واستدل من ذهب إلى أنها ضمير بأشياء منها أن الياء لم تثبت بنفسها من علامات التأنيث في موضع من المواضع غير هذا الموضع وقد ثبتت ضميرا باتفاق في نحو: ضربني.
ومنها أن علامة التأنيث لم تلحق الفعل المضارع في موضع من آخره. ومنها أن علامة التأنيث ثبتت في التثنية في نحو: قامتا، والهندان تقومان، فلو كانت الياء حرف تأنيث لثبتت في التثنية.
ومنها أنه لم يرفع من الأفعال المضارعة بالنون إلا ما اتصل به ضمير نحو: يقومان ويقومون.
فإن قيل: فما العذر عن بروز الضمير في حال الإفراد؟
فالجواب: إن الذي أوجب بروزه في التثنية والجمع موجود هنا وهو خوف اللبس. ألا ترى أن الضمير في التثنية والجمع لو لم يبرز لالتبس بفعل المفرد وكذلك هنا لو لم يبرز الضمير لالتبس بفعل المذكر، لأنك تقول: تفعل، في خطاب المذكر.
ومن ذلك أنهم اختلفوا في الذي هو الضمير من «إياك» فمنهم من ذهب إلى أنه بجملته ضمير.
ومنهم من ذهب إلى أن الضمير منه «إيا» والكاف حرف خطاب.
ومنهم من ذهب إلى أن الضمير الكاف وإيا عمدة للكاف أعني زيادة ليتصل به الكاف.
ومنهم من ذهب إلى أن «إيا» اسم ظاهر والكاف ضمير مضاف إليه إيا وهو صيغة خفض. وهذا المذهب الأخير ذهب إليه الخليل رحمه الله، واستدل على صحة مذهبه بقولهم: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب.
وهذا من الشذوذ والقلة بحيث لا يقاس عليه، بل لنا أن نقول: هذه المضافة إلى الظاهر ليست بإيا من إياك، وإن اتفقتا في اللفظ بل هي اسم مظهر لأن المضمر لا يضاف لأنه لا يفارقه التعريف ولا يضاف إلا إلى ما يتنكر.
صفحہ 88