شيوخنا العلامة أبو العباس قاضي القضاة شهاب الدين أحمد الخفاجي، ولهج بإبطاله في كتبه المشهورة، واعترضه في شرح الشفا وحواشي البيضاوي وشفاء الغليل وغيرها، وقال: إن هذه المقالة دعوى باطلة، درايةً وروايةً. واحتج لذلك سماعًا وقياسًا، أما السماع فما أنشده ابن عبد ربه في العقد، وثعلب في الأمالي، والمبرد في الكامل من الشعر القديم وهو:
تركت المدام وعزف الغناء ... وأدمنت تصليةً وابتهالا
ونقله الزوزني في مصادره الفارسية، والقياس لا خفاء في اقتضائه له على ما قرر في مبادئ الصرف، وقد أوردت ذلك مبسوطًا مستطيلًا في «سمط الفرائد»، وأشرت إليه في شرح نظم الفصيح، وأوضحت القول فيه في شرح المضرية وغيرها بما لا مزيد عليه.
والذي اختاره وأميل إليه أن لفظ التصلية على ثبوته ووروده ينبغي اجتنابه لما فيه من الإيهام، والقاتل: إنه لا يقال تصلية، كأنه يريد في الاستعمال الفصيح المشهور المتداول، فلا ينافي وجوده في الأمالي الثعلبية والعقد والكامل ونحوها. وأما الحكم على مستعمله بالكفر فلا شك أنه أبعد من بعيد، كيف وقد وقع التعبير به في كلام الأكابر، كالنسائي، وابن المقري وغيرهما. نعم، إذا تكلم به من يتهم في دينه ولا يعتد بإيمانه فلا
1 / 49