قوله: «ولو أنه أصاب الحق»: في فتواه وتفسيره؛ لأن الممنوع القول بغير علم فقائل ذلك مخطئ في تقدمه وإن صادف الحق فإن مصادفة الحق لا ترفع عنه إثم التقدم، والله تعالى يقول: {ولا تقف ما ليس لك به علم}[الإسراء: 36]، وهذا يدل على منع التقدم في القول والفعل بغير علم، والحديث وسائر الآيات إنما تدل على منع <01/56> القول بغير علم، وهي ساكتة عن الفعل، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة، فقيل: يهلك في القول والفعل، وقيل: يهلك في القول ويعصي في الفعل، وقيل: يعصي في القول ولا ينبغي له التقدم في الفعل، وقيل: لا ينبغي له القول بما لا يعلم، وأما الفعل فلا بأس، وقيل: إن الممنوع أن يقول: علمت أن الله أحل لي هذا وهو لم يعلم أنه حلال، فيعصي بذلك وأما إن قال: إنه حلال لي، ولم يدع العلم فلا بأس إن أصاب وهذا الخلاف كله حيث أصاب الحق، أما إذا لم يصبه فهالك من جانبين؛ القول بما لا يعلم وموافقة الباطل، وأصح الأقوال ما دل عليه ظاهر الحديث وهو الهلاك في الفتوى، وأما الفعل فدون ذلك إذ لا يتعدى ضرره إلى غيره، بخلاف القول، وأيضا فإنما يلزمه الامتناع عن فعل المحرمات دون المباحات، فإن وافق مباحا فلا معنى لهلاكه.
صفحہ 58