"الحماضة" الواردة في البيت الذي جاء في القطعة قبل الأخيرة من اختيار الحماسة، وهو البيت الذي قيل في وصف عرف الديك.
كأن حماضة في رأسه نبتت ... في أول الصيف قد همت بإثمار
قال المصنف في شرح معنى "الحماضة" هي نبت أحمر يشبه عرف الديك"، وقال المرزوقي: "الحماض من ذكور البقل له زهرة حمراء كأنها الدم شبه عرف الديك به".
أقول: إذا كان قد هدف من كلامه مثل هذا الاتفاق فإن الألفاظ عادة يكون لها مدلول واحد في الشعر لا تفسر إلا به، ولهذا فإنك لن تجد في جميع الشروح تفسيرا للحماضة سوى أنها نبت له نور أحمر أو زهرة حمراء، وهي كذلك في القواميس والمعاجم، ومن ثم لا يصح أن نقول: أن المصنف قد أفاد من المرزوقي في تفسير معاني الكلمات لأن معاني الكلمات تكاد تكون واحدة، وإنما المحك في هذا هو صياغة معاني الأبيات وهو أمر جد مختلف في الشرحين، يدل عليه ما أوردناه من فروق سابقة، وما أوردناه هنا.
وفي إدراكي أن الذي أوقع الدكتور عسيلان في هذه الأقوال المضطربة والأحكام غير المتثيبة هو الخطأ الذي وقع فيه الناسخ حين جعل هذا الشرح مختصرًا من شرح المرزوقي، فهذا الوهم من الناسخ جعله يهجم على شرح المرزوقي ليوازن به هذا الشرح متوهمًا أن الناسخ ما فعل هذا إلا لتشابه بين الشرحين فأخذ فأخذ يعتسف السبيل لإثبات ذلك، وهذا أمر حرمه من حقيقة مهمة فاتت عليه في بحثه، فلو أنه أجرى هذه الموازنة بين هذا الشرح وشرح التبريزي لتوصل إلى أن التبريزي بجانب إفادته المتكررة من المرزوقي في شرحه حتى أن الغلبة المطلقة تكاد تكون مطابقة حرفيا لما أورده المرزوقي وهو أمر أقام الدكتور عسيلان الصفحات لإثباته فإن المواضع التي اختلف فيها التبريزي عن المرزوقي جاءت مطابقة نصًا ولفظًا لما ورد في هذا
2 / 29