شرح حديث النزول
شرح حديث النزول
ناشر
المكتب الإسلامي،بيروت
ایڈیشن نمبر
الخامسة
اشاعت کا سال
١٣٩٧هـ/١٩٧٧م
پبلشر کا مقام
لبنان
موجود، وكذلك قول صالح ﵇: ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ [هود: ٦١] هو كقول شعيب: ﴿وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ [هود: ٩٠]، ومعلوم أن قوله: ﴿قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ مقرون بالتوبة والاستغفار، أراد به قريب مجيب لاستغفار المستغفرين التائبين إليه، كما أنه رحيم ودود بهم، وقد قرن القريب بالمجيب، ومعلوم أنه لا يقال: إنه مجيب لكل موجود، وإنما الإجابة لمن سأله ودعاه، فكذلك قربه ﷾.
وأسماء الله المطلقة؛ كاسمه السميع، والبصير، والغفور، والشكور، والمجيب، والقريب، لا يجب أن تتعلق بكل موجود، بل يتعلق كل اسم بما يناسبه، واسمه العليم لما كان كل شيء يصلح أن يكون معلومًا تعلق بكل شيء.
وأما قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: ١٦ـ ١٨]؛ وقوله: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ﴾ [الواقعة: ٨٣ـ٨٥]، فالمراد به قربه إليه بالملائكة، وهذا هو المعروف عن المفسرين المتقدمين من السلف، قالوا: ملك الموت أدنى إليه من أهله، ولكن لا تبصرون الملائكة، وقد قال طائفة: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ﴾ بالعلم، وقال بعضهم: بالعلم والقدرة، ولفظ بعضهم: بالقدرة والرؤية.
وهذه الأقوال ضعيفة؛ فإنه ليس في الكتاب والسنة وصفه بقرب عام من كل موجود، حتى يحتاجوا أن يقولوا بالعلم والقدرة والرؤية، ولكن بعض الناس لما ظنوا أنه يوصف بالقرب من كل شيء، تأولوا ذلك بأنه عالم بكل شيء، قادر على كل شيء.
وكأنهم ظنوا أن لفظ [القرب] مثل لفظ [المعية]، فإن لفظ المعية في سورة الحديد والمجادلة في قوله تعالى:
1 / 125