شرح فصول ابقراط
شرح فصول أبقراط
اصناف
(995) في بيان الاستدلال على ذلك من النفث. أما النفث فإنه يدل على ذلك بلونه وبقوامه وبمقداره وبوقت خروجه وطعمه وبرائحته. أما لونه فإنه متى كان أصفر، دل على استيلاء المواد الصفراوية وأن * النوائب (996) * غب (997) في الأكثر والمرض قصير المدة. فإن كان خالص الصفرة بحيث لا يشوبه لون آخر، كان المرض منتظما، وإلا فهو غير منتظم. وأما قوامه فإنه متى كان متشابه الأجزاء بحيث أنه لا يخالطه شيء آخر يوجب اختلاف قوامه، دل * ذلك (998) على أن المرض من نوع تلك المادة. وعرف من ذلك * نوائب (999) المرض ومرببته ونظامه. وأما مقداره * فمتى (1000) كان كثير المقدار بحيث أنه لم * يكن (1001) * للكثرة (1002) ، * فهو دليل (1003) على قوة القوة وانطياع المادة للاندفاع. ومثل هذا يدل على قصر PageVW5P023B * مدة (1004) المرض وأنه ينوب غبا في الأكثر. ومتى كان قليل المقدار، فهو دال على طول مدة المرض وأنه ينوب ربعا أو نائبة. وأما وقت خروجه فإنه متى كان * خروجه (1005) بعد ظهور علامات النضج * وكانت هذه العلامات متقدمة (1006) ، دل * ذلك (1007) على أن المرض قصير المدة وأنه * ينوب في الأكثر (1008) غبا. ومتى كانت متأخرة، دل على طول المرض وأنه ينوب في الأكثر ربعا أو نائبة. وذكر ذات الجنب في هذا الموضع على سبيل المثال لكن قوله بديا وقد علمت أن مراده بهذه اللفظة الأيام الأول من * مرضه (1009) وخروج النفث في مثل هذا الوقت تارة يكون لكثرة المادة وتارة يكون لاستيلاء القوة. والفرق بينهما من وجوه أربعة. أحدها أن الأول لا يكون النفث معه نضيجا والثاني * نضيجا.والثاني (1010) أن الأول لا يكون متشابه الأجزاء والثاني يكون كذلك. والثالث أن الأول لا يسكن به الألم والثاني يسكن به. والرابع أن الأول مجيئه في * غير (1011) يوم * باحوري (1012) والثاني في يوم * باحوري (1013) . واعلم أن الإمام أبقراط لما أورد ما * ذكرنا (1014) على سبيل المثال، لم يحتج إلى استقصاء القول فيه بل اكتفى بأخذ ما يدل على ذلك.
البحث السادس
في بيان * دلالة البول على ذلك (1015) : البول يدل دلالة واضحة على معظم أحوال البدن، وإن كان في هذا القدر خلاف. ولنبسط القول في هذا الباب. فنقول: * اختلف (1016) الأطباء في دلالة البول على أحوال البدن. فقال بعضهم إن دلالته على جملة الأعضاء بالذات. قال: وذلك لأن البول ينفذ مع الدم إلى جهة الأعضاء جميعها ثم يرجع * القهقري (1017) إلى المثانة ويستحصب ما * (1018) عندها من الفضلات والمواد وحينئذ يدل على أحوالها لا بواسطة أعضاء أخرى. وتدل على النفوذ المذكور وجوه ثلاثة. أحدها أنا نرى المحتصبة بالحناء ينصبغ بولها ويتغير عن واجبه. وثانيها أن من * كثر (1019) عرقه، قل بوله وبالعكس. ويدل على ذلك حال الأبدان في الصيف وعند الحركة وفي الحمام. وثالثها * أنا نرى (1020) أن العرق شبيه بالبول في اللون والقوام * والطعم (1021) . ومنهم من قال إن دلالته على آلات الغذاء بالذات وعلى ما عداها بواسطتها. قال: فإنها هي المغيرة له في قوامه ولونه. أما الأول فالمعدة * وأما الثاني فالكبد (1022) . فمثل هذه متى كانت سليمة، كان البول على ما ينبغي. ومتى كانت مؤوفة، تغير البول. واعلم أن هذين * القولين (1023) * فيهما نظر. أما الأول فإنه لا شك أنه يدل على أن (1024) البول ينفذ إلى جملة البدن لكن ليس فيه ما يدل على أنه * يدل على جملة (1025) الأعضاء بالذات. فإنه يحتمل أن يدل * على البعض منها بواسطة البعض. وأما الثاني فإنه ضعيف أيضا فإن البول، وإن كان يدل (1026) بلونه وبقوامه، فقد يدل برسوبه. وهذا منه من جهة الأعضاء كافة. فإن الرسوب فضلات الأعضاء من الهضم الرابع على ما أوضحناه في كتبنا المبسوطة. والحق أن له دلالة على الأعضاء * كلها (1027) لكن دلالته PageVW5P024A على آلات الغذاء أقوى وأبلغ. * وإذا (1028) عرفت هذا، فنقول: البول يدل على الأعضاء بلونه وبقوامه وبمقداره وبرسوبه * وبصفائه (1029) * وبكدورته (1030) وبرائحته. ومنهم من زاد * المأخوذ من ملمسه والمأخوذ من طعمه وهذا أن لا حاجة إليهما (1031) . أما الطعم فلأنه متى غلب عليه، دل استيلاء * المادة (1032) PageVW1P058A الموجبة له، وحينئذ تفيده لونا. ومدرك اللون أقوى * مدرك (1033) في إدراكه لمدركاته من * مدركات (1034) الطعوم لمدركاته لأنه ألطف وأشد نفوذا في ذلك. وإذا كان كذلك، * فالاعتماد (1035) عليه أولى من الاعتماد على غيره. وأما * المأخوذ من اللمس (1036) فهو في غاية الضعف. وذلك أنه قد يدل على الحرارة ويكون البول في نفسه يدل على البرودة. كما إذا بيل البول وكان أبيض ولمس حين خروجه فإنه مثل هذه الصورة يكون كذلك. وأما باقي الأمور: أما اللون فمتى غلب عليه لون من الألوان وكان خالصا ولم يكن لصابغ ورد على البدن لا من داخل ولا من خارج ولا لألم مبرح، دل على غلبه مادة من المواد. ومن ذلك يعلم * النوائب (1037) والمرتبة والنظام. وأما القوام فإنه متى كان غليظا وكان من نوع واحد، فإنه * يحصل (1038) ما يحدث عنه على ما ذكرنا. ومتى لم يكن كذلك، كان خال من ذلك على ما ذكرنا. وأما المقدار قكثرة البول تارة تكون لاستيلاء الذوبان وتارة تكون لضعف القوة الماسكة عن مسكه وتارة تكون * لكثرة (1039) المادة وتارو تكون لدفع الطبيعة له وتارة تكون لكثرة المشروب * وقلته (1040) لإضداد ذلك. ومن كان فطنا لم يعسر عليه معرفة * النوائب (1041) والمرتبة والنظام من * ذلك (1042) * واستخراج ذلك (1043) * مما (1044) بقي من * الأمور (1045) ، * وكذلك معرفة النوائب والمرتبة والنظام ما بقي من الأمور الأخر (1046) .
البحث السابع
في بيان دلالة البراز والعرق على ذلك. أما البراز فمظم دلالته على أحوال المعدة والمعاء والكبد. ثم * هذا (1047) يدل على ما ذكره أبقراط بولنه وبقوامه وبمقداره وبوقت خروجه. واستخراج دلالته هذه على ذلك ظاهر قياسا على البول. وأما العرق فإنه يدل بقوامه وبلونه وبرائحته وبطعمه * وبملمسه (1048) وبمقداره وبما يعقبه من الأعراض وباليوم الذي يحدث فيه ويسبوغه * للبدن (1049) واختصاصه بعضو دون عضو. أما اللون فقد * عرفت (1050) ما يدل * عليه (1051) من النوائب والمرتبة والنظام. وأما القوام فإنه متى كان لزجا يرتصق باليد عند وضعها عليه، دل على غلبة المواد البلغمية. وقد علمت * أن ما (1052) يحدث عنها ينوب في كل يوم وطويل المدة. فإن كانت المادة الموجبة له خالصة، كان الحادث عنها منتظما. وأما الرائحة فإنها متى كانت حادة، دلت على حدة المواد والأمراض الحادثة عن هذه في الأكثر تنوب غبا، ومتى لم تكن حادة، دلت على غلبة * الفجاجة (1053) ، والأمراض الحادثة عن هذه تنوب في الأكثر في كل يوم أو ربعا وهي طويلة المدة. فإن كانت خالصة، كانت الأمراض الحادثة عنها منتظمة. ودلالته * الطعم (1054) معلومة مما ذكرنا وكذلك * اللمس (1055) . وأما المقدار فإنه متى كان كثير المقدار ولم يكن مجيئه في يوم باحوري، دل على كثرة المادة. وقد علمت أن المرض الحادث عن مثل هذه تنوب في الأكثر في كل يوم أو ربعا وهو طويل المدة. فإن كانت المادة من نوع واحد كان منتظما. * والقليل (1056) المقدار بعكس ذلك. وأما قوامه فإنه متى لزجا، PageVW5P024B دل على ما عرفت. ومتى كان * خاليا (1057) من ذلك، دل أيضا على ما عرفت. وأما ما يعقبه من الأعراض فدلالتها على جودة البحران * ورداءته (1058) أقوى من دلالتها على ما ذكرنا. وكذلك اليوم الحادث فيه. وأما سبوغه أو اختصاصه بعضو دون عضو * فإن (1059) الأول * يدل (1060) على كثرة المادة بحيث أنها عمت جملة البدن. * والثاني يدل (1061) على قلة المادة بحيث أنها عجزت عن ذلك. ومن ذلك تعلم * النوائب والمدة (1062) والنظام ثم * يعلم بعد ذلك (1063) ما هي المادة ويعرف منه النوب والمرتبة والنظام.
البحث الثامن:
اعلم أن البول والبراز والعرق ليست من الأشياء * التي (1064) تظهر في المرض بعد أن لم تكن. فإن هذه دائمة الخروج والجريان. فمعنى قوله « * وكذلك البول (1065) والبراز والعرق إذا ظهرت بعد» أي إذا ظهر فيها دلائل النضج بعد أن لم تكن، لأن المفهوم من «بعد» أنها لم تكن موجودة في حال * الصحة (1066) . ولذلك لما كان حال هذه الأمور كذلك، ميزها عن النفث، * فقال (1067) « * وكذلك والبول (1068) والبراز والعرق». وأما النفث فإنه يظهر بعد أن لم يكن لأنه ليس له وجود في حال الصحة.
البحث التاسع
قوله «فقد يدلنا على * جودة بحران المرض (1069) ». اعلم أنه قد جعل دلالته نضج البول والبراز والعرق على عاقبة البحران أقلية لا أكثرية. وذلك حق لوجهين. أحدها أنه يحتمل أن يكون المرض حادثا عن مادة غير المادة الخارجة * من (1070) * أحد (1071) هذه * الطرق (1072) . وإذا كان كذلك، فنضج هذه لم يدل على نضج مادة المرض. فلم تكن سرعة * ظهوره (1073) دليلا على قصر المرض وبطؤ * ظهوره (1074) دليلا على طوله. وذلك كذات الجنب التي ضرب بها المثال. فإن البول * يكون فيها (1075) نضيجا ولا يدل على قصرها. وذلك لأن محل الآفة ليس له فعل في البول البتة لا في لونه ولا في قوامه. وأما في رسوبه PageVW1P058B فشيء لا يعتد به البتة. وثانيهما * أنها (1076) ربما دلت على المرض لكن لا * يلزم (1077) من دلالتها عليه دلالتها على * جودة (1078) البحران لجواز وقوع البحران من غير جهتها كوقوع بالرعاف * أو لحصول مانع (1079) يمنع من جودته. وذلك كامتلاء من غذاء أو سوء تدبير الطبيب أو وجود برد قوي أو حلركة مفرطة أو ورود أمر نفساني. فإن مثل هذه * إذا (1080) وقعت، غيرت البحران عن جودته. فلهذا جعل دلالتها على ذلك أقلية. وأما دلالتها على مرتبة المرض فمعلوم مما ذكرنا. وذلك لأن ظهور النضج متى تقدم، دل على قصر المرض. ومتى تأخر، دل على * طوله (1081) قياسا على النفث.
البحث العاشر:
نامعلوم صفحہ