من أقوال ابن عيينة ﵀
من درر كلامه قوله: تعلمنا العلم لغير الله فأبى إلا أن يكون لله، وكان يقول: من عصى الله بالشهوة رجوت له التوبة، ومن عصى الله بالكبر فلا أرجو له ذلك، أو قال: لا رجوت له ذلك، فإن آدم عصى الله بالشهوة فتاب الله عليه فتاب، وأما إبليس فعصى الله بالكبر فلم يتب الله عليه، وهذا مصداق لقول النبي ﷺ: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)، وأيضًا قول النبي ﷺ: (قال الله تعالى: الكبر ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني فيهما عذبته)، أو كما قال النبي ﷺ.
ومن درر كلامه ﵀ قوله: بوابة العلم الصبر، وهذا الكلام أيضًا استقاه منه الشافعي، فقد بين أن بوابة العلم الصبر على الطلب، وإن كان الأمر فيه مشقة، فإن المشقة دائمًا يلازمها بعد ذلك التيسير: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح:٥ - ٦]، وأنعم بقول السبكي عندما قال: من ألح الطرق فقد ولج، يعني: من أدام الطرق على الباب فقد ولج.
فلنعم الرجال هؤلاء العلماء! وآخر ما أقول: إن المرء لا يعيش مع أهل زمانه، إن أراد الرفعة والارتقاء فعليه مد بصره إلى هؤلاء الأخيار إلى هؤلاء الأكارم إلى هؤلاء الأماجد، إن عاش معهم ارتقى بنفسه وبهمته كما ارتقوا بهمتهم، وإن كان يدب كدبيب النمل فإنه سيصل، كما قال الحسن البصري: من سار على الدرب وصل وإن مشى ببطء.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.