Sharh Kitab al-Sunnah by Al-Barbahari - Al-Rajhi
شرح كتاب السنة للبربهاري - الراجحي
اصناف
بيان مدى تلازم وترابط السنة والإسلام
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [اعلموا أن الإسلام هو السنة والسنة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلا بالآخر].
يقول المؤلف ﵀: (اعلموا) يعني: أيها المخاطبون ومن يقرأ هذا الكتاب من طلبة العلم اعلموا أن الإسلام هو السنة، والسنة هو الإسلام؛ لأن السنة هي التي جاء بها الرسول ﵊، وهي وحي ثانٍ، كما قال الله تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم:٣ - ٤].
إذًا: السنة هي الإسلام، والإسلام: هو الاستسلام لله تعالى والخضوع والذل والانقياد وفعل الأوامر والنواهي، والرسول ﷺ جاء بالقرآن وبالسنة، فالإسلام هو السنة؛ لأن السنة توضح القرآن وتفسره وتبين المشكل وتقيد المطلق وتخصص العام، فهي مرتبطة بالقرآن ولا يمكن فصلها عنه أبدًا، فالإسلام هو السنة؛ لأن من ألغى السنة فقد ألغى الإسلام وبطل إسلامه، فمثلًا: لو أراد إنسان أن يفصل السنة عن الإسلام فكيف سيصلي؟ لا يستطيع أن يصلي، فهل في القرآن تحديد للأوقات؟ وذكر عدد الركعات؟ وكيف يزكي وكيف يصوم، وكيف يحج، وكيف يبيع ويشتري، وكيف يتعامل مع الناس؟ فالقرآن مجمل، والسنة هي التي فصلت ووضحت وقيدت.
فالإسلام هو السنة يعني: مع القرآن؛ لأنها مرتبطة بالقرآن ولا يمكن فصلها عنه، والنبي ﷺ جاء بالقرآن وجاء بالسنة، قال ﵊: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)، فالإسلام هو السنة والسنة هي الإسلام لا انفكاك لأحدهما عن الآخر، ولهذا قال: (اعلموا) والعلم: هو حكم الذهن الجازم، فيقال له علم ويقال له يقين، بخلاف الشك والتردد فلا يسمى علمًا، ولا يقينًا؛ لأن الذهن يتردد في صحته.
ولهذا قال: (اعلموا) يعني: تيقنوا أيها المسلمون! ويا طلاب العلم! أن الإسلام هو السنة، وتيقنوا أن السنة هي الإسلام وأنه لا انفكاك لأحدهما عن الآخر، وأن من ألغى السنة فلا إسلام له، ومن ألغى الإسلام فلا سنة له، فالإسلام هو السنة والسنة هي الإسلام، فلا يقوم أحدهما إلا بالآخر، لا إسلام لمن ترك السنة ولا سنة لمن ترك الإسلام.
وبهذا يتبين أن من زعم أنه لا يحتاج إلى السنة فهو كافر، وهناك طائفة يسمون أنفسهم القرآنيين، ويزعمون أنهم يعملون بالقرآن ولا يعملون بالسنة، وهذا كفر وضلال، فقد جاء في الحديث ما معناه أن النبي ﷺ قال: (لا ألفين أحدكم جالسًا على أريكته -أو متكئًا على أريكته- يأتيه الحديث عني فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا في كتاب الله من حلال أحللناه، وما وجدنا في كتاب الله من حرام حرمناه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)، وبهذا يتبين ارتباط الإسلام بالسنة وارتباط القرآن بالسنة وأنه لا انفكاك لأحدهما عن الآخر، فمن زعم أنه يعمل بالقرآن ولا يحتاج إلى السنة فهو كافر.
1 / 6