في الحمى اللازمة للضعيف دليل الموت.
[commentary]
أقول: إذا عرض لضعيف القوة في الحمى نافض فهو دليل الموت لأن القوة الضعيفة لا تحتمل ارتعاده وزعزعته للبدن فسقط سقوطا يؤدي إلى الموت إذا كان معه استفراغ من غير إقلاع الحمى.
41
[aphorism]
قال قال أبقراط: النخاعة المكمدة شبيهة الدم والمرارية في الحمى اللازمة رديئة فإن انقضت جيدا فمحمود وكذا سائر ما يخرج.
[commentary]
أقول: النخاعة ما يخرج بالنفث PageVW0P037B من البلغم والكمد المائل إلى قليل سواد ويكون إما لانطفاء الغريزية أو لمادة جامدة سوادية والشبيه بالدم أي الأسود بسبب الاحتراق والمرارية أي الأصفر والأحمر الناصع أو الكراثي والزنجاري. وهذه كلها رديئة لأجل حدة المادة وحالات رديئة في البدن وشدة الاحتراق. قوله فإن انقضت إلى آخره أي استفرغت بسهولة وسكن الأعراض وينقى البدن نقاء تاما فهو محمود دلالته على قوة الطبيعة على الدفع. قوله وكذا سائر ما يخرج من البدن من الفضول من البراز والبول PageVW2P044B والعرق والبصاق والرمص والمخاط ودم الحيض والمدة والصديد واللبن والمني فكل هذه إن خرجت على خلاف المعتاد وغير نضيجة كانت مذمومة وإن انتفع المريض بخروجها وأعقبه راحة محمودة.
42
[aphorism]
قال قال أبقراط: العطش في * ليفوريا (5) دليل الموت.
[commentary]
أقول: ليفوريا حمى دائمة معها حرارة شديدة في الباطن وفي الملمس برودة أو حرارة قليلة وإذا حدث لصاحب هذه الحمى عطش يدل على الموت لأنه يدل على أن في الباطن ورما عظيما حارا توجب الحرارة كلها إليها لدفعه وضعفت القوة عن الدفع إلى الظاهر. فإذا ضعفت عن الدفع إلى الظاهر فبالطريق الأولى أن يعجز عن الدفع التام.
43
[aphorism]
قال قال أبقراط: في الحمى اللازمة إن التوت الشفه أو العين أو الأنف أو الحاجب أو لم ير المريض ولم يسمع مع الضعف فالموت قريب.
[commentary]
أقول: التواء هذه الأعضاء وشنجها إنما يكون بسبب يبس قوى تنال الدماغ ومخراج الأعصاب. وذلك لا يكون إلا بسبب حرارة مجففة أو ورم عظيم سيما في مقدم الدماغ ومع ضعف القوة. وخص هذه الأعضاء لانجذابها بأدنى سبب مشنج وعروض الجفاف لها أولا دون غيرها. قوله أو لم ير المريض إلى آخره لأن سببهما فقدان الروح النفساني الذي نو مركب القوى الحسية. ولا شك أن ذلك مع الحمى اللازمة وضعف القوة دليل الموت. فكيف إذا اجتمعتا مع الالتواء فبالحري أن لا يتأخر الموت.
44
[aphorism]
قال PageVW0P038A * قال (6) ط: إن لم تنحل بالخراج الحمى في البحرانات الأول طالت.
[commentary]
أقول: الحمى PageVW2P045A إذا حدث فيها خراج ولم تنحل الحمى في البحرانات الأول التي حدث فيها الخراج وهي ما بين الثالث والسابع طالت الحمى لأنه يدل على أن المادة كثيرة وما دفعته الطبيعة إلى الخراج بعض منها وإلا لزالت الحمى بحدوثه. وعند القرشي أنه يدل على طول مدة الخراج لأن الفرض أن المادة في البدن كثيرة وموضع الخراج ضعيف فيندفع الباقي إلى هناك. ولكل وجه.
45
[aphorism]
قال قال أبقراط: رداءة التنفس واختلاط العقل في الحمى اللازمة دليل الموت.
[commentary]
أقول: رداءة التنفس بأن يكون عظيما متفاوتا أو صغيرا سريعا متواترا مع اختلاط العقل في الحمى الغير المفارقة دليل الموت لأنها دليل على فساد مزاج الدماغ لاشتغاله بقوة الحرارة وخفاف آلات التنفس. وذلك لا محالة رديء.
46
[aphorism]
قال قال أبقراط: الدمع بلا إرادة في كل مرض رديء.
[commentary]
أقول: سيلان الرطوبة من العين إذا لم يكن من علة في العين دليل غير محمود لأنه يدل على ضعف القوة * الماسكة (7) . قوله في كل مرض أي سواء كان في الحمى أو في غيرها. قوله بال إرادة لأنه لو كان بإرادة فليس بمنكر لعدم خروجه عن الحالة الطبيعية مع أنه لا يخلو عن رداءة لأنه يدل على كآبة وحزن لكن بلا إرادة رديء لأنه يدل على سقوط القوة كما يعرض عند قرب الموت.
47
[aphorism]
قال قال أبقراط: لزوجة سن المحموم لحمى قوية.
[commentary]
أقول: إنما يدل لزوجة الإنسان على شدة الحمى لأن الحرارة تفني الرطوبات اللطيفة ويقعد الغليظة حتى صارت لزجة ولا يكون كذلك إلا في الحمى القوة دون الضعيفة.
48
[aphorism]
قال قال أبقراط: الحمى إن لم تقلع بالعرق PageVW2P045B طالت.
[commentary]
أقول: أراد بالحمى ههنا اللازمة. معناه إذا عرض في هذه الحمى عرق ولم تقلع الحمى دل على طول الحمى لأنها إنما تفنى مع العرق إذا لم يكن ذلك العرق من دفع الطبيعة بل بسيلان الرطوبات لكثرتها. وقد علمت أنه سبب طولها أو لأنها دال على أنه المواد أكثر مما دفعته الطبيعة. فلذلك صارت طويلة. وإنما قلنا في الحمى اللازمة إذ لو وقع العرق في الحمى PageVW0P038B الدائرة ولم تقلع الحمى لم يدل على الطول والرداءة.
49
[aphorism]
قال قال أبقراط: الحمى بعد التشنج تحله.
[commentary]
أقول: عروض الحمى بعد التشنج أي الرطب سبب يحله لأن حرارة الحمى تحلل بعض مواده وينضج الباقي وإنما فسرنا التشنج بالرطب لأن الحمى وخصوصا المحرقة مع التشنج اليابس من علامات الموت والتشنج تمدد العصب من جانب واحد كما أن التمدد تشنج العصب من الجانبين وإنما لم نذكر التمدد لأن سببهما واحد.
50
[aphorism]
قال قال أبقراط: الحمى المحرقة تنحل بالنافض.
[commentary]
أقول: إذا عرض لصاحب الحمى المحرقة نافض دل على سكون حماه لأن عروض النافض بسبب انتقال المادة من داخل العروق إلى ظاهر الجلد وهو دليل قوة الطبيعة.
51
[aphorism]
قال قال أبقراط: الغب الحاصلة أطولها تعدم في الرابع عشر.
[commentary]
أقول: الفب الحاصلة الدائرة هن الحادثة عن الصفراء الصرفة وتكون مادتها خارج العروق وغاية ما ينقضي في سبعة أدوار وهي أربعة عشر يوما لأن الطبيعة تستريح فيها في يوم النوبة ومادتها لطيفة لا سيما إذا انضم إليها التدبير الصواب. فإن عبر عن أربعة عشر يوما فلا يكون خالصة بل غير خالصة مركبة من الصفراء والبلغم.
52
[aphorism]
قال PageVW2P046A قال أبقراط: الأصم إن حم وجرى من منجريه دم واستطلق زال مرضه.
[commentary]
أقول: في هذا الاختصار سوء نقل كأنه من باب القلب لأن المعنى المذكور في كتاب الفصول وشروحه أن المحموم غذا أصابه ثقل السمع وجرى من منخريه دم أو عرض له إسهال فقد زال ثقل السمع لأنه إنما يحدث في الحميات سبب كثرة توجه الأبخرة والمواد إلى الدماغ فإذا استفرغت من الخلاف القريب إلى المنخرين بالرعاف أو إلى الخلاف البعيد بالإسهال يندفع الصمم البتة.
53
[aphorism]
قال قال أبقراط: الحمى الحمى المقلعة لا في البحران تعود.
[commentary]
أقول: إذا انقلع الحمى في يوم لا يكون هو من الأيام الباحورية الحقيقية ففي غالب الأمر تعود لأنه لا يكون عن اندفاع مادتها ومادتها موجودة في البدن فمن شأنها العود.
54
[aphorism]
قال قال أبقراط: يرقان المحموم قبل السابع رديء وفي السابع والتاسع والرابع عشر محمود إن لم يكن الأيمن مما دون الشراسيف صلبا.
[commentary]
أقول: حدوث اليرقان في الحمى قبل PageVW0P039A السابع رديء لأنه يدل على تأذى الطبيعة من المادة لكثرتها ورداءتها. فدفعتها قبل تميز الجيد من الرديء إلى الظاهر. وأما إذا كان في السابع أو التاسع أو الرابع عشر فيكون محمودا لأنه يدل على قوة الطبيعة ودفعها الخلط من ناحية الأعضاء الرئيسة إلى الظاهر بطريق البحران الجيد. قوله إن لم يكن الأيمن إلى آخره يعني إن لم تكن صلابة في الكبد والطحال أو سدة بينهما وبين المرارة لأن المرار إذا لم يجد منفذا إلى وعائه نفذ مع الدم إلى جميع الأعضاء وحدث اليرقان PageVW2P046B فيكون هذا أردأ لأن المرض انتقل إلى ما هو شر.
55
[aphorism]
قال قال أبقراط: من ناله نافض كل يوم فحماه غير دائمة.
[commentary]
أقول: هذا الفصل للفرق بين الحمى الدائمة العارض لها النافض وبين الحمى المفارقة التي يعرض لها نافض. والفرق أن النافض العارض في كل يوم دليل على أن الحمى غير لازمة لأنه قد يتفق أن يتركب نوائب من حميات ولا تكون بين النوائب راحة محسوسة كما إذا ابتدأت النوبة الثانية قبل استكمال النوبة الأولى مدتها فيظن بالحمى أنها لازمة فيفارق اللازمة بالنافض الذي يعرض في ابتداء النوبة فيكون النافض العارض فيها في كل يوم دليل على أن الحمى تنقضي في كل يوم.
56
[aphorism]
قال قال أبقراط: لهيب المعدة شديدا وخفقان القلب لمن حم رديء.
[commentary]
أقول: اللهيب الشديد في المعدة يكون إما من الورم الحار في المعدة أو من الصفراء الفائضة في جرمها حتى لا يسهل إخراجها بالقيء والإسهال. ولا شك أنهما رديآن. وخفقان القلب حركة اختلاجية تعرض للقلب بسبب مؤذ. ولا شك أنه يكون رديئا خصوصا مع الحمى لأنه يدل على أن حرارة الحمى وصلت إلى القلب وتأذى بها أو لسبب خلط ينصب إلى القلب وكلاهما رديآن.
57
[aphorism]
قال قال أبقراط: تشنج الحمى ووجعها رديء.
[commentary]
أقول: إذا عرض للمحموم نشنج أو وجع بسبب الحمى كان رديئا لأن التشنج إن كان يابسا فهو وحده قتال، فكيف مع الحمى؟ وإن كان التشنج الذي يحدث عن رياح بسبب فعل الحمى في الرطوبات PageVW0P039B البلغمية وتشنج الأعضاء ويحدث أوجاع الأحشاء وهو المسمى بالعقال ويلزمه قحل المراق واحتباس الطبيعة وشدة العطش PageVW2P047A وقلة البول وكثرة انصباغه. ولا شك أن ذلك يكون رديئا لدلالته على الرطوبات الفجة التي يلزمها طول المرض.
58
[aphorism]
قال قال أبقراط : تشنج المحموم وتفزعه في النوم رديء.
[commentary]
أقول: إذا عرض للمحموم تشنج وتفزع في النوم يكون رديئا لأنه يدل على ارتعاء البخارات الرديئة إلى الدماغ فإن كانت مادتها صفراوية حدث التشنج لتأذى الدماغ الذي هو مبدأ العصب ويجففه بسبب البخار والدخان المجففين وإن كانت سوداوية حدث التفزع وكلاهما ردئآن لأنهما يدلان على عجز الطبيعة عن النضج في أفضل الأوقات وهي وقت النوم.
59
[aphorism]
قال قال أبقراط: انقطاع النفس دخولا وخروجا رديء.
[commentary]
أقول: انقطاع النفس في دخوله وخروجه عند استنشاق النسيم كأنه يستنشق اتتنشاقين فهما رديآن لأن ذلك يدل على تشنج يعرض في آلات النفس والعصب المحركة للصدر بسبب حرارة الحمى المجففة.
60
[aphorism]
قال قال أبقراط: أي بول غليظ شبيه للعبيط بلا نقاء من الحمى تبعه بول جم رقيق نفع وهذا لمن رسب في بوله أول المرض أو بعده سريعا ثفل.
[commentary]
أقول: يعني من بال في زمان الحمى بولا شبيها بالعبيط أي الدم الجامد في القوام ولم تفارق حماه بالكلية ثم تبعه بول جم أي كثير رقيق بالنسبة إلى ما كان أولا لا بالنسبة إلى المعتدل انتفع المريض به لأن ذلك إنما يكون للنضج البحراني ودفع الطبيعة لأن النضج هو تغليظ الرقيق وترقيق الغليظ. قوله وهذا لمن رسب إلى آخره أي غلظ البول أولا ورقته آخيرا إنما يعرض لمن كان في أول مرضه أو بعده بيومين ثفل أي قليل رسوب PageVW2P047B لأن هذا في أوائل المرض يدل على استيلاء الطبيعة على نضج المادة.
61
[aphorism]
قال قال أبقراط: من كان بال منثورا فيه صداع أو يحدث.
[commentary]
أقول: من كان بوله منثورا أي كدرا متشتت الأجزاء كبول الدواب PageVW0P040A فالصداع حاضر أو سيحضر عن قريب لأنه يدل على أن حرارة نارية عملت في مادة غليظة حدث منها غليان ويصعد الأبخرة والرياح الغليظة إلى الرأس.
62
[aphorism]
قال قال أبقراط: بحران السابع تتقدمه غمامة حمراء في الرابع وقس عليه سائر العلامات.
[commentary]
أقول: إذا عرض للعليل في بوله رسوب شبيه بغمامة حمراء طافيا لا أبيض راسبا فإنه يدل على كمال النضج في اليوم الرابع وهو ينذر ببحران السابع لأن الرابع منذر بالسابع لأن البحران التام إنما يكون بعد كمال النضج وإذا وقع في السابع فلا بد وأن يكون في الرابع ابتداء نضج ما. وكذلك متى ظهرت في السابع كان كمال النضج في الرابع عشر وإن ظهرت في الرابع عشر كان كمال النضج في العشرين. قوله وقس عليه سائر العلامات أي الدالة على النضج من الراز والنفث والبصاق ومستفرغات آخرى.
63
[aphorism]
قال قال أبقراط: البول * مشف (8) أبيض رديء سيما لمن حم وبدماغه ورم.
[commentary]
أقول: إذا كان البول مشفا أبيض كان رديئا سيما للمحموم ولمن في دماغه ورم لأنه يدل على غاية البعد من النضج وعجز الطبيعة عن دفع المواد وعلى أن حركة المرة الصابغة له إلى فوق. ولا شك أن هذا مع ضعف القوة دليل موت ومع القوة دليل طول المرض أو توجه المادة إلى عضو آخر غير الدماغ فيحدث PageVW2P048A فيه ورم والكل رديء.
64
[aphorism]
قال قال أبقراط: القرقرة لمن حم فيما دون الشراسيف إن تبعها وجع في أسفل الظهر لأن البطن إن لم يخرج ريح كثير أو بول.
[commentary]
أقول: العرض من هذا الفصل الاستدلال على كون البحران يدفع المواد إلى أسفل. معناه أي إذا عرض للمحموم قرقرة فيما دون الشراسيف أي أعلاها إن تبعها وجع في أسفل الظهر وعرض بعدها وجع في حوالي القطن لأن بطنه أي عرض له إسهال إن لم يخرج ريح كثير من أسفله أو بول لأن الوجع لمادة محتبسة هناك. فإن كانت ريحه أي غير ذات قوام يخرج الرياح من أسفل وحدها وإن كانت الريح مع الرطوبة فيلين البطن ويخرج بالإسهال. ويمكن أن يخرج من جذبه الكبد إلى الكليتين ثم يخرج بالبول.
65
[aphorism]
قال قال أبقراط: من به حمى معها إعياء يحدث خراجا إن نال غليظا أبيض كثيرا أو رعف برأ.
[commentary]
أقول: عروض PageVW0P040B الإعياء للمحموم يوجب حدوث الخراج لأن الإعياء كلال في المفاصل وكلالها يوجب ضعفها ومن ضعفها يتوقع الخراج. ويتخلص صاحبه من الخراج إن نال بولا غليظا لتوجه المادة إلى أسفل وخروجها بالإدرار. وقله أو رعف برأ أي إن حدث رعاف كان انقضاء مرض بذلك الرعاف سريعا لأن الرعاف يخرج غليظ المادة ولطيفها بسرعة والدفع به يكون في يوم واحد.
66
[aphorism]
قال قال أبقراط: من بال معتدلا فيه قطع صغار كالشعر فذلك من كلاه.
[commentary]
أقول: أي من بال بولا معتدلا في القوام والرقة والقلة والكثرة PageVW2P048B وفيه قطع صغار كالشعر فذلك القطع يجيء من الكليتين ويكون من البرنحين الجائين من الكليتين إلى المثانة. فإن لهما طولا ينعقد فيه أمثال هذه الأجزاء الشعرية وإنما قلنا هذا لأن الأجزاء الشعرية لا ينعقد في نفس الكلى بل المنعقد فيها يكون صفا ىحىه.
67
[aphorism]
قال قال أبقراط: من خرخ في بوله المتعدل كالنخالة فمثانته جربة.
[commentary]
أقول: أي من خرج في بوله النضج المعتدل رسوب شبيه النخالة يدل على أن في مثانته جرب. والفرق بين المثاني وغيرها أن المثاني تكون البول معه كما في الصحة لكن معه غلظ بسبب مخالطة الأجزاء الجرب وإن لم يظهر حسا. ومع ذلك يكون منتنا ويكون معه وجع وحكة عند العانة ولا كذلك غيره.
68
[aphorism]
قال قال أبقراط: من بال دما غليظا بلا تقدم سبب فعرق في كلاه منصدع.
[commentary]
أقول: أي من بال دما غليظا من غير سبب ظاهر كوثبة وسقط وضربة يدل على صدع عرق عظيم في الكلى.
69
[aphorism]
قال قال أبقراط: الثفل الرملي لحصاة يتولد في مثانته.
[commentary]
أقول: من بال بولا ويرسب فيه رسوب رملي أو الرمل وحده كان ذلك بسبب تولد الحصاة في المثانة لأن الثفل الرملي يتقدمه تولد الحصاة في المثانة أو الكلى وتتأخر بقيتها. والفرق بين المثاني والكلوي أن الكلوي يكون أحمر لأن الرطوبات الآتية إلى الكليتين مشوبة بالدموية والآتية إلى المثانة رطوبة محضة. فهي كان ترابها أو رماديا فهو يكون من المثانة.
70
[aphorism]
قال قال أبقراط: من بال دما غليظا وبه تقطير البول وناله وجع في أسفل بطنه PageVW2P049A وعانته فما يلي مثانته وجع.
[commentary]
أقول: من بال دما غليظا وبه تقطير بول ووجع عام للمثانة وما يليها من الكلى والبرنجين وسائر آلات البول PageVW0P041A فما يلي مثانته وجع لأنه يدل على أن هناك مادة حادة انضجت البول فيؤلم. ولا تتمكن المثانة من الصبر عليها إلى الى يجتمع البول فيستفرغ دفعة ويعرض منه التقطير لأن الدم الغليظ يسد فم المثانة.
71
[aphorism]
قال قال أبقراط: من بال دما أو قيحا أو قشورا فمثانته قرحة.
[commentary]
أقول: الدم والقيح يدلان على قرحة في آلات البول فإن كان معهما قشور وزيادة نتن في البول بدل على أنه من المثانة لأن جرمها غشائي وأنها مجمع البول فإذا كان معها قرحة فلا شك أنه يكون سببا لزيادة النتن.
72
[aphorism]
قال قال أبقراط: أسر البول لبثرة إحليل يزول بانفجارها.
[commentary]
أقول: إذا كان في البول أسر بسبب بثرة في الإحليل نزول الأسر بانفجار البثرة لأن المجرى منفتح وليس معناه أن الأسر لا يزول إلا بالانفجار كما ظنه بعضهم. بل المعنى أنه يندفع تارة بالانفجار وأخرى بالتحلل.
73
[aphorism]
قال قال أبقراط: من بال بالليل كثيرا فبرازه يقل.
[commentary]
أقول: هذا ظاهر لأن الرطوبات المشروبة إذا توجهت إلى العرق وأدر فلا شك أن البراز يقل ويجف ويابس البطن بالعكس وكان في هذا الفصل تنبيها على أن من لان بطنه وتضرر به يجب عليه أن يقلل من الشرب ويستعمل ما يدر بوله. واليابس البطن يجب أن يزيد في الشرب ويمنع ما يدر البول PageVW2P049B .
PARATEXT|
قال
المقالة الخامسة
1
[aphorism]
قال أبقراط: تشنج الخربق والجرح دليل الموت.
[commentary]
أقول: يعني إذا حدث التشنج من شرح الخربق أو دواء آخر يوازيه أو بسبب كثرة خروج الدم من الجراحة فإنه يدل عل الموت لأنه يكون إما لقوة اللذع لفم المعدة فتشاركه الأعصاب والعضل، أو لشدة اليبس الحادث من الاستفراغ أو من الخربق نفسه أو لدفع الخربق رطوبات البدن إلى الأعصاب. والكل رديء.
2
[aphorism]
قال قال أبقراط: إن فاجأ السكران التكات تشنج ومات ما لم يحم أو لم يتكلم وقت الانحلال خماره.
[commentary]
أقول: إنما يعرض السكتة من الشراب لأنه سريع الحركة إلى الرأس بحرارته شديد الغوص في في الأعصاب للطافته فملأ الدماغ بارطوبات والأبخرة. فإذا امتلأ منها الدماغ وغلبت رطوباتها حرارتها حدث السكتة والتشنج الامتلائي فيلزمها الموت لاجتماع السكتة والتشنج. وأحدهما مهلكة فكيف إذا اجتمعتا، اللهم إلا أن يحم بسبب حرارة الشراب أو غيرها فتحلل تلك الأبخرة PageVW0P041B وتجف الرطوبات أو تكلم وقت انحلال خماره. فإن التكلم حينئذ دليل على تحليل التمدد هلك في أربعة أيام فإن عبر برأ مادتها فبرأ.
3
[aphorism]
قال قال أبقراط: المصروع قبل شعر العانة إذا بلغ برأ وذو الخمسة والعشرين لا برأ.
[commentary]
أقول: إذا عرض للصبيان الصرع قبل نبات شعر العانة فإذا بلغ إلى وقت نباته برأ منه سيما إذا عولجوا لأن صرعهم يكون بلغميا فإذا انتقلوا من الصبا إلى البلوغ يبرأون لأن القوة في هذا السن أقوى والحرارة قوية فإن لم يبرأ في هذا الوقت برأ اللازمة التي بين نبات الشعر وبين PageVW2P050A وبين الخمسة والعشرين لقوة المزاج وحدة الحرارة الغريزية فيها ساعة بعد ساعة. فلا شك أنها تقوى على تحليل الرطوبات الفضلية التي هي مادتها فأما إذا بلغ خمسة وعشرين سنة فلا يبرأ إلا لما قيل من أن حدة الحرارة بعد هذا الوقت لا تزداد لأن فيه نظرا لأن كمال سن النمو إلى ثلاثين سنة بل لأن العللة تمكنت فيه.
4
[aphorism]
قال قال أبقراط: من لم ينق في ذات الجنب في أربعة عشر يوما نفح ورمه.
[commentary]
أقول: من لم ينق صدره بالنفث في هذه المدة لأن الأمراض الحادة لا تتجاوز بخارتها منها آل أمره إلى القيح لأنه يدل على غلظ المادة وعجز الطبيعة عن الدفع.
5
[aphorism]
قال قال أبقراط: السل أكثره فيما بين ثماني عشرة وخمس وثلاثين سنة.
[commentary]
أقول: أكثر حدوث السل من ابتدأ تقل الوجه إلى آخر النمو منه إلى آخر سن الوقوف لأن في هذه المدة يكون الدم حادا ويكثر المرار فيه فلا يبعد أن يولد تأكلا في بعض هذه الأوعية.
6
[aphorism]
قال قال أبقراط: ذو الذبحة إن تخلص ومال الفضل إلى رئته مات في سبعة أيام. وإن عبر تفتح.
[commentary]
أقول: الذبحة هي روم حار في العضلات من جانبي الحلقوم التي بها يكون البلع وفي العضلة الموضوعة على فم المري والحلقوم وفي بطانه المري. معناه أن صاحب الذبحة إن تخلص وانتقل مادتها إلى قصبة الرئة وملأها حتى تمنع النفس على ما ينبغي عرض الاختناق وتضرر القلب منها ما صاحبه في سبعة أيام أو قبلها لأن الطبيعة ليست متمكنة من الجهاد وإن عبر عن تلك الأيام تقح ومال أمرها إما إلى السل أو الموت PageVW2P050B البرؤ ندرة.
7
[aphorism]
قال قال أبقراط: نتن بزاق المسلول الملقى على الحمر تناثر شعره دليل الموت فإن يقع الاختلاف بعد التناثر مات.
[commentary]
أقول: أما أن نتن البزاق دليل الموت فلأنه دال على عفن جرم الرئة وعفن رطوباتها. وأما تناثر الشعر فلأنه يدل على اتساع المسام والمنافذ لأجل قلة اللحم وتخلخل الجلد وكثرة اليبوسة وفعل الغذاء. وأما وقوع الاختلاف أي الإسهال بعد التناثر لأن الإسهال في هذا المرض دليل ضعف الماسكة عن إمساك الرطوبات الأصلية وكل هذه سبب الهلاك.
8
[aphorism]
قال قال أبقراط: قذف الدم الزبدي من الرئة.
[commentary]
أقول: أراد بالقذف ههنا النفث مجازا والزبد عبارة عن اشتباك الأجزاء الهوائية بالأجزاء المائية. وإنما كان النفث الزبدي من الرئة لأن جوهرها مملوء بالهواء الروحي شابك الدم عند النفس سيما الدم الذي يغذو PageVW0P042A الرئة. فإنه سريع الاستعداد لأن يستحيل زبد الكثرة تمحضه في القلب والشرايين الآتية منه إليها. وليس كل دم يخرج من الرئة يكون زبديا بل ما كان بسبب قرحة فيها لأن الخارج بسبب انفجار عرق لا يلبث فيها ريثما يصير زبديا
9
[aphorism]
قال قال أبقراط: الحار يؤنث اللحم ويرخي العصب ويضعف الذهن ويسيل الدم ويهلك بالغشي.
[commentary]
أقول: كل ما هو حار أي بالفعل يؤنث اللحم أي يلينه ويجعله كلحم الإناث لينا سخيفا لتسيله الرطوبات وترخي العصب وبإرخئه تضعف القوى النفسانية كلها ويسيل الدم لأنه يرققه ويلطفه. وإذا أفرط يؤول إلى الغشي والموت.
10
[aphorism]
قال قال أبقراط: PageVW2P051A البارد يحدث التشنج والتمدد والاسوداد وتلذع القروح وتصلب الجلد ويحدث وجعا خاليا عن التقيح ونافضا معه حمى ويضر بالعظم والسن والعصب والدماغ والنخاع والحار يوافقها.
[commentary]
أقول: أما إحداث البارد التشنج والتمدد فلإجماده رطوبات العصب وسده منافس العضو. وأما إحداثه الاسوداد والكمودة فبسبب جمود الدم. وإماته الحار الغريزي. وأما إنجابه لذع القروح فلأنه يجمع أجزائها ويكثفها. وأما تصليف الجلد فللجمع والتثيف. وأما إيراثه الوجع فتفريق الاتصال للتكثيف المفرط وقيد الوجع بالخالي عن التقيح لأن الحرارة المنضجة منطفئة. وأما إحداثه النافض مع الحمى فلحقن المواد الرديئة داخل البدن وعفونها وأما إضراره بالعظم وغيره من المذكورات لأن هذه الأعضاء باردة بالطبع عادية للدم. ولا شك أن البارد بالطبع يضرها داخلا وخارجا لخروجها عن اعتدال المزاج الأصلي. قوله والحار * نوافقها (1) أي الحار المعتدل يوافق هذه المذكورات من الأمراض والأعضاء لأن سبب أحد المضادين مضاد لسبب المضاد الآخر.
11
[aphorism]
قال قال أبقراط: ما برد من العضو يسخن ما لم يخف عليه انفجار الدم.
[commentary]
أقول: معناه كل عضو خرج عن الاعتدال بسبب البرودة وجب تسخينه لأن الضد يبطل أثر ضده. قوله ما لم يخف عليه انفجار الدم أي ما دام لم يخف على ذلك العضو من انفجار الدم فحينئد لا يستعمل PageVW0P042B المسخن القوي لأن الحرارة تسخن وتلطف الدم ويكثر حجمه ويزداد مقداره PageVW2P051B فتوجب انصداع العرق وسيلان الدم منه سيما من المواضع السهلة الانصداع.
12
[aphorism]
قال قال أبقراط: قد يصب على من تمدده من غير قرحة وهو شاب حسن اللحم في وسط الصيف ماء بارد * لتقوي (2) الحرارة * وبرأ (3) .
[commentary]
أقول: الماء البارد يشفي التمدد بالعرض لحصر الحرارة الغريزية وجمعها فيتوفر فعلها ويشتد ويسخن الأورام فيتمكن من تحليل المادة بتحريك الروح إلى جهتها ولكن بشرئط أن لا يطون التمدد من القرحة لئلا يؤذيه البارد بإضراره العصب وأن يكون شابا لأن غيره لا تبلغ حرارته إلى حد تقاوم بدر الماء وأن يكون حسن اللحم أي متوسطا بين النحافة والسمن لأن انحيف يغوص فيه برد الماء والسمين بارد المزاج فتزداد بروده وأن يكون في وسط الصيف ليؤمن من تقاوي الهواء أو الماء على قهر الحار الغريزي.
13
[aphorism]
قال قال أبقراط: الحار مقيح لا في كل قرحة تلين للجلد مرقق مسكن للوجع وعادية النافض والتشنج والتمدد ويحل ثقل الرأس ويوافق لكبير العظام سيما PageVW0P043A المعري وعظم الرأس. ولما أماته البرد أو أقرحه وللقرح السباعي والمتأكل والمعدة والفرج والرحم والمثانة. والبارد بالضد.
[commentary]
أقول: الحار المعتدل مولد للقيح في الأورام لإنضاجه سواء كان من داخل أو خارج لا في كل قرحة بل يستعمل في قرحة من شأنها أن تنضج فإن الأورام السرطانية لا تنضج أصلا وكذا لاستعمال في القروح المتعفنة لأن التقيح يزيدها عفونة تلين للجلد أي الصلب بتحليله المادة الغليظة وإرخائه مرقق أي للخلط بتحليله وتلطيفه مسكن للوجع لتخلخله المسام وتليينه الجلد وتلطيفه الغلظ مسكن لعادية النافض أي لغلئلية لأن PageVW2P052A بإرخائه العضو وخلخته إياه تجد المادة المنصبة المنفضة طريقا سهلا غلى النفوذ مزيل لعادية التشنج والتمدد الامتلائين لتسخينه العصب وتحليله مادتهما وتحل ثقل الرأس الكائن من الأبخرة الغليظة الرطبة المختنقة فيه للتحليل والدفع من الشون والدروز ويوافق لكبير العظام سيما المعري أي الخالي عن اللحم وعظم الرأس لأن الأعضاء العظيمة في غاية الرودة خصوصا علظ الرأس لزيادة برجه لمجاورة الدماغ وكذا الخالي عن اللحم ولذلك يكون الركبة دائمة ابرودة فإذا عرض لها كسر أضعفها وتقل الحرارة الغريزية والأرواح فيها فالحار المعتدل ينفعها ويوافق للعضو الذي أماته البرد أي أصابه البرد في الشتاء أو أقرحه كالفسوخ والشققات العارضة في الأطراف للمعتادة ويوافق للقرح السباعي كالنملة والتأكل الحاصل من المواد الباردة المزمنة لتحليله موادها وكثيرة حدتها ويوافق للرحم والمثانة والأعضاء العصبانية لأنها باردة والحار ينفعها بالمضادة. قوله والبارد بالضد فيضر استعماله في المذكورات.
14
[aphorism]
قال قال أبقراط: البارد كالثلج والجمد يضر بالصدر والسعال ويحدث انفجار الدم والنزل.
[commentary]
أقول: أما إضرار البارد بالصدر فلأن أكثر أعضائه عظام عارية عن اللحم، وأما تهيجه السعال فبتخشينه آلات النفس، وأما إحداثه انفجار الدم فلفرط تكثيفها للعروق وعصرها فلا يبعد أن ينصدع شيء منها. وأما إحداثه النزلات فلإضراره بالرأس حتى تحيل بالصعد إليه من الأبخرة مائية ويصير نزلة.كما هو مشاهد PageVW2P052B في سقف الحمام.
15
[aphorism]
قال قال أبقراط: ورم المفصل الوجع من غير قرحة ووجع النقرس والفسخ العصبي يسكنها صب الماء البارج بالتخدير ويضمرها.
[commentary]
أقول؛: المراد بالفسخ العصبي تفرق اتصال في العقصب اصطلاحا وإنما شرط أن لا تكون معها قرحة لأن الكائنة مع القرحة لا يسكنها البارد بل ربما زاد فيها تلذع القرحة. قوله ويضمرها أي الأورام لأن الماء البارد لتكثيفه يتوجه الحار الغريزي إلى الباطن ويحللها ويصغر حجمها. وباقي الفصل ظاهر مما سلف.
16
[aphorism]
قال قال أبقراط: أخف المياه ما سخن وبرد سريعا.
[commentary]
أقول: أخف المياه أي على المعدة أو في الوزن ما سخن وبرد سريعا لسهولة انفعاله ولطافة جوهره وخلوه عن الأجزاء الأرضية الغريبة فلا يثقل المعدة ولا يطول مكثه فيها.
17
[aphorism]
قال قال أبقراط: النوم ينفع صاحب العطش الكاذب.
[commentary]
أقول: العطش الكاذب سببه خلط غليظ أو مالح والشراب عليه يكون سببا لاختلاطه فيصير غليظا ولا ينفذ في الكبد وبقيت الكبد مفتقرة غلى الماء PageVW0P043B . فإذا نام ذاب ولطف في المعدة بسبب توجه الحار الغريزي إلى الباطن.
18
[aphorism]
قال قال أبقراط: التكميد بالأفاويه يدر الطمث وغيره ويثقل الرأس.
[commentary]
أقول: التكميد بالأدوية الحارة كالسلينحة والدارصيني والسنبل على محل الرحم يدر الطمث وغيره من النفاس لأن احتباس الدم في النساء أكثره يكون لضيق المجاري وغلظ الدم، والأفاويه بحرارتها تزيلها. قوله وثقل الرأس للتبخير وتوجه الرطوبات إليه.
19
[aphorism]
قال قال أبقراط: الحامل إن فصدت أسقطت سيما الكبير.
[commentary]
أقول PageVW2P053A : الفصد موجب للإسقاط في جميع الأوقات لأنه يخرج الدم الغاذي للجنين سيما إذا كان الجنين كبير فحينئذ يكون الإسقاط أسرع لأن الكبير يحتاج إلى غذاء أكثر.
20
[aphorism]
قال قال أبقراط: المرض الحاد للحمال مهلك.
[commentary]
أقول: المرض الحاد موجب ترك الغذاء فلا يكون الواصل إلى الجنين كافيا له. وأيضا تحتاج الحامل إلى التنفس لها ولجنينها والحمى وحرارة المادة والعفونة توجب زيادة حادة كل واحد منهما فلا يرد من التنفس كافيا، وكل ذلك يوجب الإسقاط لضعف القوة وهو لا محالة مهلك ويوجب أيضا الموت بدون الإسقاط لأن الطبيعة يعرض لها فساد مزاج القلب وإثقال الجنين وهو يعجزها عن دفع المرض.
21
[aphorism]
قال قال أبقراط: الطمث يقطع في الدم للمرأة وإذا انقطع يقع الرعاف.
[commentary]
أقول: يقطع الطمث في الدم لتوجه المادة إلى ضد الجهة. وأما أنه إذا انقطع يقع الرعاف فلأنه يمنع ما توجه احتباس الطمث من الأمراض وتقوم مقام الحيض في تنقية البدن ة وفي الدم، وإن كان يفعل مثل ذلك لكنه لمروره بالمعدة يخشى منه جموده فيها. ولذلك قيل إن لم يقع رعاف فبادر إلى الفصد.
22
[aphorism]
قال قال أبقراط: الإسهال ربما أسقطت الحامل.
[commentary]
أقول: المراد بالإسهال ههنا الاستطلاق الحاصل في حال الصحة عن تناول الأغذية الكثيرة، وإلا فالإسهال المرض خصوصا مع التزجر موجب للإسقاط قطعا وإنما كان كذلك لأن الاستطلاق يدل على قوة الدافعة وضعف الماسكة وكلاهما مسقطان PageVW2P053B .
23
[aphorism]
قال قال أبقراط: العطاس ينفع خنق PageVW0P044A الرحم وعسر الولاد.
[commentary]
أقول: إذا عرض للمرأة المختنقة الرحم عطاس من تلقاء نفسه كان محمودا لأنه يدل على حركة الطبيعة ونهضها. وأما نفعه لعسر الولاد فلتحريكه الجنين وإعانته أياه على الخروج.
24
[aphorism]
قال قال أبقراط: تغير لون الطمث لا في وقته دليل الحاجة إلى النقاء.
[commentary]
أقول: إذا تغير لون دم الحيض في غير وقته فلا شك أنه من اختلاط خلط معه فرقة تدل على الصفراء وغلظه على السوداء والبلغم. ويمتحن بأن يؤمر المرأة بحمل كتان نظيفة ليلة ثم تغسل ويجفف في الظل فيظهر عليها لون الخلط. وإذا كان كذلك فتحتاج إلى تنقية ذلك الخلط لئلا تتضرر به.
25
[aphorism]
قال قال أبقراط: الحامل إن ضمر ثدياه بغتة أسقطت.
[commentary]
أقول: ضمور الثديين فجأة دليل إما على قلة الدم أو توجه الدم بأجمعه إلى الرحم. ولا شك أنهما يوجبان الإسقاط. أما الأول فلفقدان الجنين ما يكفيه من الغذاء فيتحرك لطلبه ويسقط. وأما الثاني فلثقل الرحم بازدحام الدم الكثير وتوجه الرطوبات إليه فيكون سببا لزلقه وسقوطه.
26
[aphorism]
قال قال أبقراط: المتآم بغتة بضمور ثديها الأيمن يسقط الذكر لتوليده فيه وبالأيسر الأنثى.
[commentary]
أقول: الحامل إذا كانت متآما بذكر وأنثى فضمور أحد ثديها بغتة يوجب إسقاط الجنين الذي بإزائه، وإنما يناسب الذكر الجانب الأيمن لأنها أسخن والأنثى الأيسر لأنها أبرد وهذا على سبيل الأغلبية.
27
[aphorism]
قال قال أبقراط: غير الحامل لبنها بغير ولاد لفقدان طمثها.
[commentary]
أقول: وذلك لأنه إذا لم يطمث تتوجه المادة إلى PageVW2P054A * الثديين (4) وتصير لبنا. وقد يكون اللبن من غير دم الطمث بل لغلبة الدم كما يعرض لبعض الرجال ندرة درور اللبن وقد سمعناه وما رأيناه.
28
[aphorism]
قال قال أبقراط: انعقاد دم الثدي دليل الجنون.
[commentary]
أقول: إذا ارتفع إلى الثديين دم مفرط الحرارة ويعرض الغليان ولم يصلح لصيرورته لبناا وتحلل لطيفه وبقي كثيفه منعقدا فتراقى إلى الدماغ والقلب بخارات رديئة فيحدث الجنون.
29
[aphorism]
قال قال أبقراط: المغص بسقي ماء العسل عند النوم دليل الحمل.
[commentary]
أقول: إذا أردنا أن نعلم هل المرأة حامل أم لا فنسقيها ماء العسل فإن أصابها وجع في الأمعاء PageVW0P044B فهو دليل على الحمل لأن من شأن ماء العسل الغير المطبوخ وخصوصا بماء المطر لأنه لا يخلو عن ريحية ودخانية إن تولد في الأمعاء رياحا. ولا شك أن أمعاء الحامل يضيق بمزاحمة الجنين لها فلم يسهل نفوذ تلك الرياح فتحس بالمغص. وإنما خص بحال النوم لأن البدن فيه ساكن وليس هناك حركة محللة للرياح.
30
[aphorism]
قال قال أبقراط: الحامل بالذكر لونها حسن وبالأنثى حائل.
[commentary]
أقول: حسن لون الحامل بالذكر لأن الدم الغاذي له أسخن من الذي يغتذي به الأنثى، والحامل بالأنثى بالعكس لأن الغذاء البارد يجعل اللون كمدا حائلا، وهذا الاستدلال متعذر على الطبيب إلا إذا شاهد حال الحامل مرة بعد أخرى.
31
[aphorism]
قال قال أبقراط: الحمرة في الرحم دليل موت الجنين.
[commentary]
أقول: الورم الصفراوي حدوثه من دم حادة يغلب عليه الصفراء الغير الطبيعية، ومثل ذلك لا يصلح لغذاء الجنين. فلا شك أنه PageVW2P054B قاتل له والأم ايضا.
32
[aphorism]
قال قال أبقراط: الحامل المهزول جدا يسقط قبل السمن.
[commentary]
أقول: المرأة إذا هزلت هزالا بالمرض الذي قد تقدم ثم حملت قبل أن يعود إليها سمنها فإنها تسقط وذلك لقلة الغذاء لأن الدم الحاصل يتوجه أكثره إلى أعضاء الأم لأن الطبيعية عنايتها ببدنها أتم من عنايتها ببدن الجنين وإنه يوجب الإسقاط.
33
[aphorism]
قال قال أبقراط: الحامل المعتدلة البدن إن أسقطت في الشهر الثاني والثالث بلا سبب بين ففم رحمها مملوء مخاطا فلا تقدر على الضبط.
[commentary]
أقول: إذا أسقطت المعتدلة البدن بلا سبب بين من مرض أو سقطة أو فرغ ويحوها في الشهر الثاني والثالث فكان سببه امتلاء فم الرحم من الروطبة المخاطية فلا تقوى على الإمساك خصوصا في الشهرين لكبر الجنين فيهما وعجز الرحم عن حمله سيما مع الرطوبة المزلقة.
34
[aphorism]
قال قال أبقراط: السمينة جدا إن لم تحبل فثربها يزحم فم رحمها ولا يحبل دون الهزال.
[commentary]
أقول: الثرب عضو مؤلف من طبقتين غشائيتين يركب أحدهما على الآخر وتخلل بينهما شحم كثير يبتدئ من فم المعدة وينتهي إلى معاء قولون. ولا شك أن كثرة شحم الثرب يزحم فم الرحم أي يمنعه من وصول المادة الزرعية PageVW0P045A إلى موضع التكون فلا تحبل إلى أن يزول سمنه. هذا هو السبب الأكثري وقد لا تحبل السمينة لغلظ وركيها فجذبها فيمنع بلوغ الذكر وزرقة المني إلى الباطن أو لكثرة الرطوبة المزلقة المانعة عن الحبل.
35
[aphorism]
قال قال أبقراط: إن تقيح الرحم حيث يستطلق الورك PageVW2P055A احتاجت إلى الفتل.
[commentary]
أقول: خراج كان فيه في الموضع الذي يستطلق فيه الورك وهو موضع دخول القضيب المسمى بالفرج أطلق عليه لفظ الرحم تحوزا، فلا ينجع فيه العلاج بالأودوية لطول المسافة بينه وبين المعدة احتاجت في المعالجة إلى استعمال الفتل الفرزجات لملاقاة إياها فيسرع الفلاح.
36
[aphorism]
قال قال أبقراط: إدخال المعطس في الأنف وإمساك المنخرين والفم يسقط المشيمة.
[commentary]
أقول: إذا لم تخرج المشيمة مع الجنين أو بعده وجب أن يدخل في الأنف دواء معطس ويسك الفم والمنخرين لأن الطبيعة تمنع إمساكها حينئذ فتحتاج إلى حركة دافعة فتعطس وينجفع الحجاب إلى أسفل فتضغط الأحشاء فتعين على دفع المشيمة. ويزيد في ذلك حصر النفس لأن الهواء إذا امتنع خروجه بحصر النفس عاد في العروق وتكص إلى الأفواه التي تتعلق بالمشيمة وتدفعها دفعا قويا فيخرجها.
37
[aphorism]
قال قال أبقراط: وضع محجمة عظيمة على كل من الثديين يحبس الطمث.
[commentary]
أقول: وضع محجمة عظيمة لتكون جذبه أقوى على كل من الثديين ليكون الجذب من الجهتين يحبس الطمث للجذب إلى الجهة المقابلة المشاركة للرحم.
38
[aphorism]
قال قال أبقراط: جري اللبن من ثدي الحامل دليل ضعف الطفل وكتنازه دليل الصحة.
[commentary]
أقول: إذا جرى اللبن من ثدي الحامل PageVW2P055B في غير وقته أي قبل السابع ولم يكن هناك زيادة الدم فيدل على قلة ما يتناول الجنين من الغذاء لضعفه فيتوفر على الثديين ويصير لبنا. واكتناز الثدي أي اجتماعه من غير صلابة يدل على أن الجنين صحيح بتناول الغذاء PageVW0P045B أكثر ولا يرد إلى الثديين إلا مقدار ما ينبغي.
39
[aphorism]
قال قال أبقراط: صلابة ثدي الحامل دليل وجع فيهما أو في الوركين أو العينين أو الركبتين فلا تسقط.
[commentary]
أقول: إذا اتفق للمرأة سبب من أسباب الإسقاط لكن لم يضمر الثدي بل انتقل إلى الصلابة فلا يسقط الجنين بل يؤول إما إلى وجع في الثديين أو العينين أو في الوركين أو الركبتين لأن المادة الموجبة للإسقاط توجب إلى هذه الأعضاء وأولى المواضع بالقبول على تقدير توجهها إلى أسفل مفصل الورك والركبة وبتقدير ميلها إلى فوق الثديان والعينان وذلك ظاهر.
40
[aphorism]
قال قال أبقراط: الحامل إن كانت حماه سخنية جدا بلا سبب ظاهر ففي ولادها عسر أو إسقاط مع خطر.
[commentary]
أقول: عروض الحمى للحامل كثير لأجل احتباس الفضل الطمثي فإذا حدث لها حمى قوية بلا سبب ظاهر أي من غير سبب باد كان سببا لطول الحمى وضعف الطبيعة، فإن بقيت إلى وقت الولادة كان ولادها عسرا لضعف الجنين وأنه لأن سهولة الولادة تحتاج إلى قوة الحامل وقوة المحمول وإن لم تحتمل إلى وقتها يسقط الجنين. ولا شك في أن فيهما خطر.
41
[aphorism]
قال قال أبقراط: التشنج والغشي بعد الطمث رديء.
[commentary]
أقول: حدوث التشنج والغشي بعد سيلان الطمث رديء. أما التشنج فلأنه استفراغي يدل على الجفاف. وأما PageVW2P056A الغشي فلأنه يدل على ضعف القوة الحيوانية لكثرة استفراغ الدم الذي هو أشرف الأخلاط.
42
[aphorism]
قال قال أبقراط: درود الطمث بمرض وفقده يحدث في الرحم عللا.
[commentary]
أقول: كثرة سيلان الطمث يوقع في الأمراض اليابسة الاستفراغية كالتشنج والغشي والصداع اليابس ونحوها، وفقد الطمث وعدم انحداره يوجب عللا في الرحم للامتلاآت الرديئة وعدم الاندفاع.
43
[aphorism]
قال قال أبقراط: يتبع الورم في طرف الدبر أو الرحم تقطير البول وتقيح الكلى، والفواق تتبع ورم الكبد.
[commentary]
أقول: إذا عرض ورم في طرف الدبر أي المقعدة أو الرحم أحدث تقطير البول لقبول المثانة الآفة من الورم بالمجاورة لضعفه المثانة. هذا إذا لم يكن الورم عظيما. أما إذا كان عظيما فيوجب الاحتباس PageVW0P046A لا محالة. قوله وتقيح الكلى أي المدة الحاصلة في الكلى تحدث تقطير البول بما يصحب البول من القيح اللذع للمثانة. فلا يتمكن من الصبر عليه حتى يجتمع فيها فيدفع جزءا جزءا. قوله والفواق تتبع ورم الكبد أي ورم مقعر الكبد محدث للفواق لأن بإحوائه على المعدة يضيق النفس فتهيج الفواق أو تتجلب من الكبد إلى المعدة فضلة مرية تلذعها فيحدث الفواق.
44
[aphorism]
قال قال أبقراط: إن بخرت المرأة المغطاة ونفذ البخور إلى فيها ومنخريها فتعذر الحمل لسبس منها.
[commentary]
أقول: إذا أردنا أن نعرف إن عدم الحمل من جهة المرأة أو من جهة الرجل نكب قمعا ونضع انبوبته في فم الرحم ويبخر تحت القمع بالأشياء PageVW2P056B الطيبة الرائحة وغطت المرأة بالثياب لتنحصر البخور كله داخلا. فإن نفذ البخور رائحة غلى فمها ومنخريها فالمنع من الحمل ليس من جهتها لأن ذلك دليل على اعتدال مزاج الرحم ونقائه من المواد الفاسدة. أما إذا وصلت الرائحة غلى فمها متغيرة هناك مادة تغيره ويعرف نوع المادة بنوع الرائحة.
45
[aphorism]
قال قال أبقراط: لا يصح الطفل إن جرى معتاد الطمث.
[commentary]
أقول: إذا جرى الطمث من الحامل في أدواره مرارا كثيرة لم ينقص مقدار العادة أدواره المعهودة دل ذلك على ضعف الجنين وسقمه. أما لو عرض مرة أو مرتين فليس كذلك لأنه ربما يكون من كثرة الدم ودفع الطبيعة.
46
[aphorism]
قال قال أبقراط: من لم يجر طمثها و لا قشعريرة وحمى فيعرض كرب وغشي وخبث نفس فقد علقت.
[commentary]
أقول: حاصله أن احتباس الطمث إن لم يكن لقلة الدم بل لخلط رديء مانع عن خروجه فحينئذ لا بد أن يحدث قشعريرة وحمى. فإن لم يحدث ذلك فإن حدث كرب وغشيان وخبث نفس فهو دليل العلوق لأن الفضول اجتمعت في المعدة ولم يحصل للجنين احتباس إلى جذبها أول الأمر لصغره فيكون موجبا للضرر وحدوث الأمراض المذكورة. وذلك يكون في الشهر الأول والثاني. فأما بعد الثاني والثالث يزول هذه الأعراض لأن الجنين لعظمه يقوى على جذب ما لم يكن يقوى عليه لكثرة حاجته إليه.
47
[aphorism]
قال قال أبقراط: الرحم إن كان باردا متكاثفا أو رطبا جدا غامرا للمني إذا جف PageVW0P046B مما يجب أو حارا محرقا لم يحبل. وإن اعتدل PageVW2P057A كثر الولد.
[commentary]
أقول: موانع الحبل كثيرة منها كون الرحم باردا متكاثفا لأنه يضيق أفواه نقر الرحم فلا يسهل سيلان الحيض منها ويغلظ الدم فيفقد غذاء الجنين. ومنها أن يكون رطبا جدا فإنه يغمر المني ويجمد حاره الغريزي فبطل قوة التوليد كما يعرض للبزور في الأراضي البزة. ومنها أن يكون أجف مما ينبغي لأنه مانع من تغذية الجنين لأن الغذاء بالرطوبة. ومنها أن يكون حارا محرقا. وهذا ظاهر قوله وإن اعتدل كثر الولد. وإنما قال كثر الولد لا الجنين لأن اعتدال الرحم سبب لتوليد في الوقت الطبيعي بحيث يعيش ويكون سليم المزاج. والحاصل أن السبب الأكثري للعقم برد المزاج ولهذا صارت البغلة لا تلد إلا ندرة لبرودة مزاجها. وقال بعض الفضلاء من المشرحين سبب عقم البغال أن أرحامها غير منفتحة لضغرها وضيقها ومعوجه ووضعها مخالف لوضع البطن وإن المني لا يصير إليها على الاستقامة ولا يبلغ إلى الموضع الذي يحتاج إليه. وقد شرحوا رحم البغلة فوجدوه على الهيئة المذكورة. والغرض من هذا الفصل أنه يمكن أن يكون عقر النساء لمثل هذه.
48
[aphorism]
قال قال أبقراط: اللبن رديء للمصدوع والمحموم ومن دون شراسيفه مشرف وفيه قرقرة ومن به عطش أو يغلب عليه برازه المرار ممن هو في حمى حادة وللمختلف ودما كثرا، وينفع المسلول الفاقد حمى حادة ومن حماه ضعيفة طويلة فاقد لما مر ذائبا على غير موجب العلة.
[commentary]
أقول: أما أن PageVW2P057B اللبن رديء للمصدوع لأنه يسرع استحالته في المزاج الحار وتحصل منه الدخانية وفي المزاج البارد ينقلب إلى الخلط الرديء ويولد ريحا وتقصر المعدة عن إتمام هضمه. وأما تضرره بالمحموم أي الذي حماه عفنية لأنه سريع العفن فيزيد في الحمى. وأما إضراره لمن دون شراسيفه مشرف لأن سبب إشرافها قد يكون لورم في الكبد والطحال أو في نواحيهما. وقد يكون لرياح نفاخة. ولا شك أن اللبن يضر لهذه كلها لأنه يوجب التعفن وحدوث الرياح كما ذكرنا قبل. وأما أنه مضر لمن به عطش سواء كان كاذبا أو صادقا. أما الكاذب فلأن حدوثه PageVW0P047A عن بلغم مالح أو مرار فتسرع استحالته إلى تلك المادة. وأما الصادق فبسبب انصباب المرار إلى المعدة والأمعاء لسرعة استحالته. وأما رداءته بالنسبة إلى من يغلب على برازه المرار لأنه سريع الاستحالة فيزيد فيه ويحدث أمراضا مرارية. وأما مضرته لمن هو في حمى حادة لأنه يستحيل إلى الدخانية والمرارية. وأما أنه رديء بالنسبة إلى صاحب الإسهال الدموي لأن الهضم قد ضعف بخروج الدم الكثير فإذا ورد اللبن جذبه الأعضاء جذبا شديدا فينجذب قبل الهضم فيولد سددا، أو لأنه لاستحالته إلى المرار يكون سببا للسحج والترخر. قوله وينفع المسلول الفاقد حمى حمى شديدة وذلك لتعتريته للقرحة وترطيبه البدن وتحصيله غذاء سريع النفوذ. قوله ومن حماه ضعيفة إلى آخره أي ينفع اللبن لمن حماه ضعيفة طويلة ولم يكن به من الأسباب المذكورة المانعة من شربه. فإنه ينفعه بالتغذية والترطيب PageVW2P058A قوله ذائبا على غير موجب العلة أي ينفع اللبن من كان يذوب بدنه من أصحاب الحمى الضعيفة أكثر لما يوجبه العلة المحسوسة وهي الحرارة الدقية فإن حرارتها في نفسها أقوى مما هي في الحس فتكون إذابتها للبدن أكثر.
49
[aphorism]
قال قال أبقراط: من به قرحة فناله ورم لم يصبه تشنج ولا جنون، وإن عدم ورم وقع دفعة وهي من خلف حدث تشنج أو تمدد والقدامية تحدث جنونا ووجعا حادا في الجنب وتقيحا وخلف الدم إن كان الورم أحمر.
[commentary]
أقول: من حدث به قرحة أي جراحة أو ورم ماله إلى القرحة فناله أي أصابه ورم لم يصبه تشنج ولا جنون لأن حدوث الورم يدل عل اندفاع المادة إلى ظاهر البدن لا إلى الدماغ ولا إلى ناحية العصب. قوله وإن عدم ورم يعني وإن كان بشخص ورم فغاب دفعة فإن انتقل إلى خلف البدن عرض لصاحبه تشنج أو تمدد لأنهما من علل العصب وهو غالب على الظهر. قوله والقدامية إلى آخره أي وإن انتقل إلى قدام يحدث جنونا إن صارت إلى الدماغ، وإن صارت إلى الصدر والحجاب أورثت وجع الجنب لأن الغالب على الأعضاء القدامية العروق فتصير المادة PageVW0P047B إلى بعض الأعضاء الشريفة. وقوله وتقيحا أي ربما يحدث تقيحا إن لم يتحلل. قوله وخلفة الدم إن كان الورم أحمر أي إن انتقلت إلى الأمعاء يحدث خلفة الدم إن كان مادة الورم دموية.
50
[aphorism]
قال قال أبقراط: عظم الجراحات الخبيثة بلا ورم رديء جدا.
[commentary]
أقول: إذا عرض PageVW2P058B تفرق اتصال عظيم في الأعضاء اللحمية يجب إن تنصب إليه بسبب الوجع مادة تصير ورما فهي لم تحدث الورم كان رديئا جدا لدلالته على أن المادة انقلبت إلى عضو آخر ولا يؤمن أن يكون ذلك من الأعضاء الرئيسة أو الشريفة فتوجب العطب.
51
[aphorism]
قال قال أبقراط: الورم الرخو يحمد والني يذم.
[commentary]
أقول: الورم الرخو البلغمي المسمى باوذيما محمود لأن الطبيعة غلبت عليه وأنضجته ولأن مادته متفرقة فتقبل التحليل. والني وهو الورم الصلب مذموم لدلالته على عدم النضج وطول المرض وعسر التحليل سيما إذا كان له غلاف.
52
[aphorism]
قال قال أبقراط: وجع مؤخر الرأس ينفعه فصد الجبهة.
[commentary]
أقول: إنما ينفع فصدها لأنه ينقل مادته إلى جهة المخالفة فينتفع به وبالاستفراغ.
53
[aphorism]
قال قال أبقراط: النافض أكثر بدؤه في النساء من أسفل الصلب إلى الرأس وفي الرجال يبتدئ من خلف أكثر ومنقدم البدن أزب تخلخله.
[commentary]
أقول: إنما كان أكثر ظهور النافض في النساء من أسفل الصلب أي من القطن لأنه أشد بردا وتكاثفا لأنه موضع الرحم وهو عصبي بعيد عن القلب ثم تراقى منه إلى الرأس، وفي الرجال يبتدئ من خلف لأن مقدم البدن كثير الشعر لتخلخله واللحم أكثر عليه فتتحلل المادة النافضة المؤذية من المسامات بخلاف المؤخر فإنه بارد لكثرة العظام والنخاع فيه فلا تتحلل المادة النافضة بسرعة فتحس بالبرد.
54
[aphorism]
قال قال أبقراط: من به الربع فلا يناله التشنج وهو يزول بها.
[commentary]
أقول: من كان له حمى الربع فلا يعرض له التشنج أي الرطب الامتلائي لأن هذه الحمى تنضج PageVW2P059A المواد البلغمية الراسخة في الأعصاب وتخرجها منها بقوة. قوله وهو يزول بها أي التشنج المذكور يتحلل بالربع لأن علاجه التحلل والاستفراغ والربع نفعل الأمرين. وهذه الخاصة لا توجب في غيرها الحميات لأن لطول مدتها تنضج الرطوبات المشنجة على سبيل التدريج.
55
[aphorism]
قال قال أبقراط: من جلده متمدد وقحل فموته بلا عرق ومن بالضد فبعرق.
[commentary]
أقول: PageVW0P048A من كان جلده متمددا قحلا صلبا عند قرب الموت فموته يكون بغير عرق لأنه إنما كان كذلك إذا كانت رطوبته يسيرة فيتكاثف الجلد. ومن كان جلده رخوا فبالضد أي موته بعرق لأن الرطوبات فيه كثيرة فإذا أسقطت القوة سالت تلك الرطوبات من نفسها ولا يمانعها الجلد لتخلخله وسعة مسامه.
56
[aphorism]
قال قال أبقراط: لا يكاد يتولد الريح فيمن به يرقان.
[commentary]
أقول: أي لما يتولد الريح في عروقه لأن مادة الريح الرطبة وفاعلة الحرارة الضعيفة ومادة اليرقان مرية وحرارته حادة فبينهما تناف.
PARATEXT|
قال
المقالة ٦
1
[aphorism]
قال أبقراط: حدوث الجشاء الحامض بعد مع قدم زلق الأمعاء يحمد.
[commentary]
أقول: من كان به زلق الأمعاء زمانا طويلا ثم عرض له جشاء حامض كان محمودا لأن سبب الزلق ضعف الهاضمة والماسكة وملاينته سطح المعدة فإذا حدث الجشاء عند تطاول المرض دل على أن الهاضمة أنهضت يسيرا وهضمت هضما ما ريثما يحمض. وهذه حالة محمودة في هذا الوقت.
2
[aphorism]
قال قال أبقراط: من في منخريه رطوبة طبعا أزيد ومنيه أرق PageVW2P059B أشرف على المرض ومن بالضد فأصح.
[commentary]
أقول: رطوبة المنخرين بالطبع دليل رطوبة الدماغ ورقة المني دليل قلة النضج وكثرة الرطوبة وقصور حرارة الرؤساء. فصاحبه يكون مستعدا للأمراض العفونية سيما الدماغية لكثرة الرطوبة فيه وقلة الحرارة وهو موجب للتعفن. قوله ومن بالضد فأصح أي من كان منخراه يابسين قليل الفضلات وغلظ منيه كان أعسر انفعالا وأويق صحة وأبعد قبولا عن الآفات.
3
[aphorism]
قال قال أبقراط: عدم الشهوة في الإسهال المزمن الدموي رديء ومع الحمى أردأ.
[commentary]
أقول: الإسهال المزمن يؤدي إلى موت المعدة المشاركة للأمعاء فبطل الشهوة. وأما سقوط الشهوة في الابتداء فسببه تصعد جزء من المرة المسحجة إلى فم المعدة وليس يدل على كثرة الرداءة. قوله ومع الحمى أردأ لأنها إنما يكون لعفونة قوته أو ورم. ولا شك أن بطلان الشهوة وحده رديء فمع الحمى أردأ.
4
[aphorism]
قال قال أبقراط: القرح المنثر ما حوله خبيث PageVW0P048B .
[commentary]
أقول: انتثار الشعر من حوالي القرحة دليل خبثها أي لا يجيب إلى الاندمال لرداءة الدم الآتي إليها. وقد تساقط الجلد وهو أردأ. وربما تساقط اللحم وهو أشد رداءة ولا يؤمن أن يؤول الأمر إلى الأكلة.
5
[aphorism]
قال قال أبقراط: من الوجاع عظم اختلاجها.
[commentary]
أقول: المراد بالوجاع ما يعم الأمراض والأعراض وهي الأوحال الخارجة عن الطبيعة. ويعظم الاختلاج مقدار الوجع. وفي بعض النسخ اختلافها وكلاهما واحد يعني إذا عرض مرض أو عرض في عضو من الأعضاء وجب على الطبيب أن يتقدم مقدار PageVW2P060A اختلافه ليقف بذلك على ما يدل عليه حال المريض وعلى صواب التدبير مثل أن الوجع في الأضلاع والصدر إذا كان عظيما دل على كونه في الغشاء المستبطن للأضلاع، وأن العلة ذات خطر وأنه تحتاج إلى العلاج إلى ما هو قوي كالفصد إن كان الوجع تراقى إلى الترقوة إلى ما دون الشراسيف. وإن كان يسيرا دل على كونه في العضل الذي في الأضلاع وليس يحتاج إلى العلاج القوي ولا كثير خطر فيه، وهكذا الحال في سائر مواضع البدن.
6
[aphorism]
قال قال * أبقراط:الأعالي (1) من وجع البطن أخف والأخفض أشد.
[commentary]
أقول: إذا استلقى المريض على ظهره فما بين القطن إلى القفاء في العمق هو الأخفض، وخارج الصفاق إلى الجلد هو الأعالي. فإذا كان ورم أو خراج في الأعالي كان أخف وأسهل لميل مادتها إلى خارج البدن وبعدها عن الأعضاء الكريمة وفي الأخفض كان أشد لميل المادة إلى الداخل فكان أخطر.
7
[aphorism]
قال قال أبقراط: قرح المستسقي يعسر برؤه.
[commentary]
أقول: وذلك لكثرة الرطوبة الفضلية في المستسقي وغلبة الرطوبة على دمه وضعف هضمه. فالواصل إلى القرحة من الغذاء والرطوبات يكون رديئا فيعسر الاندمال.
8
[aphorism]
قال قال أبقراط: البثر العريض تعدم حكته.
[commentary]
أقول: أراد بابثر العريض ما يكون منبسطا غير حاد والرأس بكونه من بلغم عار عن الحدة والحرافة فلا تكون معه حكة. وإنما قال تبعد حكته لأنه يجوز أن يكون من مادة بلغمية بورقية فلا يخلو عن الحكة.
9
[aphorism]
قال قال أبقراط: من صدع شديدا برأ بقيح PageVW2P060B أو ما يخرج من منخريه أو أذنيه.
[commentary]
أقول: صاحب الصداع الشديد PageVW0P049A من ورم أو غيره من فضلات غير نضيجة إذا خرج القيح أو الفضلة من منخريه أو أذنيه برأ لزوال سببه.
10
[aphorism]
قال قال أبقراط: برأ السوداوي والمبرسم بالبواسير.
[commentary]
أقول: وذلك ظاهر لأن المادة الفاعلة انقلب من الأعالي والرأس إلى الأسفل والخسيس. وزعن الرازي أن البرسام حدوثه من دم لطيف والخارج من البواسير الدم العكر، فكيف ينتفه به؟ أجيب بأنه وإن كان الدم في البرسام لطيفا لكنه سريعا يحترق ويتعكر. والدليل عليه اسوداد الوجه والرأس، وأيضا إذا فتحت الطبيعة أفواه العروق في البواسير مالت المواد بأجمعها إليه واستفرغت فحينئذ تكون نافعة.
11
[aphorism]
قال قال أبقراط: * إن (2) لم تترك واحدة لمن به بواسير مزمنة حدث استسقاء أو سل.
[commentary]
أقول: إذا عولج البواسير ولم تترك واحدة منها ليستفرغ الدم العكر حدث استسقاء أو سل لأنه إذا لم يستفرغ من المعدة ولد في الكبد ورما يفسد به مزاجه فحدث الاستسقاء. وإن قوى الكبد ودفع تلك * المادة (3) إلى الرئة فيها يحدث السل. والحاصل أن البواسير إن تركت ولم تعالج حتى يسيل منها الدم الكثير هزل البدن وضعف الحار الغريزي. ومتى قطع استفرغه أدى إلى المرضين المذكورين. فلذلك يجب أن تترك واحدة منها ليؤمن من كلا الضررين.
12
[aphorism]
قال قال أبقراط: ذو الفواق إن عطس برأ .
[commentary]
أقول: من به فواق امتلائي ثم عرض بعده عطاس برأ منه لأن الفواق PageVW2P061A الامتلائي يحتاج إلى حركة مزعجة تخرج تلك الرطوبات وتتحلل. ولا شك أن العطاس يفعل ذلك سيما مع إمساك النفس.
13
[aphorism]
قال قال أبقراط: المستسقي إن جرى ماءه في عروقه إلى بطنه برأ.
[commentary]
أقول: أي من كان به PageVW0P049B إسهال مزمن وعرض له قيء من تلقاء نفسه برأ. وذلك لحركة المادة إلى جهة المخالفة فعلى الطبيب الإعانة.
14
[aphorism]
قال قال أبقراط: الذرب في ذات الرئة والجنب رديء وفي الرمد جيد.
[commentary]
أقول: أي من به ذات الرئة والجنب ثم عرض له ذرب كان رديئا. وذلك لأن الكبد مشارك لآلات التنفس فيضعف سبب الآفة عن جذب الغذاء وتوليد الدم فيحدث الاختلاف سيما إن عمت الآفة المعدة أيضا. وأما إن عرض الذرب بعقب الرمد كان جيدا لأنه يدل على أن المادة منجذبة إلى الضد.
15
[aphorism]
قال قال أبقراط: خرق المثانة والدماغ والقلب والكلى والمعدة وبعض الأمعاء الدقاق والكبد قتال.
[commentary]
أقول: خرق الأعضاء المذكورة بحيث ينفذ إلى الجهة الأخرى قتال. أما المثانة فلدوام الماء فيها وقلة الدم فلا تلتحم. وأما الدماغ لأنه يفسد فتتحلل الروح النفساني. وأما القلب فلدوام حركته لا يلتحم الخرق فيستبد منه الروح الحيواني. وكذلك الدم القلبي فيقتل. وأما الكلية PageVW2P061B فلعدم اجتذابها المائية الحادة اللذاعة. وأما المعدة لمنعها الالتحام لأنها مجتمع الرطوبات فلا يتمكن من وضع الأدوية. وأما خرق بعض الأمعاء الدقاق سيما الصائم فلرقة جرمه وكثرة عروقه ودوام انصباب المرار إليه. وأما الكبد فلما يلزمه من خورج الدم وتفريق الروح الطبيعي. وإنما قيدنا بقولها بحيث ينفذ إلى الجهة الأخرى PageVW0P050A لأنها إذا كانت جراحة ففي بعضها كالمعدة برأ وفي بعضها كالرئة تمهل.
16
[aphorism]
قال قال أبقراط: إذا انقطع عظم أو عضروف أو عصبة أو الرقيق من اللحي أو القلفة لم ينبت.
[commentary]
أقول: إذا انفصل من هذه الأعضاء جزء لم ينبت عوضه أصلا لأن بكونها من المنيين والمادة مفقودة، أو لأن الطبيعة تحتاج إلى إحالة الدم إحالات كثيرة حتى تعمل منه تلك الأعضاء لبعدها عن جوهر الدم. ولا شك أن الطبعية عاجزة عن أمثال هذه التصرفات.
17
[aphorism]
قال قال أبقراط: الدم إن انصب على فضاء غير طبيعي تقيح.
[commentary]
أقول: معناه أن الدم إذا انصب إلى عضو ولم تتصرف الطبيعة فيه إلى استحالته إلى جوهر آخر طبيعي كاللبن والمني وشبهها فإنه يفسد هناك ويحدث لنفسه فضاء غير طبيعي ويتقيح بإنضاج الحار الغريزي.
18
[aphorism]
قال قال أبقراط: من جن برأ بالدوالي والبواسير.
[commentary]
أقول: هذان المرضان برآن من الجنون لحركة المادة إلى خلاف الجهة ومن العضو الأشرف إلى الأخس. وهذا إذا كان قريب العهد. أما لو طال الزمان حتى فسد مزاج الدماغ وأرواحه فلا.
19
[aphorism]
قال قال أبقراط: من دام تفزعه وخبث النفس فيه سوداء.
[commentary]
أقول: PageVW2P062A التفزع الدائم وخبث النفس يدلان على مرض سوداوي لأنهما يدلان على ارتقاء بخارات سوداوية مظلمة للروح النفساني فتعتري لصاحبه ما يعتري الإنسان في الظلمة من الخوف والكآبة. فإذا داما من غير سبب ظاهر كانا سببين للوقوع في الأمراض السوداوية كالجذام والسرطان وما أشبههما.
20
[aphorism]
قال قال أبقراط: ميل الحمرة من خارج إلى داخل يذم وبالعكس يحمد.
[commentary]
أقول: ميل الحمرة وهي الورم الصفراوي من خارج البدن إلى الداخل رديء لأن الباطن معدن PageVW0P050B الأرواح ومحل الأعضاء الرئيسة فيكون ضررها أكثر مما كان خارجا. وعكسه محمود مطلقا أي أعم من أن تكون حمرة أولا لأنه يدل على قوتها.
21
[aphorism]
قال قال أبقراط: من حم وبه رعشة فاختلاط الذهن يحلهما.
[commentary]
أقول: من كان به حمى محرقة وكان معها رعشة فإذا اختلط ذهنه كان سببا لانحلال الرعشة والحمى لأن حدوث الرعشة بانتقال المادة من العروق إلى الدماغ والأعصاب وقبل حصولها في الدماغ يمر بالحجاب فيؤذيه بحدتها ويحدث الرعشة، فإذا تمكنت في الدماغ ولم تصعد مادة آخرى إلى الدماغ بطلت الرعشة. وهذا الانتقال من أردأ الانتقالات لأنه تتعطل معها الأفعال النفسانية ويموت صاحبه مختنقا لأن الصدر لا يتحرك. وفي العبارة تساهل لأن لفظة الحل لا يطلق إلا في موضع البرأ لا في الانتقال إلى علة أردأ.
22
[aphorism]
قال قال أبقراط: إن كوي أو بط المتقيح أو المستسقي وكثر جري مرته أو مائه دفعة هلك.
[commentary]
أقول: المراد بالمتقيح ههنا صاحب المدة في فضاء الصدر، فإذا خرج القيح الكثير من الفضاء أو الماء الكثير من الاستسقاء فإن PageVW2P062B صاحبه يموت وذلك لأن كل رطوبة لا بد وأن تتصرف الطبيعة فيها لئلا يشتد فسادها وتعفنها فتفسد البدن. وإذا كان كذلك فلا بد وأن تكون مخالطة للأرواح تقوم بها القوى المتصرفة فيها. وإذا خرج شيء كثير دفعة لزم خروج الأرواح الكثيرة. وذلك موجب للهلاك. وهذا لا يخص هؤلاء بل يعم كل استفراغ مفرط دفعة. وزعم بعض أن استفراغ ماء المستسقي دفعة يوجب الجذب إلى أسفل فينجذب معه الحجاب وآلات الصدر فيضطرب القلب لذلك ويهزم PageVW0P051A الحار الغريزي ويؤدي إلى الغشي وانحلال القوة. ولا شك أنه مهلك.
23
[aphorism]
قال قال أبقراط: لا يعرض للخصي نقرس ولا صلع ولا نقرس في امرأة إن لم يقطع دمها ولا في صبي ما لم يطأ.
[commentary]
أقول: إنما لا يعرض النقرس للخصي لأن عروض هذا العرض لأسباب الامتلاء من الدم وحدة المواد وكثرة نزول المواد إلى الرجل وكثرة الجماع والخصي بدنه بارد والرطوبة عليه غالبة ويقل نزول المواد إلى رجليه لانسداد مجاري الغذاء بالكي المستعمل عندما يخصى وقلة مجامعته فإن حدث له النقرس كان بسبب سوء التدبير في الحركات والركوب وإفراط السكر. وإنما يعرض له الصلع لأن حدوثه من فرط اليبس وكثرة المجامعة وهما فيه قليلان. وإنما لا يعرض النقرس للمرأة ما لم ينقطع دمها الحيضي لأن كل شهر يستفرغ من أخلاطها الحادة ولأن رطوبة بدنها غير حادة بسبب قلة الحرارة فلا يصلح له. وإنما قال إن لم ينقطع دمها لأنه إذا انقطع ولم يستفرغ فكثر فيها فتحتد وتولد النقرس * وإنما (4) PageVW2P063A لا يعرض للصبي ما لم يطأ أي قبل زمان قردته على المباضعة لعذوبة دمه وقلة فضلاته بسبب انصراف الغذاء إلى النمو ولعدم الهز الجماعي. قال جالينوس: إذا وجد صبي منقرس فذلك ميراث. وذكر أنه رأى خصيا منقرسا ولم ير صبيا منقرسا.
24
[aphorism]
قال قال أبقراط: وجع العين يحله شراب الصرف أو الحمام أو التكميد أو فصد العرق أو شرب الدواء.
[commentary]
أقول: مادة وجع العين إما مختصة به أو لا. والأول PageVW0P051B إما أن يكون غليظة وليس في البدن امتلاء فيحلها شرب الشراب الصرف لتلطيفه لها وتحليله إياها أو لطيفة شديدة القبول للتحلل فيحلها التكميد بالقطن المسخن ونحوه أو متوسطة بين الغلظ واللطافة والبدن خال فيحلها الحمام. والثاني أي ما لا يكون مختصا بالعين فلا يخلو إما أن يكون دموية فيحلها الفصد أو خلطا آخر غير الدم فيحلها شرب الدواء.
25
[aphorism]
قال قال أبقراط: يعرض للثغ ذرب طويل.
[commentary]
أقول: اللثغ جمع ألثغ وهو الذي تبدل الراء باللام والسين بالثاء والقاف بالكاف. وذلك لضعف عصب اللسان واسترخائه. وإنما يعرض له الذرب لأن دماغه رطب في الغاية فينجذب منه إلى المعدة والأمعاء دائما رطوبات كثيرة تضعفها فيحدث الذرب.
26
[aphorism]
قال قال أبقراط: ذو الجشاء الحامض لا يناله ذات الجنب.
[commentary]
أقول: وذلك لأن سبب الجشاء رطوبة المعدة وقصور حرارتها وغلبة البلغم لقصور الهضم وذات الجنب عروضها عن مادة لطيفة حادة مرارية فهما لا يجتمعان.
27
[aphorism]
قال قال أبقراط: من صلع وناله من دوالي كبيرة بالندرة عاد شعر الرأس PageVW2P063B .
[commentary]
أقول: حدوث الصلع أكثره من يبوسة الدماغ وقلة الرطوبة أو من رطوبة فاسدة تفسد منبت الشعر فمتى عرض للأصلع الغير الأصلي دوالي يعاد شعر الرأس لاندفاع تلك المادة إلى أسفل. ويكون هذا قليلا جدا، وإنما قيدنا الصلع بالغير الأصلي لأن ذو الصلع الأصلي يموت بهذا الدواء.
28
[aphorism]
قال قال أبقراط: سعال المستسقي رديء.
[commentary]
أقول: حدوث السعال في الاستسقاء أي الزقي رديء لأنه يدل على أن المائية بلغت من كثرتها إلى أن يزاحم الحجاب وقصبة الرئة فيضيق على الرئة الانبساط بحيث يحوج إلى التساعل الغير النافع لأن الضيق PageVW0P052A ههنا ليس من شيء لحج حتى يندفع بالسعال.
29
[aphorism]
قال قال أبقراط: فصد العرق المداخل يحل عسر البول.
[commentary]
أقول: فصد العرق الداخل أي الصافن لأنه من الجانب الأنسي من مآبض الركبة يحل عسر البول لأنه في الأغلب من ورم دموي في الكلى أو المثانة أو طرف الدبر أو فم الرحم يزاحم المجرى فلا يخرج البول إلا بعسر. وكل ذلك يحله الفصد سيما هذا العرق لكثرة مشاركته لهذه الأعضاء.
30
[aphorism]
قال قال أبقراط: إن عولج ذو سرطان خفي هلك سريعا وإلا بقي زمانا طويلا.
[commentary]
أقول: إن عولج السرطان الخفي في الباطن من الأمعاء أو الحلق أو الرحم أو الدبر أو غيرها سواء كان متقرحا أو لا، أدى إلى الهلاك لأن السرطان الظاهر إن عولج بذلك أمكن استيفاؤه بجميع أصوله فبرأوا. وأما الخفي فلا يمكن فيه ذلك فيبقى بعضها والمادة خبيثة فلا يقبل الاستحمام والبرؤ. فذلك مؤد إلى الموت سريعة. قوله وإلا أي وإن لم يعالج يمكن أن يعيش زمانا طويلا لما أن الجذام الذي هو PageVW2P064A سرطان عام يمكن معه البقاء فكيف بالسرطان في عضو خاص.
31
[aphorism]
قال قال أبقراط: التشنج امتلائي واستفراغي وكذا الفواق.
[commentary]
أقول: الأجسام العصبية يقصر تارة بالرطوبة بأن يمتلئ ويزداد عرضها وتارة باليبس بأن ينقص طولها وعرضها. والأول التشنج الامتلائي والثاني الاستفراغي. قوله وكذا الفواق لأنه بالحقيقة تشنج خاص بجرم المعدة والمري فإن العضل إن كان مصبوبا في مقعر المعدة خرج بالقيء. وإن كان في خملها فبالفواق.
32
[aphorism]
قال قال أبقراط: وجع ما دون الشراسيف بال ورم تحله الحمى.
[commentary]
أقول: الغالب من أمر هذا الوجع PageVW0P052B بكونه عن ريح ممددة أو رطوبة، فإذا كان في الابتداء ولم ينتقل إلى الاستسقاء فتحله الحمى لأن حرارتها تعين على التحلل.
33
[aphorism]
قال قال أبقراط: المتقيح لا يبين قيحة لغلظ المادة أو الموضع.
[commentary]
أقول: إذا لم يظهر القيح في العضو المتقيح يكون سببه إما غلظ جلد العضو كأسافل الأقدام وإما غلظ المدة لأن القيح الغليظ لا فظهر، وذلك ظاهر.
34
[aphorism]
قال قال أبقراط: المطحول إن دام خلفة دمه هلك بالاستسقاء وزلق الأمعاء.
[commentary]
أقول: دوام اختلاف الدم في من في طحاله صلابة يوهن الحار الغريزي ويفسد المزاج فتوقع في الاستسقاء إن كان أكثره لضعف في الكبد وفي زلق الأمعاء إن كان أكثره لضعف المعدة والأمعاء وكلاهما مهلكان.
35
[aphorism]
قال قال أبقراط: أداء تقطير البول إلى إيلاوس هلك في سبعة أيام إن لم يحم ولم يجر بول كثير.
[commentary]
أقول: إذا كان التقطير PageVW2P064B من كثرة بلغم خام في المثانة ودفعته الطبيعة منها إلى الأمعاء الدقاق سدها ومنع خروج البراز فيحدث إيلاوس أي القولنج المستعاذ منه ويقال به رب ارحم لأنه يقال عنده هذا القول. فصاحبه هلك في سبعة أيام بل في أربعة أيام لأنه منتهى الأمراض الحادة. وذلك لأنه وحدة يقبل في هذه المدة فكيف إذا كان معه تقطير البول كثير الخروج ما كان محتبسا في المثانة فيمكن برؤه لزوال السبب.
36
[aphorism]
قال قال أبقراط: بمضى حول أو أزيد بالقرحة تبين العظم يغور المندمل.
[commentary]
أقول: الباء في "بمضى" تتعلق بقوله "تبين" أي من به قرحة ظاهرة ومضى على قرحته سنة كاملة أو أزيد يظهر العظم الذي تحته PageVW0P053A . وإذا اندمل كان غائرا وعدم اندمال القرحة في المدة الطويلة سببه إما فساد عظم في موضعها أو سريان رطوبات رديئة إليها أو سوء مزاج رديء.
37
[aphorism]
قال قال أبقراط: الصبي قبل أن ينبت هلك بحدبة ربو أو سعال.
[commentary]
أقول: إذا عرض للصبي قبل نبات شعر العانة سعال وبرو وحدث به بسببهما حدبة أي زوال فقرة من الفقار إما من قدام أو من خلف هلك قبل الإنبات لأن الحدبة سبب لضيق النفس لإحداثه الورم المضغط والقلب والرئة محتاجان إلى الانبساط، فكيف في وقت الاحتلام بسبب انبساط الحار فلا يجدان فضاء ينبسطان فيه فيسرع الهلاك.
38
[aphorism]
قال قال أبقراط: يسقى دواء ويفصد في الربيع.
[commentary]
أقول: سقي الدواء والفصد في الربيع لمستحفظ الصحة أو لأنه أعدل PageVW2P065A الأوقات وتكثر فيه الأخلاط وتنبسط المواد فيتبعه الاستفراغ لئلا تفسد الكيموسات وتنصب إلى المواضع المستعدة لقبول المواد الفاسدة، وإلا فالمضطر إليه يستعمله في أي وقت عرض له المرض.
39
[aphorism]
قال قال أبقراط: ورم النقرس حار أسكن في أربعين يوما.
[commentary]
أقول: إنما ينحل في أربعين يوما وإن كان من الأمراض الحادة فينبغي أن ينحل في أربعة عشر يوما لأنه في عضو عصباني كثير الأوتار والرطوبات شديد التكاثف ولا ينحل منه شيء إلا بشدة فيكون بحرانه في يوم مشترك بين الأمراض الحادة والمزمنة. وليس هو إلا يوم الأربعين.
40
[aphorism]
قال قال أبقراط: ذو قطع في دماغه يحم ويتقيأ مرارا.
[commentary]
أقول: الحمى وقيء المرار لازمان لمن حدث في دماغه PageVW0P053B قطع. أما الحمى فلأن القطع يلزمه التورم والحمى لازم للورم بسبب الوجع، فكيف في الأعضاء الرئيسة. وأما قيء المرار فبسبب تأذى المعدة وفمها لمشاركتها مع الدماغ فيضعف وتهيأ لانصباب المواد إليها. فإذا كثرت فيها كان سببا لخروجها بالقيء.
41
[aphorism]
قال قال أبقراط: الصحيح إن أسكت بغطيط هلك في سبعة أيام إن لم يحم.
[commentary]
أقول: أي صحيح البدن الذي عرض له صداع ثم سكتة وعرض عقيب السكتة غطيط هلك في سبعة أيام إن لم يحدث حمى لأن حدوث الصداع إما لريح غليظة نافخة أو لمادة مالت إلى الرأس دفعة وتلك المادة لا بد وأن تكون بخارية، وإلا لم يرتفع دفعة ولم يكن وجعه شديدا. فإن المادة البخارية الريحية اشتد وجعها لأجل تمديدها بخلاف الخلطية. وإذا ارتفع إلى الدماغ مادة كثيرة دفعة فإنه يصيب صاحبه تكتة. والغطيط لاسترخاء عضل الصدر فلا يتحرك الصدر إلا بجهد شديد حركة ضعيفة فيضعفالتنفس وتعرض حالة له شبه حالة السمين عند النوم. وإنما تعرض PageVW0P054A تلك لأجل قوة المرض لا جدا، وإلا لم يحسن بالتنفس وإنما كانت تهلك في سبعة أيام لأن العلة واقعة في عضو رئيس ولم يحتمل أكثر من هذه المدة لأنها أقل ما يقتضي فيها الأمراض الحادة. وإنما قيدنا بحال الصحة لأن المريض قوته ضعيفة لا تمهل إلى هذه المدة لأن نفسه إن كان خفيا جدا مات في ثلاثة أيام، وإن لم تكن خفيا مادة المرض بحرارتها القوية فأمكن البرؤ.
42
[aphorism]
قال قال أبقراط: ظهور بياض العين في النوم مع التغميض بلا استفراغ مهلك.
[commentary]
أقول: ظهور بياض العين عند النوم في المرض الحاد مع التغميض إذا لم يكن خلقيا ولم يعرض استفراغ كثير فإن الاستفراغي يؤول سريعا إلى الحالة الطبيعية فهلك لأنه يدل على ضعف القوة المحركة للأجفان وفناء الأرواح وسقوط القوى. وإنما اختص الجفن بذلك لأن مزاجه يابس وهو قريب جدا من الدماغ فإذا عرض للدماغ يبس مفرط بادر إليه الجفاف فقصره فعسر إطباقه PageVW2P065B .
43
[aphorism]
قال قال أبقراط: اختلاط العقل بضحك أسلم وبهم وحزن أخطر.
[commentary]
أقول: اضطراب أحوال الدماغ إذا كان مع ضحك كان أقل خطرا مما غذا كان مع هم وحزن لأن الضحك مع الاختلاط يكون إما من غلبة الدم كما في شاربي الخمر وإما لدم أسود وهو قليل اليكاية للدماغ لرطوبته بخلاف ما كان مع هم وحزن فإنه يحدث من الاختلاط المحرقة فلا يتمكن الحار الغريزي من الانبساط.
44
[aphorism]
قال قال أبقراط: نفس البكاء في المرض الحاد رديء.
[commentary]
أقول: نفس البكاء أن ينقطع في الوسط حتى يكون دخول الهواء وخروجه في مرتين، وسببه إما ضعف عضل الصدر فيعجز عن الانبساط التام ويقف كالمستريح ثم يستم فعلها، وإما صلابة الآلة حتى يعصي على القوة بسطها بمرة، وإما التهاب شديد من القلب حتى يعرض للقوة أن ينقطع الانبساط طلبا لإخراج الأبخرة الدخانية بالانقباض. ويقطع الانقباض قبل تمامه طلبا للهواء المروح بالانبساط. وكل هذه رديئة فكيف في المرض الحاد فإنه دليل على أن الحرارة قد بلغت إحراق بعض الأخلاط.
45
[aphorism]
قال قال أبقراط: المرض السوداوي يؤول إلى السكتة والفالج والتشنج والجنون.
[commentary]
أقول: إن ترتفع من السوداء إلى الرأس دخانية PageVW0P054B فربما انسدت مجاري الروح إما كلها فتحدث السكتة أو بعضها فيحدث الفالج. وإن احتبست في الدماغ أوجب أنواع الجنون، وإن اندفعت إلى العينين نزل الماء الرديء. إلى أعصاب حدث التشنج.
46
[aphorism]
قال قال أبقراط: تعرض السكتة والفالج لمن سنه فيما بين الأربعين إلى الستين.
[commentary]
أقول: حدوث هاتين العلتين في سن الكهولة PageVW2P066A إذا كانتا سوداويتين أولى لأن السوداء أكثر حدوثه في الكهولة. وأما إذا كانت بلغميتين فحدوثهما في المشايخ أنسب لأن الرطوبات الفضلية في أبدانهم أكثر فيكونون أشد استعدادا لهما.
47
[aphorism]
قال قال أبقراط: إذا بدا الثرب عفن.
[commentary]
أقول: الثرب جسم مؤلف من طبقتين غشائيتين يحللهما شحم كثير. فإذا عرض التفرق في الغشائين الذين فوقه أعني الصفاق والمراق وبدا أي ظهر الشحم عفن بسرعة لفرط رطوبته سيما عند حصول الحرارة الغريزية وضعف الحار الغريزي.
48
[aphorism]
قال قال أبقراط: من ينخلع وركه تعود فيه رطوبة مخاطئة.
[commentary]
أقول: إذا خرج عظم الورك من مكانه الطبيعي ولا شك أنه يكون هناك رطوبة مرخية للرطوبات فتعود فيه الرطوبة المخاطية وهي البلغم الذي امتد زمانه فيتحلل لطيفه وغلظ قوامه.
المقالة ٧
1
[aphorism]
قال قال أبقراط: برد الأطراف في المرض الحاد رديء.
[commentary]
أقول: برد الأطراف من الأنف والأذنين والكفين والقدمين في المرض الحاد رديء لأنه دليل ورم حار في الأحشاء حتى يكون الحار الغريزي والأرواح مجتمعة هناك أو لأن القوى ضعيفة عن دفع المادة إلى الأطراف وكلاهما يدلان على ضعف الحار الغريزي فيكون رديئا سيما في الشبان في زمان الصيف.
2
[aphorism]
قال قال أبقراط: عفن العظم واللحم كمدا رديء.
[commentary]
أقول: إذا كان في العظم علة وكان لون اللحم عنها كمدا فهو دليل سوء لأنه يكون لموت الحرارة الغريزية التي فيه. وذلك لا محالة PageVW0P055A يؤدي إلى سقوطه.
3
[aphorism]
قال قال أبقراط: الاقشعرار PageVW2P066B عقيب العرق رديء.
[commentary]
أقول: أذا حدث بعد العرق اقشعرار أركان لبقية من المادة الغليظة لا ينفذ في المسام ليخرج بالعرق فلا شك في رداءته.
4
[aphorism]
قال قال أبقراط: حدوث الغواق وحمرة العينين بعد القيء وعنده رديء.
[commentary]
أقول: لأن حدوثهما في الوقتين دليل على ارتفاع المادة الموجبة للقيء إلى الدماغ وإحداثها الورم فيه وتورم دم المعدة وكلاهما رديآن.
5
[aphorism]
قال قال أبقراط: تحمد خلفة دم أو استسقاء أو حمرة بعقب الجنون.
[commentary]
أقول: اختلاف الدم من أسفل بانفتاح عروق المعدة عقيب الجنون محمود لتوجه المادة من الأعالي إلى الأسافل وكذلك الاستسقاء لأنه مرض رطب كاسر لحدة مادة الجنون وكذلك الحيرة وهي عبارة عن بطلان الفكر أو الذكر وبكونها عن سوء مزاج بارد رطب فيمنع سبب الجنون.
6
[aphorism]
قال قال أبقراط: سكر يعقبه اقشعرار واختلاط ذن رديء.
[commentary]
أقول: قد يحدث في بعض الأوقات بسبب كثرة الشراب أو رداءته اختلاط الذهن لحركة الشراب للطافته وحدته إلى الدماغ أو اقشعرار لتوجهه إلى ظاهر البدن وكلاهما رديآن محدثان للأمراض.
7
[aphorism]
قال قال أبقراط: تسقط القوة بخراج منفجر داخلا.
[commentary]
أقول: إنما تسقط القوة لأن حصول القيح في عضو كريم سيما إذا كان بقرب فم المعدة فإنه شريك للقلب وخروجه يضعف لا محالة.
8
[aphorism]
قال قال أبقراط: يذم سيلان دم يعقبه اختلاط الذهن PageVW2P067A أو تشنج.
[commentary]
اقول: أما أن اختلاط الذهن عقيب سيلان الدم مذموم لأنه إنما يحدث عند خلاء العروق التي في الشبكة عن الدم حتى انطبق سطح أعلاها على أسفلها فيتعذر على الأرواح النفوذ. وأما التشنج فلأنه تشنج رطب يابس، وقد مر أنه مذموم جدا.
9
[aphorism]
قال قال أبقراط: من في كبده مدة وخرجت بالكيء بيضاء برأ، وإن خرج شبه ثفل الزيت هلك.
[commentary]
أقول: خروج المدة PageVW0P055B البيضاء بالكي يدل على كمال النضج وقوة القوى المدبرة وخروج شبه نفل الزيت مهلك لأنه يدل على عفن في جرم الكبد.
10
[aphorism]
قال قال أبقراط: تقطير البول وعسره يحللهما الشراب الصرف أو فصد عرف داخل.
[commentary]
أقول: سبب التقطير إما ضعف الماسكة بسوء مزاج بارد وإما حدة البول أو يكون لبرد أرواح غليظة أو سدة، والشراف ينفع الجميع لما فيه من الإدرار وتقوية القوة الحيوانية والطبيعة. وأما اليد فلمنع السبب لما مر غير مرة.
11
[aphorism]
قال قال أبقراط: يحمد الورم والحمرة في مقدم الصدر فيمن عرته ذبحة.
[commentary]
أقول: الذبحة من الأمراض القوية المهلكة، فإذا انقلبت مادتها إلى مقدم الصدر برأ العليل منها وكان محمود الانتقال من العضو الشريف إلى أدنى منه.
12
[aphorism]
قال قال أبقراط: من في دماغه سقاقلوس هلك في ثلاثة أيام فإن عبر برأ.
[commentary]
أقول: سقاقلوس في لغة اليونانية هو موت العضو وبطلان حسه ويقال PageVW2P067B مجازا على ورم فلغموني من دم عفن في جوهر الدماغ وهو المراد ههنا. وإنما يهلك في ثلاثة أيام لأن الدماغ لشرفه ورياسته لا يحتمل أكثر من ذلك فإن عبر برأ لأنه يدل على نضجه الطبيعة وقهرها للعلة.
13
[aphorism]
قال قال أبقراط: العطاس يكون من الراس إذا رطب الموضع الخالي فيه وسخن الدماغغ وانحدر الهواء الذي فيه فيسمع له صوت بخروجه ونفوذه في مكان ضيق.
[commentary]
أقول: عنى بالموضع الخالي بطون الدماغ فإذا اجتمع في المواضع الخالية منه رطوبة وسخن الدماغ معها قبض فصارت ريحا. فإذا اندفع من موضع ضيق حدث منه الصوت المعروف لاصطكاك الهواء المخروج الضيق والورد الطري لما كان مرطبا من جزء حار وجزء قابض كان شمه سببا لتولد العطاس لكن لضعف قوته المسخنة والقابضة إنما تولد في الأبدان المستعدة له.
14
[aphorism]
قال قال أبقراط: من بكبده وجع فحم برأ.
[commentary]
أقول: الوجع الكائن PageVW0P056A في الكبد وحواليه من رياح عليظة تزيله الحمى لتحليلها مادة الريح.
15
[aphorism]
قال قال أبقراط: من * تحيز (1) بلغم بين معدته وحجابه أوجع لعدم منفذه إلى أحد الفضائين، فإن جرى إلى المثانة برأ.
[commentary]
أقول: من تحيز أي استقر فيه بلغم فيما بين معدته وحجابه بسبب عدم المنفذ إلى أحد الفضائين أي فضاء المعدة والفضاء الخارجي وحدث به وجع فيما بينهما سبب ذلك الوجع هو ما يتولد من ذلك البلغم المحتبس. فإن جرى في عروق الشرب إلى الكلية والمثانة PageVW2P068A وخرج بالبول انحل عنه مرضه.
16
[aphorism]
قال قال أبقراط: من امتلأ كبده وانفجر إلى الغشاء الباطن امتلأ بطنه بماء ومات.
[commentary]
أقول: عنى بالماء ههنا النفاطات الكثيرة المائية العارضة للكبد، فإذا انفجرت إلى خارجها واجتمعت تلك المائية في فضاء البطن صارت مهلكة لأنها لحدتها وطول مكثها فيها تفسد مزاج جرم الأمعاء والأغشية ولا مخرج لها فيلزمها الموت.
17
[aphorism]
قال قال أبقراط: القلق والتثاوب والاقشعرار برؤهما الشراب الممزوج بالماء سواء بسواء.
[commentary]
أقول: القلق والكرب حالة يجد العليل معها غما ويحتاج إلى الانتقال من موضع إلى آخر. وسببه مادة رديئة ينشر بها فم المعدة. والتثاوب تمدد عضلات الفك لفضول تحتبس فيها تورم الطبيعة بالحركة دفعها بالتحليل وزيادتها توجب الاقشعرار ثم النافض. والشراب الممزوج بالماء مناصفة برأ من هذين الحالتين إذا عرض للأصحاء دون المرضى لإنضاجه الرطوبات وترقيقها وتحليلها وتقيح المسام.
18
[aphorism]
قال قال أبقراط: من تزعزع دماغه أسكت في الحال.
[commentary]
أقول: التزعزع التحريك الشديد الخارج عن الطبيعة وعروضه للدماغ لضربة أو سقطة أو صدمة سببه لضعف مفرط وشدة قبول لتوجه المواد إليه فتكون موجبة للسكتة بسرعة.
19
[aphorism]
قال قال أبقراط: من لحمه رطب جوع PageVW0P000 يجففه.
[commentary]
أقول: من كان في لحمه رهل ورخاوة يكون مستعدا للانفعال والعفونة، فالواجب تقليل رطوباته PageVW2P068B ، والجوع يفعل ذلك لوجود الأسباب المحللة فيه. فإذا انقطع مادة الرطوبة جف وبرئ من الأمراض وعاش سليما.
وعلى لفظ السلامة نختم الكلام والحمد لله القدوس السلام وعلى حبيبه وضفيه التحية والسلام. فرغ * الشارح رحمه الله من تأليفه وكتبه في عشر ليال من العشر الأخير من رمضان سنة خمس وثمانين وسبعمائة. وفرغته من كبابته ناقلا عن خطه لثلاث بقين من رمضان لسنة تسع وثمانين وسبعمائة بمدينة ترتر في مدرسة قاضي شيخ على، شكرا لله سعيه وتقبل الله منه حسناته. وأما الواثق بالله الغني نجم الدين الطبيب الكرخيي (2) .
نامعلوم صفحہ