شرح فصول ابقراط

ابن النفیس d. 687 AH
110

شرح فصول ابقراط

شرح فصول أبقراط

الشرح: هذا الفصل هو نظير الفصل الذي أوله: وأما في أوقات السنة. فأقول: وكما أن الأمراض التي ذكر أنها تعرض هناك إنما تكون في الفصل الثالث، كذلك المذكور هاهنا إنما جعله عارضا في الشتاء وهو الفصل الثالث، ويريد بذلك إذا كان الفصل الثالث فيهما على طبيعته الواجبة له إلا أن العارض المذكور هناك هي أمراض معتد بها، وأما هاهنا فهي كالأعراض لأن هاهنا لم يخرج كل واحد من الفصلين عن طبيعته خروجا يضر بالأبدان، بل ربما انتفعت به. وأما هناك فإن الشتاء إذا كان شماليا، كان البرد شديدا مؤلما. وهاهنا فالصيف إذا كان شماليا، أي باردا يابسا، كان في الحقيقة نافعا للأبدان؛ لأن معنى اليبوسة هنا أنه لم يقع فيه أمطار كما فسرنا B في الفصول المتقدمة، لا أن الهواء كان متخلخلا شبيها بجوهر النار، فإن ذلك إنما يكون إذا كان الخريف مفرطا. ولا شك أن الصيف إذا كان كذلك، فهو وإن كان خارجا عن مقتضى طبيعته إلا أنه خروج لذيذ تستلذه الأبدان ولا تحد عنه إذا. وكذلك كون الخريف مطيرا جنوبيا فمما ينتفع الأبدان به أيضا، فإنها في غالب الأوقات إنما تتضرر بالخريف بسبب برده ويبسه. وقد عد ما هاهنا فكان ينبغي إذا كان الحال كذلك أن لا يحصل ضرر البتة، بل لو قيل إنه يحدث نفع لحسن، إلا أنه لما كان ذلك خروجا عن مقتضى الطبيعة فلاشك أنه يكون أردأ. وأما ما يحدثه ذلك في الشتاء فالصداع والسعال والبحوحة والزكام، وذلك لأن الشتاء يكون باردا رطبا فيجمع الرطوبة التي أوجبها الخريف وتكون الرؤوس ممتلئة فيعصرها البرد، فإن لم تخرج من الرأس أوجبت الصداع وثقل الرأس، وإن نزلت إلى الأنف أوجبت الزكام، وإن A انحدرت إلى الحلق أوجبت البحوحة والسعال، وربما عرض لبعض الناس السل، وذلك إذا نزلت المادة إلى الرئة فقرحتها، وأولئك هم المستعدون للسل، وذلك إما لهيئة خلقتهم وهم الدقاق الرقاق الضيقي الصدر المجنحو الأكتاف وأعناقهم بارزة نحو القدم. وأما من جهة ما يعرض لهم بعد ذلك كمن يعتاد أن ينزل له النوازل إلى رئته.

[aphorism]

قال أبقراط: فإن كان الخريف شماليا يابسا، كان موافقا لمن كانت طبيعته رطبة، وللنساء. وأما سائر الناس فيعرض لهم رمد يابس، وحميات حادة، وزكام مزمن. زمنهم من يعرض له الوسواس العارض عن السوداء.

[commentary]

صفحہ 143