شرح حديث النزول
شرح حديث النزول
ناشر
المكتب الإسلامي،بيروت
ایڈیشن نمبر
الخامسة
اشاعت کا سال
١٣٩٧هـ/١٩٧٧م
پبلشر کا مقام
لبنان
والتفريق والحركة والسكون، وأنكر هؤلاء أن يكون الله لما خلقنا أحدث أبداننا قائمة بأنفسها، أو شجرًا وثمرًا أو شيئًا آخر قائمًا بنفسه، وإنما أحدث عندهم أعراضًا. وأما الجواهر المنفردة فلم تزل موجودة. ثم من يقول: إنها محدثة، منهم من يقول: إنهم علموا حدوثها بأنها لم تخل من الحوادث، وما لم يخل من الحوادث، فهو حادث.
قالوا: فبهذا [الدليل العقلي] وأمثاله، علمنا أنه ما أبدع شيئًا قائمًا بنفسه؛ لأنا نشهده من حلول الحوادث المشهودة كالسحاب والمطر. وهؤلاء في [مُعاد الأبدان] يتكلمون فيه على هذا الأصل: فمنهم من يقول: يفرق الأجزاء ثم يجمعها، ومنهم من يقول: يعدمها ثم يعيدها، واضطربوا هاهنا فيما إذا أكل حيوان حيوانًا فكيف يعاد؟ وادعى بعضهم أن الله يعدم جميع أجزاء العالم، ومنهم من يقول: هذا ممكن لا نعلم ثبوته ولا انتفاءه.
ثم [المعاد] عندهم يفتقر إلى أن يبتدئ هذه الجواهر، والجهم بن صفوان منهم يقول بعدمها بعد ذلك، ويقول بفناء الجنة والنار لامتناع دوام الحوادث عنده في المستقبل كامتناع دوامها في الماضي، وأبو الهذيل العلاف يقول بعدم الحركات. وهؤلاء ينكرون استحالة الأجسام بعضها إلى بعض، أو انقلاب جنس إلى جنس، بل الجواهر عندهم متماثلة، والأجسام مركبة منها، وما ثم إلا تغيير التركيب فقط، لا انقلاب ولا استحالة.
ولا ريب أن جمهور العقلاء - من المسلمين وغيرهم - على إنكار هذا، والأطباء والفقهاء ممن يقول باستحالة الأجسام بعضها إلى بعض كما هو موجود في كتبهم، والأجسام عندهم ليست متماثلة، بل الماء يخالف الهواء، والهواء يخالف التراب وأبدان الناس تخالف النبات؛ ولهذا صارت النفاة إذا أثبت أحد شيئًا من الصفات، كان ذلك مستلزمًا لأن يكون الموصوف عندهم جسمًا - وعندهم الأجسام متماثلة - فصاروا يسمونه مشبهًا بهذه المقدمات التي تُلزمهم
1 / 73