شرح حديث النزول
شرح حديث النزول
ناشر
المكتب الإسلامي،بيروت
ایڈیشن نمبر
الخامسة
اشاعت کا سال
١٣٩٧هـ/١٩٧٧م
پبلشر کا مقام
لبنان
بما جاء عن السلف وما دل عليه الكتاب والسنة، وبما يقوله النفاة مما يناقض ذلك، ولا يهتدي للتناقض: ﴿وَاللهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [البقرة: ٢١٣] .
وبهذا يحصل الجواب عما احتج به من قال: إن ثلث الليل يختلف باختلاف البلاد - وهذا قد احتج به طائفة - وجعلوا هذا دليلًا على ما يتأولون عليه حديث النزول. وهذا الذي ذكروه إنما يصح إذا جعل نزوله من جنس نزول أجسام الناس من السطح إلى الأرض، وهو يشبه قول من قال: يخلو العرش منه بحيث يصير بعض المخلوقات فوقه وبعضها تحته!
فإذا قدر النزول هكذا كان ممتنعًا؛ لما ذكروه من أنه لا يزال تحت العرش في غالب الأوقات أو جميعها، فإن بين طرفي العمارة نحو ليلة؛ فإنه يقال: بين ابتداء العمارة من المشرق ومنتهاها من المغرب مقدار مائة وثمانين درجة فلكية، وكل خمس عشرة فهي ساعة معتدلة، والساعة المعتدلة هي ساعة من اثنتي عشرة ساعة بالليل أو النهار، إذا كان الليل والنهار متساويين - كما يستويان في أول الربيع الذي تسميه العرب الصيف، وأول الخريف الذي تسميه الربيع - بخلاف ما إذا كان أحدهما أطول من الآخر، وكل واحد اثنتا عشرة ساعة، فهذه الساعات مختلفة في الطول والقصر، فتغرب الشمس عن أهل المشرق قبل غروبها عن أهل المغرب، كما تطلع على هؤلاء قبل هؤلاء بنحو اثنتي عشرة ساعة أو أكثر.
فإن الشمس على أي موضع كانت مرتفعة من الأرض الارتفاع التام - كما يكون عند نصف النهار - فإنها تضيء على ما أمامها وخلفها من المشرق والمغرب تسعين درجة شرقية وتسعين غربية، والمجموع مقدار حركتها: اثنتا عشرة ساعة، ستة شرقية، وستة غربية، وهو النهار المعتدل.
ولا يزال لها هذا النهار، لكن يخفي ضوؤها بسبب ميلها إلى جانب الشمال والجنوب، فإن المعمور من الأرض من الناحية الشمالية من الأرض التي هي شمال خط الاستواء المحاذي لدائرة معتدل النهار التي نسبتها إلى القطبين - الشمالي والجنوبي - نسبة واحدة؛ ولهذا يقال في حركة الفلك: إنها على ذلك المكان دولابية مثل الدولاب، وأنها عند القطبين
1 / 106