قال جالينوس: إن أول هذا القول أيضا قد يوجد مختلفا في النسخ ويوجد قد أضيف إليه شيء من الكلام المتقدم إلا أن الذي ينتفع به في الطب من النسختين جميعا ما أنا واصفه وهو أن اسم الدور يجري في عادة اليونانيين على الشيء الذي يعود فيما بين أوقات متساوية. وقد استعمله الأطباء على طريق الاستعارة والتشبيه في نوائب الأمراض إذا كانت على هذا الطريق أعني إذا كانت بين أوقات محدودة. إلا أن ذلك الوقت ليس هو وقتا محدودا على الصحة لا متى كانت النوبة تكون في كل يوم ولا متى كانت تكون غبا أو ربعا وذلك أن في أكثر الأمر من عادة النوبة أن تتقدم قليلا أو تتأخر قليلا وربما لزمت وقتا واحدا بعينه على الصحة من النهار أو من الليل كان ابتداؤها فيه.
وهذه الأدوار إذا تمادى بها الزمان فليس يخلو من أن يبقى عدد الساعات فيها سواء أو يختلف. مثال ذلك أنه إن ابتدأت نوبة الحمى في اليوم الأول في الساعة الثامنة ثم ابتدأت في الثالث في الساعة السادسة ثم في الخامس في الرابعة فإن شكل هذه الحمى شكل حمى غب نوائبها تتقدم. وإذا كان ذلك تفقدت النوبة التي تكون في اليوم السابع فإنها لا يخلو أن يكون تقدمها على ما لم تزل بساعتين أو أكثر من ذلك أو أقل منه. فإن وجدت تقدمها إنما هو ساعتان على ما لم تزل علمت أن الحمى باقية على حالها التي كانت عليه منذ أول الأمر. وإن وجدت تلك النوبة قد تقدمت مكان ساعتين ثلاث ساعات علمت أنها قد زادت تقدما. وإن كان تقدمها مكان ساعتين ساعة علمت أنها قد تغيرت إلى ضد تلك الحال. وعلى هذين النوعين من التغيير دل أبقراط بقوله «فينظر هل بعضها يتقدم بعضا تقدما أكثر أم لا».
وقد يمكن إذا كانت النوبة تتقدم تقدما أكثر أن يكون زمان لبثها على المريض متساويا وأن يكون أزيد من المدة التي كانت تلبث وأن يكون أقل منها وعلى ذلك دل أبقراط بقوله «وهل زمان لبثها أطول أم لا». ويمكن أيضا أن تكون الحمى أقوى مما كانت وأن تكون أضعف وعلى ذلك دل أبقراط بقوله «وهل هي أكبر أم لا».
صفحہ 110