وهذا الذي قال يمكن لأن العوض قد لا يقع موقع ما عوض منه نحو التاء في زنادقة لأنها من الياء في زناديق، ولم تقع موقعها، فقوله في الاستفهامية صحيح وأما الخبرية فمذهبه فيها فاسد، لأن سيبويه رحمه الله حكى نصب تمييز كم الخبرية من غير فصل حملا على الاستفهامية. وعلى ذلك قول الشاعر:
كم عمة لك يا جرير وخالة
فدعاء قد حلبت علي عشاري
ويجوز الفصل بين تمييزكم الاستفهامية وكم بالظروف والمجرور نحو قولك: كم في الدار رجلا. ولا يجوز الفصل بين تمييز كم الخبرية وبين كم إلا في ضرورة شعر كقول الشاعر:
كم دون سلمى فلوات بيد
وزعم يونس أنه لا يجوز الفصل في الشعر إلا بشرط أن يكون الظرف والمجرور ناقصين واستدل على ذلك بأن قال: إذا فصلت بالظرف التام يكون خبرا فكأنك قد فصلت بالخبر وذلك لا يجوز.
وهذا باطل لأن العرب لا تفرق بين الظرف التام والناقص في الفصل.
وكم أبدا تلزم الصدر، وأما الاستفهامية فأمرها بين لأن الاستفهام له صدر الكلام، وأما الخبرية فلزمت الصدر حملا على رب لأن رب تلزم الصدر بالإجماع.
وزعم الأخفش أنها لا تلزم الصدر لأنها في معنى كثير وهو لا يلزم الصدر لأنك إذا قلت: كم غلام ملكت، فمعناه كثير من الغلمان ملكت، وكثير لا تلزم الصدر فكذلك ما في معناه، فيجيز: وأنت كم غلام ملكت. وهذا فاسد، لأن العرب لم يسمع منها إلا أن يجعل صدرا فيمكن إن لحظت في ذلك الحمل على رب كما قالوا، لأنها تلزم الصدر بإجماع.
واعلم أنه لا يكون تمييز كم ما اختص بالنفي مثل عريب وكنيع وطوري ولا ما قرن بلا نحو: كم لا رجل في الدار، ولا المعرفة ولا ما توغل من الأسماء في البناء نحو من وما، ولا ما توغل في الإبهام نحو شيء. وكم لا بد لها من جواب، وجوابها على حسب إعرابها، فينبغي أن يبين إعرابها.
صفحہ 107