ما ذاق طعم بلاغةٍ ... من ليس للحوشي ماضغ
والحق - كما أشير إليه في منهاج البلغاء وغيره - أن ذلك يختلف باختلاف المقامات والقرائح، إذ لكل مقام مقال، ولكل أقوام تخاطب لا يحسن بغيره بينهم القيل والقال، كما هو مبسوط في دواوين الأدب، وشروح كلام العرب، والله أعلم.
ثم زاد في أوصاف الكتاب ترغيبًا فيه فقال: (وأعريناه من الشواهد) أقول: «الإعراء»: التجريد، عري بفتح العين وكسر الراء المهملتين كرضي: تجرد من الثياب، هذا أصله، ثم استعمله أرباب التأليف في التجريد من الأشياء، وأعربته: جردته، وكذلك عريته، فأما عرا بالفتح كدعا فمعناه: قصد وطلب، يقال عراه يعروه عروًا. إذا قصده لطلب رفده، وعراه الأمر: نزل به كاعتراه. وهذا واوي اللام بخلاف عري من الثياب فهو يائي كما في أمهات اللغة، وكثير ممن ينسب للفضل لا يحسن التفرقة بينهما ضبطًا ولا مادة.
[الاستشهاد في اللغة]:
«والشواهد»: جمع شاهد، وهو اسم فاعل من شهد الشيء كعلم: إذا عاينه، والشهادة: الخبر القاطع، وقد شهد كعلم وكرم شهادة، قاله في القاموس، وقد أوضحت معناها لغةً واصطلاحًا في شرح نظم الفصيح، والمراد بالشواهد عند علماء اللسان: الجزئيات التي تذكر لإثبات القواعد من كلام الله تعالى، أو كلام رسوله ﷺ، أو كلام العرب العرباء الثابتة فصاحتهم، الموثوق بعربيتهم.
1 / 95