قال جالينوس : ليس من هذه الأشياء فقط ينبغي أن تعرف تقدير الغذاء في أوقات الحاجة إلى الحمية لكن من هذه الأشياء بحسب طبيعة البدن تتعرف ذلك لأن لتقدير المقادير المعتدلة من التدبير عند الحاجة إلى المنع من الطعام أعراضا أخر غير هذه وهي كمية الأخلاط وكيفيتها ومقدار القوة في شدتها وضعفها. وقد وصفت في كتابي في المزاج أي المزاج هو المزاج الذي بسببه تكون البطون واسعة أو ضيقة وصفا شافيا. وأنا ذاكر من ذلك في هذا الموضع جملة فأقول إن المزاج الحار لا سيما إن كان معه شيء من اليبس ليس بالقوي ولا بالمفرط يوسع البطون أعني التجويفات والذي هو ضد هذا يضيقها. وتتبع المزاج الأول قضافة البدن ويتبع المزاج الثاني غلظ البدن. فلعل ظانا يظن أن صاحب البدن الغليظ الخصب أحمل للجوع وليس الأمر كذلك من قبل أن من كان بدنه هذا البدن فجوهره سريع إلى التحلل كما أن الرطب أسرع سائر الأجسام إلى التحلل بل صاحب المزاج اليابس هو أحمل للإمساك عن الطعام لأن جوهر بدنه جوهر باق ثابت بمنزلة الحجارة والخشب.
[chapter 39]
قال أبقراط: ينبغي أن تنظر في تقدم كل واحد مما يتزيد في تزيده أي شيء ينقص بتزيده وفي تنقص كل واحد مما ينقص أي شيء يتزيد بنقصه وفيما يتقدم في التزيد أي شيء يتزيد بتزيده وأي شيء يقوى بقوته وفي نبض العروق أي شيء منه يعم.
قال جالينوس: أما قوله «التقدم في التزيد» فقد يدل على التزيد الذي يكون قبل الوقت الذي ينبغي إلا أن من يريد معناه في قوله هذا كله علم أنه ليس يريد التقدم في الزمان لكنه إنما يريد التقدم في القياس وهو إذا وجد عضوا من الأعضاء أكثر تزيدا بقياس سائر الأعضاء التي هي موجودة من بعض الحيوان. ولم يبعد من أدخل في هذا الباب الأعضاء التي هي موجودة في بعض الحيوان دون بعض مثل الحوافر والأظلاف والقرون والصياصي والمحاسن — أعني بالمحاسن عرف الديك ولحيته.
فإن هذه الأعضاء أيضا منها ما بينها من المشاركة أن الحيوان الذي يوجد فيه الواحد منها والآخر فيه موجود ومنها ما هو بالعكس أعني أن الحيوان الذي يوجد فيه أحدهما لا يوجد فيه الآخر ومن الأعضاء أعضاء «يتزيد» بعضها مع بعض ومنها ما «ينقص» بعضها بعضا.
صفحہ 176