شرح فصول ابقراط

ابن النفیس d. 687 AH
96

شرح فصول ابقراط

شرح فصول أبقراط

الشرح: إنما ذكر هذا بعد ما قبله ليكون كالتخصيصA للدعوى، كأنه يقول: إن ذلك الانقلاب يوجب الأمراض، ولكن في الأبدان المستعدة لها، حتى لا يكذب هذا الحكم بعدم التضرر لبعض الناس عند حصول ذلك الانقلاب،و الدليل على أن الأبدان مختلفة في هذا الاستعداد أن من الطبائع أي من الأمزجة من يحسن حاله في الصيف ويسوء في الشتاء، وذلك هو الخارج عن الاعتدال إلى البرد، ومنهم من هو بالعكس من هذا وهو الحار المزاج؛ وذلك لأن الحار يزيد البدن الحار حرارة فيزيده خروجا عن الاعتدال والبارد يرده إلى الاعتدال فيحسن حاله، وكذلك باقي الأمزجة. لكن هاهنا إشكالات: أحدها: إن ما ذكرتموه يوجب أن يكون حفظ الصحة بالضد، وهو باطل. وثانيها: إنه كان يكفي في بيان ما ذكرتموه أحد الحكمين، وهو أن من الطبائع ما يكون حاله في الصيف أجود وفي الشتاء أردأ (128) لأن ذلك كاف في بيان اختلاف الأمزجة في الاستعداد لذلك الانقلاب. وثالثها: إنه لما اقتصر على الشتاءB والصيف وملاط بين أن ذلك بحسب الربيع والخريف مختلف أيضا. الجواب: أما الأول فإن هذا ليس حفظا للصحة، بل نقلا لها إلى ما هو أفضل منها، والثقل لا يكون إلا بالضد. ثم قولهم: إن حفظ الصحة بالمثل، إنما هو للصحة الفاضلة، والصحة الفاضلة لا تكون إلا مع اعتدال المزاج، وحفظ المعتدل المزاج بالمعتدل. وأما الثاني فلأن المراد إثبات الاختلاف في هذا الاستعداد بالاستقراء فيحتاج فيه إلى تكثير الجزئيات. وأما الثالث فلأنه قلما يوجد من يتضرر بالربيع وينتفع بالخريف. وأما عكس هذا فكثير، ولكن ذلك لطبيعة الفصل لا لمزاج الأبدان، فإن الربيع بطبيعته نافع لأنه مناسب للحياة، والخريف بطبيعته ضار لأنه مباين لها.

[aphorism]

قال أبقراط: كل واحد من الأمراض فحاله عند شيء دون شيء، أمثل، وأردأ (129)، وأسنان ما عند أوقات من السنة وبلدان وأصتاف من التدبير.

[commentary]

صفحہ 125