الله ينزل إلى السماء الدنيا؟ ! قلت: نعم، رواها الثقات الذين يروون الأحكام. قال: أينزل ويدع عرشه؟ قال: فقلت: يقدر أن ينزل من غير أن يخلو العرش منه. قال: نعم. قلت: ولم تتكلم في هذا؟ !
وقد رواها اللالكائي - أيضًا - بإسناد منقطع، واللفظ مخالف لهذا. وهذا الإسناد أصح، وهذه والتي قبلها حكايتان صحيحتان رواتهما أئمة ثقات. فحماد بن زيد يقول: هو في مكانه يقرب من خلقه كيف شاء، فأثبت قربه إلى خلقه مع كونه فوق عرشه، وعبد الله بن طاهر - وهو من خيار من ولي الأمر بخراسان - كان يعرف أن الله فوق العرش، وأشكل عليه أنه ينزل، لتوهمه أن ذلك يقتضي أن يخلو منه العرش، فأقره الإمام إسحاق على أنه فوق العرش، وقال له: يقدر أن ينزل من غير أن يخلو منه العرش؟ فقال له الأمير: نعم، فقال له إسحاق: لم تتكلم في هذا؟ يقول: فإذا كان قادرًا على ذلك لم يلزم من نزوله خلو العرش منه، فلا يجوز أن يعترض على النزول بأنه يلزم منه خلو العرش، وكان هذا أهون من اعتراض من يقول: ليس فوق العرش شيء، فينكر هذا وهذا.
ونظيره ما رواه أبو بكر الأثرم في [السنة] قال: حدثنا إبراهيم بن الحارث يعني العُبَادي - قال: حدثني الليث بن يحيى، قال: سمعت إبراهيم بن الأشعث يقول: سمعت الفضيل بن عياض يقول: إذا قال الجهمي: أنا أكفر برب يزول عن مكانه، فقل: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء. أراد الفضيل بن عياض ﵀ مخالفة الجهمي الذي يقول: إنه لا تقوم به الأفعال الاختيارية فلا يتصور منه إتيان، ولا مجيء، ولا نزول، ولا استواء، ولا غير ذلك من الأفعال الاختيارية القائمة به. فقال الفضيل: إذا قال لك الجهمي: أنا أكفر بربيزول عن مكانه، فقل: أنا أومن برب يفعل ما شاء. فأمره أن يؤمن بالرب الذي يفعل ما يشاء من الأفعال القائمة بذاته التي يشاؤها، لم يرد من المفعولات المنفصلة عنه.
ومثل ذلك ما يروى عن الأوزاعي وغيره من السلف، أنهم قالوا في حديث النزول: يفعل
1 / 41