الأبواب والفصول، وأبدى فيه نكتًا غريبة جعلها للفروع النحوية كالأصول، واستوفاه أيضًا فيما كتبه على المغني، ولهج به في غيرهما من كتبه ظانًا أنه من الفوائد الغريبة، متلقيًا له بالقبول تقليدًا، غافلًا ع ن أنه في هذا الباب لا يسمن ولا يغني.
فأما ابن الضائع فحجته في المنع تجويز الرواية بالمعنى، قال: ولولا تصريح العلماء بجواز النقل بالمعنى في الحديث لكان أولى في إثبات فصيح اللغة كلام النبي ﷺ، لأنه أفصح العرب، وسيأتي جوابه، وأما أبو حيان فقد أطال على عادته - عفا الله عنه - في التحامل على الإمام ابن مالك بلا طائل، وأبدى أدلة حالية بالتمويه، خالية من الدلائل. وحاصل ما قاله: إن نحاة البلدين البصرة والكوفة لم يستدلوا بالحديث، وتابعهم على ذلك نحاة الأقاليم، وعلل ذلك بوجهين: جواز الرواية بالمعنى، ووقوع اللحن كثيرًا في الأحاديث لأن كثيرًا من الرواة كانوا غير عرب بالطبع، ولا يعلمون لسان العرب بصناعة النحو، فوقع اللحن في كلامهم، وبنى على ذلك كلامه كله واعتراضه على الشيخ ابن مالك.
فأما عدم استدلالهم بالحديث فلا يدل على أنهم يمنعون ذلك، ولا يجوزونه كما توهمه، بل تركهم له لعدم تعاطيهم إياه، وقلة إسفارهم عن محياه، على أن كتب الأقدمين الموضوعة في اللغة لا تكاد تخلو عن الأحاديث والاستدلال بها على إثبات الكلمات، واللغة أخت النحو، وأيضًا في الصدر الأول لم يكن الحديث مدونًا مشهورًا مستعملًا استعمال الأشعار العربية والآي القرآنية، وإنما اشتهر ودون بعدهم، فعدم احتجاجهم به لعدم
1 / 97