شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة - حطيبة

Ahmad Hatiba d. Unknown
52

شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة - حطيبة

شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة - حطيبة

اصناف

المواقيت المكانية للحج والعمرة الذي يريد العمرة أو الحج لابد أن يحرم من الميقات، والميقات: هو الموضع وهو الوقت؛ لأن الميقات إما أن يكون ميقاتًا زمانيًا، وإما أن يكون ميقاتًا مكانيًا، والميقات الزماني للعمرة قدمنا الكلام عليه أنه في أي وقت من السنة يجوز لك أن تحرم بالعمرة، إلا أن يمنع مانع أو سبب من الأسباب، كأن تكون متلبسًا بمناسك الحج وستبدأ بالتحلل من مناسك الحج فليس لك أن تأتي حينئذ بعمرة، لكن إنسان آخر في هذه الأيام ليس حاجًا فيجوز له أن يأتي بالعمرة. والميقات الثاني هو الميقات المكاني، وهذا هو الذي نقصده هنا، فلابد للإنسان الذي يحج أو يعتمر أنه سيمر على الميقات، فعليه أن يحرم من الميقات الذي يمر عليه، إلا إذا كان من أهل مكة أو من المقيمين فيها، فهذا إذا أراد أن يعتمر وهو بمكة فليخرج إلى الحل ويحرم منه ثم يعتمر. ورد في الصحيحين عن ابن عمر ﵄ أن رسول الله ﷺ قال: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة)، الإهلال: هو رفع الصوت بالتلبية عند الإحرام؛ لأنه إذا أحرم قال: لبيك عمرة أو لبيك حجًا، فيرفع صوته بذلك، وكأن الهلال مأخوذ منها؛ لأن الناس كانوا إذا رأوه رفعوا أصواتهم: رأيناه، رأيناه، فسمي بذلك لإهلال الناس برفع أصواتهم عند رؤيته. فهنا قال: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة) هذا هو المكان الذي يحرم منه أهل المدينة وهو ذو الحليفة، ثم قال: (وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن)، قرن مكان اسمه قرن المنازل، وفي حديث آخر لـ ابن عمر قال: بلغني أن رسول الله ﷺ قال: (يهل أهل اليمن من يلملم، وأهل الشام من الجحفة). فميقات أهل اليمن مكان اسمه: يلملم، وميقات أهل الشام مكان اسمه: الجحفة. وعن ابن عباس ﵄ كما في الصحيحين: (أن النبي ﷺ وقت لأهل المدينة -أي: حدد لهم ميقاتًا يحرمون منه- ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، وقال: هن لهن ولمن أتى عليهن من غيرهم ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة). أي: أن أهل مكة يحرمون من مكة، والذي بين الميقات وبين مكة يحرم من مكانه، أما من كان وراء الميقات فلا يتجاوز الميقات حتى يحرم منه. أيضًا جاء في حديث رواه مسلم عن جابر، وسئل عن المهل فقال: سمعت أحسبه رفعه للنبي ﷺ: (مهل أهل العراق من ذات عرق). فقد ذكر في هذه الأحاديث خمسة مواقيت مكانية: الميقات الأول: ذو الحليفة التي تسمى الآن بأبيار علي، وهو مكان قريب من المدينة، وهذا الميقات هو الوحيد البعيد جدًا عن مكة، وذلك لأن مكة والمدينة المسافة بينهما يسيرة، فعلى ذلك الخارج من المدينة يحرم من هذا الميقات القريب من المدينة البعيد عن مكة، لكن يشق على غير أهل المدينة أن يحرموا من ميقات بجانبهم، فمثلًا: أهل مصر إذا طلب منهم أن يحرموا من مصر سيشق عليهم، خاصة إذا كان المسافر راكبًا البر، وكان الحاج في الماضي يركب على جمل ونحو ذلك، والمسافة طويلة جدًا، ولو بقي كل هذه المسافة محرمًا لطال شعره ولطالت أظفاره؛ لأن الذي يحج من مصر في الماضي كان يسافر شهرًا حتى يصل إلى مكة، ومن يحج من المغرب يسافر أكثر من شهر حتى يصل إلى مكة، فلو أحرم من بلده لصعب عليه وشق عليه ذلك؛ ولذلك الشريعة الكريمة قالت لهذا الإنسان: كن على ما أنت عليه حلالًا من بلدك حتى تأتي الميقات القريب من مكة فتحرم منه؛ تيسيرًا على الناس ورفعًا للحرج عنهم. إذًا: فميقات أهل المدينة هو أبعد المواقيت عن مكة، وبينه وبين مكة حوالي أربعمائة وخمسون كيلو مترًا تقريبًا، أي: عشر مراحل، والمرحلة تقريبًا خمسة وأربعون كيلو، فذو الحليفة هو أقرب المواقيت إلى المدينة وأبعد المواقيت عن مكة. أما الجحفة فهو ميقات أهل الشام وميقات أهل مصر، والجحفة قرية اسمها: مهيعة، وتسمى برابغ، وإن كانت الجحفة ليست برابغ؛ لأن قرية رابغ قبلها، وبين الحجفة وبين مكة حوالي مائة وسبعة وثمانون كيلو تقريبًا، يقولون: ما بين ثلاث إلى أربع مراحل، والجحفة أجحف بها السيل فصارت مكانًا خربًا، فكانوا يحرمون قبلها من مكان عامر وهو رابغ، وبين رابغ وبين مكة حوالي مائتان وعشرون كيلو. إذًا: كان الإحرام بعد ذلك من رابغ، فيجوز من رابغ ويجوز من الجحفة بحسب ما يتيسر للمتوجه من المكان. أما قرن المنازل فهو ميقات أهل نجد، ويمر عليه بعض أهل اليمن، وبينه وبين مكة حوالي تسعون كيلو تقريبًا، وهو من ناحية عرفات. أما يلملم فميقات أهل اليمن، وهو ميقات آخر لهم، وهو يبعد عن مكة بحوالي تسعين كيلو مترًا، وهو جبل من جبال تهامة. أما ذات عرق فهو ميقات أهل العراق، وهو على مرحلتين -نسأل الله ﷿ أن يحررها ممن فيها- وميقات أهل العراق بينه وبين مكة حوالي تسعون كيلو مترًا. وهذا الميقات الذي هو ذات عرق قالوا: إنه قد صار خرابًا الآن. إذًا: هذه هي المواقيت المكانية، وهن لهن ولمن أتى عليهن، فإذا خرجت راكبًا سيارة مثلًا من مصر متوجهًا إلى المدينة، وأنت لست بمحرم، فميقاتك ميقات أهل المدينة، ولا ترجع مرة ثانية إلى رابغ أو إلى الجحفة من أجل أن تحرم من هناك، بل ميقاتك ميقات أهل المدينة. وكذلك إنسان قدم حاجًا من الهند ونزل مصر، وبعد ذلك سيخرج من مصر حاجًا، فميقاته هو الجحفة أو رابغ. هذا معنى قوله ﷺ: (هن لهن ولمن أتى عليهن).

3 / 5